خطاب السبسي وردود أفعال الجمعيات المهنية والأحزاب السياسية لقد طلع علينا السيد الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي على شاشة التلفزة الوطنية دون العادة هذه المرة, فقد بدا عليه التشنج, وبعد إن استعرض حالات الانفلات الأمني على طول البلاد وعرضها, وكالعادة لم يحدد الأطراف المتسببة في ذلك, بل ذهب مباشرة إلي الهجوم على نقابات الأمن التابعة للحرس الوطني, والتي نعت أفرادها " بالقرودة ", وهو وصف لا يليق بإنسان ولا ينطبق عليهم, فالقرد يمتاز بصفة المحاكاة والتقليد الأعمى ويطيع دون ترمرم ولا تردد, في حين أن هؤلاء تمردوا على المحاكاة والانصياع إلى أوامر مسئولين عنهم فاسدين ومحسوبين على العهد البائد, ولهم صلة بالانفلات الأمني, ثم هدد هؤلاء "القرودة" بتطبيق قانون الطوارئ لسنة 1976 , وذهب إلى حل النقابات التابعة للأمن بقرار فوقي واستفزازي يوحي للمواطن المستمع بأن هذه النقابات هي المسئولة عن هذا الانفلات الأمني ثم أكد على التزام الحكومة بيوم 23 أكتوبر 2011 كموعد لانتخابات المجلس التأسيسي, وأشار إلى مطلب تقدم به 47 حزب سياسي في تحديد صلاحيات المجلس التأسيسي عبر الاستفتاء وأشار إلى إمكانية النظر في هذا الطلب مع التشاور مع الأحزاب السياسية, فهذا إذن ملخص خطاب السيد الباجي قائد السبسي, فما هي ردود أفعال نقابات الأمن والأحزاب السياسية بعد هذا الخطاب؟ فقد جاء الرد سريعا من نقابيي الأمن الذين اعتبروا إن الخطاب جاء مهينا لكرامتهم وأن قرار حل النقابات من طرف الوزير الأول هو قرار غير ديمقراطي, ولا يستند إلى القانون, ودعا السيد نور الدين العمدوني كاتب عام مساعد بمركز شرطة الحدود بملولة السيد الباجي قائد السبسي إلى الاعتذار الفوري للمؤسسة الأمنية, معتبرا حل النقابات غير ممكن, ومن جانبه أوضح السيد عبد الحميد الجراي كاتب عام النقابة العامة لقوات الأمن الداخلي أن النقابة تعمل تحت شرعية قانونية, ولا يحق للوزير الأول حلها إلا وفقا للقانون, وقال إن تفعيل السيد السبسي لقانون الطوارئ لتحقيق مأرب شخصي, كان الأجدر به تفعيله للتصدي لعمليات الحرق والنهب التي تعرضت له المؤسسات الأمنية والعمومية, و جاء رد الاتحاد العام التونسي للشغل على لسان السيد عبيد البريكي ناطقه الرسمي في تعليق له على خطاب الوزير الأول بان المركزية النقابية ضد التحركات الفوضوية, وضد الإضرابات, والاعتصامات غير القانونية, ودعا قوات الأمن إلى التعقل, وتغليب مصلحة تونس, وضمان استقرارها, والوصول إلى انتخابات المجلس التأسيسي بسلام, وجاءت ردود أفعال الأحزاب السياسية كلها منددة بالانفلات الأمني, بتقييمات مختلفة لنقطتين هامتين في الخطاب وهي نقطة المتسبب الرئيسي في الانفلات الأمني ونقطة الاستفتاء فجاء رد السيد منصف المرزوقي (المؤتمر من اجل الجمهورية) معتبرا أن السيد الباجي قائد السبسي مسئولا عن ما آل إليه وضع البلاد من تدهور أمني, لأن السيد الباجي قائد السبسي لم يدخل أي إصلاحات ضرورية وجذرية مثل تطهير القضاء والأمن والإعلام وإعادة الاعتبار للشهداء وبهذا تعاد الهيبة للدولة, واعتبر أن الاستفتاء كلمة حق أريد بها باطل, ويراد به إفراغ المجلس التأسيسي من صلاحياته, وطالب شرطة الشعب إلى العودة إلى عملها وتعهد بتدعيم حقهم في العمل النقابي, وجاء الرد من حزب حركة النهضة داعيا إلى التصدي لأعداء الثورة, معتبرا أن الأحداث التي جدت في المدة الأخيرة هي مظاهر غريبة عن الشعب وقيمه وثقافته, واتهمت من خلاله أعداء الثورة المتربصين لها, بوقوفهم ورائها, وجاء موقف الحزب الديمقراطي التقدمي متسائلا حول دور الأحزاب السياسية الفعلي والعملي للتنقيص من حدة التوتر الأمني, واعتبر السيد محمد القوماني أمين عام حزب الإصلاح والتنمية أن الأحزاب لم تلعب دورا مهما على كثرتها في الأحداث الأخيرة في الحد من التوترات, وفي نفس السياق كان رأي السيد عادل الشاوش ممثل حزب التجديد الذي حمل الأحزاب مسؤولية التدهور الأمني والتطاحن القبلي والجهوي والانفلات العشوائي لأنها حسب رأيه لم يكن لها حضور فعلي, واكتفت حسب رأيه بالتحذير, ولم تتحمل مسؤوليتها.