لليوم الثالث على التوالي تتواصل في تونس احتجاجات أجهزة الأمن التونسية على الخطاب الذي ألقاه الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي ووصف فيه بعض أعوان الأمن ب"القردة". فقد نظم الخميس مئات من أعوان وكوادر الأمن وقفة احتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة أمام مقر وزارة الداخلية نددوا خلالها بما قالوا أنه "إساءة لرجل الأمن" وطالبوا برد الاعتبار لسلك الأمن. ورفع المحتجون لافتات عبروا فيها عن رفضهم لما اعتبروه إهانة من قائد السبسي مطالبين إياه بالاعتذار ومؤكدين أنهم لن يكونوا "مطية لتمرير مشاريع سياسية". وقال أحد أعوان الأمن إن "تصريحات الوزير الأول في الحكومة الانتقالية مست من كرامة أعوان الأمن وكرامة عائلاتهم" وطالب "برد الاعتبار لهم من خلال اعتذار رسمي وعلني" فيما اعتبر عون آخر أن وصف ما حدث في ثكنة العوينة بالانقلاب "أمر مبالغ فيه لأن الانقلاب لا يكون إلا على أعلى سلطة في البلاد". وكان كوادر وأعوان من الحرس الوطني (الدرك) بثكنة العوينة بتونس العاصمة عمدوا الاثنين، إلى طرد المدير العام آمر الحرس الجنرال منصف الهلالي الذي ينتمي إلى الجيش ما حدا بالسيد قائد السبسي بإتهام نقابة الحرس (الدرك) بتنفيذ انقلاب، وأعلن عن قرار يقضي بمنع العمل النقابي داخل المؤسسات الأمنية، والبدء بتطبيق إجراءات قانون الطوارئ بكل حزم. وتشهد العاصمة تونس منذ ثلاثة أيام تعزيزات أمنية كبيرة خاصة في شارع الحبيب بورقيبة حيث مقر وزارة الداخلية تحسبا لأي طارئ. وفيما اعتبر البعض وصف قائد السبسي بعض أعوان الأمن بالقردة ردة فعل غير محسوبة نتيجة الانفلات الأمني في البلاد وتردي الأوضاع رأت الأوساط السياسية في تونس أن السبسي "يعي ما يقول، إنه أراد أن يؤكد للأجهزة الأمنية أن حكومته هي صاحبة القرار في تعيين جنرال من الجيش على رأس جهز الحرس الوطني". وتضيف الأوساط السياسية أن خطاب السبسي الأخير يعد الأقوى منذ توليه رئاسة الحكومة وأنه تضمن عدة رسائل لعل أهمها أن الحكومة تمسك بزمام الأمور رغم تدهور الأوضاع وأنها مصممة العزم على إنجاح انتخابات المجلس التأسيسي المقررة ليوم 23 أكتوبر القادم. وبررت الأوساط الحزبية والسياسية في تونس رأيها هذا بتأكيد قائد السبسي أن هناك بعض الجهات تشكك في عمل الحكومة وفي نزاهتها وأنها تعمل على إفشال الاستحقاق الانتخابي، ولم تستبعد تلك الأوساط أن هناك خطة لإقحام الأمن التونسي في عمل ما لإسقاط الحكومة.