أمّا بعد ، وبعد أن اتضح وجود مشروع مرسوم متعلق بمجلة الصحافة والطباعة والنشر قد قامت بإعداده الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي وتعتزم عرضه على التصويت والمصادقة خلال الأسبوع الجاري (الخميس 15 سبتمبر 2011) ، وبعد أن تبيّن أنّ ذلك المشروع قد احتوى فصولا تتعلق بالشأن الديني والقائمين عليه سيما الأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسين والباحثين في العلوم الإسلامية ، كما اتّضح أن تلك الفصول تقرّر أمورا غاية في الخطورة وتعتبر إعلان حرب لا أكثر ولا أقل على المساجد والأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسين والباحثين في العلوم الشرعية ذلك أنّ هذا المشروع تضمّن : تسليط رقابة شديدة غير مسبوقة لا في عهد المخلوع ولا في عهد من سبقه ولا حتّى زمن الاحتلال على الأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسين والباحثين في العلوم الشرعية . تقرير عقوبات قاسية وشديدة (السجن والخطايا المالية) ضد من يتعرّض من أولئك للشأن العام للبلاد (الاجتماعي ، السياسي ، الاقتصادي ، الثقافي ، التربوي...) ، وهو ضرب لصميم دور الإمام الخطيب الذي له وضع شرعي خاص في الدين والحضارة والتاريخ الإسلامي ؛ فالأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسون والباحثون في العلوم الشرعية يقومون منذ بزوغ فجر الإسلام وعلى مرّ العصور بتوعية الناس و تبصيرهم بأمور دينهم و دنياهم و التعرض للمسائل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية يعتبر من صلب مهامهم ومن طبيعة رسالة الإسلام الذي يجمع بين الشأنين الديني والدنيوي. ومن الغريب أن تسعى الهيئة العليا المشار إليها والتي لا شرعية لها إلى تمرير تلك الأحكام التي تتعلق بصميم الشأن الديني ضمن مجلة الصحافة وفي هذا الظرف الدقيق تحديدا وتزامنا مع انشغال البلاد والعباد بشؤون بالغة الأهمية (الوضع السياسي والأمني ، الاستعداد لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي ، العودة المدرسية) . وإزاء هذا المشروع تعلن الجمعيات المذكورة ما يأتي : 1) رفضها التام والقطعي للمشروع المشار إليه خاصة الفصول التي تتعرض للشأن الديني والناشطين فيه واعتباره حربا صريحة ومعلنة على الإسلام ورموزه ومقدّساته وارتدادا على أهداف ثورة الكرامة ، وتمسّكهما بفقدان الهيئة العليا المشار إليها للشرعية وعدم أهليّتها لإعداد مشاريع قوانين . 2) استنكارها لعدم تقنين تجريم المساس بالمقدّسات الإسلامية ورموز الإسلام (الذات الإلهية ، الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، القرآن الكريم ، أمّهات المؤمنين الطاهرات زوجات النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ، الصحابة الكرام رضوان اللّه تعالى أجمعين ...) والتطاول عليها والطعن في أحكام الشريعة تحت شعار حرية التعبير . 3) اعتبار ذلك المشروع تكميما لأفواه الأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسين والباحثين في العلوم الشرعية وتعديا على صميم أدوارهم الشرعية والحضارية والتاريخية ، وفي المقابل يطلق ذلك المشروع أيدي الصحفيين دون أدنى رقابة ويفسح المجال أمام من في قلوبهم مرض ، ووراء ستار حرية التعبير، للتطاول على المقدسات الإسلامية والمساس بحرمة الدين الإسلامي ورموزه 4) دعوتها جميع الأئمة تخصيص خطبة يوم الجمعة 16/09/2011 لإنارة المصلّين بشأن هذا المشروع و بيان خطورته و تبعاته و تهيئتهم للتّصدّي له بكل ّ الوسائل المشروعة ، و في صورة المصادقة عليه فإنّ الأئمّة الخطباء سيتّخذون أشكالا نضالية أرقى للتّصدي له بما فيها الامتناع عن إلقاء الخطب يوم الجمعة. هذا و إنّ الجمعياّت المذكورة أعلاه تعيد التّحذير من الآثار التي ستنتج عن هذا القانون وتطلب من رئيس الحكومة الحالية و رئيس الجمهورية تحمّل مسؤولياتهما التاريخية في هذا الشأن احتراما لمقتضيات الفصل الأول من الدستور وللدور الإسلامي والتاريخي والحضاري للمساجد والأئمة الخطباء والوعاظ والمدرسين والباحثين في العلوم الشرعية في تونس كما في سائر بلاد الإسلام .