سنتحدث ٳن شاء الله عن معنى كلمة " العيدين " و متى صلى النبى صلى الله عليه و سلم أول صلاة العيد و عن حكم صلاة العيدين و عن حكمة مشروعية الأعياد فى الإسلام و عن دليل مشروعية العيد و عن الاستعداد لصلاة العيد و عن وقت صلاة العيد و كيفيتها و عن خطبة العيد و عن التكبير فى العيد و عن الترويح عن النفس فى الأعياد .
كلمة " العيدين " هى مثنى كلمة عيد و الجمع أعياد و كلمة " العيد " مشتقة من العَوْدِ لتكرره كل عام .. جاء فى كتاب " الإقناع " لأبى شجاع الشافعى : " أول عيد صلاَّه النبى صلى الله عليه و سلم فى السنة الثانية من الهجرة " . يرى المالكية و الشافعية أن صلاة العيدين سنة عين مؤكدة و يرى الحنابلة أن صلاة العيدين أى الفطر و الأضحى فرض كفاية على كل من تلزمه صلاة الجمعة أما الأحناف يرون أن صلاة العيدين واجبة فى الأصح على كل من تجب عليه الجمعة .. شرعت الأعياد فى الإسلام لحكم عالية من أهمها : 1 - أن تكون فرصة للترويح عن النفس الإنسانية و فى الأثر : " رَوِّحُوا القلوب ساعة بعد ساعة فان القلوب ٳذا كلَّت عميت " . 2 – أن تكون طريقاً لتجديد المحبة و المودة بين الأقارب و الأصدقاء و فى الحديث الشريف : " من عاد مريضاً أو زار أخاً له فى الله , ناداه منادٍ بأن طبت و طاب ممشاك و تبوأت من الجنة منزلاً " . 3 – شرعت الأعياد فى الإسلام لتفريج كرب المكروبين فقد قال صلى الله عليه و سلم : " من نفَّس عن مسلم كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة و من ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا و الآخرة والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه " . من الأدلة على مشروعية عيد الفطر الذى يكون فى أول يوم من أيام شهر شوال و بعد أداء فريضة صوم شهر رمضان : ( و لتكملوا العدة و لتكبروا الله على ما هداكم و لعلكم تشكرون ) سورة البقرة / 185 .. و بالنسبة لعيد الأضحى الذى يأتى فى اليوم العاشر من شهر ذى الحجة فقد جاء فى قوله تعالى : ( فصل لربك و انحر ) .. و لقد ثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يواظب على صلاة العيدين ٳلى أن لقى ربه عز و جل و فى الصحيحين عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : " شهدت صلاة الفطر مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبى بكر و عمر فكلهم يصليها قبل الخطبة " . يستحب للمسلم أن يستعد لأداء صلاة العيد بأن يغتسل و أن يلبس أجود ملابسه و أن يضع على جسده شيئا من الروائح الزكية و أن يقدم صدقة الفطر قبل صلاة العيد و أن يكثر من ذكر الله و من التكبير عند خروجه للصلاة كما يستحب أداء صلاة العيدين فى الساحات المعدة لذلك لأن الرسول صلى الله عليه و سلم كان يصلى العيد فى مصلى أعدها لذلك بالمدينة المنورة .. المالكية و الحنابلة قالوا أنه يستحب صلاة العيد فى الصحراء ٳلا بمكة فالأفضل أن تكون الصلاة فى المسجد الحرام لشرفه و لمشاهدة الكعبة / الأحناف قالوا باستحباب صلاة العيد خارج المسجد / الشافعية قالوا أن صلاة العيد فى المساجد أفضل ٳلا لعذر كضيق بعضها فان كانت لا تتسع , كانت الصلاة فى الصحراء .. و قد وردت الأحاديث النبوية المتعددة التى تشير ٳلى ما يستحب فعله بالنسبة للمسلم و المسلمة فى يوم العيد و عند الخروج للصلاة و من هذه الأحاديث ما جاء فى الصحيحين عن أم عطية نسيبة بنت الحارث الأنصارية رضى الله عنها قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فى عيد الفطر و الأضحى أن نخرج العواتق – الفتيات البالغات – و الحُيَّض و ذوات الخدور أى النساء اللائى لم يتعودن الخروج و لكن الحُيَّض يعتزلن الصلاة و يشهدن الخير و دعوة المسلمين . قالت أم عطية رضى الله عنها : فقلت يا رسول الله : ٳحدانا لا يكون لها جلباب ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : " لتُلبِسَها أختها من جلبابها " .. و فى صحيح البخارى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : " كان النبى صلى الله عليه و سلم ٳذا خرج يوم العيد من طريق رجع من غيره " . صلاة العيد ركعتان و وقتها يبدأ بارتفاع الشمس بعد شروقها بمقدار ثلاثة أمتار تقريبا و يقدر ذلك بمقدار ثلاثين دقيقة .. صلاة العيد لا أذان لها و لا ٳقامة و يستحب أن يقول الإمام أو من ينيبه متى حان وقت الصلاة : الصلاة جامعة .. ففى الصحيحين عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال : صليت مع النبى صلى الله عليه و سلم العيدين غير مرة و لا مرتين بغير أذان و لا ٳقامة .. يرى الشافعية أن صلاة العيد تكون كالآتى : أن يكبر المصلى تكبيرة الإحرام ناويا صلاة ركعتى العيد و بعد تكبيرة الإحرام يكبر سبع تكبيرات يرفع يديه فى كل واحدة منها و يفصل بين كل تكبيرتين بسكتة خفيفة لا بأس أن يقول خلالها : " سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم " ثم يقرأ سورة الفاتحة و ما تيسر من القرآن الكريم ثم يركع و يتم الركعة الأولى .. فاذا ما قام ٳلى الركعة الثانية , كبر خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام ثم يقرأ الفاتحة و ما تيسر معه من القرآن ثم يجلس للتشهد و يسلم .. يرى المالكية و الحنابلة أن عدد التكبيرات فى الركعة الأولى ست تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام .. أما الأحناف فصلاة العيد عندهم كالآتى : بعد تكبيرة الإحرام يكبر المصلى ثلاث تكبيرات ثم يقرأ الفاتحة و ما تيسر من القرآن فاذا ما انتهى من الركعة الأولى و قام ٳلى الثانية قرأ الفاتحة و ما تيسر معه من القرآن ثم كبر ثلاث تكبيرات قبل الركوع ثم كبر للركعة الثانية ثم سجد السجدتين و تشهد و سلم .. يستحب أن يقرأ الإمام فى الركعة الأولى سورة " الأعلى " و فى الركعة الثانية سورة " الغاشية " . من الثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يبدأ بصلاة العيد ثم بعد الصلاة يخطب الناس خطبة العيد يذكرهم فيها بما يجب عليهم نحو أنفسهم و بما يجب عليهم نحو آبائهم و أولادهم و أمتهم التى هم أفرادها .. جاء فى الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال : شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان و لا ٳقامة ثم قام " أى للخطبة " متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله و حث على طاعته و وعظ الناس و ذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فى آخر المسجد فوعظهن و ذكرهن " .. للعيد خطبتان كالجمعة ٳلا أنه من الخير أن يفتتحهما بالتكبير فى أولهما و يردد ذلك خلالهما و يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة كما فى خطبة الجمعة . التكبير فى كل من عيد الفطر و عيد الأضحى سنة عند جمهور الفقهاء .. يرى الأحناف أنه واجب لقوله تعالى : ( و لتكملوا العدة و لتكبروا الله على ما هداكم و لعلكم تشكرون ) سورة البقرة / 185 / يكتفى فى عيد الفطر بالتكبير الذى يكون من وقت الخروج للصلاة ٳلى بدء الخطبة و هذا رأى المالكية و الحنابلة و قال غيرهم أنه يبدأ التكبير من ليلة عيد الفطر ٳذا تمت رؤية الهلال و يستمر حتى الذهاب ٳلى الصلاة و ٳلى صعود الإمام للخطبة .. أما عيد الأضحى فلقوله تعالى : ( و اذكروا الله فى أيام معدودات ) سورة البقرة / 203 / يبدأ التكبير بالنسبة لعيد الأضحى من فجر يوم عرفة و يستمر ٳلى عقب صلاة العصر من آخر أيام التشريق .. أيام التشريق هى الأيام الثلاثة التى تلى يوم العيد فيكون عدد الصلوات المفروضة التى يكبر بعدها ثلاثاً و عشرين صلاة .. المالكية قالوا أنه يندب لكل مصل أن يبدأ التكبير فى عيد الأضحى من ظهر يوم العيد و ينتهى بصلاة الصبح من اليوم الرابع و هو آخر أيام التشريق فتكون الصلوات المفروضة التى يكبر بعدها خمس عشرة فريضة .. الحنفية و الحنابلة قالوا أن صيغته أن يقول المسلم مرة واحدة : " الله أكبر . الله أكبر لا ٳله ٳلا الله . الله أكبر و لله الحمد " .. أما الشافعية فقالوا : " الله أكبر . الله أكبر . لا ٳله ٳلا الله . الله أكبر . الله أكبر و لله الحمد . الله أكبر كبيرا و الحمد لله كثيرا و سبحان الله بكرةً و أصيلا . لا ٳله ٳلا الله وحده . صدق وعده و نصر عبده و أعز جنده و هزم الأحزاب وحده . لا ٳله ٳلا الله . و لانعبد ٳلا ٳياه . مخلصين له الدين و لو كره الكافرون . اللهم صل على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد و على أصحاب سيدنا محمد و على أنصار سيدنا محمد و على أزواج سيدنا محمد و على ذرية سيدنا محمد و سلم تسليماً كثيرا " . يستحب الترويح عن النفس فى عيدى الفطر و الأضحى فى حدود ما أحله الله تعالى فقد كان النبى صلى الله عليه و سلم يمازح أصحابه و يؤانسهم و لكن لا يقول ٳلا حقا . قد وردت أحاديث متعددة تدل على أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان فى أيام الأعياد يبيح اللعب المفيد و منها ما جاء فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت : دخل أبو بكر فى يوم عيد و عندى جارياتان من جوارى الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث و هو يوم وقعت فيه حرب بين الأوس و الخزرج فقال أبو بكر : أمزامير الشيطان فى بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أبا بكر , ٳن لكل قوم عيداً و هذا عيدنا " .. و فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت : جاء الأحباش فى يوم عيد يلعبون بالمسجد فدعانى النبى صلى الله عليه و سلم فوضعت رأسى على منكبيه و جعلت أنظر ٳلى لعبهم حتى كنت أنا التى انصرفت عن النظر ٳليهم " .
من فاتته صلاة العيد مع الجماعة , يستحب له أن يصلى ركعتين أو أربعا تقربا ٳلى الله تعالى و توبة من التقصير فى أداء سنة من السنن التى كان النبى صلى الله عليه و سلم يواظب على أدائها .