بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب والسياسة قبيل الانتخابات: 77٪ لم يحضروا اجتماعا حزبيا واحدا !
نشر في الحوار نت يوم 27 - 09 - 2011

كيف ينظر الشباب للانتخابات والعمل السياسي والحزبي؟ وما موقفه من مسارات الانتقال الديمقراطي التي تعيشها البلاد إلى أفق انتخابات المجلس الوطني التأسيسي؟..أسئلة أجابت عنها دراسة أعدّها المرصد الوطني للشباب مؤخّرا.
بادر المرصد الوطني للشباب بإدارة الدكتور محمد الجويلي (أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية) إلى تنظيم دراسة حول المشاركة السياسية للشباب بالتعاون مع منتدى العلوم الاجتماعية بإدارة الدكتور عبد الوهّاب بن حفيظ (أستاذ علم الاجتماع السياسي ) وهذه المبادرة ذات الطّابع العلمي هي الأولى التي تنجز منذ ثورة 14 جانفي ولا تتعلّق هذه الدراسة التي أنجزها باحثون متخصّصون بأي غاية ربحية أو سياسية فهي منجزة في إطار البحث العلمي في مجال قياس الراي .
وقد خصّنا منتدى العلوم الاجتماعية بنتائج هذه الدراسة فللمشرفين عليه كل التنويه والتحيّة على هذه الثقة التي وضعوها في «الشروق» للمرّة الثالثة .
ففي مبادرة تعاون أولى من نوعها ومنذ ثورة 14 جانفي 2011، قام المرصد الوطني للشباب و بالتعاون مع منتدى العلوم الاجتماعية بانجاز دراسة ميدانية حول « انتخابات المجلس التأسيسي في عيون الشباب» شملت عينتها 1250 مستجوبا من مختلف الولايات والشرائح العمرية الشبابية قصد التعرف على انتظارات وتوقعات هذه الفئة المدروسة من الاستحقاق الانتخابي القادم وتقييم موقعها فيه ومن خلاله. واستنادا إلى نتائج هذا البحث والذي شارك فيه ما لا يقل عن 5 خبراء في مجالات التحليل السياسي والاجتماعي وعلم الإحصاء ، فانه يبدو بأن واقع المشاركة الشبابية في المرحلة السياسية القادمة ومن خلال الانتخابات المزمع عقدها، لا يتناسب بشكل عام مع الحدث الذي حمل عنوان ثورة الشباب»...وهو ما يطرح أكثر من سؤال في ما يتعلق بجاهزية هذه الفئة النشيطة ان كان ذلك في مستوى مشاركتها السياسية أو مستوى انخراطها ضمن المسار الانتخابي القادم.
العملية الانتخابية...من ينظمها؟
تطغى نزعة تفاؤلية لدى معظم المستجوبين والذين يرون وبنسبة 85,2 بالمائة بأن الاستحقاق المتعلق بانتخابات أعضاء الهيئة التأسيسية سوف يتم في موعده . على أن الإطار التنظيمي لهذه العملية والتي تكفلت بها الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات يبدو أنه غير واضح لدى الكثيرين ، حيث يرى 72,5 بالمائة من المستجوبين بأن الحكومة وأجهزتها الفرعية هي التى سوف تنظم وتشرف على العملية وليس أية جهة مستقلة أخرى. وكما يبدو فان الهيئة وعلى رأسها السيد كمال الجندوبي يبدوان في وضع غير مرئي بمعنى العلاقات العامة للعملية التنظيمية وهو ما يؤكد ما ذهب اليه البعض من أن حملة الاشهار والتعريف التي اعتمدتها الهيئة لم تكن كافية ولا ناجعة من حيث الأسلوب ووسائل العمل والتوقيت والدعاية. وكما هو متوقع فإن تدني المعرفة بتنظيم العملية الانتخابية يبدو أنه غالب في المناطق الريفية وشبه الريفية (77 بالمائة) أكثر مما هو عليه داخل المناطق الحضرية (70 بالمائة) ولدى الشابات (75 بالمائة) أكثر مما هو عليه لدى الشباب الذكور (71 بالمائة). الى ذلك فلقد أكدت الحوارات الجانبية المفتوحة التي قام بها فريق البحث ضعف اطلاع الفئات الشبابية المستجوبة على المسائل المتصلة بدور الملاحظين الدوليين والدور الرقابي الضمني للجمعيات الوطنية، ناهيك عن الفارق بين مفهومي الرقابة الدولية والملاحظة، حيث يرى جانب مهم (12 بالمائة) بأن الأمم المتحدة هي التي ستشرف على الانتخابات في تونس.
المشاركة والانخراط الحزبي
لا تتجاوز المشاركة الشبابية لدى الأحزاب أكثر من22,3 بالمائة معظمهم من ذوي المستوى التعليمي المتوسط. (الاعدادي أو الثانوي بنسبة 26,8 بالمائة). ويمكن أن نشير في هذا الصدد الى أن نسبة الشابات اللاتي شاركن في اجتماعات حزبية لا تقل من حيث الكم عن نسبة المشاركة أو الحضور الذكوري في العديد من الأحيان. وكما يبدو فان الأحزاب موضوع المشاركة يتراوح التعرف عليها وذكرها بالأفضلية (من واحد الى ثلاثة خيارات) بين حركة النهضة الى التكتل من أجل العمل والحريات الى الحزب الديمقراطي التقدمي ، بالتوازي مع المؤتمر من أجل الجمهورية الى اجتماعات المستقلين المتنامية من حيث جاذبيتها السياسية . وفي هذا الصدد يمكن أن نشير بأن جانبا كبيرا من المستجوبين قد عبروا عن عدم استساغتهم لأساليب التسويق السياسي والإشهار السياسي لبعض الأحزاب، وهو ما قد يفسر ربما تراجع شعبية البعض منها, بعد أن كانت على رأس قائمة الأحزاب المفضلة خلال الأشهر القليلة الماضية، وتحسن أوضاع أحزاب أخرى اكتفت بما يعرف بالحملات المحايثة أو القربUne compagne de proximité مثل التكتل من أجل العمل والحريات و المؤتمر من أجل الجمهورية و حركة النهضة وأحزاب عديدة أخرى.
التسجيل الانتخابي
تؤكد الدراسة المعطيات المسجلة لدى أكثر من مصدر والمتعلقة بالحجم المتدني لتسجيل الفئات الشبابية. وبشكل ما فانه تتحدد أربعة ملامح Profils للشباب غير المسجل، ومنها :
ملمح «الموقف المحسوب» والنفعي والذي يتبلور في حالات عدم التسجيل نظرا لضيق الوقت
ملمح «الخيار الإرادي» لعدم التسجيل لعدم الاقتناع بالعملية الانتخابية
ملمح «الخيار الاضطراري» لعدم معرفة الأحزاب
ملمح «الاستقالة المطلقة» لعدم الاهتمام بالسياسة وبالأحزاب.
والى حد هذه اللحظة، يمكن القول بأن ارتفاع مستويات التعليم ضمن المستجوبين من فئة الصنف الأول (23,5 بالمائة) يمكن اعتباره من المؤشرات السلبية بالنسبة للعملية الانتخابية التي قد تؤثر على مدى بلورة هذه العملية لخيارات الشرائح العمرية الأقل سنا والأكثر تعلما. في نفس الوقت، يمكن اعتبار أهمية الخيار الإرادي بعدم التسجيل لعدم الاقتناع بجدوى العملية (29 بالمائة) هي الأخرى كامتداد للسلبية السياسية الموروثة عن العهود السابقة L'apathie politique، وهو أمر قد يحتاج تغييره الى وقت ، يتجاوز أجندة الاستحقاق القادم. في نفس السياق يبدو «الخيار الاضطراري» والمتصل بجهل عناوين وبرامج الأحزاب المتنافسة لا يقل ، في سلبيته، من ملمح «المستقيل المطلق» من العملية ومن المسار، والذي يبدو كما لو أنه لا علاقة له بمجريات الشأن العام. هذا الوضع الاستقالي تتقاسمه الإناث بنفس المستوى مع الذكور والشباب الحضري مع الشباب الريفي.
الهوية والدستور القادم
كيف يرى شباب تونس هويته من خلال دستور المجلس التأسيس القادم؟ تنطلق أهمية السؤال من الربط المفترض بين الهويات الأساسية Les identités de base المكونة للشخصية الثقافية (رؤية الأفراد للذات) وبين الهويات الاختيارية والتعاقدية والسياسية Les identités politiques . وفي هذا الصدد، طرحت الدراسة خمس روائز Items لها صلة بمقومات افتراضية لما يمكن أن تكون عليه هوية المجتمع التونسي من خلال مشروع دستور قادم. وقد تضمنت هذه الروائز على أبعاد منها : تونس بلد عربي، تونس بلد مسلم ، تونس بلد بربري، تونس بلد إفريقي وتونس بلد متوسطي. وإذا كان الاقتراح الداعي إلى تنصيص الدستور للهوية العربية لتونس طاغيا (46,3 بالمائة) ، فان المكون الديني للهوية يأتي في درجة ثانية وموالية بنسبة 35 بالمائة ليترك مجال مطالبة ضعيفة بالنسبة للهوية البربرية (الأمازيغية) والافريقية والمتوسطية لتونس. على أن الملاحظ في هذا الصدد هو أن المتغيرات المتصلة بالنوع الاجتماعي وكذلك الوسط الجغرافي والتمكن اللغوي والتدين، لم يحدث الفارق المتوقع، حيث تبين بأن جانب من المستجوبين المقيمين للشعائر مثلا يؤيدون أولوية «العروبة» بنسبة 46,3 بالمائة كما يؤيدون فكرة الهوية المتصلة بالإسلام في درجة ثانية. وعموما فإن تصنيف عناوين الهوية لا يبدوا إشكاليا وإنما تفاضليا بين مستوى وآخر.
مهام المجلس كما يرونها
وعن الأسئلة فيما اذا كانت المهام المنوطة بالمجلس يجب أن تتركز حول كتابة الدستور والإعلان عنه أو تكوين حكومة جديدة أو انتخاب رئيس جمهورية، بحسب الأولوية والتفاضل الزمني، فلقد تأكدت بالتزامن لدى غالبية أفراد العينة أهمية أن يسرع المجلس التأسيسي المنتخب في كتابة وثيقة دستور جديد (47 بالمائة) ثم أن يبادر هذا المجلس بتكوين حكومة ذات شرعية سياسية (34 بالمائة)، مع الإعداد لانتخابات رئاسية في مستوى ثالث وأخير. وبشكل ما ، وكما يظهر من خلال أجوبة أفراد العينة فان العملية القانونية – الدستورية تبدو متصلة بالعملية الدستورية – السياسية ، وهو ما يعني المطالبة بالبدء في إعادة بناء الشرعية السياسية وإعادة بناء الثقة في السياسات أولا. وباعتماد القراءة من خلال المتغيرات المعتمدة، فانه يتأكد فارق نسبي بين رغبة الشباب ذي الأصول الحضرية الذي أكد على هذه الرغبة والشباب ذي الأصول الريفية أو المنتمين إلى وسط شبه ريفي والذي أكد بنسبة عالية على أهمية التزامن بين العمليتين، خصوصا إذا ترافق ذلك مع ارتفاع مستوى التعليم لدى العينة المدروسة.
المجال العام: المقهى والمساجد
استعملت الدراسة مفهوم التنشئة السياسية بوصفه عملية تأقلم عملي مع الأطر والفاعلين والبرامج السياسية داخل فضاءات عامة مفتوحة، مثل المقاهي أو دور الثقافة أو نصف مفتوحة ( المجال العام –الخاص) مثل المدارس والجامعات والمحيطات الأسرية والمساجد...الخ. وتكمن الفرضية الأساسية هنا في التأكد من طبيعة قنوات التواصل العام في ظل أوضاع انتقالية بالنسبة لفئات شبابية نشطة من حيث استعدادات وقدرات التواصل وفي ظل أطر ترابية وغير افتراضية أو الكترونية للتعبئة قصد التأكد من صحة أو عدم صحة ما يبدو كما لو أنه توظيف غير سليم لبعض المؤسسات ذات الطابع المدني أو العبادي. ومن خلال عدد من الروائز المتعلقة بارتياد : المقاهي ودور الشباب والثقافة والمساجد والمدارس والمجال الأسري تأكد بالواضح إدراك معظم المجموعات المستجوبة لأهمية حياد بعض المجالات بدءا بالمساجد، حيث لوحظ بأن نسبة الإقرار بدورها التعبوي السياسي لا تتجاوز 2,2 بالمائة وذلك مقابل 56,7 بالمائة بالنسبة لفضاءات المقاهي و91 بالمائة بالنسبة للمعاهد والجامعات . هذا الاتجاه لا يستثني المتغيرات المتصلة بتوظيف المجالات العامة الترابية ضمن نشاط تعبوي سياسي حيث تأكد بأن أكثر رواد حلقات النقاش السياسي في المقاهي هم من ذوي المستوى التعليمي الأدنى أو المتوسط (69,2 بالمائة) وأن أكثر المتحاورين في السياسة داخل الجامعات هم من طلبة التعليم العالي (90,1 بالمائة)، في حين أن انخفاض مستويات التأكيد على توظيف المساجد للتعبئة السياسية تبدو منخفضة لدى الجميع بما في ذلك لدى المستجوبات والمستجوبين الذين أعلنوا عن أدائهم للشعائر العبادية ( المتدينين) وذلك بنسبة لا تتجاوز 1,4 بالمائة لدى الشباب ذوي المستوى التعليمي الأدنى (أي ذوي المستوى التعليمي الأساسي) ومن سكان المناطق غير البلدية.
مواطنة ترابية أم مواطنة الكترونية؟
بين أن تكون المشاركة في الحياة العامة ترابية وفعلية، أي متصلة بالجهات، وبين أن تكون افتراضية، ثمة بون شاسع يمكن أن يفسر بعض المعطيات المتناقضة والمسجلة في هذا المسح. فإذا كان الانترنيت هو مصدر تداول المعلومات السياسية بالنسبة لأغلبية الشبان ذوي المستوى المتوسط، فإنه لم يأتي التلفزيون بقنواته المتعددة لكي يحتل المرتبة الثانية كمرجع إخباري بعد الانترنيت وبعيدا عن الدور المتواضع للراديو والذي يتمحور بشكل خاص داخل المناطق الريفية وشبه الريفية بالنسبة للعينات المدروسة. وبشكل عام، فلقد تم تعريف المجال العام هنا بالمعنى الافتراضي، والذي يشمل قنوات الحوار الالكتروني والرقمي والتي من الممكن أن يشارك فيها الشباب للتعبير عن آرائه ومواقفه ومنها: التلفزيون والراديو والانترنيت والصحافة وحوامل الإشاعة التي باتت مختلطة حاليا بالوسائط الالكترونية والشبكات الاجتماعية على غرار ال«فايس بوك». بهذا المعنى يدخل الشباب الاستحقاق الانتخابي بوسائل الكترونية متاحة إلا أنها لا تسهل من عملية إدماجه السياسي، بقدر ما تسهل من عملية توظيفه الإعلامي والسياسي من قبل أقطاب السياسة وحملاتهم التعبوية وحملاتهم المضادة. وقد يفتح ذلك أبواب اتخاذ الإشاعة والتحريض الشفوي (وهو شكل من أشكال العنف اللفظي) طابعا رقميا وماديا.
الاستفتاء...لماذا ؟
تم تعريف الاستفتاء بالنسبة لأفراد العينة بوصفه عملية تصويت مباشرة يقوم بها الشعب من أجل إعطاء رأيه في مهام وحدود عمل المجلس التأسيسي بدون واسطة تمثيلية، على أن يتم ذلك، بشكل متزامن مع العملية الانتخابية لأعضاء المجلس. وقد جاءت الأجوبة على المقترح متراوحة بين الرفض وعدم الاقتناع بمبررات هذه العملية الإضافية بنسبة 88,5 بالمائة، حيث لم يساند المقترح المذكور سوى 11,5 بالمائة. على أن هذا الرفض كان أكبر لدى الشابات منه مما كان عليه لدى الذكور، بحيث لم يتعد مستوى القبول به لدى الاناث نسبة 6 بالمائة مقابل 13,8 بالمائة من القبول لدى الذكور. وبشكل عام، فان المخاوف من طبيعة العملية الانتخابية ونمط الاقتراع الذي لا يبدو بسيطا لدى العديدين إضافة إلى كثرة القوائم هي جميعها من العوامل التي زادت فيما يبدو من مخاوف أفراد العينة , خشية الزيادة في تعقيد العملية الانتخابية.
استراتيجيات التصويت: الأحزاب...الأفراد....أم وجهاء الجهات ؟
وقد شمل هذا الرائز مستويين وهما: خيارات واستراتيجيات التصويت وعلاقتها برأس المال الاجتماعي من ناحية وعلاقات القرابة والشبكات التقليدية –الجهوية، من ناحية أخرى. واعتمادا على الاتجاهات العامة للدراسة فانه يتضح، بأن التأكيد على الربط بين التصويت لأبناء الجهة (وليس لممثلين على المستوى الوطني) يغلب كلما كان المستوى التعليمي متدنيا بحيث يرتفع بنسبة 70 بالمائة لدى أفراد العينة من الأميين أو المنقطعين عن التعليم الأساسي ليقل لدى طلاب التعليم العالي بنسبة 35,3 بالمائة. في المقابل يرتفع التصويت بدافع جهوي لدى الاناث ( 49 بالمائة) مقارنة بالذكور (43 بالمائة) وهو ما يمكن أن يفسر بأهمية وحجم الروابط الأسرية والابتدائية لدى المرأة . هذه الرغبة الملحة في التركيز على «وجهاء» Les notables ورموز الدوائر الترابية يمكن أن تفسر بالشك المتنامي في دور الأحزاب وصعود دور المستقلين والأفراد ونجومية الرياضة في السياسة، وتدني مصداقية عملية التسويق السياسي في الاعلام والانترنيت والأماكن العامة. ( 14 بالمائة فقط يربطون بين دافعهم الانتخابي ونجاعة الحملات الاشهارية). كما يؤكد الجزء المتعلق باستراتيجيات التصويت بأن الدعاية الدينية في المساجد هي الأقل تأثيرا بعد الاشهار السياسي، حيث لا يصل التسليم بأثر هذه الدعاية نسبة 1 بالمائة. أما تأثير ونجاعة البرامج السياسية ، فهو واضح لدى أفراد العينة ذوي المستوى التعليمي العالي وبنسبة 17 بالمائة وهي نسبة جد ضعيفة، وقد تكون مبعث قلق وتساؤل اذا استمرت، و اذا ما وضعت في سياق الحجم الطبيعي لتمدد وحضور الطبقة الوسطى في المجتمع التونسي. وبشكل ما ، فانه من المتوقع بأن تلعب العناوين الفردية وكاريزما المرشحين ، باختلاف اتجاهاتهم دورا حاسما في تحديد خيارات الفئات الشبابية والتي يبدو أن خيارات التصويت لديها هي شخصية وفردية بالأساس ، حتى وان كانت ضمن قوائم حزبية.
الأمل....والمخاطر
وعلى الرغم من أن أكثر من 85 بالمائة من شباب العينة يعتقد جازما بأن الانتخابات ستنجح كعملية وانه سيتم انجازها في الموعد المحدد، فلقد جاءت ردود الفعل حول المخاطر المحتملة متباينة حيث عبر معظم أفراد العينة عن خشيتهم من أن تمتد آثار الثورة المضادة إلى الأجندة الانتخابية لإفسادها بالعنف أو بإثارة القضايا الهامشية و ذلك بنسبة 59,5 بالمائة. أما وفي مرتبة ثانية، فلقد تمت الإشارة إلى عدم استقلالية القضاء في وضعه الحالي،
( 19,8 بالمائة) والأثر الذي يمكن أن يكون لانعدام الاستقلالية في مستوى البت في الخلافات والطعون، إلى ذلك يدرج التشدد الديني في مرتبة موالية إضافة إلى احتمالات ضعيفة للدور الذي يمكن أن تقوم به القوى الدولية أو الإقليمية لإحباط المسار الانتخابي ومن ثم الانتقال السياسي. وبالإشارة إلى المتغيرات المعتمدة، فانه يتضح بأن هذه المخاوف هي أكبر لدى الاناث منها مما هي عليه لدى الذكور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.