أيام قليلة تفصل التونسيين عن أول استحقاق انتخابي بعد ثورتهم التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتكتنف انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقررة في 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري حالة من الضبابية والتباعد في الرؤى.
ففي حين تجد الشعب الذي قاد الثورة ينشد التنمية والنهوض بأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية المتردية، لا يزال خطاب المترشحين بين أحزاب ومستقلين متذبذبا غير قادر على التناغم مع مشاغل المواطن العادي الذي قامت الثورة من أجله.
اريكاتير وقد دفع هذا الوضع المترشحين، خلال حملاتهم الانتخابية، إلى تزيين برامجهم بألوان اقتصادية.
واستحال الأمر إلى شكل كاريكاتيري وصل حد المزايدة بجعل كل شيء مجانا من صحة، وتعليم، وزواج وربط تونس مع إيطاليا بجسر، وتخفيض ثمن الخبز إلى أكثر من نصف ثمنه، وإعطاء منحة بطالة بحوالي 400 دولار مع مجانية التنقل وغيرها من الوعود.
ويقول حمادي الدريسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية رئيس المرصد التونسي للتحول الديمقراطي إن العامل الاقتصادي كان من أبرز العوامل التي أججت شرارة الثورة التونسية، مؤكدا شرعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية للناخبين.
ويضيف أن الأحزاب والمستقلين المترشحين لانتخابات المجلس التأسيسي طوعوا برامجهم ووعودهم وفق انتظارات الناس سعيا إلى كسب الأصوات، حتى وإن كان ذلك قفزا على المتطلبات السياسية للمرحلة التي لا تقل وزنا وأهمية.
" الأحزاب التي ولدت بعد 14 يناير تطرح برامج تتسم بالغرابة "ولا يعدو الأمر أن يكون مداخل انتخابية يراد بها تكوين قواعد انتخابية لا أكثر" " سالم لبيض فجوة وأشار الدريسي في حديثة للجزيرة نت إلى أن المرشحين عندما يتصلون بالناس ليطرحوا برامجهم السياسية يواجهون بمطالب الناس الاقتصادية، وهذا يعكس، في نظره، الفجوة القائمة بين عامة الشعب والطبقة السياسية في البلاد.
في السياق يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي سالم لبيض أن الأحزاب التي ولدت بعد 14 يناير تطرح برامج تتسم بالغرابة "ولا يعدو الأمر أن يكون مداخل انتخابية يراد بها تكوين قواعد انتخابية لا أكثر".
ويؤكد أن الأحزاب تدرك جيدا أن المرحلة تستدعي أساسا كتابة الدستور الجديد للبلاد ولا تتطلب كل هذه البرامج والإيغال في التفاصيل.
لكن هذه الأحزاب، في نظر لبيض، ليس لها مداخل انتخابية أخرى غير دغدغة الناخبين داخل البلاد الذين لا يعيرون اهتماما للرؤية الدستورية بقدر ما يطالبون بالتشغيل.
وقد ذهب الصحفي عبد السلام الزبيدي إلى حد وصف برامج الأحزاب التونسية بالكاريكاتيرية، "الغرض منها التشويش على الشعب وعلى الانتقال الديمقراطي".