سؤال مطروح وبقوة بعد النتائج غير المسبوقة التي أحرزتها حركة النهضة في تونس والتي أكدت أننا بصدد مرحلة جديدة في بلدان المنطقة هي مرحلة التيار الإسلامي ، كما أكدت العديد من الدراسات المحلية والإقليمية والدولية أن الإسلاميين بصفة عامة والتيار الوسطي المعتدل بصفة خاصة تتوفر له العديد من فرص النجاح التي لم ولن تتوفر لغيرهم خاصة التيار العلماني بكافة ألوانه وأطيافه ، فما هي أسباب هذه النتائج وما هي الفرص المتاحة له وما هو الشكل المتوقع للخريطة السياسية لبلدان المنطقة في ربيع الثورات العربية الذي طال انتظاره لعقود طويلة؟! الفرص المتاحة يرى العديد من المراقبين والمهتمين بالشأن العام العربي والإسلامي أن التيار الإسلامي سيحقق نتائج انتخابية كبيرة نسبياً خلال الفترة القادمة لتوفر العديد من الفرص منها : ** اتفاق رؤى وبرامج وسياسات التيار الإسلامي مع هوى وهوية شعوب المنطقة المتدينة بفطرتها " المرجعية الإسلامية ، منظومة القيم الإسلامية الحضارية " ** الإمكانات التي يمتلكها التيار الإسلامي خاصة المورد البشري الذي يؤمن بالمشروع النهضوي ويمتلك إرادته ويتحلى بصفاته ويتحمل تبعاته ** شبكة العلاقات الاجتماعية والإنسانية التي يمتلكها الإسلاميون مع غالبية فئات شعوب بلدانهم ** متانة التنظيمات الإسلامية وفي المقدمة جماعة الإخوان وتوفر ضمانات القوة والحماية الداخلية، منها عقائدية الحركة، وشروط العضوية، واستمرارية الرعاية والتعهد، ومؤسسية الإدارة. ** الصورة الذهنية النظيفة عن أعضاء التيار الإسلامي خاصة القيادات الدعوية والشعبية والنقابية والسياسية " لا توجد مخالفات فساد" ** التواصل الإيجابي بين التيار الإسلامي والأحزاب العربية بهدف التوافق حول حزمة الإصلاحات التي تحقق بعض طموحات شعوب المنطقة " راجع وثيقة التحالف الديمقراطي من أجل مصر وكذا موقف حركة النهضة التونسية بعد النتائج الكبيرة في الانتخابات الأخيرة" ** فشل تجارب وسقوط شعارات التيار العلماني خلال العقود الستة الماضية رغم توفر كافة الإمكانات المادية والبشرية فضلاً عن الدعم الخارجي على طول الخط ** فشل المكائد والمؤامرات التي وضعت للتخلص من التيار الإسلامي عبر العقود الستة الماضية سيناريوهات التشويه والتضليل والإزاحة من المشهد وتجميد الديمقراطية وغيرها من المخططات الإقليمية والدولية ** رصيد الحركة الإسلامية على المستوى الاستراتيجي المتمثل في استعادة وعي وهوية الأمة ، وحماية العالم العربي والإسلامي من ثلاث موجات متتالية كادت تعصف بشعوب الأمة فكراً وسلوكاً وعقيدة ، وهي - الأولى : موجة الانحلال الأخلاقي والعقدي منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى فترة الستينيات والتي انتهت بهزيمة 1967 - الثانية : موجة التشدد والتطرف والتكفير التي بدأت في بدايات السبعينيات كرد فعل على الموجة الأولى ومازالت بقايها مستمرة حتى الآن ، - الثالثة : موجة العنف والانقلاب التي ظهرت كرد فعل لليأس من الإصلاح والتغيير السلمي وردأ على حملة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة فضلاً عن ترسيخ الفهم الوسطي المعتدل بعيداً عن التشدد والتطرف و النهج السلمي بعيداً عن العنف والتدرج بعيداً عن الطفرة والانقلاب وهي مقومات للتواجد والاستمرار والوصول ** رصيد الحركة الإسلامية على المستوى الإجرائي والميداني ومنه : - استدعاء المرجعية الإسلامية ليحدث التوازن أو التكافؤ بين المشروعات ذات المرجعيات العقدية بعد غياب قرون - تبني المشروع الحضاري الإسلامي كمشروع يتفق وهوية الأمة وثقافتها بديلا عن المشروع الصهيوأمريكي - تقديم المشروعات والبرامج الواقعية والممكنة للإصلاح والتغيير بعد فترة طويلة من اتهامهم بالغياب البرنامجي والمشروعي - تقديم نماذج من الجيل المسلم الوطني المنشود الذي يتميز بنظافة اليد ونقاء الضمير وحسن السيرة فضلاً عن التميز المهني والأداء الخدمي - تقديم نماذج مؤسسية عملية للشعار العبقري "الإسلام هو الحل" في المجالات التعليمية والصحية والاجتماعية والخدمية - الارتقاء بالعمل النقابي بصورة غير مسبوقة على المستوى المهني والخدمي والمشاركة الفاعلة في حل المشكلات المحلية ودعم القضايا المركزية - الممارسة السياسية والبرلمانية المميزة والناضجة في المجالس البرلمانية والمحليات لدرجة أحرجت وكشفت فساد العديد من الأنظمة السياسية العربية والإسلامية - المشاركة في الحكم في بعض البلدان وتقديم نماذج ناضجة وكفأ من الوزراء والمسئولين - إحياء روح وثقافة المقاومة السلمية ضد المستبد الفاسد وروح المقاومة المسلحة ضد المحتل الغاصب بل وفرض القاعدة الذهبية لقضايانا المركزية والمحلية أنه لا حل دون التيار الإسلامي النبت الطبيعي لهذه المنطقة من العالم الخلاصة ..... أن الحركة الإسلامية هي الرقم الفاعل في المعادلة السياسية العربية والإسلامية وهذا معلوم من الواقع السياسي بالضرورة ، لكن الإشكالية الكبرى والتحدي الأعظم : هل تحقق الحركة الإسلامية أمل الشعوب في إيجاد أنماط حكم تتسم بالرشد والحكمة وتحقق التغيير والنهضة والمستوى المعيشي والحضاري الذي يليق بشعوب المنطقة باختلاف ألوانهم وأفكارهم وعقائدهم ؟ هنا فقط .. يفوز الإسلاميون ولا يخسر أحد ... هذه هي المسألة!! محمد السروجي مدير مركز النهضة للتدريب والتنمية