عندما عدت إلى تونس بعد تهجير قسري دام أكثر من 20 سنة زرت عن مضض بعض المناطق الراقية مثل الأحياء الفخمة لسيدي بو سعيد وسيدي الظريف فكانت دهشتي لا توصف حيث أن المباني والفيلات تفوق عشرات المرات بهرجا وأناقةأرقى وأبهى المساكن في باريس وفي مدينة نيس الفرنسيتين ، عند هذه الملاحظات حصلت عندي شبه قناعة أن الذي يتمتع بهذه الرفاهية لا يمكن أن يتخلى عنها بسهولة ومن الممكن أن يقاتل بكل الوسايل حتى يحتفظ بهذه النعمة الكبرى عندما تنظر بتمعن إلى الطبقة السياسية "الحداثية " أو "العلمانية " ستجد أن هذه الطبقة ليس لها أية علاقة بالشعب التونسي في أكلح طبقاته العاملة والكادحة باخس الأثمان لا تعرف المرأة الكادحة في الصفحة أو في هنشير المدفون أو في بير علي بن خليفة على سبيل المثال لا الحصر والتي تتقاضى زيتا ودقيقا كأجرة ليوم عمل ، لا تعرف هذه المراة سوى هم القيام باكرا والوصول باكرا إلى العمل والخوف كل الخوف من أن تتعرض إلى التحرش أو إلى عملية اغتصاب من الكبران في الحظيرة الذي تمنحه علاقاته في الشعبة الأمن والحماية الخلاف بين نظام بن علي وبين الحداثيين والعلمانيين على حد سواء ليس خلافا في نوعية المجتمع الذي يعملون من أجله والدليل على ذلك أن كبار الحداثين والعلمانيين قد كانوا جنبا إلى جانب مع جلادي بن علي في سنوات التنكيل بالعائلات المتدينة ما فعله محمد الشرفي في سياسة تجفيف المنابع والتحريض على الفتايات المتحجبات وما فعله سمير العبيدي في سياسة التمييع للشباب وسياسة التبرير للقتل زمن الثورة يصبان في إتجاه واحد وخلاصة واضحة العلمانيون والحداثيون هم من حكموا تونس منذ الاستقلال وهم من سن القوانين وهم من ابتكروا وسائل التغريب وهم من قمعوا الحريات وهم من استفادوا من خيرات البلاد وهم من فتحوا الزنزانات للشباب المتدين الحداثيون تحولوا اليوم إلى ثوار ولم يقفوا عند هذا الحد بل نصبوا أنفسهم إلاها يكفر بخيارات الشعب ويشكك في قدراته العقلية فوصف الشعب بالبلاهة ووصفت حركة النهضة بسوء النية رغم أن العلماني والحداثي لا بد أن يحكم العقل في كل شي وأن لا يقحم النية لان النية من ألدين والحداثي يكفر بالدين ولا يؤمن إلا بالعقل ولنعد إلى الواقع الحالي هزيمة نكراء للفريق الحداثي وفوز باهر لحركة النهضة ورفض تام لهذه الحقيقة الجديدة التي تهدد حياة الرخي والرفاهة الاجتماعية والسياسية للحداثيين الذين تعودوا على تحديد السياسات وكتابة البرامج للرعاع من التونسيينتعود الحداثيون على قيادة البلاد منذ 50 سنة وهم لا يقبلون أن يسلموا الريادة إلى جيل لا يعرف للحانات شكلا ولا عنوانا ويعرف الزنزانات وغرف الإيقاف أكثر من معرفته بالنزل ومراكز الترفيهلن يقبل العلمانيون الواقع الجديد وسيعملون بكل الوسايل لكي تكون تجربة النهضة فاشلةنسي العلمانيون عامل أساسي سيدفع في إتجاه نجاح باهر للنهضة في حكم تونس هذا العامل بسيط ولكنه محدد وأساسي : النهضة فكرة قبل أن تكون حزبا المنصف زيد أكتوبر 2011