تونس تحتج وترفض التدخل الخارجي في شؤونها    عاجل/ سعيد يفجرها ويكشف عن أموال أجنبية ضخمة تتدفق على عدد من الجمعيات في تونس..    سعيد : ''ما حصل لا يتعلّق أبدا بسلك المحاماة بل بمن تجرّأ وحقّر وطنه في وسائل الإعلام''    هيئة المحامين: اليوم إضراب عام عن العمل وزقروبة تعرض للتعذيب    قيس سعيد يشدد على اتخاذ الإجراءات القانونية ضدّ أي مسؤول يُعطّل سير المرافق العمومية    ديوان السياحة: نسعى لاستقطاب سيّاح ذوي قدرة إنفاقية عالية    أخبار المال والأعمال    ينشط في عديد المجالات منها السياحة .. وفد عن المجمع الكويتي «المعوشرجي» يزور تونس    محكمة العدل الدولية تنظر "وقف العمليات العسكرية في رفح"    من آبل.. ميزات جديدة تسهل استخدام أيفون وآيباد    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بقلم مرشد السماوي: القمة العربية بالمنامة فرصة ذهبية لتونس لإبراز مكانها في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني    وكالة مكافحة المنشطات تُلغي العقوبات .. رغم كل المُزايدات والتعطيلات والتعقيدات، استطاعت السلطات التونسية خلال الساعات الأخيرة أن ترفع العقوبات القاسية التي سلّطتها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات على رياضتنا. حزمة العقوبات الدولية لم تستغرق سوى بضعة أيا    أخبار النجم الساحلي .. الجلاصي يفنّد الاشاعات وغلق ملف كوناتي    المقاعد في رادس محدودة والسوق السوداء تنتعش .. أحباء الترجي في قمة الاستياء    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    سيدي بوزيد: يوم جهوي للحجيج    طقس اليوم ...الحرارة في ارتفاع ؟    مهرجان علي بن عياد للمسرح يعود بالموسيقى السمفونية بعد غياب...مسرح الأوبرا يفتتح الدورة 33 ويختتمها وعرض دولي يتيم    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    هذا فحوى لقاء سعيد بوزير الداخلية..    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    رئيس الجمهورية يستعرض حجم الأموال الأجنبية المرصودة للجمعيات منذ سنة 2011    لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي تبحث تنقيح قانون التعليم الخاص    نمو مستمر للإسلام في فرنسا    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقع تحسّن نسبة النمو في تونس    بعد تعرضه لمحاولة اغتيال.. حالة رئيس وزراء سلوفاكيا خطيرة    ينتحل صفة ممثّل عن إحدى الجمعيات لجمع التبرّعات المالية..وهكذا تم الاطاحة به..!!    الطقس يوم الخميس16 ماي 2024    الكشف عن شبكة لترويج المخدرات بتونس الكبرى والقبض على 8 أشخاص..    متابعة سير النشاط السياحي والإعداد لذروة الموسم الصيفي محور جلسة عمل وزارية    دعوة الى إفراد قطاع التراث بوزارة    عقارب: أجواء احتفالية كبرى بمناسبة صعود كوكب عقارب إلى الرابطة المحترفة الثانية.    القرض الرقاعي الوطني 2024: تعبئة 1،444 مليار دينار من اكتتاب القسط الثاني    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    الترجي والإفريقي في نهائي بطولة تونس لكرة اليد    مندوبية التربية بقفصة تحصد 3 جوائز في الملتقى الوطني للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية    بمناسبة عيد الأمهات..البريد التونسي يصدر طابعا جديدا    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    وزير الشؤون الدينية يؤكد الحرص على إنجاح موسم الحج    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بابا الفاتيكان بين تبرئة الذات واتهام الآخر
نشر في الحوار نت يوم 01 - 12 - 2011


فتحي الحبوبي/مهندس
قد يكون بديهي جدا، عندما يكون البابا بنديكتوس16، قد انضم في شبابه، أيام حدوث المحرقة النازية، إلى ما كان يسمى بحزب الشباب النازي، أن يستنكر المحرقة بشكل مبالغ فيه بما يتماهى مع التقديس ''فيؤكد أن أي تشكيك أو تقليل من حجم المحرقة اليهودية على يد النازيين يعتبر أمرا لا تقبله الكنيسة ولا تتسامح معه أيا كانت الأسباب'' باعتبارها 'جريمة بحق الله والإنسانية'. لذلك فهو يصلي ويطلب الصفح أيضا من اليهود الذين اضطهدتهم أوروبا المسيحية عبر السنين على خلفية اتهامهم بقتل السيد المسيح عليه السلام. إلا أن الأسقف ريتشارد ويليامسون صاحب الآراء الحرة والجريئة قال منذ نحو سنتين بوجود مبالغة كبيرة في عدد ضحايا اليهود الذين قضوا في المحرقة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، مؤكدا ''أن الأدلة التاريخية تقول بأن عدد الضحايا لم يتجاوز 300 ألف وليس ستة ملايين يهودي' كما يدعي بنو إسرائيل. ليس هذا فقط بل إنه ينفي نهائيا وجود غرف الغاز. ولعله على حق، ولم لا؟
أما في ما يتعلق بمحرقة غزة سنة 2008، فقد مر عليها البابا بسلام ودون أن يتوقف عندها، فيما وصف أحد كرادلة الكنيسة الكاثوليكية الوضع في قطاع غزة أنذاك بسبب الحصار الإسرائيلي بأنه أشبه بمعسكر اعتقال كبير، في إشارة منه ولا شك إلى معسكرات النازية إبان الحرب العالمية الثانية.ولا ريب في أنه على حق. يقول السيّد المسيح 'أنا الطريق والحقّ والحياة' (يوحنّا 14، 6). أفلا يعني ذلك، أن يعمل المسيحيّ ما بوسعه لأجل إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل، حيث يرى ظلماً أو عدواناً أو قهرا؟ . فلا معنى لعقيدة لا تكون راهنة، أي أنها منقطعة عن حياة الناس وواقعهم ومعاناتهم الآن.
واللافت في هذا السياق ما ورد في إنجيل متّى حول معايير الدينونة، حيث يُسأل الناس المحشورون سؤالاً واحداً يتوقف على جوابه نيلهم الخلاص 'ماذا فعلتَ بأخيك الإنسان؟'.
اللافت في ما سبق، أن هذين الموقفين المتباينين، يعنيان فيما يعنيان أن الفاتيكان ليس له الموقف الموحد من المحرقة، سواء كان اليهود ضحاياها أم مرتكبيها. بل ان أصواتا داخله- منها ريتشارد ويليامسون- متهمة منذ حوالي عشريتين، بتهديد وحدة الكنيسة، تنادي بعكس الموقف الرسمي للكنيسة الكاثوليكية الذي قد يكون اتخذه البابا تنصلا من ماضيه الأسود عندما كان مستظلا بالفكر النازي. والحقيقة أن البابا يفعل ذلك لأنه مسكون حد الهوس بعقدة الذنب والخوف من مكائد اليهود، حتى لا تلتفت إليه أعين اللوبي الصهيوني فتفتح ملفاته وتفتعل له المشاكل والصعوبات ثم تطارده بها مثلما فعلت مع بيوس الثاني عشر حيث اعترضت على توليه البابوية وأطلقت حوله الأراجيف، لا لشيء سوى لأنه كان متحفظا على فكرة قيام إسرائيل وسط الأماكن المسيحية المقدسة مما قد يضعف سيطرة الفاتيكان عليها.ومثلما يقع اليوم لمسيحي إسرائيل فقد اكد الاساقفة الكاثوليك هناك انه 'منذ سنوات تبذل المسيحية جهودا كبيرة لوقف بعض المظاهر المعادية للسامية الا أن المسيحيين في اسرائيل هم من اصبحوا ضحايا معاداة المسيحية' حتى أنه تم احراق نسخ من العهد الجديد على العلن منذ بضعة اشهر في باحة إحدى الكنائس قرب تل ابيب.
ولكن ما لا يمكن وضعه في خانة البداهة، إنما هو عداء البابا الشديد للعرب؛ مسلمين كانوا أو مسيحيين. لقد برز ذلك واضحا وضوح الشمس في محاضرته الشهيرة بألمانيا سنة 2006 وكان وقتئذ حديث عهد بتسلمه مقاليد السلطة البابوية. وقد أثارت هذه المحاضرة في حينها جدلا واسعا واعتراضا شديدا في الأوساط الدينية والثقافية نظرا لما ورد فيها من عداء وهجوم سافر على الإسلام لا يمكن أن يصدر إلا عن عنصري.فقد اتهم فيها الإسلام - مستندا إلى أقوال لإمبراطور بيزنطي- بأنه دين يخاصم العقل مما ينفي العلاقة بين الإسلام والعقل، مؤكدا في ذات السياق، أنه لا يعرف للعقل مكانا في الإيمان الإسلامي ولا حتى في الإيمان المسيحي الشرقي. كما يعوزمفهوم الإيمان عند البروتستانت لتأسيس العلاقة بين الإيمان والعقل، في الوقت الذي تقوم فيه علاقة قوية بين الإيمان المسيحي الغربي وبين العقل، ويعود ذلك في رأي البابا للعلاقة التي سادت بين المسيحية الكاثوليكية والفكر والحضارة والفلسفة اليونانية واستفادت المسيحية منها.
وهنا تبرز بجلاء اتهامات بالجملة لكل من الإسلام كخصم رئيسي وتاريخي، وللمسيحية الشرقية باعتبارها حاضنة للأماكن المقدسة وهي أصل وجوهر المسيحية؛ ضرورة أن المسيحية الغربية بشكلها الحالي ليست سوى فرع سيطر في غفلة من التاريخ على الأصل. ولم يغفل البابا عن الحركة الإصلاحية البروتستانتية أتهمها هي الأخرى بذات الإتهام، لتبقى بعد ذلك فقط المسيحية الكاثوليكية أو كنيسة روما هي المتميزة على الكل، وهي صاحبة الفضل على الجميع باعتبارها المنارة الوحيدة المؤسسة على العلاقة بين الإيمان والعقل. وهذه القراءة لتاريخ الأديان ليست في واقع الأمر سوى استبلاه للآخر واستكبار واستعلاء على الغير، وهي في نهاية التحليل ليست سوى إعادة إنتاج للفكر الصليبي والفكر النازي الكارثي وهي لا تختلف في شيء عن الخطابات المتشنجة لبعض الأصوليين. في زمن ما زالت تدعو فيه بعض الحركات الإسلامية إلى حوار الأديان .فهل يعقل أن ينجح حوار بين فريقين يدعي أحدهما تفوقه على الآخر. أشك في ذلك لاسيما إن كان هذا الخطاب صادر عن رأس الكنيسة التي تدعي فيما تدعيه أن المسيحية تحث على المحبة والإخاء والتسامح ونبذ العنف، وأنها تقف دائماً إلى جانب الحق. فمتى كانت المحبة والتسامح هي التهجم على الآخر؟ ومتى كان العدل والوقوف ً إلى جانب الحق إنتقائيا ويعني فقط استحضار المحرقة النازية والتغافل عن استنكار محارق الفلسطينيين وآخرها محرقة غزة؟ أم أن الكيل بمكيالين طال أيضا المحارق، وهي جرائم إنسانية تدينها جميع الأديان. لعله قد غاب عن البابا أن التآخي والمحبة بين المسلمين والمسيحيين تكليف من الله، ذلك أن حجر الزاوية في الإسلام إنما هو السلام فنقرأ في القرآن في سورة الأنفال 'وإن جنحوا للسلم فاجنح لها'، كذلك فإن حجر الزاوية في المسيحية هو السلام فنقرأ في إنجيل متي 'وأي بيت دخلتموه فألقوا على أهله سلاما' فلماذا إذن معاداة الآخر ومحاولة زرع الفتنة وبث السم في الدسم باسم المسيحية بما هو مخالف لتعاليمها؟
فتحي الحبوبي / مهندس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.