أكثر من 230 فاعلا اقتصاديا من تونس والجزائر يشاركون في لقاءات مهنية مباشرة    شنوّ المشكل بين مخابرالتحاليل والكنام؟    محامي للتوانسة: كيف توصلك سلعة من حقّك تشوفها قبل ما تخلّص    واشنطن تعلن عن اتفاقية مع المكسيك بشأن تقاسم المياه    فيضانات اندونيسيا تحصد أرواح أكثر من ألف شخص..#خبر_عاجل    الدورة 38 لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    اليوم: إنطلاق الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    عاجل/ هذا ما تقرّر ضد قاتل خاله بجهة حي ابن خلدون    القصرين: نجاح أوّل عملية زرع قرنية بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي    فخر الكرة التونسية: الخزري يعتزل بعد 74 مباراة و25 هدفًا للمنتخب الوطني    فيروس الإنفلونزا يضرب المدارس: تعليق الدراسة لجميع المراحل التعليمية في ليبيا    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يُلزم الاحتلال بعدم تهجير وتجويع أهالي غزّة    شاكرا تونس.. وهبي الخزري يعلن الاعتزال    تحذير عاجل: الضباب قد يصل إلى حدّ انعدام الرؤية ببعض النقاط    الأمطار موجودة: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    فحوى مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع ومساعد وزير الحرب الأمريكي..#خبر_عاجل    صدور قانون المالية 2026 بالرائد الرسمي    تجدد القتال بين تايلند وكمبوديا رغم إعلان ترامب وقف إطلاق النار    ألمانيا.. مصادرة أكثر من 11 ألف ماسة من أحد المسافرين في مطار فرانكفورت    ماذا قال ترامب عن ظهوره في صور جيفري إبستين؟    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    الغرفة الوطنية لصانعي المصوغ تدعو الشباب إلى الإقبال على شراء الذهب    طالب دكتوراه يتهم جامعة تونس بمنعه من مناقشة أطروحته... والجامعة توضّح الأسباب    ولاية تونس :جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 14 لمعرض "مدينة تونس للكتاب" من 18ديسمبرالجاري الى 4 جانفي القادم    إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان    البحث عن آفاق جديدة للشراكة التونسية الجزائرية في مختلف المجالات ذات الأولوية محور جلسة عمل بين وزير الفلاحة ونظيره الجزائري    تنديد عربي وإسلامي بهجوم إسرائيل على "الأونروا"    احتضنه رواق «قمّودة» بالمعهد العالي للفنون والحرف بسيدي بوزيد ... «بيروسيس»: معرض جديد للفنان التّشكيلي الدّكتور أحمد نصري    من زاوية أخرى...كثر اللغو واللغط حوله أتركوا نور الدين بن عياد ينام في سلام    قبلي ..انتعاشة سياحية في العطلة المدرسية و آخر السنة الإدارية    توزر ...بمعرض للصناعات التقليدية ..اختتام حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة    في لقاء تكريمي بالمنستير.. محمد مومن يبكي ويرد على وصف الفاضل الجزيري ب "النوفمبري"    انتبهوا.. ضباب كثيف يتسبب في انخفاض مدى الرؤية    اتفاقيات مهمة بين تونس والجزائر: الاستثمار، النقل والمياه على الطاولة    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    فيديو - وزير الاقتصاد : الدورة 39 لأيام المؤسسة تركّز على التحوّل التكنولوجي ودعم القطاع الخاص    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    مجموعة رائدة في صناعة مستحضرات التجميل تختار الاستثمار في بوسالم    وزارة البيئة تعلن عن فتح باب الترشحات لتقديم مبادرة فنية رياضية مسرحية ذات الصلة بالبيئة    النوم مع ال Casque: عادة شائعة ومخاطر خفية    فريق كبير ينجح في إستخراج 58 حصوة من كلية مريض    صادم: أجهزة منزلية تهدد صحة الرئتين    31 ديسمبر 2025: انطلاق موسم تصدير البرتقال المالطي إلى فرنسا    الألعاب الأفريقية للشباب – لواندا 2025: تونس ترفع رصيدها إلى 5 ميداليات برونزية    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    جمعت تبرعات لبناء جامع...تفكيك عصابة تدليس وتحيل وحجز أختام وبطاقات تعريف    عاجل: قبل الدربي بيوم..لاعب الترجي يغيب عن المُقابلة والسبب ''عُقوبة''    كأس القارات للأندية: فلامنغو البرازيلي يواجه بيراميدز المصري في نصف النهائي    عاجل: هذه حقيقة الوضع الصحي للفنانة ''عبلة كامل''    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يتربص بالمنستير.. و3 وديات في البرنامج    قابس: تركيز الشباك الموحد لتوفير مختلف الخدمات لفائدة حجيج الولاية    3 ميداليات برونزية لتونس في اليوم الثاني لدورة الألعاب الإفريقية للشباب بلوندا    جدول مباريات اليوم الجمعة في كأس العرب ..التوقيت القنوات الناقلة    طقس اليوم: ضباب كثيف في الصباح والحرارة في استقرار    القطاع يستعد لرمضان: إنتاج وفير وخطة لتخزين 20 مليون بيضة    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    قبل الصلاة: المسح على الجوارب في البرد الشديد...كل التفاصيل لي يلزمك تعرفها    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع سليمان عليه السلام في سورة النمل
نشر في الحوار نت يوم 04 - 12 - 2011


الدكتور عثمان قدري مكانسي
نقرأ قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان علماً ، وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين.. فنجد :
1- العلم : سمة أهل الفضل ومناط التشريف ونور الفكر الذي يكرم صاحبه على غيره.
2- شكر الله وحمده: فهما عليهما السلام يحمدان الله تعالى أنْ أكرمهما بالعلم ( إنما يخشى الله من عباده العلماءُ) وكثيراً ما نجد الأرزاق متنوعة فهذا يعطى مالاً وذاك علماً والآخر وسامة وغيره أخلاقاً ، فنجد العلم والأخلاق سيدي الموقف . وقد أحسن الشاعر حافظ إبراهيم في قوله:
فالناس هذا حظه مال وذا علم ، وذاك مكارم الأخلاق
فالمال إن لم تدّخره محصنا بالعلم كان نهاية الإملاق
والعلم إن لم تكتنفه شمائل تعليه كان مطية الإخفاق
لا تحسبنّ العلم ينفع وحدَه ما لم يُتَوّجْ ربُّه بخلاق
3- الهمة العالية : فقد علما أن النبوّة والعلم والحكمة رفعتهما على كثير من عباد الله المؤمنين
4- الإرث: قال تعالى : وورث سليمانُ داودَ . وقد نعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة. ، فما الذي ورثه سليمان من أبيه داود عليهما السلام؟ نقول: إنّ الإرث هنا في النبوة والعلم – وهذا ما نجده في دعاء زكريا عليه السلام يسأل الله تعالى ولداً صالحاً يرثه في الدعوة والعلم والنبوّة:
-وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا .
وهذا ما نفهمه من قول يعقوب عليه السلام حين أخبره ابنه يوسف برؤياه فأوّل الرؤيا بالنبوة والمكانة العالية الرفيعة الموصلة بجديه إبراهيم وإسحاق عليهما السلام ، وبهذه النبوة تتم النعمة على آل يعقوب وتكتمل فضائل الاجتباء:
- وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .
5- الاعتراف بالفضل: " إن هذا لهو الفضل المبين." واعتراف سليمان بفضل الله يرفع مقامه ، وتأمل في قوله عليه السلام " (- عُلّمنا منطق الطير ..، وأوتينا من كل شيء ) وهما الفعلان المبنيان للمجهول يدلان على إسناد الفضل إلى الله ، فمنه الخير كله. فهو سبحانه من علّم وهو سبحانه من أعطى ، فله الخير وله المنّ الكرم .
أما قارون فقد شقي حين جحد فضل الله سبحانه عليه وادّعى الذكاء والقدرة في جمع المال ولم يرْع ذمة الله ولا أدى حقّ المال ، وعاش مستكبراً يأبى النصيحة ويزدري الناس:
- إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
- وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ .
- قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ .
وكيف لا يُسأل المجرمون عن ذنوبهم؟! هذا ما سألنيه أحدهم فقلت له : ياهذا ؛ هؤلاء أهون على الله أن يحاسبهم إنما تلطقطهم ألسنة النيران إلى سواء الجحيم بالذلة والصغار . ونجد في المقابل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أن الله عز وجل يكرم خاصة المؤمنين الصالحين بدخول الجنة دون حساب ولا عقاب واقرأ معي قوله صلى الله عليه وسلم :
( سبعون ألفاً يدخلون الجنة دون حساب ولا عقاب )
6- الترتيب في الحديث:
- وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير ، فهم يوزعون. ذكر الأقوى ( الجنّ، ثم الإنس ، ثم الطير) ذكر الأهمّ فالأقل أهمية . وهذا من أساليب التربية القرآنية
- إننا نجد هذا الترتيب في القرآن كثيراً كقوله تعالى: " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث" فذكر من الشهوات أشدها : النساء ، ثم البنين ثم المال الذي يُصرف على النساء والبنين ، ثم ذكر من المال أفضله : الذهب ، وأتبعه بالفضة . أما الخيل فهي عند العرب أفضل من الأنعام ( الإبل والبقر والغنم) وهذا الحيوانات بأنواعها أفضل عند العرب من الزرع . إنه ذكر الأهم فالأقل أهمية.
- ولا ننس الكلمتين ( يوزعون، وأوزعني ) من وزع ، فالأولى تعني أن أوائل الجيش ينتظرون في أماكنهم حتى يكتمل مجيئ أواخرهم ، والثانية :أوزعني تعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي (من الإلهام والعون ). وجمال الكَلِم القرآني ذلك الجناس اللفظي المختلف المعنى المؤتلف المبنى .
- واقرأ قوله تعالى : " ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" وهذا يذكرنا بالرجل الصالح في سورة الأحقاف " ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرها ووضعته كرها حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي ، إني تبت إليك وإني من المسلمين" فالدعاء واحد يختلف قليلاً بين نبي ورجل صالح .. وأصلح لي في ذريتي.. إن الكلام في جله واحد
7- علمنا منطق الطير
-فرْقٌ بين عُلِّمنا منطق الطير وفهمنا لغة الطير، فالفهم قد لا يعني القدرة على الحديث أما الأولى ( عُلّمنا منطق الطير ) ففيها القدرة على الحديث بلغة الطير، وهذا أبلغ في التعبير عن المراد ، وسبحان من أنزل القرآن على نبيه عربياً بيناً لا لبس فيه.
- وداوود كذلك علم منطق الطير(وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ .
- إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ . وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ .
وهذا لم يختص به داوود وسليمان به وحدهما فهناك آثار تدل على فهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فقد ورد في الأحاديث أن جملاً شكا صاحبه الذي يتعبه في العمل ويحمّله فوق طاقته. فنبهه النبي صلى الله عليه وسلم فاعتذر وأعلن أنه سيعامل جمله معاملة طيبة .
- كما أن الحصا يُسمع تسبيحها في كف الرسول صلى الله عليه وسلم
8- الطيور والحيوانات أمم أمثالنا:
- ويجتمع جيش النبي سليمان ويحشده ثم يسير به .. حتى إذا أتوا على وادي النمل.
- والحيوانات والطيور والحشرات أمم متكاملة لها نظامها وحياتها الخاصة المنظمة "وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم."
- نملة عاقلة تنصح ( ولا بد للعاقل أن ينصح غيره وهذا واجبه.) فتنادي شعبها خائفة عليهم أن ييباد تحت وطأة جيش سليمان فتنادي بملء فيها" يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ، لا يحطمنّكم سليمان وجنوده"
- فلا حاجة للمجابهة لسبب الضعف ،أو الضآلة ،أو توقع الخسارة الكبيرة .وقد يسيء البعض لعدم معرفتهم أو انتباههم { وهم لا يشعرون} وهذا النصح من حسن التدبير .
- إنّ الحاكم أو الوجيه( النملة) تخاف على قومها من الإبادة. فهي ( رحيمة بهم) .
- والنبي سليمان عليه السلام حريص على الرحمة بالحيوان ، فتبسم ضاحكاً من قولها ، وأوقف جيشه حتى غارالنمل في الأرض
- فماذا تقول بمن يقتل الناس بعشرات الآلاف ليبقى حاكماً لمن يبقى حياً من الأمة بعد إذلالها لا سمح الله. ؟! هؤلاء الحكام أسوأ من الشياطين وألعن من الأبالسة وأحقر من الرويبضات فهل يعقلون أم على قلوب أقفالها؟!
8- انتماء الرجل الصالح للصالحين
" ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"
- نجد البر بالوالدين
- طلب العون من الله على شكر النعمة.
- وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين
- نجد في سورة يوسف " رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ، فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين. "
- ونحن نقول : اللهم احشرنا في عبادك الصالحين .
9- الاهتمام بالجنود
- النبي القائد سليمان عليه السلام يتفقد الطير.
- هناك حذف في قوله : ( مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) وكأنه يقول: ( أهو موجود لا أراه ) أم هو غائب فعلاً ؟ ولعله يريد أن يقول : لا أود أن يكون واحد من جندي غائباً دون إذن ولا عذر.
- ونرى الحزم في التعامل مع الجنود. لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين ) والسلطان المبين هو الدليل على سبب الغياب. العقوبة أولاً إن كان مهملاً متهاوناً ، والقتل ثانياً إن تجاوز في غيابه حد الجندية على مبدأ درهم وقاية خير من قنطار علاج فالتسيب إذا غاب الحزم مشكلة يصعب حلها، ولا عقوبة إن كان من غيابه فائدة مرجوّة.
- إن الحزم دون ظلم يحفظ النظام
10- الجندي شجاع ذكي
- تصور أن الجندي الصغير ( الهدهد) يقول لقائده على مسمع من الجند :عندي من المعلومات ما ليس عندك. ومعلوماتي يقينية ليست ظنية.
- وقد يكون العلم عند صغير الحجم ضعيف البنية ، الفقير الذي لا يملأ العين .
- وما يقولها إلا في حضرة القائد الذي هدد بالعقوبة وما أدراك ما العقوبة لكنه يعلم أن القائد وقّافٌ على الحق ويحب الجندي الماهر الذي يخدم قضيته بإخلاص وسوف يتجاوز عن غيابه لما فيه من فائدة كبرى
11- التقرير الضافي المفصل
- حدد الهدهد المكان الذي ذهب إليه وجاء بخبره ، وذكر نوعية الحاكم – فهي امرأة – وبيّن قوتها وشرفها - والدليل ( عرش عظيم) ونبه إلى عبادتهم فهم يعبدون الشمس من دون الله تعالى
- لقد أضلهم الشيطان في عبادة غير الله تعالى.
- ثم إننا نلحظ التوجيه إلى عبادة الله سبحانه ، فهي العبادة الحقة . وهو سبحانه من يستحق العبادة فقط. " ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم" .. إنه تقرير ضاف تام.
12- تحقق القائد من الخبر
- لا يؤخذ القائد بالكلام المعسول فلا بد من التحقق من هذا الخبر قال: ( سننظر...).
- يجب أن تكون ثقة القائد بجنوده أكبر من سوء ظنه بهم. ( أصدقت أم كنت من الكاذبين) فقدم احتمال الصدق على الكذب ففي صفة الصدق خاطبه بضمير المفرد وفي احتمال صفة الكذب حذره أن يكون من جملة الكاذبين! واستبعد الكذب ابتداء حين ذكر الفعل الماضي ( كان) .
- كلفه أن يأخذ كتابه فيلقيه على القوم ، وهو في هذه الحالة مراقَب بطريقة ما .
- وعلمه كيف يرمي الكتاب ويتلقط الخبر دون أن يعلموا بوجوده ( فألقه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون ) .
- ولعلهم إن جهلوا من ألقاه عليهم لم يتابعوه واستوهلوا الأمر، فاستعظموه.
- ولن يظن البشر أن طيراً كان رسولَ سليمان إليهم .
13- ذكاء الملكة وحسن تدبيرها.
- كرّمت الملكة الكتاب ( الرسالة) لأسباب عدة ، أولها :أنها تلقته وهي فوق عرشها العظيم ، وثانيها أنّ صاحب الكتاب الملك سليمان المعروف بقوته وعظمته ، وأما ثالثها فقد بدأ الكتابُ بالبسملة ، وأعظِمْ بالبدء بسم الله الرحمن الرحيم ورابعها : أن الكتاب نهي واحد وأمر واحد ( ألا تعلوا عليّ واتوني مسلمين. )، ولا يكون النهي إلا من المتمكن ، ولا الأمر إلا من القوة ، وخامسها : ذلك الاختصار فالكتاب خمس كلمات.
- ذكرني هذا الاختصار وتلك القوة بكتاب نقفور ملك الروم لهارون الرشيد خليفة المسلمين يهدده ويتوعده، فما كان من هارون رحمه الله إلا أن كتب على ظهر رسالة نقفور : ( إلى نقفور كلب الروم ؛ الجواب ما تراه ،لا ما تسمعه) وسيّر إليه جيشاً كسر به ظهره .
- على الرغم أن الملكة أخذت بالكتاب وهالها ما فيه من ثقة صاحب الكتاب بنفسه أحبت أن لا تستأثر بالجواب وأن تحمّل رؤساء قومها مسؤولية اتخاذ القرار ، فطلبت آراءهم : ( يا يها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون) ولا بد من أخذ الرأي والمشورة ، فهذا دأب الحاكم اللبيب .
- رأى مَلَؤها أدبها فأخبروها بقوتهم وقدرتهم على القتال ، وتركوا لها البتّ في الحكم حين رأوها لم تستأثر به ابتداء .. وأراهم أخطأوا حين تركوا لها اتخاذ القرار فقرار الحرب لا يتخذه الفرد وحده. وكأن العرب منذ القديم اعتادوا ديكتاتورية الفرد فأذعنوا لذلك ألم يقل الشاعر مخاطباً شيخ قبيلته:
لك المرباع منا والصفايا وحكمك والنشيطة والفُضولُ
فالمرباع : ربع المغنم يأخذه رئيس القبيلة .
والصفايا : جمع صفي . وهو ما يصطفيه الشيخ لنفسه من المغنم ،
والنشيطة : ما يغنمه الغزاة في الطريق قبل بلوغهم إلى الموضع الذي قصدوه ، فكان يختص به رئيس القبيلة دون غيره.
والفضول : ما يفضل من الغنيمة عند القسمة .
وعلى هذا فللقائد أو الملك والرئيس كل شيء .
وإننا نرى دولنا فقيرة معدمة ترزح تحت كاهل الديون بينما يسلب الحاكم كل شيء ويهربه إلى خزائن الغرب وبنوكها ليأكلوه بعد أن يسقط الحاكم السارق .. أليس هذا ما نراه كل يوم؟!
- ولعلهم – إن أحسنا الظنّ رأوا في حديثها رغبة في الصلح والمناورة التي قد تأتي بحل مناسب فرضوا بذلك .( نحن أولوا قوة وألو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين)
- من ذكائها وحسن تدبيرها أنه أرادت أن تجنب مملكتها التهديم والتدمير حين يدخلها ملك قوي بالحرب والقوة . جنوده الجن والإنس والطير فأرسلت حكمة حفظها الدهر بأحرف من نور: ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، وكذلك يفعلون ) ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.