الأستاذ حسين سعد بسم الله الرّحمان الرحيم من أجل منظومة تربوية أفضل وبعد فلما كانت الكتابة من أشرف الصنائع وأرفعها. وأربح البضائع وأنفعها. وأفضل المآثر وأعْلاها. وآثَر الفضائل وأغلاها بحسب قول القلقشندي قررت أن آخذ قلمي بين أصابعي وأطلق له العنان لكي يعبر عما يجيش في الخاطر وما يعتمل في الصدر. سأتكلم عن التعليم في تونسطبعا وبداهة لا تعسفا و تصنعا. سأكتب انطلاقا من رغبة في النهوض بهذا القطاع الحساس واستنادا على تجربة في هذا الميدان عمرها 18 سنة بين دراسة وتدريس في بلد يعدّ من الأوائل من حيث المنظومة التربوية والتعليمية ألا وهي دولة سويسرا كثر الحديث هذه الأيام عن إصلاح المنظومة التربوية ونقرا في جريدة الصباح الناطقة باسم الحزب المنحل والتي لم تشمّ رائحة الثورة لا من قريب ولا من بعيد: السيد وزير التربية ورغم انتهاء مهامه أصبح في آخر أيام مسؤوليته كله حيوية وهو لا ينفك يصدر الأوامر إلى لجنة تطوير التعليم بفعل أي شيء يترك من خلاله بصمته الإيديولوجية من جهة وأي شيء من شانه أن يزعج الحكومة المقبلة. لا يخفى على احد المغزى من هذا التسرع في وضع أشياء تحت غطاء الإصلاح. لكن يتبين من يوم لآخر ان هؤلاء الناس لا يهمهم إصلاح التعليم بقدر ما يهمهم توجيه المنظومة التربوية وإضفاء الصبغة الايديولوجية عليها وهذا لعمري بعيد عن العمل المؤسساتي الذين يتشدقون بمحاولة إرساءه. هل إن الوقت مناسب لوضع قرارات من شأنها أن تصلح المنظومة التربوية؟. ما هو ممكن الآن هو تشخيص الداء واخذ الوقت الكافي للقيام بذلك من خلال تفعيل لجان تطوير التعليم بعد إعادة تركيبتها على نحو يمكّنها من القيام بمهامّها على الوجه المطلوب وذلك مثلا عبر القيام باستفتاءات في صفوف رجال التعليم والأولياء ولم لا التلاميذ. اذا شخّصنا مواطن الخلل وهي لعمري أكثر مما يتصوره الوزير وأعوانه يسهل نوعا ما العلاج. للّذين يريدون أن يبنوا على عجل أبشرهم أن بنيانهم سيزول على عجل. دعنا نقرا قراءة موضوعية ما نشرته جريدة الصباح في عددها الصادر يوم الرابع من ديسمبر واليكم قبل ذلك النص: في اتفاق بين "التربية" ونقابة الثانوي
إحداث رتبة أستاذ مبرز أول مميز وتخفيض ساعات التدريس بمقتضى اتفاق بين وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الثانوي وفي إطار مراجعة النظام الأساسي لمدرسي التعليم الثانوي تم إحداث رتبة أستاذ مبرز أول مميز. ويشارك في مناظرة الارتقاء المهني إلى هذه الرتبة الذين لهم خمس سنوات أقدمية على الأقل في رتبة أستاذ مبرز أول. كما تتم الترقية من رتبة أستاذ مبرز أول إلى أستاذ مبرز أول مميز بنسبة 35 % من العدد الجملي للمترشحين. كذلك تم الاتفاق على التخفيض من ساعات تدريس للأستاذ المبرز والأستاذ المبرز الأول والأستاذ المبرز الأول المميز إلى 12 ساعة عمل أسبوعيا بعد قضاء 15 سنة أقدميه عامة في التدريس بداية من سبتمبر 2012 وبعد صدور النصوص القانونية. كما تم اعتماد نظام 25 ساعة عمل أسبوعيا بالنسبة للأساتذة المباشرين للتدريس والذين سيكلفون بعمل إداري بالمؤسسات التربوية بسبب الزيادة عن النصاب، حذف الاختصاص أو المرض. كما يحال المدرسون للقيام بعمل إداري من أجل المرض بعد عرض ملفاتهم على اللجنة الطبية الجهوية. أما بالنسبة للأساتذة المباشرين للتدريس فتعتمد مقاييس مثل الأعداد البيداغوجية أو تنفيل الشهائد العلمية ما بعد شهادة الأستاذية أو ما يعادلها للتناظر في الترقيات المهنية. بالنسبة للأساتذة المكلفين بعمل إداري أو تربوي والملحقين والمكلفين بخطط وظيفية والمشاركين في مناظرة الترقيات المهنية يتناظرون فيما بينهم ويرتقي 35 % منهم ويرتبون حسب الاختصاص والاقدمية والعدد الإداري للسنة الدراسية التي تسبق سنة الترقية وتنفيل الشهائد العلمية. كما تم الاتفاق على إحداث منحة التدريس بمراكز العمل الدوري اعتمادا على قائمة تحين بين الطرفين مرة كل سنة وتتولى الوزارة التنسيق في ذلك مع الأطراف المعينة. تم إلغاء النقطة الثانية من محضر الاتفاق بين وزارة التربية والنقابة للتعليم الثانوي المؤرخ في 21 أكتوبر 2011 وتعتمد النقطة الثانية من البند الرابع من الاتفاقية المؤرخة في 14 سبتمبر 2011 المتعلق بالترقية من رتبة أستاذ إلى رتبة أستاذ تعليم فوق الرتبة (5 سنوات أقدمية في الرتبة لا غير) ويحتفظ المدرسون المدرجون ضمن القائمة التكميلية للناجحين في الكاباس دورة 2007 والمنقولون للتدريس بالمدارس الإعدادية والمعاهد باقدميتهم مما يخول لهم المشاركة في حركة النقل وفي الترقيات المهنية." لمياء الشريف المتأمل في هذه الأسطر يجد أن الأمر يتعلق بجملة امتيازات لا جملة إصلاحات، امتيازات أعطيت لرجل التعليم، علما وان وإصلاح المنظومة التربوية لا يمر عبر إعطاء الامتيازات وان كانت جزءا من العملية. لماذا أقرّت هذه الامتيازات في هذا الوقت بالذات؟ الجواب للإكثار من العقبات التي ستواجهها الحكومة المقبلة خاصة إذا تبين أنها صعبة التحقيق او لا تمثل أولوية في العملية الإصلاحية. هذا من الجانب الخارجي، دعنا نذهب إلى مضمون هذا المرسوم او البيان او التوصية او القرار، سمّه ما شئت: 1. الفقرة الأولى إلى حد النصوص القانونية وهي تتحدث عن اتفاق بين وزارة التربية ونقابة التعليم بنيّة إحداث رتبة أستاذ مبرز أول مميز وما يأتي من تفصيل لا يمكن للمثقف فهمه فما بالك بالإنسان البسيط الذي لم يتعلم. يعني بلغة أخرى لو اتصلت تلفونيا بمسؤول وأردت أن أقدم نفسي أقول له معاك: أستاذ مبرز أول مميز ولا اعرف هل اقولها بالترتيب ام ان ذلك لا يهمّ سيجيبني كل هذا وظيفتك ستر ربي ما قريتش في الخارج وألا تولي وظيفتك قدّ غنّاية من أغاني أم كلثوم . لو نكّتنا على طريقة اخواننا المصريين لتخيلنا القهواجي يقول : "وعندك واحد مبرز أول مميز وصلّحه". تخيّل جارتين تخاصمتا وأرادت أحداهما أن تفتخر على الأخرى: انا ابني استاذ حتى انا ولدي أستاذ يا حسرة هي الأساتذة الكل كيف كيف، ولدي أستاذ اش يقوللها هذيكة مبروز ومن الاول زادة ،وزاد بعثوا ليه جواب هاك النهار قالوا له راك تميزت ما هذا العبث، ما هذا التعقيد، رحمة بالبسطاء، رحمة بالسامع. الا يمكن الاستعاضة عن كل هذا بمسميات بسيطة لا تكلف مالا و لا تعبا. في البلدان المتقدمة في المجال التربوي مثل سويسرا يوجد تقسيمان: أستاذ تعليم ثانوي مرحلة أولى و أستاذ تعليم ثانوي مرحلة ثانية كلاهما حاصل على شهادة الكفاءة في التدريس ويحق لأستاذ المرحلة الثانية أن يدرس في المرحلة الأولى والعكس غير ممكن. اما الترقيات فتكون سنويا بصفة آلية إذا ترسّم الأستاذ بعد السنة الأولى من التدريس 1. تخفيض ساعات العمل وهي إحدى الامتيازات الموهوبة للمدرس الذي يقضي ثلاثة اشهر كعطلة صيفية علاوة على عطل بقية السنة. يقول التقرير تخفيض ساعات الأستاذ المبرز الأول المميز إلى 12 ساعة: أكمل جميلك وأعطه التقاعد في سن الثلاثين او الاربعين وتكون سابقة في تونس. وإذا اشتعل 12 ساعة في الأسبوع ماذا سيفعل في بقية وقته، الم تفكروا بالمناسبة في انشاء مشاريع صغيرة لهؤلاء الاساتذة حتى لا يصيبهم الملل. هذا تهريج، في سويسرا مثلا أول تخفيض في عدد الساعات يحصل عند بلوغ الاستاذ سن الخمسين ودلك بساعتين فقط اي حذف ساعتين من جدوله دون أن يؤثر دلك على راتبه. 2. نظام 25 ساعة عمل أسبوعيا : اذا فهمت جيدا أي أن الأستاذ كان يشتعل 18 ساعة في الأسبوع لكنه بموجب هذا التغيير سيصبح يدرس 25 ساعة في الأسبوع ولا ادري ما هو حال نظام الحصة الواحدة في القسم هل وقع تخفيضه تبعا لهذا التعيير أم أنه بقي على حاله أي 60 دقيقة 3. كما يحال المدرسون للقيام بعمل إداري من أجل المرض بعد عرض ملفاتهم على اللجنة الطبية الجهوية: انا أتساءل اذا كان المرض يمنع المدرس من التدريس فكيف سيمكن له القيام بأعمال إدارية والحال ان العملين يعتمدان على المقدرة الفكرية وفي اتصال وثيق وإذا كان المرض جسديا فلا أظن أن التدريس يستوجب لياقة بدنية فائقة ولا اكتمالا جسمانيا ذلك انه يمكن حتى للمعاق جسديا أن يعطي دروسه أمام التلاميذ. بصراحة لم افهم هذا الكلام لان في النظام التعليمي هنا لا توجد هذه الحالة وهي إحالة أستاذ مريض إلى العمل الإداري: مريض هنا وسليم معافى هناك؟... 4. الفقرة الخاصة بالترقيات: مليئة بالتعقيدات والحالات الخاصة وكان بالإمكان الاستعاضة عن كل ذلك بعملية بسيطة وواضحة ولا تخضع للأهواء والحسابات الخاصة لست بصدد بسط برنامج إصلاحي وان كانت الرؤية واضحة عندي بما يسمح لي بإمكانية الخوض في هذا الميدان إلى اللقاء باذن الله