مرة أخرى تنزلق بعض الصحف و الإذاعات إلى الحضيض و تثبت أننا بعد أن كنا نتباكى على الحرية زمن النظام البائد فقد أساء البعض استخدامها اليوم و قد فتحت كل أبوابها و أدلى الكل بدلوه . كنا ننتظر أقلام حرة وأصوات صادقة و جريئة تلمس هموم الوطن و المواطن ووجود الرأي و الرأي المخالف و تحاليل تكشف العيوب و تقترح البدائل ,فإذا بنا نقرأ و نسمع جدلا عقيما عن أجور أعضاء المجلس الوطني التأسيسي و أجرة رئيس الجمهورية و أعضاء الحكومة العتيدة التي لم تباشر عملها, فهذا يستغرب إرتفاع أجرة رئيس الدولة و الآخر يتحدث عن ضرورة أن يعمل أعضاء المجلس المنتخبين بدون أجر أما جوقة الرفض المسبق لحكومة الترويكا فبدأ البعض و قبل الإعلان عنها يستكثر عددها وما قد ينجر عنها من أعباء على ميزانية الدولة و لاحظ المتابعون تعليقات من نوع :هل هذه حكومة التقشف و بها 51 عضوا ؟ أو يعلق آخر : بخلاص أعضاء الحكومة " يطلع الصابون نظيف "{ و أتأسف لهذه العبارة و لكن ذلك مستوى بعض صحفيينا }, وغيرها من التعليقات ... البعض يتساءل و ينقد عن حسن نية و لكن الكثيرون أعمى الحقد الإيديولوجي بصائرهم حتى ظلوا لا ينظرون إلا إلى السواد في كل زاوية ما دام الأمر لم تصنعه أيديهم . لن أدافع عن أحد فلكل خياراته وهو مسؤول عنها و في السياسة العبرة بالنتائج ولكن سأبدي الملاحظات التالية : 1/ بالنسبة لمن يتحدث عن الأجرة العالية لرئيس الجمهورية { يقولون أنها 32 ألف دينار }فأقول لأشباه الصحفيين : أليست صحفكم الصفراء مليئة بأخبار أجور المدربين و اللاعبين فهذه الأجرة يتحصل عليها مدربوا الفرق الكبرى عندنا و معها منح فلكية و بعض الفنانين , واسألوا عن أجور المديرين العامين للبنوك . أفلا يستحق رئيس البلاد مثل هذه الأجرة؟ 2/ بالنسبة للذين ينادون بمجانية العمل لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي ,هذا اقتراح يسقط في الشعبوية فهؤلاء منتخبون ومكلفون بأعظم مهمة ينتظرها شعبنا , أفلا يستحقون منحة تحفظ كرامتهم , واعلم أن البعض منهم من حاملي الشهادات العليا المعطلين عن العمل , و المنحة التي يقع تداولها {2500 دينار} هي أجرة لاعب إحتياطي في البطولة. 3/ للذين يستكثرون عدد أعضاء الحكومة التي لم تعمل بعد و آثارها على الميزانية. أقول للبعض الذين يعانون من الأمية السياسية أن النظام البرلماني يعتمد فيه رئيس الحكومة على مجموعة من المستشارين الذين يهندسون الخطوط العامة و الوزراء المباشرون ملزمون في تنفيذ البرامج , وقد كنا في نظام رئاسوي حيث كان المستشارون في قصر قرطاج و الآن سيتحولون إلى قصر الحكومة بالقصبة. أما عن الأعباء المالية فلننتظر النتائج في كل خطوة سياسية. كان الله في عون حكومتنا الجديدة فقد أصبح الكل ثوريا ,وصارت السهام و الخناجر تحاصرها من كل جنب و لكن قد نجد لهؤلاء الصحفيين بعض الأعذار فقد كان البعض منهم متمعشا ويحصل على امتيازات و سفرات في النظام البائد لن يجدها اليوم .ولعل الفيلسوف ديكارت كان على حق عندما قال :" إن الديمقراطية تضطرك إلى سماع الأحمق". الأستاذ أبولبابة سالم