المجلس الأعلى للدولة في ليبيا يحذر من خطورة التوترات العسكرية في طرابلس    السفارة التونسية بطرابلس تدعو أفراد الجالية لتوخي أقصى درجات الحذر    وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة: «العملية العسكرية انتهت بنجاح»    ليبيا: تصفية قائد أكبر جهاز أمني في العاصمة طرابلس... فمن يكون عبد الغني الككلي؟    منوبة.. حجز 14 طنا من الفارينة المدعمة بمخبزة..    كاس السبوبر الافريقي لكرة اليد - الترجي الرياضي يفوز على منتدى درب السلطان المغربي 31-24 ويضرب موعدا مع الاهلي المصري في النهائي    في الصَّميم.. الترجي «مَاكينة» لحصد الألقاب    ملف الاحترازات : مستقبل القصرين يختار التّصعيد    موسم كارثي واتهامات ب«السّمسرة» ...أحباء «السي .آس .آس» يطالبون ب«المُحاسبة» والاصلاح    «سينما الجبل» بعين دراهم مهرجان بنكهة تونسية فلسطينية    وزارة الشؤون الثقافية تؤكد أنها لا تتوانى عن إسناد المنحة الظرفية لكل فنان أو مبدع قدم ملفا مستوفي الشروط    براكة الساحل .. وفاة فتاة تحت عجلات قطار    عبر مطار قرطاج.. سنتان سجنا لسيدة أعمال هرّبت ابن فنان مشهور    في حفل بالمسرح البلدي بسوسة..الجمهور انتشى ب«حليميات»    النفطي يتسلم نسخة من أوراق اعتماد سفيرة جنوب افريقيا    القصرين: البَرَد يلحق أضرارا متفاوتة بالزراعات الكبرى والزياتين والأشجار المثمرة    عاجل/ التفويت في 58 هكتارا من الأراضي الدولية لتوفير مساكن اجتماعية    عاجل/ الهند تعلن إيقاف عملياتها العسكرية ضد باكستان    الإعلان رسميا عن تنظيم أيام السياحة والصناعات التقليدية بقفصة: التفاصيل    أريانة: المدرسة الإبتدائية حي النصر تتحصل على جائزة أفضل خمسة أفلام على المستوى الوطني من إنتاج المدارس    مصر.. تحرك واسع للسلطات يمنع كارثة طبية    وزارة الثقافة تنعى الكاتب ميزوني البناني    مُدبلجة ''ماوكلي'' و ''الكابتن ماجد'' فاطمة سعد في ذمة الله    صوفية صادق تعود بقوة إلى قرطاج    كيف يساهم مظهرك في بناء أول انطباع مهني؟ تجنب هذه الأخطاء البسيطة التي تكلفك فرصك    بطولة الرابطة 2 : نادي حمام الانف يفوز على امل حمام سوسة 3-1    دواء جديد يُعيد النظر لفاقديه..    طرق الوقاية من الأمراض المزمنة ليست صعبة    وزير الشؤون الدينية للحجيج: "ستعودون فرحين مسرورين"    وزير التجهيز والإسكان يشرف على توزيع 30 مسكنا اجتماعيا بمدينة نبر    نحو تحديد سعر الكلغ الحي من أضاحي العيد    عاجل/ وزير الفلاحة يكشف موعد انطلاق استغلال محطة تحلية المياه بسوسة    عاجل/ تونس تُجري أول تجربة استمطار    عاجل/ فرنسا تتوعّد الجزائر    تحت شعار "نحو فلاحة ذكية من اجل سيادة غذائية" تونس تحتفل اليوم بالعيد الوطني للفلاحة .    كاس العرب للمنتخبات لكرة اليد: المنتخب القطري يتوج باللقب.    موعد مباريات نهائي بطولة كرة السلة بين الاتحاد المنستيري والنادي الإفريقي    عاجل/ بشرى سارة: انتدابات جديدة في الوظيفة العمومية والقطاع العام..    حسين الجسمي يرزق بمولود جديد    مرصد الطاقة والمناجم: ارتفاع رخص الاستكشاف والبحث عن المحروقات في تونس    منذ بداية السنة: حجز أكثر من 86 ألف حبّة مخدّرة و13 كلغ من الكوكايين.    معهد الرصد الجوي: شهر أفريل 2025 كان شهرا ممطرا جدا في عدّة مناطق تونسيّة    الجزائر تطرد شخصين اتهمتهما ب"الانتماء للاستخبارات الفرنسية"    الإليزيه يعلق على مقطع فيديو "منديل ماكرون" في كييف الذي أثار جدلا واسعا    بعد كورونا...ارتفاع إصابات التعب المزمن    تغيير بسيط في طعامك يطيل العمر ويحميك من الأمراض..وهذه التفاصيل..    16 سنة سجنا في حق بلحسن الطرابلسي    عثمان ديمبلي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي    عمادة المحامين ترفض مشروع الطلاق أمام عدل الإشهاد    براكة الساحل: وفاة فتاة تحت عجلات قطار    يهم الأولياء: بداية من منتصف نهار اليوم: إعادة فتح باب التسجيل عن بعد لتلاميذ السنة أولى أساسي..    عاجل/ هيئة ادارية غدا لجامعة التعليم الثانوي وكل التحركات والاحتمالات واردة..    رئيس الجمهورية يُعفي والي بن عروس ويعيّن عبد الحميد بوقديدة خلفًا له    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    مدينة العلوم بتونس تنظّم يوم الاثنين 26 ماي سهرة فلكية بعنوان السماء الرقمية : علوم البيانات والذكاء الاصطناعي""    معهد البحوث الفلكية في مصر.. لا نتدخل في تحديد توقيت عيد الأضحى والأمر متروك للسعودية    مجلس نواب الشعب ينعى الفقيد النائب نبيه ثابت    منبر الجمعة: واعرباه. وا إسلاماه. هل من مجيب؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبقاء على الحبيب الصيد بين العقل الثوري و العقل السياسي
نشر في الحوار نت يوم 20 - 12 - 2011


كمال عزيزة
من ناحية المبدأ، لا يمكن قبول تعيين الجلاد الحبيب الصيد في أي منصب رسمي في أي حكومة مستقبلية. و لا أستساغ رؤية أمثال هذا المجرم في أي موقع في أجهزة الدولة. لكن من ناحية النظرة الواقعية، ينسى الكثير من أبناء و بنات وطننا بعض الحقائق. أولاً، يخطئ حسب رأيي من يقيم ما جرى عشية 14 جانفي ب"الثورة". يعني الثورة بمفهومها الكلاسيكي الذي يعني راديكالية في الفعل و الإرادة نحو التغيير. هي نصف إنتفاضة و نصف إنقلاب. و نحن عشنا منذ ذلك الوقت صراع بين الفعل "الإنتفاضي" (الإعتصامات، "الديڨاجيزم"، المظاهرات... ) و بين الفعل الإنقلابي (الانفلاتات الأمنية، الثورة المضادة، قمع المظاهرات، الإختراقات للهيئات و أجهزة الدولة و توظيف الإعلام كغطاء لكل ذلك...). وجدت القوى السياسية الثورية نفسها بين مطرقة الأول و سندان الثاني. فلا هي تماهت مع الأول لاعتبارات المجتمع التونسي الغير مسيس و الغير منتظم و الذي لا نستطيع تعبئته كل مرة و لطبيعة "الثورة" التي كانت أشبه لهبة شعبية منها لفعل ثوري بطليعة سياسية. ثانياً، يجب التسليم أن القوى الثورية لم تتمكن إلى حد لحظة كتابة هذه السطور من وضع يديها على "العلبة السوداء" لماكينة النظام السابق (الداخلية). ثالثاً، الدول في الديمقراطيات الناشئة لا تحكم بشرعية شعبية مهما علا سقفها مادمت المؤسسات مختطفة من قبل مراكز قوى مستعدة للإرتداد في أي لحظة. و أمام هذه الحقائق لا مفر أمام أي سياسي مناضل واقعي من التعامل مع هذا الواقع بأسلوب إفتكاك المواقع المتقدمة في مراكز القرار البروقراطية و السياسية و الأمنية لصالح الإنتقال الديمقراطي و الثورة. حصيلة ما حدث في تونس طيلة عام هو إقتلاع لرأس ماكينة النظام (بن علي)، إلتفاف شعبي حول الخط السياسي الثوري و المناضل في إنتخابات حرة و نزيهة. مهمة أي سياسي مناضل مسؤول في المستقبل أن يحافظ على هذه المكاسب و يحميها من أي إنتكاس. أخيراً و ليس آخراً على من يعارض تعيين الصيد مثلي أن يحاول الإجابة على سؤال، طرحته على نفسي لمحاولة فهم هذا الإختيار؛ هل الشعب قادر على حماية حكومة في حالة تصادم مع الماكينة الأمنية؟ هل صفحات الفيسبوك الثورة قادرة على ذلك؟ أم أن العكس هو الصحيح أي أن الحكومة الثورية هي من يحمي الشعب و القوى الثورية الفاعلة على الأرض و الفضاء الإفتراضي من قيض الآلة القمعية الأمنية؟

من له علم بطبيعة العمل التنظيمي و خاصة و إن كان له دور في الشأن العام يعرف أن الواقع أعقد مما نتصوره. ليس كل ما لا نستسيغه مضر بالعكس قد يكون في أحيان كثيرة. السياسة هي فن المناورة و افتكاك الممكن في إنتظار المؤجل. الحركات و الأحزاب السياسية لا تتعامل بمنطق فروسية عنترة و لا رومانسية الثائر شي غيفارا، هي تنظيمات مؤسساتية يغلب عليها منطق الربح و الخسارة. لكن هذه "المصلحية" لا يجب أن تنزلق إلى الإنتهازية السياسية و هذا هو المحك الحقيقي.المثل يقول: لا تكون ليناً حتى تعصر و لا تكن صلباً حتى تكسر. ليناً بمعنى أن يذهب طرف لحوار من موقع الضعيف و يمارس عليه سياسة "اعتصار البرتقالة" بحيث يأخذون منه كل شيء بدون مقابل. و لا يكون صلباً بمعنى ممارسة سياسة المغالبة السلبية و البقاء في مربع الرفض لكل شيء و المعارضة من أجل المعارضة.. الأيام ستثبت لنا إن شاء الله سلامة خياراتهم من عدمي

النهضة إختارت منذ البداية عدم التغريد خارج السرب حتى لا يستطيع خصومها السياسيين حشرها في الزاوية كبداية لعزلها سياسياً و هذا مفهوم لأنها اتعظت من أخطاء الماضي حين حاولت أن تكون كاسحة ألغام فما كان من المجتمع و النخبة إلا أن تركوها تضرب من قبل الآلة الأمنية القمعية انذاك. من رأيي أن لا تصعد الحركة من نبرة خطابها محلياً، فهنالك من يريد أن يعيد معادلات اسلاميين/سلطة و اسلاميين/أمن--جيش و مشروع مجتمعي إسلامي/مشروع مجتمعي "تونسي--محلي" إلى الوجود. يجب أن تستظل الحركة بمظلة مشروع وطني حتى لو كلفها ذلك الإبتعاد بعض الشيء عن خطابها الشعوبي المعبئ للشعب ضد قوى الردة. أما إعادة إنتاج تجربة التسعينات بأن تكون الحركة كاسحة ألغام غيرها فهذا عمل عبثي و باب من أبواب الغباء السياسي. إما أن يدفع الجميع و بدون إستثناء ثمن الإنعتاق من بقايا الإستبداد و إما فلنتحرك في مربعات الممكن في إنتظار المؤجل

حسب رأيي، مشكلة الجهاز الأمني ليست في التشخيص و انما العلاج. الأمر أعقد من تسمية هنا أو تعيين هناك. المعضلة شاملة. المنظومة الأمنية متشعبة جداً و تحكمها توازنات دقيقة تتجاوز أحياناً الإطار السياسي و الأمني و حتى الاديولوجي لتشمل أبعاداً أخرى مثل الجهوية و العروشية. المواقع التي تحرك الجهاز ليست عند الوزير ولا حتى أي وزير معتمد بل عند المديرين العامين الذين هم من يحرك هذه المنظومة بحكم مسكهم بالميدان. هؤلاء هم "لاعبون" مخضرمين و تجولوا بين عدة وظائف صلب الادارة و يعرفون خباياها و لهم ازلام في مفاصل الإدارة الذين لهم بدورهم عناصر في الجهات يعني لو أحس احدهم بالخطر يتهدده سوف يحرك "فريقه" مما قد يؤدي إلى انفلاتات أمنية و أحداث عنف مثل التي مرت على البلاد في الأشهر الفارطة و ربما أكثر و يقوم ب"تدويل" الأمر إقليمياً (لك أن تولي رأسك جهة الغرب؛ الجار الجزائري) أو حتى دولياً.. كما أن الإطارات السامية إذا اقصيت دون يتم إيجاد صيغة مناسبة لهذا الإقصاء قد تشكل بؤر إجرامية أو غيره مثل ما صار في دول امركيا الجنوبية. أعود و أكرر الأمر لا يتعلق بتسمية هنا أو هناك فهذا الأمر لا يمثل إلا قمة جبل الثلج. الأمر أعمق من ذلك. حسب رأيي، على الحكومة أن لا تلتفت إلى الإصلاح الهيكلى أو الأسماء بقدر ما عليها أن تشتغل على ما يسمى بالعقيدة الأمنية لهذه المنظومة. فوراء هذه العقيدة تختفي كل مشاكل هذا القطاع. فهي تعرف الصديق من العدو (الخوانجي، المقوش، عدو الوطن، الخائن...) و هي التي تحدد وظيفة السلك (حماية المواطن و الوطن، أو حماية النظام و "التنظيم"..) و هي التي تحدد الطبيعة العلاقية بين رجل الأمن و المواطن... يعني لا يكفي الإجراءات الرعوانية التي يراد منها تضميد الجراح (تنحية فلان أو فلتان) بقدر ماهو مطلوب أخذ المشرط و القيام بعملية جراحية دقيقة تستأصل الورم من جذوره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.