تمخض الجبل فولد فأرا هذا اقل ما يمكن أن نقوله عن لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد التي لم تكشف في تقريرها الذي أصدرته عن أية حقائق تلفت انتباه الشعب رغم الكم الهائل من الصفحات التي جعلت الكتاب المتضمن للتقرير يتسم بثقل غير عادي على مستوى الوزن جعله يحضا بمكان في مجلة قينيس للأرقام القياسية رغم أن المحتوى كان أفقر من الفقر نفسه وافرغ من جراب أم موسى، وهذه حقيقة تأكدت بعد التجاهل الذي لقيه هذا التقرير من مختلف مكونات المجتمع التونسي الذي أدرك خصوصا بعد تلك الندوة الصحافية الفولكلورية التي قدّم خلالها ،عدم جدية هذا التقرير وهشاشته القانونية والادعائية وعدم إتيانه لا بالذكر ولا حتى بالإشارة الى أكثر رموز الفساد والإفساد في هذه البلاد والتي مازالت حتى اليوم تنعم بالحصانة وبالأمان ولا نستغرب أن تكون هي نفسها قد شاركت في صياغة هذا التقرير المهزلة الذي اعتمد منهجية تجريم الوطني وتبرئة المجرم. هذا التقرير الذي نسيناه مثلما نسي عبد الفتاح عمر ربما تضمينه اخطر واهم ملفات الإفساد في البلاد،لم نكن ننوي العودة إليه ولكننا اضطررنا لذلك مجددا وهذه المرة انطلاقا من الإصرار الواضح أكثر من ذي قبل من قبل عبد الفتاح عمر رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد على الإساءة للاتحاد العام التونسي للشغل وسعيه المحموم في محاولة بائسة ويائسة الى ارباكه وتشويه مناضلاته ومناضليه. لقد كانت آخر صيحة من صيحات السيد عبد الفتاح عمر في هذا المسعى العدائي لمنظمتنا الشغلية العتيدة في منتدى مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ، وهي شهادة دفعت مرة أخرى برئيس لجنة تقصي الحقائق الى السقوط في فخ شخصنة القضية ،فهو من ناحية مثلما جاء على لسانه في مؤسسة التميمي يجرّم الاتحاد العام التونسي للشغل في المطلق،ومن جهة ثانية يحصر التهم التي يدعيها بالأمين العام للمنظمة الأخ عبد السلام جراد. هذا الاهتزاز في موقف رئيس لجنة إخفاء الحقائق وحجب البرهان يؤكد بالدليل القاطع دخول عبد الفتاح عمر في لعبة لي ذراع وعداء شخصي مباشر منه لعبد السلام جراد أمين عام المنظمة الوحيدة التي طالبت بإضفاء الشرعية التوافقية على هذه اللجنة قبل تشكلها وشروعها في عملها ضمانا لأعلى درجات النزاهة والشفافية في فتح كل الملفات دون استثناء والتعاطي معها بروح القانون وليس بروح التشفي والانتقام. إن تطور هذا الاستهداف من قبل عبد الفتاح عمر الى حد التشكيك في مصداقية الاتحاد العام التونسي للشغل واتهامه في لقاء خاص تم على هامش استضافته من قبل مؤسسة التميمي بالتزوير وضغط المركزية النقابية في اتجاه التدخل في قرارات القضاء قد أشعل الضوء الأحمر أمام النقابيين الذين أصبحوا يطالبون عمليا بمقاضاة عبد الفتاح عمر ومطالبته بالكشف عن الأدلة التي يدعي أنها بحوزته ودفعته للتجني من جديد على الاتحاد من خلال تصريحه الذي جاء فيه تقريبيا ما يلي »في خصوص ملف نقض قرار منع السفر عن عبد السلام جراد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل أوضح أن لجنة تقصي الحقائق ألحقت وثائق أخرى بملف عبد السلام جراد يؤكد ما جاء في الوثائق الأولية التي قدمها ويكذب ما جاء في الوثائق التي عرضها الاتحاد العام التونسي للشغل في ندوة صحفية وهي وثائق لا تمت للحقيقة بشيء بل إن جانبا منها قد يكون مزورا وهدفه الضغط في اتجاه التدخل في قرارات القضاء«. هذا التصريح لعبد الفتاح عمر تضمن من جملة ما تضمنه اتهاما خطيرا للاتحاد بالتزوير علما أن معظم الوثائق التي قصدها عبد الفتاح عمر وقدمها الاتحاد للصحافة لم يكن مصدرها الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه وإنما الإدارة التونسية في عدد من الاختصاصات المالية والبنكية وغيرها وهذا ما يعني توسع تهمة التزوير لتشمل تلك الإدارات ومن بينها الإدارة العامة لبنك الإسكان التي منحت الأمين العام وثيقة رسمية تدحض هراء عبد الفتاح عمر وتؤكد عدم حصول عبد السلام جراد على قرض من البنك مثلما أكد ذلك رئيس لجنة إخفاء الحقائق في مؤتمره الصحافي الذي قدم خلاله التقرير النهائي لرئيس الدولة المؤقت. إن عملية القفز هذه على الحقيقة ومحاولة توريط الاتحاد بأي شكل من الأشكال يدفعنا للسؤال ماذا يريد عبد الفتاح عمر بهذا التصعيد ولماذا يوظف شهادته في مؤسسته التميمي للحديث عن تدخلات قام بها الاتحاد في إطار صلاحياته لمساعدة عدد من النقابيين في مسائل اجتماعية وتعليمية ولا يفتح فمه ببنت كلمة واحدة تعرج على حجم الفساد الذي يفوق في ثقله الجبال ولم يضمنه في تقريره، نعم لماذا لم يحدد عبد الفتاح عمر الوثائق التي زعم أن الاتحاد قام بتزويرها وأنها لا تمت للحقيقة بشيء؟ وهل كون عبد الفتاح عمر هذا رئيس للجنة مازلنا نعتبرها صورية وأعاقت كشف الفساد أكثر مما أبرزته يحق له تشويه مناضلات ومناضلي الاتحاد؟ ثم ما معنى أن يقدم عبد الفتاح عمر تقريره النهائي في ندوة صحافية ويستلمه الرئيس المؤقت ليطالعنا بعد ذلك بحصوله على وثائق جديدة يدعي أنها وصلته وسيرفقها بالتقرير؟ وعندها لماذا يبادر عبد الفتاح عمر بطبع تقريره الهزيل والفارغ من الأدلة والبراهين ولماذا يقوم بتجليده في كتاب إذا كانت التهم الموثقة في التقرير بلا أدلة كافية وإثباتات أصلا، وهذه اعترف أنها بدعة قانونية جديدة لا بد أن طلبة القانون سيستفيدون منها كثيرا وسيتندرون بها في كواليسهم طيلة سنوات دراستهم الجامعية ! إن السيد عبد الفتاح عمر الذي سمحت له جهات نافذة اليوم بشن حملته العدائية على الاتحاد العام التونسي للشغل هو أول من كان يفترض أن يحاكم على ما ناله من جوائز من لدن المخلوع الجنرال الفار . إذ ففي الوقت الذي منعنا فيه كل من ثبتت مناشدته للمخلوع من الترشح لانتخابات 23 أكتوبر فقد استغربنا جميعا كيف يتم تعيين من حضي بنيل كل جوائز المخلوع التشريفية والتقديرية والمهنية والتجمعية رئيسا للجنة ندرك جميعا خفايا تشكيلها ولماذا أوجدت وهذا ما سنعمل على نفض الغبار عنه في الأيام القادمة وكشف تفاصيله بأكثر أدلة وتفاصيل وليس بالادعاء المغلوط وحملات التأليب التي أرادت من خلالها جهات عديدة كسر الاتحاد واختراقه من الداخل فإذا به أكثر صلابة لا ينكسر ولا يصلب ولا يقهر.. ماكينة الاتحاد لماذا تخافها الأحزاب؟ وصفه عبيد البريكي عضو المركزية النقابية بالماكينة، فقامت الدنيا ولم تقعد،فإذا بهذه الماكينة تحمّل إعلاميا أكثر من طاقتها،وإذا بالوصف يخرج من سياقه اللغوي والدلالي الى سياق مغاير فيه تحذير من هذه الماكينة واستعدادها لرحي كل من يعترض طريقها أو يحاول الحد من سرعتها، أكيد عرفتم جميعا ماذا قصد عبيد البريكي بهذه الماكينة،إنها الاتحاد العام التونسي للشغل أو الخيمة التي منحت مختلف مكونات المجتمع المدني والحقوقي والسياسي والإنسان المقهور بصفة عامة في تونس جناحا ليطير متعاليا على جبروت جلاد الشعب وقساوة نظامه. اليوم وبعد الانجاز التاريخي لشعبنا العظيم وإسقاطنا للدكتاتورية وكنسها الى مزابل الخارج،لم يستطع احد بالفعل أن يكبح جماح هذه الماكينة ويحد من قدرتها على الدوران وانتزاع المكاسب للعمال،فإذا بها سريعة أكثر من السابق،وإذا بدورانها معدلا على إيقاع مطالب الجماهير العمالية والفئات الشعبية المسحوقة وأهمها الكرامة والتشغيل والحريات،فكانت بذلك هذه الماكينة ماكينة خير وبناء وتشييد ودفع في اتجاه استقرار البلاد وإنعاش الاقتصاد وتوفير الأمن والأمان لكافة التونسيين في مختلف الجهات. ورغم من أن العبء الأكبر من ثورتنا الشعبية المجيدة قد ألقيت على عاتق هذه الماكينة التي انحازت صراحة وعلنا ووضوحا للشعب ودار رحاها ضد النظام ومنظومة الفساد والإفساد التي كانت قائمة،فان المناضلين الأشاوس في هذه الماكينة لم يتسابقوا أسوة بغيرهم في أحزاب ومنظمات صامت عن النضال وظهرت بعد 14 جانفي وهي ترتدي جبة النضال وأصبحت مثل الملح الذي لا يغيب عن طعام تستضاف في مختلف البرامج التلفزية بما فيها برنامج النشرة الجوية لتدعي في كنس المخلوع فلسفة وتركب علنا على الثورة وكأننا شعب بلا ذاكرة،وكأننا شعب لا يعرف من أجج هذه الثورة ومن ضيق الخناق على المخلوع بالإضراب العام ومن قاد المسيرات في كامل التراب التونسي ووفر الحماية اللازمة لشباب الثورة ضد فاشية النظام. نعم هذه الماكينة النقابية التي عملت بصدق أثناء الثورة وكانت صوت العامل والفلاح والمعلم والأستاذ وصوت كل سواعدنا بالفكر والساعد في هذا الوطن العزيز هناك من أصبح يتعمد اليوم استهدافها ووصفها بالماكينة المعرقلة والمهدمة التي شعارها أنا أو الطوفان،شعار استدعى تدخل الأخ عبيد البريكي الناطق الرسمي باسم الاتحاد في أكثر من منبر تلفزي على المباشر لدحضه وكشف زيفه وبهتانه والتأكيد على أن الدور الذي يلعبه الاتحاد اليوم لا يقل أهمية وثراء عن دوره الوطني قبل الثورة وبعدها نازعه في ذلك تجذره الأصيل في صون تونس والمساهمة الفعالة في نحت مستقبلها السياسي والاجتماعي والاقتصادي. هذا التجذر كانت آخر تمظهراته الدعوة التي أطلقها الأمين العام للاتحاد الأخ عبد السلام جراد من على منبر اعتى الهياكل النقابية الدولية من بروكسال وذلك حين طالب بضرورة تفعيل الحركة السياحية العالمية وتوجيهها نحو بلادنا في مسعى نقابي تونسي لإنعاش الاقتصاد وتمكين اليد العاملة في هذا القطاع من فرص عمل اكبر وكذلك وهذا الأهم من اجل التقليص من التوتر الاجتماعي وتحسين الأجواء. تجذر برز أيضا على المستوى الوطني من خلال تحمل الاتحاد لدوره كاملا في إصلاح ما أفسده أهل السياسة خصوصا في الجنوب التونسي ،ففي الوقت الذي سارع فيه الاتحاد الى رصد حقيقة ما جرى وأدى الى ردود فعل عنيفة من قبل شباب تونس المحتج على نتائج عدد من المناظرات مقدما اقتراحاته العملية الوجيهة والكفيلة بامتصاص غضب شبابنا في الجنوب بالخصوص، كانت الأحزاب ترابط تحت قبة التأسيسي وتتابع آخر تطورات الاحتقان الاجتماعي في قفصة وام العرايس وغيرها من المدن على شاشة التلفزيون،ومازالت الى اليوم عاجزة عن تقديم تصور واضح على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل من شانه أن يساعد على إعادة الدفء لشريحة تعد بالآلاف ملت سياسة التهميش الحكومية واللامبالاة. تماما مثل سعي الاتحاد الأخير الى احتواء ما شهدته اعرق كلياتنا التي غرقت فجأة في وحل اللباس الطائفي وأضحت تهدد مستقبل العملية التعليمية في تونس برمتها، هنا أيضا ما يحسب لماكينة الاتحاد أنها كانت الأولى التي أبدت موقفا واضحا ورافضا بشدة لكل عمليات تسييس العملية التربوية في بلادنا أو استهداف الأساتذة الجامعيين والعمداء كان ذلك من خلال بيان للمكتب التنفيذي الوطني ادخل الطمأنينة على الشريحة العظمى من الطلاب في الوقت الذي لم تتحرك فيه الترويكا السياسية الحاكمة اليوم حتى هذه اللحظة وكان الذي حدث هو في بلاد الواقواق وليس في منوبةالتونسية. تلك هي إذن ماكينة الاتحاد،ماكينة تعودت أن لا تنتظر كثيرا وان تحسم أمر عديد المستجدات الطارئة مهما كانت درجة تعقيدها بالانحياز للشعب الكادح والفئات الاجتماعية المقهورة والمسحوقة ومساندتها والوقوف الى جانبها وتبني مطالبها والتشدد في تحقيقها وهذه كلها في علم السياسة تترجم توغل الاتحاد في أفئدة سواعده بالفكر والساعد وتعلق مختلف شرائح الشعب وثقتهم في خياراته وسويته النضالية ولهذا يخشاه الجميع وفي مقدمتهم الأحزاب...