فلا عاش في تونس من خانها * ولا عاش من ليس من جندها نموت ونحيى على عهدها * حياة الكرام وموت العظام هذه الأبيات كتبها شاعر الخضراء أبو القاسم الشابي وهي مربط الفرس حتى يتسنّى لبلادنا المضي قدما نحو برّ الأمان وعودة حياة التونسيين إلى طبيعتها. فبالأمن والاستقرار يأتي النمو إذ لا فرق بين تونسي وآخر إلا بما يبذله من طاقة وبذل جهد للمجموعة الوطنية. ثورتنا قامت على استئصال جذور الفساد الذي دام عدّة عقود عرفت بالجور والظلم والطغيان. قوانين غربية الهوية ليس لها أصل في ديننا الاسلامي الحنيف سنّت قصد النيل من كرامة التونسيين سواء كانوا ذكرانا أم إناثا وما على الشعب المسكين بدّ سوى الانقياد لها وهو يدرك جيدا فسادها وعدم جدواها. ما يقارب الستين سنة وأحكام الإسلام تذوب وتتلاشى في خضم استيلاء العلمانيين عن الحكم في تونس. فقد بسط هؤلاء العلمانيون نفوذهم في جميع مؤسسات الدولة ومفاصلها ليكرّسوا أفكارهم المستمدّة من الأفكار الغربية والتي تختلف أساسا مع مبادئ وتعاليم ديننا الحنيف. فكانت القوانين تسنّ وتمرّر دون رقابة من هيئات وجمعيات وأحزاب إسلا مية. فأول ما قام به الرئيس السابق الحبيب بورقيبة حين اختارته فرنسا لقيادة البلاد التونسية هو فصل الدين عن الدولة وباسم الحداثة والتمدّن يقوم بعملية استئصال تعاليم ومبادئ وقيم ديننا الاسلامي الحنيف الذي ظل شامخا في تونس عدّة قرون لم يستطع حتى المستعمر الفرنسي أن ينسي التونسيون فيما تعلموه عن أسلافهم. ولم يتصوّر هؤلاء الساسة أن عملية تجفيف منابع الاسلام التي مورست على الشعب التونسي سوف تنجرّ سلبا على مستقبل أبنائه. إذ أنّ تونسيو اليوم وهم كثر تفطّنوا الى أن الواقع المعيش يختلف تماما عن تعاليم ربهم من خلال دراستهم للكتاب والسنّة. فالعلمانيون الذين درسوا بالمعاهد والجامعات الفرنسية يرون أن أحكام الشريعة لم تعد صالحة في زمن التكنولوجيا والأنترنت. فعمدوا إلى سنّ قوانين تمنع تعدد الزوجات وغايتهم في ذلك أن تشيع الفاحشة في المسلمين. فهم أصلا لا يؤمنون بالزواج ولا يحترمون ميثاقه ويسعون في الأرض فسادا. ويلجؤون إلى أبعد من ذلك وهو الزواج المثلي. (الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى) فلم يسعون إذن الى عرقلة كل من يريد التعفف بالحلال؟ كما أنّ القرآن دلّ على أنّ الربى هو من أكبر الكبائر وأشنع ها ووصف المرابي كمن يحارب الله عز وجلّ. أما فقه الواقع الذي نعيشه يقول لا حياة دون ربى فبعض البنوك إن لم نقل جلها تتعامل بالربى. فضلا على أن السياحة في تونس ارتكزت على شرب الخمور والزنى والرقص والمجون. والجميع يعلم أنّ الإسلام جرّم مثل هذه الأفعال. لذلك انقسمت تونس إلى قسمين. قسم علماني يريد أن يحافظ على واقعهم الجديد من غير تنقيح في القوانين التي سنّها لهم سلفهم وزعيمهم الحبيب بورقيبة وأكمل تشييده الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وقسم إسلامي عانى كثير من ظلم وطغيان هذين القائدين ويريد التمرّد على مثل هذه القوانين التي ما أنزل الله بها من سلطان فهي منافية تماما لما جاءت به الشريعة. ومن بين التيارات الاسلامية وجد تيّار إسلامي يقال عنه أنه معتدل فهو يرى أنه لا بد من المحافظة على مكاسب الدولة ومؤسساتها وكل ما هو إيجابي يعمل به وكل ما هو سلبي يقوم بتغييره. هذا النوع من الاختلاف الفكري والعقائدي داخل الساحة السياسية. الاسلامية منها والعلمانية ولّد احتقانا بين التونسيين. فعلى من تقلّد الحكم أن يسعى الى بسط الأمن داخل البلاد لأنه لا حياة للمجتمعات دون أمن واستقرار. ثم احتواء هذه الأزمة بحكمة وتبصّر مع إعطاء كل ذي حق حقه إذا اعتبرنا أنّ دين البلاد الرسمي هو الإسلام من غير المعقول أن تسنّ قوانين مخالفة لما جاء به هذا الدين هذا من ناحية أما من ناحية أخرى ألاّ يستعمل الحكام سياسة الكيل بمكيالين أي هذا فرض وهذا سنّة. العلمانيون يعاملون في تونس معاملة مرنة وجيدة رغم شيطنتهم وخروجهم عن الجادة في أغلب الأحيان غير أن أنصار الشريعة وغيرهم من التيارات الإسلامية تعامل معاملة دونية فهل هناك أيها السادة والسيدات تونسي من نوع رفيع وآخر درجة ثانية. بالله عليكم من منا لا يعرف أن العلمانيون لا يريدون التفريط في مكسب واحد من مكاسبهم ولو كان ذلك المكسب يمثل ضررا لآخرين. فتراهم يدافعون عنه بشراسة ورباطة جأش حتى داخل المجلس الوطني التأسيسي. أما الذين ينتمون إلى التيارات الإسلامية يستحيون من ذكر مكاسبهم وأحكامهم الشرعية التي كانت أثرا بعد عين ولم يعد بإمكانهم العمل بها في هذا الواقع الذي فرضه العلمانيون على الرغم من أن هذه الأحكام أثبتت جدواها في ما مضى داخل المجتمع التونسي. حزب الأغلبية في تونس يتكون من شقين حمائم وصقور. قادة حركة النهضة في هذا الوقت الراهن أغل بهم من الحمائم لذا تراهم في معظم الأحيان يتنازلون في أمور كثيرة أزعجت حتى الصقور. الصقور عندما يلمسون من قادتهم عدم المضي قدما في بسط تعاليم الإسلام وأحكامه شيئا فشيئا على أرض الواقع سينزعجون أيضا مثلهم مثل بقية التيارات الإسلامية وبعد ذلك سوف لن يكون هناك توافق بينها وبين الأحزاب العلمانية. وبالتالي ستكون تونس على أهبة من حرب أهلية مرتقبة نتمنى ألا تكون ويكون الحوار ا ... المضي قدما في بسط تعاليم الإسلام وأحكامه شيئا فشيئا على أرض الواقع سينزعجون أيضا مثلهم مثل بقية التيارات الإسلامية وبعد ذلك سوف لن يكون هناك توافق بينها وبين الأحزاب العلمانية. وبالتالي ستكون تونس على أهبة من حرب أهلية مرتقبة نتمنى ألا تكون ويكون الحوار المبني عن العقل والرأي هو الفيصل بين جميع أطياف المجتمع ومكوناته دون إقصاء أو تهميش. فأشرس الحروب في العالم يا سادتي الكرام هي الحرب المبنية عن عقيدة. فيصل بوكاري - تونس .