ليس من الغريب ان نجد أكثر المتمسكين في تونس باسقاط الشرعية هما نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي ثم بعض وليس كل أطراف الجبهة الشعبية بعد انسحاب التيار القومي ، ولا شك ان الكثير من الجهات الإعلامية وبعض النخب المتأرجحة وضمن المناخ الذي ساد عقب اغتيال بلعيد ساهمت في بعثرت الأولويات لدى المنسق العام للجبهة الشعبية حمة الهمامي حين أقنعوه بإمكانية اعتلائه سدة الحكم ووصوله بسهولة الى قرطاج كما أقنعوه ان الجبهة أصبحت جاهزة لأخذ مكان الترويكا في إدارة البلاد ، الهمامي ورغم تجربته السياسية الثرية الا انه ابتلع الطعم وانطلى عليه هذا الغزل الثقيل واقنع نفسه انه ورغم العوائق الأيديولوجية والفكرية يمكنه ان يكون الرقم واحد في المشهد السياسي التونسي، وبعد ذهاب سكرة الاغتيال ومناخه وبقاء فكرة موازين القوى الفعلية على الأرض يبدو ان الهمامي اقتنع ان عسكرة الحياة السيسية ليست بتلك البشاعة وان العسكر فيهم من الوطنيين الكثير وفي آخر المطاف هم ابناء وطننا ومن جلدتنا وعليه فالامر سيان ان يصل الى قرطاج بارداة شعبية او بإرادة عسكرية وبما ان اقناع الجماهير طريقه اطول من اللازم فالحل السحري يكن في طريق عدلي منصور. بالنسبة الى الباجي قائد السبسي فان حرصه الشديد على الدفع باتجاه إسقاط الإرادة الشعبية يكمن في سببين ، الأول خوفه من قانون تحصين الثورة الذي يتهدد "مستقبله السياسي" الى جانب مسالة تحديد سن المترشحين التي قد يتضمنها الدستور ، اما الأمر الثاني فاقتناع الرجل انه وبالنظر الى عامل السن فان العهدة الرئاسية القادمة تعتبر فرصته الأخيرة لدخول البناية الفارهة في الضاحية الجنوبية وبما ان طريق الانتخابات غير مضمون وقد يفوت على الباجي فرصته الأخيرة فلاباس من طريق عدلي منصور.