لم تغب مشاعر الحزن والألم عن زوار معرض "راجع يا دار" التراثي بمدينة غزّة ، خصوصا صور من عايشوا النكبة، وارتسمت على تجاعيد وجوههم ألوان العذاب والقهر وإلى جانبهم مجسمات قراهم المهجرة. ويحمل المعرض الذي تنظمه وزارة الثقافة في الحكومة الفلسطينية المقالة بمناسبة الذكرى ال66 للنكبة، الكثير من تفاصيلها والبؤس الذي رافق من عاصرها وعايش مشاهد اغتصاب فلسطين في عام 1948 على أيدي العصابات الصهيونية. ويبرز المعرض العديد من محطات معاناة الشعب الفلسطيني بدءا بمشاهد تهجيره من أرضه وانتهاء بتشتته في مخيمات اللجوء عبر عرض مشاهد حية وصور فوتوغرافية وخرائط جغرافية ومجسمات تشكيلية تظهر أماكن القرى المهجرة وعاداتها وملابس وأطعمة وأدوات أهلها التراثية. كما جسد المعرض جانبا من حياة البداوة والمدنية الفلسطينية قبل النكبة من خلال بيوت الشعر وملابس الحضر وعادات كل منهما، وذلك عبر المشاهد التمثيلية الواقعية التي ستقبل الزائرين قبل وولوجهم إلى قاعة المعرض. ترسيخ الهوية ويضم المعرض العديد من الزوايا الفنية والثقافية المعبرة عن الهوية الفلسطينية والداعية إلى ترسيخها، وحث الأجيال الفلسطينية على التفاعل مع تراثهم كي تبقى القضية الفلسطينية حاضرة في وجدانهم. ويؤكد محمد الشريف وهو أحد زوار المعرض، أن التجول في أركان وزوايا المعرض جعله يعيش حياة جيل النكبة ويشعر بمعانته وما كابده من ضنك وظلم. وأضاف أنه تأثر كثيرا عندما شاهد مجسما لقريته (بيت طيما) إلى جانب القرى الفلسطينية المهجرة مجسدة على الخريطة التاريخية لفلسطين، مشيرا إلى أن هذا المشهد عاد به إلى حكايات جده عن قريته وما تحتويه من معالم أثرية. وأوضح الشريف للجزيرة نت "رغم أني ولدت في مخيم للاجئين فإنّي شعرت لحظة مشاهدتي قريتي على خريطة فلسطين بشوق وحنين كبيرين"، معربا عن ثقته في العودة إلى القرية التي حرم الاحتلال الإسرائيلي جده من النظر إليها أو الموت فيها. وتابع قائلا "مهما طال بنا الزمن سنبقى ذاكرين وطننا، ولا يمكن أن ننساه أو نساوم عليه، لأنه جزء من عقيدتنا وديننا". تذكير من جانبه قال منسق فعاليات ذكرى النكبة في وزارة الثقافة بالحكومة المقالة عاطف عسقول إن المعرض -الذي سيستمر حتى انتهاء فعاليات إحياء ذكرى النكبة في غزة- بمثابة "تذكير لأبناء الشعب الفلسطيني بأنه رغم ألم النكبة وفجاعتها فإننا للعودة أقرب". وأضاف عسقول أن زوايا المعرض المتنوعة بالكثير من المشغولات والمجسمات التراثية، وصور من عايشوا النكبة وقضوا في مخيمات اللجوء وهم يتطلعون للعودة إلى ديارهم وقراهم ليدفنوا فيها، هي رسالة لتذكير الأجيال المتعاقبة كي لا تنسى حلم آبائها وأجدادها. وأكد أن المعرض يحاول، بمشاركة المؤسسات الشعبية والفنية المعنية، إحياء الذاكرة الفلسطينية، وحث الأجيال المتعاقبة وتذكيرها بأن لها وطنا وقضية وحقوقا ودارا يجب أن تعمل للرجوع إليها.