رفض الإفراج عن وليد جلاد    تدعيم التعاون، أبرز محاور زيارة نائب وزير الخارجية الياباني الى تونس يومي 4 و5 ماي الحالي    الغاء اضراب أعوان الشركة الجهوية لنقل المسافرين ببنزرت    الرّابطة الثانية: الدُفعa الثانية من الجّولة العاشرة اياب: جندوبة والشبيبة يحافظان على الصدارة باقتدار    المندوبة الجهوية للتربية ببنزرت.. هدى الشقير في حوار حصري ل«الشروق».. وفرنا كل الظروف لإنجاح اختبارات البكالوريا التجريبية    قرمبالية .. «تراثنا النير مستقبلنا» تظاهرة لتثمين المنطقة الأثرية «عين طبرنق»    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    وفاة 57 طفلا والمأساة متواصلة ... غزّة تموت جوعا    اليوم البرلمان ينظر في اتفاقية قرض    وزارة الصحة: نحو نظام جديد لتحسين الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية    في دراسة لمجلس الصحافة: انخفاض معدل الثقة في وسائل الإعلام بسبب "الكرونيكورات".. و"فايسبوك" في صدارة الميديا الجديدة    أفريل 2025.. تراجع نسبة التضخم إلى مستوى 5،6 بالمائة    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    قابس: مستثمرون من عدّة دول عربية يشاركون من 07 الى 09 ماي الجاري في الملتقى العربي للاستثمار السياحي والاقتصادي بقابس    الهيئة المديرة لمهرجان سيكا جاز : تاكيد النجاح و مواصلة الدرب    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: ايقاف مباراة الملعب القابسي ومستقبل القصرين    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    الجمعية التونسية للزراعة المستدامة: عرض الفيلم الوثائقي "الفسقيات: قصة صمود" الإثنين    ثلاث جوائز لتونس في اختتام الدورة 15 لمهرجان مالمو للسينما العربية    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    عاجل/ بلاغ هام من الجامعة التونسية لكرة القدم    قضية قتل المحامية منجية المناعي وحرقها: إدراج ابنها بالتفتيش    أريانة: سرقة من داخل سيارة تنتهي بإيقاف المتهم واسترجاع المسروق    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    عاجل - سيدي حسين: الإطاحة بمطلوبين خطيرين وحجز مخدرات    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    بوفيشة: احتراق شاحنة يخلف وفاة السائق واصابة مرافقه    الهند توقف تدفَق المياه على نهر تشيناب.. وباكستان تتوعد    تونس تحصد 30 ميدالية في بطولة إفريقيا للمصارعة بالدار البيضاء منها 6 ذهبيات    السجن لطفل شارك في جريمة قتل..وهذه التفاصيل..    تصنيف لاعبات التنس المحترفات: انس جابر تتراجع الى المرتبة 36    احتلال وتهجير.. خطة الاحتلال الجديدة لتوسيع حرب غزة    انطلاق امتحانات البكالوريا التجريبية..    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    عاجل/شبهات تعرّض سجين للتعذيب ببنزرت: هيئة المحامين تُعلّق على بلاغ وزارة العدل وتكشف..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    تقلبات جوية متواصلة على امتداد أسبوع...تفاصيل    بطولة مدريد المفتوحة للتنس للأساتذة: النرويجي كاسبر رود يتوج باللقب    البطولة الفرنسية : ليل يتعادل مع مرسيليا 1-1    العثور على جثث 13 موظفا من منجم للذهب في بيرو    سوريا.. انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف ب"الهاون"    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين:توافد عدد كبير من الزوار على معرض الكتاب...لكن    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    رفع اكثر من 36 الف مخالفة اقتصادية الى أواخر افريل 2025    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"مصر اليوم ومنذ عقود تعيش خارج حلقات التاريخ الإنساني، لماذا وكيف؟"
نشر في الحوار نت يوم 11 - 08 - 2014

منذ عقود تمحورت السياسة الغربية الإستعمارية في المشرق العربي وفق تصورات وضعها خبراء في مختلف التخصصات المعرفية وشاركتهم مراكز أبحاث متخصصة بدراسة منطقة المشرق العربي، وتوصلت تلك المراكز والدراسات إلى نتيجة مفادها صعوبة السيطرة على المنطقة العربية بوسائل تقليدية معتادة، ويصعب على الغرب السيطرة الكاملة والانتفاع المجدي بمقدرات المشرق العربي بسهولة، ولكي تضمن إستمرار مشروعها الإستعماري المتمثل بدولة الكيان الصهيوني خرجت هذه المراكز بتوصيات قدمتها لصانع القرار الأمريكي تحديداً، ومجمل هذه الدراسات توصي بإعادة هيكلة مؤسسات الأمن العربية وخصوصاً مؤسسة الجيش وفق معطيات غربية، تأخذ بنصائح وإنجازات بريطانيا السابقة في إدارة أقاليم شاسعة في المشرق العربي، فمؤسسة الجيش هي القوة الأولى والرئيسية في أي مجتمع تقليدي والضامن الوحيد لبسط السيطرة الدولة على أقاليمها الداخلية وفرض الأمن العام في حال تجاهل تلك الحكومات مسارات التنمية المستدامة، لذلك استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية إحكام زمام السيطرة على المشرق العربي قبيل تراجع دور السياسي والعسكري البريطاني، ومنذ منتصف الحرب العالمية الثانية كانت قد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية سيطرتها على مجمل الأقطار العربية بأشكال وصيغ متعددة طورتها وفق معطيات الحرب الباردة، ومعظمها كانت أنظمة ملكية تُدين بالولاء لبريطانيا.
ومنذ تولي الولايات المتحدة السيطرة التدريجية على زمام الأمور في مصر والمنطقة بدأت تؤسس لنفسها نقاط ارتكز معتمدا على خطط مُنظمة ومؤسسات داعمة ومموِلة، لذلك فإن عدداً لا بأس به من الأنظمة الملكية العربية التابعة لبريطانيا في حينه اجتاحتها موجة من الانقلابات العسكرية، وحيث لم تسلم من تلك الانقلابات إلا أقطار قليلة استطاعت أن تبادر وتؤسس لنفسها ارتباطات مسبقة مع الاستخبارات الأمريكية، وفي مصر تغلغلت الاستخبارات الأمريكية داخل الجيش الملكي في عهد الملك فاروق متغلبة على استخبارات حليفتها بريطانيا ومكملة لدورها الاستعماري في مصر والمشرق العربي، وأُجزم بأن انقلاب 23 تموز/يوليو 1952م في مصر لم يكون ليحدث إلا وفق لعبة نسجت خيوطها في واشنطن ودوائر أمنية متعددة وفق سياسة تبادل المصالح.
ومجمل ما تناولته وسائل الإعلام القومية والمؤسسات الثقافية المصرية من روايات متعددة طوال العقود الماضية مدعية بأنها انجازات تحسب لثورة 23 تموز/يوليو 1952م لا تعدوا إلا لعبة دأبت عليها مؤسسات التوجيه السياسي وجهاز المخابرات المصري تم إعدادها مسبقاً لتضليل عامة الشعب وحرف الحراك الثوري الشعبي المطالب بدولة مدنية حديثة، ولذلك تدخل الجيش عندما أيقن بحتمية زوال النظام الملكي، ولا يَلزم التنويه بأن المجلس العسكري المصري تحرك ضد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لنفس الأسباب والدوافع، وعند تحليل فكرة جلاء الجيش البريطاني عن مصر نجد أن إتفاقية إقرار تواجد الجيش البريطاني في مصر أوشكت على الإنتهاء، وكان من الأفضل الانتظار لحين إنتهاء موعد الاتفاقية المرتقب والوشيك، وهذا ما حدث في الصين حيث تم تنفيذ بنود إتفاق الجلاء البريطاني بعد إنتهاء السنوات التي أقرتها الاتفاقية، في حين مضى على الإنقلاب عامين ويزيد، وحدث هذا الإنقلاب أثناء وجود الجيش البريطاني على أرض مصر، وهنا يتوجب علينا أن نطرح تصورات مفادها، كيف نجح هذا الإنقلاب؟، وكيف ندعي بأنه ثورة في ظل إستمرار وجود الإحتلال البريطاني؟، يبدو أن في الأمر شيئا غامضا، وذلك لأن القيادة المصرية في حينه ليست بذكاء القيادة الصينية ولا بعظمة وجلال الثورة الصين والجيش الصيني، ولكن رغبة الولايات المتحدة في سرعة الهيمنة على قناة السويس وهي الدافع وراء مثل هذه الخطوة، ومنذ ذلك التاريخ تمتعت الولايات المتحدة الأمريكية بامتيازات مرورية وتسهيلات في قناة السويس، ويمنع على الحكومات المصرية المتعاقبة إجراء أي إصلاح وتوسعة في محور قناة السويس وشبه جزيرة سيناء وذلك لنفس الأسباب.
واستغل الإنقلاب العسكري عام 1952م التنوع الثقافي والسياسي الذي سمح به النظام الملكي داخل الجيش في حينه مثلما إستغل الحراك الشعبي والحياة المدنية في مصر، حيث شارك إلى جانب جمال عبد الناصر ضباط منتمون للإخوان المسلمين أو للتيار الشيوعي وقوى ليبرالية، لكن تَخلص منهم نظام الإنقلاب بالإغتيال أو السجن والتهميش وذلك بعد نجاح الانقلاب وإستقراره، ومنذ ذلك التاريخ (1952م) تم إبتعاث الضباط المصريين للدراسة في الولايات المتحدة وتم إستحداث فرق عسكرية جديدة وحدثت عملية هيكلة للمؤسسة العسكرية المصرية وفق النَسق الأمريكي بتوليفة سوفيتية.1 "راجع شهادة سعد الدين الشاذلي في لقاء مع أحمد منصور".
لم يمتلك الرئيس المصري الراحل وقائد إنقلاب الضباط الأحرار جمال عبد الناصر ايدولوجيا فكرية وسياسية واضحة رغم خطاباته الرنانة ولم يحدد توجهاتها العالمية بالضبط، حيث ترك الأمور تراوح مكانها وأحياناً تبدو بأنها ممانعة، ولم يمتلك بالمطلق قدراً مميزاً من الثقافة السياسية والاجتماعية، وهذا يندرج على مجمل القيادات العسكرية العربية والمصرية، ومن ضِمنها الرئيس الراحل محمد أنور السادات والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والمشير طنطاوي والمشير السيسي ومجمل القيادات العسكرية في المشرق العربي، وذلك لأن طبيعة المؤسسة العسكرية تدار وتعتمد على أبجدية ولوائح ومفاهيم تختلف تماماً عن طبيعة تكوين ثقافة الحكم وإدارة أحوال مؤسسات السياسة والاقتصاد، فمن المؤكد إن المؤسسة العسكرية لا تؤمن بالحياة المدنية ونمط الإدارة الحديث وإن إعتمدت على طاقم من التكنوقراط والبيروقراط والمساعدين والمستشارين في تخصصات متنوعة، وما نشاهده من تضخيم لأهمية تولي إدارة الدولة رئيس يحمل خلفية عسكري ويدعمه المجلس العسكري ما هي إلا دعايات غير واقعية، وتم ترسيخها من خلال حجم الدعاية الإعلامية عبر مختلف سائل الإعلام القومية والخاصة الممولة من العسكر والمعونات الأمريكية ورجال أعمال لهم توجهات رأسمالية وهذه الماكنة الإعلامية هي من صَنعت تلك الهالة ورفَعَت من شأن الرئيس المتفرد.
ولم تستطع جمهورية الضباط النهوض بمصر وأوضاع شعبها التنموية، وفشلت على صعيد التحرر الذاتي ونصرة قضايا الأمة العربية، وعند إجراء مقارنة بسيطة نقول بان العهد الملكي رغم سلبياته المتماهية بوضوح مع الإستعمار البريطاني إلا أن خط سياستها التنموية والحضارية كان أفضل، فمن حيث الدَين العام والميزانية العامة كانت مصر تقرض فرنسا وغيرها، ومن حيث الإقتصاد كانت مصر تشهد نهضة زراعية وصناعية ومجمل الصناعات الثقيلة مصر اليوم تم تأسيسها أثناء حقبة الملك فاروق، وأيضاً المشروعات القومية الضخمة، وعلى صعيد التوزيع السكاني كان الشعب المصري ينتشر ويبني بيوته على مجمل القطر المصري ولم يَتَركَز ويتكدس كما هو اليوم في محور جغرافي واحد متمثل في القاهر وضواحيها ومدن الدلتا وحوض النيل، وعند مقارنة واقع مصر ببلدان مثل الهند والبرازيل والصين وتركيا نجد بأن هذه الأقطار إستطاعت ايوم أن تؤسس لنفسها بنيان حضاري مميز، وتفوقت على مصر في مختلف القطاعات رغم أن مصر كانت تفوقها تنموية وإدارياً وحضارياً وبمراحل فارقة أثناء العهد الملكي.
إن جُلَ ما كسبته مصر من حكم العسكر هي الهزائم والنكسات المتكررة، وإن حدث إنتصار وإنجاز عسكري أو اقتصادي فهو مؤقت وتم إما بمشاركة شعبية أو دعم الولايات المتحدة خوفاً من تغلغل نفوذ الروس والألمان والانجليز وضماناً لحفظ وإستمرارية النظام العسكري، وهذا ما حدث عام 1956م أثناء المشاركة الشعبية ضد العدوان الثلاثي بهدف استعادة بريطانيا بعضاً من نفوذها في مصر والمنطقة.

مصدر الخبر : بريد الحوار نت
a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=26375&t=" مصر اليوم ومنذ عقود تعيش خارج حلقات التاريخ الإنساني، لماذا وكيف؟"&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.