المشكلة عندنا لا تكمن في تخمة "التنظير" وإنما في غيابه إيران تمتلك مشروعا واعيا والعرب يسيرون دون أي خطة لمستقبلهم انتقد الدكتور سلمان العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، النظرة التقليدية لمفهوم التنظير ، واعتباره سياقا سلبيا لا حقيقة له، مؤكدا أهمية هذا المفهوم بمعناه الصحيح، لأن أي خطوة عملية لا تكون مبنية على "تنظير صحيح" فمآلها الفشل، وشدد على أن المشكلة عندنا لا تكمن في تخمة التنظير- كما يرى البعض وإنما في غيابه. وأكد ، خلال لقائه على قناة المجد في حلقة بعنوان "التنظير ومشاريع التغيير"، على ضرورة التفريق بين التنظير بمفهومه الشعبي عند كثير من الناس ووصفهم له بأنه كلام إنشائي ليس مبنياً على رؤية أو معرفة، وبين المعنى الحقيقي لهذا المفهوم". التنظير السليم. واعتبر العودة أن حالات الفشل، سواء في الميدان الجهادي أو السياسي، جاءت نتيجة ل "غياب التنظير السليم"، و"التخمة في الكلام المكرر والغير مبني على رؤية وفكر وتجربة"، موجها سؤاله للمتكلمين "هل عندك علم وبحث وقراءة واطلاع على تجارب الأمم وعلى سير الأشخاص وعلى حضارات الشرق والغرب وعلى حركات النهوض والهبوط أو حتى تجربة عملية؟". وأوضح العودة أن لفظ "الأيدي" في قول الله تعالى {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}، يشير حسب اجتهاده إلى القوة التنفيذية والعملية، و"الأبصار" تشير إلى البصائر والمعرفة والعلم والرؤية، بمعنى الجمع ما بين الأمرين، مؤكدا أن الإنسان بحاجة إلى علم صحيح، والعلم الصحيح يتمثل في "المعرفة أو التنظير"، وبالتالي فإن التنظير معناه إيجابي وضروري. داعش وحول تنظيم ما يسمى ب" داعش" اعتبر د. العودة أن التنظيم يكرر أخطاء "القاعدة" قبل عشر سنوات، على الرغم من أن القاعدة تلقَّنت بعض الدروس، متسائلا " هل معنى أن أي درس واجهه غيرك لا تقبله إلا إذا واجهته أنت؟". وأضاف أن التنظيم "أمامه تحديات صعبة؛ من داخله ومن خارجه، في العالم العربي والعالم الإسلامي وفي العالم الغربي"، مشيرا إلى أن غياب الرؤية السياسية كفيل بأن يُفجِّر أي مشروع. ووجه العودة سؤالا" السلاح الذي تقاتل به من أين لك؟ أليس سلاح عدوك؟، وهل يصنع لك عدوك سلاحا لتنتصر به عليه!؟". وقال "أحياناً الإنسان من شدة جهله لا يحيط بعمق المشكلة إلا إذا واجهها، وقد يعتقد إنسان أن القوة تحل كل المشكلات، وهو غير صحيح، بدليل ما يواجهه الاحتلال الإسرائيلي من مشكلات مع الفلسطينيين، على الرغم من أنهم لا يمتلكون من قوة سوى العزيمة وقوة الإرادة". وقال العودة "ما زلت أذكر شباباً كانوا يرسلون لي "فاكسات" من الشيشان ومن أماكن عديدة يريدون من الناس أن يلحقوا بهم ويتركوا المشاريع التعليم والدعوة بالعالم الإسلامي، والآن ها نحن نعيد الخطأ في كل مرة ونبدأ من الصفر ولا نستفيد من تجارب الآخرين". وحول أهمية التنظير ضرب العودة مثالاً بتنظيمات المقاومة في فلسطين، مشيرا إلى أن عندهم ما يسمى بالجناح العسكري إلا أن الجناح السياسي، هو الموصول بالعالم يفكر ويصنع رؤية حقيقية وسليمة، دون أن يكون هناك تناقض بين الجناحين. غياب الرؤية وشدد على أن غياب الرؤية لدى بعض الشباب الذي يحمل السلاح سواء في العراق أو سوريا كفيل بفشل التجربة، متسائلا "هل هؤلاء تمكنوا أولا من حل مشكلاتهم الشخصية أو الوظيفية أو العلمية وكلنا كذلك وهو الأمر ذاته، إذا كنا نتحدث عن حضارة وعن نهضة وعن ثقل للأمة أو للسنة على وجه الخصوص". وقال "أتألم حينما أجد لكل فئة من الناس شروع ناجح كالغرب مثلاً أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو الاتحاد الروسي الجديد، وإسرائيل التي تمتلك مشروعا إقليميا صهيونيا وواضحا"، مشيرا إلى أن إيران لديها أيضا مشروعا مذهبيا، ولكن لا يمكن إلا أن تؤمن أن هذا المشروع واعٍ ويعرف طريقه ويحقق نجاحات كبيرة، خاصة وإذا كانت نسبة (الشيعة) في العالم لا تتعدى 10% من المسلمين، إلا أن حضورهم وتأثيرهم السياسي والاقتصادي والثقافي يتعدى ال30% بدليل سطوتهم في إيرانوالعراقوسوريا ولبنان واليمن والخليج. وتابع العودة "كنت أسأل دائماً العرب الذي نزل فيهم القرآن وخاطبهم بقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ما هو العقل؟، مشيرا إلى أن العقل يعني هنا "التنظير".