نشطت آلة القتل العشوائي الهمجي في الكاف مرة أخرى ، فبعد الجنود الذين سقطوا في عين حمام دشرة نبر ، بدم بارد ثم تبخر القتلة في منطقة صغيرة جدا ومحاصرة ، يمتد الغدر لاحد الامنيين الآمن الاعزل في طريق بلدة الطويرف ، فيقتل وينكل بجثته بفصل راسه عن جسده ، ويتبخّر القتلة ايضا في لمح البصر ولا نعثر لهم على اثر ، في الحقيقة علينا اعادة التساؤلات الممنوعة في الاعلام الفاسد ، لماذا نجد صعوبة في التصدي للقتلة ؟ لماذا لا نلاحقهم بصفة فورية ولا نقبض عليهم ؟ والسؤوال الاهم والاكثر احراجا للكثير هو : من المستفيد من هذا القتل الوحشي ؟ الجواب عن هذا السؤال يحيلنا الى عالم السياسة والسياسيين ، فالاستفادة السياسية من الارهاب تدلنا على من انشأه ومن يحضنه و يقف وراءه ومن يريد استمراره واستثماره ، ويلاحظ في هذا الصدد انه بمجرد بداية تبلور مزاج عام انتخابي جديد يرجح كفة مرشح الثورة الرئيس المرزوقي لسباق الرئاسة ، في مقابل تراجع كبير وملحوظ في الشارع الانتخابي وحتى في بعض الاوساط السياسية والاعلامية والفنية التى كانت محسوبة على المنظومة القديمة في ولائها لمرشح المنظومة القديمة ، وبعد الانتشار السريع لروح الثورة التى احياها الدكتور المرزوقي واحيا الشعور العام بضرورة القطع مع رموزها والاحساس العام بالغبن الانتخابي وبضرورة استعادة الوعي واماطة اللثام عن المغالطات الاعلامية التى استمرت لسنوات ، وبعد الشعور بمدى التهديد الذي تتعرض له مكاسب الثورة واهدافها ، وانحصار المنافسة في الاستحقاق الرئاسي بين مرشح الثورة ومرشح منظومة الفساد والاستبداد ويجعل النقاش وموائد الاعلام تغوص في هذا الاستحقاق بما خلفة من استحضار للثورة ورموزها والاستبداد ومجرميه ،وسط كل هذا ، ،استفاق الارهاب فجاة ليفسد علينا هذا الجو التنافسي .. واستفقنا على عملية اجرامية شنيعة ومدوية ...وضرب الارهاب في الكاف وسرعان ما تحولت وجهة موائد قناة "نسمة" الى موضوع الارهاب وعاد سيناريو التوظيف مرة اخرى، والغاية هي تحويل وجهتنا وان ننسى بسرعة الاستحقاق الرئاسي والبحث عمن هو الاجدر من الرجلين المتبقيين في السباق لحكم تونس ... وليبقى الارهاب هو المتسابق الاوفر حظا لبلوغ منصب الرئيس، وكما في كل المحطات الارهابية السابقة ثمة مستفيدين سياسيين واضحين ازدادوا وضوحا بنتائج الانتخابات ، فبعض الاصفار الانتخابية بسبب الارهاب اصبحت ارقاما وبعض الارقام اصبحت اصفارا ، لا شك ان "الارهاب " بكلفته الباهضة التى تذهب بدم الابرياء ، سيظل بضاعة سياسية رائجة في الداخل والخارج ليس فقط حتى نهاية الانتخابات ولكن حتى تصفية الحياة السياسية الوليدة في تونس وذلك يمر حتما بتصفية الاحزاب الوطنية القادرة على المنافسة السياسية ، وقد بدات فعلا جوقة الاعلام المتواطىء تهىء الراي العام وتشن حملاتها التى تتزامن دوما مع اعداد الملفات المتعلقة بتلفيق تهم الارهاب ، وتهم اخرى ذات صبغة سياسية وننتظر حتى تلفيق قضايا حق عام في وقت لاحق والاعتماد على الذراع القضائي في جزئة المنحرف كعادة المنظومة القديمة في كل مرة لما تقرر الخلاص من المنافسين السياسيين .... علي القوى الثورية ان تبذل كل الجهد للمحافظة على حياد واستقلالية وسيادة منصب رئيس الجمهورية ، وان تستعد في نفس الوقت ومهما كانت نتيجة الانتخابات الى الدفاع عن مكاسب الحرية وكشف هوية الارهاب والارهابيين. علينا ان نشد على ايدي الجبهة الشعبية ونعيد الى الواجهة بقوة وبصدق سؤوالها التى اهملته فجاة بعد ما حققته من نتائج انتخابية معتبرة وبعدما اصبحت تصبو اليه من مغانم سياسية في السلطة. علينا ان نحيي سؤال : من قتل شكري بلعيد ؟ ونضيف له كل الاسئلة الاخرى : من قتل البراهمي ؟ ومن قتل جنودنا وضباطنا وامنيينا ؟ومن له الاستعداد لقتلنا جميعا لتستمر مصالحه في بلدنا ومصالحه الاستراتيجية في المنطقة والعالم كله ؟ من يخطط لقتل ربيعنا ؟ من يخطط لاغتيال الحرية في بلدنا ؟ من يدفع البلايين لنبقى عبيدا منزوعي السيادة ، اذلاء بلا شخصية ؟ من يستعد لبيعنا ليحكم ويجوّعنا لياكل وينهبنا ليغنم ؟ سنسأل ايضا من قتل وعذب التونسيين قبل الثورة واثناء الثورة وبعد الثورة .. سنطرح كل الاسئلة وسنظلّ نبحث عن الاجابات حتى تنكشف الحقيقة ...وحتى لا يفلت مجرم واحد من العقاب مهما كان حاضنه ..