عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب مدان حتى في حالة الصحيفة الفرنسية
نشر في الحوار نت يوم 07 - 01 - 2015


حيال هذا الكلام سينقسم الناس إلى فريقين :
فريق يظن أو ربما يعتقد أن صاحبه يزاول الإزدواجية أو " التكتيك " أو التقية بالتعبير الآخر ويدفعه إلى ذلك أنه يعيش هناك في أروبا حتى لو كنت الآن أعيش هنا في تونس .
وفريق يظن أو يعتقد أن صاحبه تأورب عقله أو ربما " تصلب " أصلا نسبة إلى الصليبية فارتد عن محكماته الأولى التي نشأ عليها وترعرع في أحضانها.
والله تعالى أشهد وكفى به سبحانه شهيدا أني لست ذاك ولا ذلك. وهذا برهاني أضعه فوق طاولة الحوار حتى لو كان في رأسي راسخا رسوخ الإسلام نفسه دفاعا عن إدانة الإرهاب الذي إستهدف المجلة الفرنسية ( شارلي هبدو ) في باريس بالأمس فأودى بحياة زهاء 12 من الموجودين وأظن أن منهم شرطيين بل أعلم علم اليقين أن المجلة إنما إستهدفت بسبب سبقها في السخرية من النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومن المقدسات الإسلامية الثابتة من مثل القرآن الكريم وغير ذلك.
البرهان الأول.
لن يلفى الباحث دليلا واحدا ولا حادثة واحدة توحي بأن الإسلام ممثلا في المصدرين الوحيدين الناطقين بإسمه ولا عبرة عندي بغيرهما كائنا من كان يأمر ولو إستحبابا بقتال المعتدي بغير السلاح الذي يستخدمه هو. الإسلام هنا صريح بما فيه الكفاية فهو ينهى عن العدوان. والعدوان المنهي عنه هو تجاوز الحد في رده ومن ذلك قوله :“ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ". كما قال في موضع آخر :“ وجزاء سيئة سيئة مثلها ". وأدلة جزئية أخرى كثيرة لا تكاد تحصى يستنبط منها الباحث أن الإنتصار من المظلوم فريضة وحق :“ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " و " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ". ولكن ذلك الإنتصار مشروط بأمور ثلاثة هي : أن يكون من أهله وفي محله وبقدره. أن يكون من أهله معناها قوله تعالى :“ فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " أي أنه ليس لولي المقتول ظلما أن يثأر من القاتل أي من أوليائه بنفسه حتى لو كان سيؤمن ثأرا لا عدوان فيه أي لا تجاوز فيه للحد. إنما أسند سبحانه ذلك إلى سلطان. السلطان هنا قد يكون إجتماعيا من مثل القبيلة وقد يكون سلطانا سياسيا من مثل الدولة المعاصرة أو أي سلطان آخر له من القوة والمنعة بحيث يؤمن لولي القتيل ظلما عدوانا بالمثل أي ثأرا عادلا أو قصاصا مقسطا. إلا إذا إنتفى ذلك السلطان الذي يرمز إلى القوة والمنعة بحيث يؤمن عملية الثأر وعندها يخشى أن " يسرف في القتل ". ومن ذا نتبين أن علة السلطان هي الحيلولة دون الإسراف في القتل أي الإسراف في الثأر. وأن يكون في محله معناها أن يستهدف الثأر المعتدي بنفسه دون العدوان على أي شيء من حوله من مثل أهله أو متاعه أو غير ذلك. إذ " لا تزر وازرة وزر أخرى ". وأن يكون بقدره معناها أن يكون الجزاء من جنس العمل قدر الإمكان أي من يسيئ إليك بالسيف فعامله بالمثل إذا نشدت العدل وليس الإحسان ومن يسيئ إليك باللسان فباللسان دونكه ومن أساء إليك بقلمه فبمثل ذلك كذلك. فإذا تعذر ذلك عليك فجهز نفسك لتكون في مثل تلك الحال من القوة والمنعة أو إلتزم الصبر حتى ترتقي إلى مثل ذلك. عندما لا يكون عدوانك الثأري بقدره فإنك تخشى أن تكون من المسرفين بل أنت منهم قطعا. النص واضح جلي :“ وجزاء سيئة سيئة مثلها ". و " فمن إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم ". إذا لم تكن مثل هذه النصوص مبينة فالذنب ذنب ألسنتنا وليس الذنب ذنب هذا الكتاب العربي المبين الميسر الذي لا يحتاج إلى تفسير في الأصل لأن الله تكفل بإبانته في قوله :“ ثم إن علينا بيانه ". فهل أخلف سبحانه وعده فلم يبينه؟
البرهان الثاني.
ما ورد في البرهان الأول يسمى إلتزاما بالكتاب ولكن الكتاب وحده لا يكفي وهذه وحدها كفيلة بردتي وإخراجي من الملة لمن لا يتبين أو لا يريد أن يتبين . ذلك أن الكتاب محال على " الميزان ". „ وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ". فمن يحكم بالكتاب وحده أي القرآن وحده دون تحكيم الميزان فهو واقع في الجور قطعا ومثله من يحكم بالميزان وحده أي دون الكتاب . الكتاب والميزان صنوان لا يفترقان. الميزان إن شئت على عجل هو إما السنة والسيرة اللذان تكفلا بقوله السابق :“ ثم إن علينا بيانه " أي تكفلا بالبيان العملي أو هو المنهاج التفكيري الوسطي الذي عالج به الصحابة وخاصة في الخلافة الراشدة المهدية الأولى مختلف القضايا الداخلية والخارجية وهو الذي عليه الأمة في الأعم الأغلب أو هو شورى الأمة وتراضيها وتوافقها على هذا الأمر أو ذاك. الميزان هو في الحقيقة كل ذلك : تجربة نبوية معصومة + تجربة راشدية مهدية معصومة في الجملة وليس في التفصيل وهي عصمة الأمة وليست عصمة الأفراد + مختلف الأفهام العقلية التي تنجزها الأمة في مجموعها العام بالإجماع والتوافق وتلك هي الوسطية المعتدلة بل تلك هي الميزان الذي يجعل تنزيل الكتاب تنزيلا صحيحا. إذا أردنا تنفيذ أمر ربنا هنا فلا مناص لنا من إلتزام الكتاب والميزان معا إذ هما معا ينفذان ذلك :“ ليقوم الناس بالقسط ". فمن حكم الكتاب وحده لم يقم بالقسط ووقع في الجور ومن حكم الميزان وحده مثله. الميزان وارد في " الشورى " ليدلنا أنه مطلوب بالتشاور والتراضي وليس بإستبداد فرد أو مجموعة بالرأي وهو وارد في " الرحمان " ليدلنا أنه مطلوب للعلم والمعرفة نفيا للجهل والخرص وهو وارد كذلك في " الحديد " ليدلنا أنه مطلوب لإقامة القسط والعدل بسلطان الحديد الذي يردع الظالمين وينصف المظلومين.
ما ورد في البرهان الأول يسمى إلتزاما بالكتاب وما سيرد هنا يسمى إعتصاما بالميزان وبهما معا أستوفي حديثي.
الميزان هنا يدلنا على ما يلي :
1 إذا كان لا بد أن نؤدب أهل هذه الصحيفة التي سخرت من مقدساتنا الإسلامية العليا فإن هذا الأمر هو أمر الأمة والأمة هنا ممثلة في الوجود الإسلامي الأوربي والفرنسي منه بصفة خاصة والوجود هناك ممثل في القيادات الإسلامية المنتخبة وهي التي لها وعليها كذلك دراسة مثل هذا الأمر على ضوء الميزان لإقامة القسط وليس إدارة لإنتقام أو ثأر. إذ لو ترك مثل ذلك لكل من هب ودب من الناس هناك فإن المآل سيكون حتما سيئا جدا حتى لو كان المنتقم الثائر نسبة إلى الثأر وليس إلى الثورة التي يسمى فاعلها ثايرا وليس ثائرا صاحب حق ولكنه صاحب حق فردي في قضية جماعية تخص ملايين مملينة ولو قام واحد منا بذلك الثأر فإن ذلك يسمى في الشريعة الإسلامية إفتئاتا أي إغتصابا لحق الوجود الإسلامي الأوربي هناك. مرجع ذلك أننا ملزمون بالشرعة وبالمنهاج معا وليس بالشرعة فحسب كما يفهم كثير من الناس اليوم.
2 إذا كان لا بد أن نؤدب أهل هذه الصحيفة التي سخرت من مقدساتنا الإسلامية العليا فإن ذلك التأديب الذي هو حق الوجود بأسره أي الوجود الإسلامي الأوربي هناك ممثلا في منتظمه الجمعياتي ورموزه الذين يلزمهم في مثل هذا التوافق مهما كانوا مختلفين في أمور أخرى وإلا خانوا الأمانة لا بد له أن يرعى الزمان والمكان والحال والعرف والقانون ومختلف الأشياء الأخرى التي قال فيها سبحانه :“ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ". حتى لو قرر أهل الرأي هناك من المسلمين المنتخبين عملا ما ضد تلك المجلة فإن ذلك لا يكون شرعيا مرضيا عنه حتى ينظر في المآل أي المآل المرقوب من المنتظم الدولي والمحلي لآثار ذلك العمل. إذ لا يكون العمل في الإسلام صحيحا ومقبولا حتى يستوفي أركانه الثلاثية المعروفة عند أهل العلم بإتفاق : النص هل هو صحيح أم لا وهل هو صريح أم لا ثم المقصد منه فإن كان منصوصا عليه أو يستنبط ثم المآل لتنفيذ ذلك النص المقصد المعلل فإن ظهر أن تلك العملية سليمة بحسب تشاور الناس هناك كان أداؤها واجبا وفريضة وإلا كان الإقدام عليها خطيئة وإثما. أعمال كثيرة كان ينوي ويريد القيام بها عليه الصلاة والسلام ولكن الزمان والمكان ومعطيات الشاهد الدولي بالتعبير المعاصر تتأبى كلها أو بعضها عن ذلك أي عن قبول ذلك والرضى به في مناخات سياسية وإجتماعية منخرمة فيحجم ومنها على سبيل الذكر لا الحصر : إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم والحال أن حجر إسماعيل الذي إقتضته السيول الجارفة مازال في مكانه يطوف حوله الحاج إلى يوم الناس هذا. هل يعد طوافنا اليوم منقوصا بسبب ذلك. الكعبة التي رفع قواعدها وإسماعيل ليست هي الكعبة اليوم في مساحتها إذ إنتقص منها حجر إسماعيل عليهما السلام الذي يمسح ثلثها على الأقل.

محاكمة هذا العمل بمعيار الكتاب والميزان معا.
1 هذا العمل مخالف تمام المخالفة للكتاب الكريم أي القرآن العظيم بسبب أنه يعتدي على معتدين بغير مثل الذي إعتدوا به علينا. أي مخالف لقوله :“ فمن إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم ". العدوان هنا للمشاكلة اللفظية. هذا العمل ليس له اليوم سلطان يحميه ويقوم عليه والآية صريحة في وجوب وجود السلطان. السلطان السياسي الذي يحمي هذا العمل ويؤمنه لا وجود له. نحن إذن مضطرون لتأجيل العمل كما فعل الفاروق عليه الرضوان حتى يوجد محله وعندها ينفذ. تنفيذ عمل لا محل له عمل باطل لا يأتيه العقلاء.
2 هذا العمل مخالف تمام المخالفة للميزان المنزل جنبا إلى جنب مع الكتاب في سورة الحديد. وذلك بسبب أن من مقتضيات تحكيم الميزان هنا هو أن يقوم برد العدوان ممثلو الأمة الإسلامية هناك وليس كل من هب ودب منها. هناك في أروبا وفرنسا بالتحديد أمة إسلامية تعد ملايين مملينة وهي منظمة في سقوف معروفة ومنتخبة وتضم إليها آلافا مؤلفة من الناس هناك فاولئك هم ولاة الأمر هناك وهم الذين يوكل إليهم مثل ذلك تنفيذا لآية الإستنباط آنفة الذكر إذ الأمر يحتاج إلى تحليل وإستنباط من أولي العلم والمعرفة إذ هو أمر خوف كما ورد في الآية نفسها. أما إذاعة مثل ذلك دون رجوع إلى ممثلي الأمة المنتخبين فهو الإفتئات على حق الأمة وإغتصاب لحقها. هذا العمل لم يكن من " أهله ". بل من غير أهله. هذا العمل لم يكن بقدره بل كان مجاوزا لقدره. قدر محمد عليه الصلاة والسلام أعلى من كل قدر في السماء والأرض ولكن القتل الجماعي بالطريقة التي تمت ومنهم شرطيان لا صلة له بالعدل ولا بالقسط.
3 هذا العمل مخالف تمام المخالفة للميزان وطاعته مثل طاعة الكتاب شبرا بشبر من جهة أخرى وهذه الجهة محتملة إحتمالا قويا مما يجعلني أؤخر الحديث فيها وأبسطها للحوار. ما أنف ذكره من مخالفات ضد الكتاب وضد الميزان ثابت عندي. أما هذه ففيها نظر. نظري هنا هو أنه حتى لو قامت ممثليات الأمة هناك برد العدوان بمثل الذي وقع يوم أمس فإن ذلك الرد يكون خارج سياق الزمان والمكان وما نعبر نحن اليوم عنه بموازين القوى. معنى ذلك أن لهذا الحدث ستكون تداعيات أمنية وسياسية وخيمة ليس على الوجود الإسلامي الأوربي في فرنسا وأوربا فحسب بل على بلدان أخرى من مثل ليبيا أو غيرها. ذلك يعني أنه يسع المسلمين ممثلين في أهل الإستنباط عدم الرد العدواني أو الثأري عندما يتبين لهم أن المآل لن يكون في صالحهم وهو الأمر الذي تورط فيه المرحوم بن لادن في كارثة سبتمبر الشهيرة. الإستنباط هنا تقديري إحتمالي إجتهادي تقريبي ولكل صاحب رأي الإدلاء بدلوه فيه ولكن ليس فيما أنف عليه.
بقي أمر مهم : كيف ننتصر لنبينا عليه الصلاة والسلام؟
السؤال مشروع بل هو سؤال كل مؤمن ومؤمن. شخص محمد عليه الصلاة والسلام بشرا ونبيا معا مفردة من مفردات المقدسات الإسلامية العظمى والمقدسات قليلة العدد واسعة التأثير. العدوان عليه ميتا كالعدوان عليه حيا دون ريب في ذلك. الذين لا ينخرطون في حملة مضادة لمثل تلك التفاهات التي تقترفها مثل تلك المجلات الساقطة يرتاب المرء في إيمانهم إن كانوا يدعون شيئا من ذلك. ما يخترم الصدور ويعتور النفوس في مثل ذلك لا يعلمه إلا هو سبحانه وهو الذي يحاسب عليه يوم القيامة. بقي الأمر المهم هنا وهو كيف ننتصر لديننا ونبينا ومقدساتنا المهراقة على قارعات المشهد الدولي. مبدأ الإنتصار فريضة كما ورد في الآية آنفة الذكر. الإنتصار هنا له شرطان إثنان :
1 أن يكون إنتصارا جماعيا وليس فرديا إذ لا يمكن إتهام أمة بأسرها بالتهاون أو الردة أو لزوم الحياد في مثل ذلك. الإنتصار الفردي هنا في مواجهة خطة دولية شاملة لا يجدي بل لا يقدم بل يؤخر قطعا. لم تأت لنا السيرة ولو مرة واحدة بمثال واحد ثأر فيها صحابي واحد لمثل ذلك في تلك الأيام وهو كثير في حركة النفاق وفي أهل الكتاب وخاصة الشق اليهودي منهم . بل كان الرد جماعيا دوما وبتنظيم دقيق من لدنه عليه الصلاة والسلام. حتى في حالة الثلاثة الذين إستثناهم من عفوه في فتح مكة وأمر بقتلهم حتى لو تعلقوا بأستار الكعبة وما ذلك سوى لأنهم آذوا الإسلام وشخص النبي عليه الصلاة والسلام بألسنتهم أي بأشعارهم. أي أن الإنتصار الفردي أو من قبل طائفة أو فئة أو جماعة أو غير ذلك مضر حتى عندما تكون الأمة في موازين قوى منخرمة لصالحها أو معتدلة بينها وبين خصومها.
2 أن يكون إنتصارا يراعي موازين القوى المشار إليها آنفا. أمة الإسلام في فرنسا اليوم وفي أروبا كلها بل ربما في الأرض كلها إنما تقاس على الفترة المكية حيث كان هو نفسه عليه الصلاة والسلام يلقى من العدوان الذي يلقى فلا يبرح الصبر والأمر به. عندما تغيرت موازين القوى في المدينة تغيرت الأساليب وكلما إزدادت قوته تغيرت الأساليب. رد العدوان أمر بالغ الحيوية والخطورة ويقتضي مراعاة موازين القوى لئلا يؤول الإنتصار إلى هزيمة أشد.

هذا هو البديل في نظري.
1 إعتماد الأسلوب الدعوي الحواري المعتاد في فرنسا وأروبا وهو أسلوب أفضى إلى دخول الإسلام بأفواج في إثر أفواج من لدن الأروبيين أنفسهم. أنا على يقين من أن هذا الحادث نفسه سيجر إلى الإسلام أفواجا أخرى ولكن من بعد هدوء العاصفة. تلك هي طبيعة هذا الدين وتلك هي طبيعة دعوته ومعاملته مع المخالفين. لو أردنا اليوم الإنتصار بالقوة ما إنتصرنا بل لأنهزمنا شر هزيمة. قوة ديننا لم تكن يوما قوة مادية حتى لو كان التفوق العسكري فريضة بل كانت قوة ديننا دوما قوة علمية أولا وقوة وحدة وإعتصام ثانيا وقوة تنوع وتعدد ثالثا وقوة خير ورحمة بالناس جميعا رابعا.
2 الإعتبار من هذا الحادث وغيره لمزيد من تجميع المؤسسات والممثليات ليكون الوجود الإسلامي الأوربي وجودا واحدا في رمزيته الكبرى وأهدافه العظمى ولا بأس من بعد ذلك بالتنوع والتعدد والتخصص. أرسخ خلاصة من تجربتي هي : نحن ضعفاء لأننا مشتتون فحسب. أكاد أقول أنه لا ينقصنا شيء سوى الإعتصام من لدنا بالأمة أما بالكتاب فنحن معتصمون. عدم الإعتصام بالجماعة والأمة هو السرطان الذي ينخرنا نخرا.
3 أخذ قضية الإرهاب والعنف بجد في التربية والتكوين والتأهيل والتفكير والتثقيف إستنباطا من الإسلام في مصدريه الأوليين الناطقين الوحيدين بإسمه وذلك لتكون هذه القضية شغلنا في العقود القابلة إذ أن الإرهاب " الإسلامي " اليوم ينخرنا نحن نخرا عجيبا. الذي يؤذينا اليوم أكثر حتى من الإحتلال الإسرائيلي إنما هو تفكير مبناه التكفير بالجملة والتفجير بالجملة بدء من القاعدة حتى داعش ومجموعات " إسلامية " أخرى لا تكاد تحصى. يجب أن نقر أن ديننا أي تديننا سيظل منقوصا حتى نعيد حقن أنفسنا بحقنة كرامة الإنسان وإعتبار أن عقيدة القضاء والقدر سادس ركن من أركان الإيمان نصفها إيمان بالله ونصفها الآخر إيمان بالإنسان المسؤول عن فعله وكسبه بسبب حريته وإرادته. هذه القضية عقدية وليست فكرية. هذه القضية تتسبب في تأخرنا وتسلل عدونا إلى حصوننا.
4 عدم الإقتصار ببيانات الإدانة الباردة من لدن المؤسسات الإسلامية الأوروبية وخاصة عدم الإتيان على تبرير ذلك بالإحتلال الإسرائيلي أو بالسخرية من النبي محمد عليه الصلاة والسلام إذ عندما نفعل ذلك فإننا ننسف البيان نسفا إذ كأننا نقول لهم : مادمتم تفعلون ذلك فإنكم ستتعرضون للمزيد. عندها نصدر بيان حرب وليس بيان سلم. عدم الإقتصار على ذلك بل لا بد هذه المرة أن يكون العمل جادا ومثابرا وحقيقيا ونتعبد الله بذلك تعبدا صادقا صحيحا والله محاسبنا على ذلك إن كنا فعلا نؤمن بآية الإسراء التي تكرم الإنسان تكريما. عملا من المسؤولين فينا يشمل التعزية المباشرة والتعاطف الكبير والتضامن الحقيقي ومختلف المبادرات التي تساهم في سل فتائل الحرب. حرب نحن الخاسر الأول فيها ثم يخسرون هم من بعد عقود أخرى. نحن نريد بناء عالم لا يخسر فيه أحد. نريد ربح قلوبهم ومواقفهم. أي أكثر ما يمكن منهم.

5 إنشاء حلف إسلامي أوربي مسيحي إسلامي يهودي ضد الأعمال الإرهابية البربرية. حلف سنكون نحن الرابحين منه ربحا كبيرا جدا. حلف إسلامي مسيحي يهودي ضد الإرهاب يكون على نهج حلف الفضول الذي شارك فيه محمد عليه الصلاة و السلام. مازال بعضنا يتأثم لأنه يقف مع مسيحي أو يهودي ضد " مسلم " يمتشق سيفه البتار ويذبح الناس الأبرياء ذبح الخرفان يوم العيد بل أشد وأقسى. أي فقه هذا. هل بنى عليه الصلاة والسلام تحالفا سياسيا مع أبي بصير وهو المسلم المؤمن القوي المقاوم الذي مدحه بقوة وإعجاب؟ لم؟ لأنه يريد أن يعلمنا أن التحالف السياسي ليس من شرطه الإيمان أو الإيمان فحسب. لا. بل من شرطه الأول : عدم نسف العقود المبرمة مع المشركين. أنا أظن أن هؤلاء الحمقى لو درسوا سيرة محمد عليه الصلاة والسلام دراسة صحيحة لأتهموه بالإنبطاح والخوف ومهادنة الكفار. ذلك هو منطق التفكير التكفيري التفجيري.
6 من نقاط ذلك البديل أيضا ونحن فيه مفرطون تفريطا عجيبا : المسالك السياسية والدبلوماسية والتقاضي لدى المحاكم الدولية وغير ذلك مما يسير في ذلك الإتجاه. نحن نهون من مثل ذلك ونحسب أنه لا يأتي بفائدة. أجل. هو يحرجهم حرجا شديدا. هم ينفذون إلينا من قبس حقوق الإنسان ونحن لا نفعل ذلك معهم. لم؟ لأننا في أغلبنا عرب يطغى علينا الثأر البدني الإستعراضي وليس الطابع المدني المتحضر. لتظل ملفات تظلماتنا هناك عقودا وسيأتي الوقت الذي تكون فيه تلك الملفات محل مقايضات.
خلاصة الرسالة.
عدونا أذكى منا وأقوى منا وأكفل منا إجتماعا وإعتصاما ووحدة وهو أعلم منا حقا وصدقا. هو أغنى منا حتى لو كان جزء من ذلك بمالنا نحن ومالنا نحن ليس بأيدينا. لعدونا فينا عين بل عيون. تلك نقطة قوته العظمى وتلك هي نقطة ضعفنا الكبرى. عدونا يتصيد لنا المكايد وليس لنا القوة العسكرية لردعه ولكن للضعفاء مكرهم وكيدهم. مكرنا وكيدنا هو : تفويت كل فرصة جديدة لإفتراسنا بذكائنا. كل معركة نتجنبها هي كسب لنا. نحن الذين نتقدم على الساحة بوفود جحافل جديدة في كل فجر جديد من المؤمنين الجدد والمؤمنات. كل ساعة صبر جديدة منا تغري أولئك بهذا الدين وعندها ننتصر نحن وينهزم عدونا. دع السفهاء منهم يسخرون من نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. الله وحده أعلم بمهجنا وأفئدتنا وفي هذا الموضوع بالذات تتفطر نفوس العرابيد قبل المتقين والعاريات قبل المستترات والمرابين قبل متحري الحلال. الله وحده يعلم بنا ولكن الله يحاسبنا على الحكمة وتحكيم الميزان. هل كنا حكماء فطناء أم لا. الإخلاص وحده لا يكفي ونحن مطالبون به حتما وبالحكمة قطعا.
والله أعلم
الهادي بريك مدنين تونس
28420944
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.