عقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو ISESCO- بالتعاون والتنسيق مع المؤسسة المغاربية الألمانية للثقافة والإعلام MagDe مؤتمرا دراسيا لمناقشة موضوع) الصور النمطية المسيئة للآخر في وسائل الإعلام ونشر ثقافة الحوار والعيش المشترك (في مدينة بون الألمانية يومي30 و 31 أكتوبر 2015. وشارك في أعمال هذه الحلقة خبراء في القانون الدولي وحقوق الإنسان وشؤون الهجرة وإعلاميون، وممثلو منظمات غير حكومية ومؤسسات المجتمع المدني من ألمانيا ودول أوروبية مجاورة ومن المغرب وتونس. وتمت خلال هذه الحلقة دراسة عدد من القضايا والمواضيع المرتبطة بالمحاور التالية: (الجوانب القانونية والحقوقية للصور النمطية المسيئة للآخر في الإعلام : المسلمون في أوربا نموذجا)، و(دور الإعلام في تعزيز ثقافة الحوار والعيش المشترك ونبذ الكراهية والتمييز العنصري: اللاجئون إلى الدول الأوروبية هربا من الحروب نموذجا )، و(الفن الساخر بين حرية الإبداع واحترام الأديان: دراسة حالة الرسوم الكاريكاتيرية ).و (البدائل المتاحة للحد من الصور النمطية وتفعيل دور الإعلاميين في نشر ثقافة الحوار والعيش المشترك). كما تم عقد ورشة عمل خصصت لعرض ومناقشة بعض التجارب الرائدة في مجال معالجة الصور النمطية وتعزيز ثقافة الحوار والتواصل. وفي ختام أعمال الحلقة الدراسية أصدر المشاركون التوصيات الآتية: 1- التأكيد على أهمية توعية الإعلاميين بالجوانب القانونية المتعلقة بنشر الصور النمطية عن الآخر في وسائل الإعلام، وتفعيل دورهم في التعريف بالأبعاد الإنسانية والحقوقية لظاهرة الهجرة. 2- الدعوة إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين الإعلاميين من أجل تعزيز ثقافة حقوق الإنسان والتمييز بين حرية الإبداع وعدم الإساءة إلى الآخر ونبذ العنصرية والكراهية. 3 التأكيد على ضرورة ربط حرية التعبير بالمسؤولية، والالتزام بالمبادئ الأساسية لأخلاقيات مهنة الصحافة، والإنصاف والدقة الموضوعية، والترفع عن كل أشكال العنصرية والتحريض على العنف وعدم التسامح والكراهية على أساس الدين أو الجنس او الأصل. 4 الدعوة إلى تفعيل المواثيق والقوانين المبينة للحدود الفاصلة بين حرية الرأي والتعبير، وبين التجاوزات الناتجة عن التعسف في ترويج الصور النمطية المسيئة للآخر، انسجاما مع القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعن المندوبية السامية للأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان، وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما نص المؤتمر على تبني مقترحات وبدائل لإبراز الدور العربي والإسلامي وكان من أهمها: 1 تشجيع هيئات المجتمع المدني والمبادرات الإعلامية وأعمال المبدعين، لانجاز أنشطة ثقافية هادفة إلى الاصلاح الديني، وثقافة الحرية الفردية والابداع في مناهج التعليم بالعالم الإسلامي. والتوعية بخطورة قمع الحريات في الدول الإسلامية ونزعات التطرف والإرهاب وتأثيرها على صورة الإسلام والمسلمين في أوروبا. ودعم أعمال ابداعية في مجالات الفن الساخر والموسيقى والسينما وبرامج ثائقية تعالج قضايا الصور المسيئة، وتشجيع خلق شراكات للانتاج والتسويق، عبر نسج قنوات وأطر تعاون بين هيئات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية وغيرها من المؤسسات الداعمة لفكرة الاحترام والمتبادل والحوار بين الثقافات والديانات. 2 مد جسور حوار مع المفكرين والفنانين الغربيين والهيئات الثقافية والإعلامية، الذين يتناولون الإسلام والمسلمين بالنقد من أجل البحث عن أرضية تقارب وتقليص الصور النمطية المسيئة للإسلام. ولتسهيل مهمة الحوار في هذا الصدد يُتوخى ان تتم بلورة معايير موضوعية يستند إليها خطاب الهيئات المسلمة في التعامل مع الإشكاليات المتصلة بالصور النمطية المسيئة. 3 الاهتمام بمسألة تعليم اللغة العربية في أوساط الجاليات المسلمة وتشجيع برامج تدريسها في المؤسسات التعليمية الألمانية والأوروبية بشكل عام، بشكل يساعد الأجيال الناشئة على الاندماج وتعزيز هويتها العربية الإسلامية القائمة على التسامح ونبذ التطرف. 4 ثمّن المشاركون اتجاه الانفتاح والإنصاف الذي يتسم به أداء وسائل إعلام عديدة في ألمانيا على قضايا اللاجئين وأوضاع الجاليات المسلمة والبلدان الإسلامية. كما أوصى المشاركون بالتعامل مع آليات النقد المتاح داخل المؤسسات الإعلامية الغربية بشكل عام، بدل النظر إليها نظرة مسبقة ومطلقة أو نظرة تآمرية. وذلك من خلال اعتماد آليات: التصحيح/ حق الرد، والمبادرة بالتفاعل الايجابي والمساهمة الإعلامية، واعداد أرضيات لانجاز اعمال إعلامية حول الجاليات، اللاجئين،…كأمثلة ملموسة على صورة المسلمين في الواقع. وتشجيع أفراد الجاليات المسلمة على المساهمة الايجابية والبناءة في المناسبات والتظاهرات الثقافية والاجتماعية لمجتمعاتهم الأوروبية. 5 التفاعل مع آليات المراجع الاخلاقية والمهنية في المؤسسات المهنية الإعلامية في أوروبا(مثلا في ألمانيا، نقابات، مجلس اتحادي للإعلام…مواثيق مهنية معتمدة). 6 العمل من أجل بلورة هيئات مشتركة (غربية/ أوروبية وإسلامية) كمرجع رمزي وأخلاقي للصحافيين والمؤسسات الإعلامية يتم الرجوع اليها في حالات النزاعات بشأن بث وسائل الإعلام لأعمال فنية مثيرة لاستياء معتنقي الديانات والثقافات المختلفة. 7 الاعتماد على آليات دولة القانون ومؤسسات القضاء في الدول الأوروبية، والاعتماد على استشارات هيئات قانونية مرجعية في الدول الأوروبية (هيئات حقوقية، نقابات، منظمات اقليمة او دولية). والسعي لإيجاد دليل حقوقي لمساعدة الجاليات المسلمة في المجتمعات الأوروبية. 8 واعتبارا لتنامي تأثير وسائل الإعلام الحديث ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي، دعا المشاركون في الندوة إلى التفكير في مبادرات أفقية (مجتمع مدني، مؤسسات إعلامية، صحافيين) واستخدام قنوات وشبكات التواصل الاجتماعي ووسائل وتقنيات الإعلام الحديث لتقديم نماذج معبرة عن اندماج المسلمين مشاركتهم الايجابية والبناءة في مجتمعاتهم الأوروبية. 9 حث الجامعات العربية والألمانية والمؤسسات البحثية على انجاز دراسات وأبحاث حول القضايا المتصلة سواء بالصور النمطية عن الإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية أوبالصور النمطية عن الغرب في العالم الإسلامي. وتشجيع هذه الجامعات على اعتماد برامج ومناهج تكوين للصحافين تستجيب لمتطلبات ثقافة الحوار والتعايش. والعمل من أجل انجاز برامج تكوينية للإعلامين المسلمين في مجال الصور النمطية. وإمكانية تطوير هذه البرامج لتشمل وحدات مشتركة بين إعلاميين غربيين ومن بلدان إسلامية و بالخصوص من أبناء الجاليات المسلمة بأوروبا. 10 – على من أجل تنظيم لقاء دوري سنويا بين ايسيسكو والمؤسسة المغاربية الألمانية للثقافة والإعلام، يخصص لتطورات القضايا المتصلة بالصور النمطية أو ما يستجد في هذا السياق. يذكر أن المؤتمر حظي بمشاركة كبيرة من المثقفين العرب والألمان، كما شارك في الندوات خبراء في القانون الدولي وحقوق الإنسان وشؤون الهجرة وإعلاميون وفنانون، وممثلو منظمات غير حكومية ومؤسسات المجتمع المدني من ألمانيا ودول أوروبية مجاورة ومن منطقة المغرب العربي. ومن بين المشاركين البروفيسورة زابينا دامير غيلزدورف رئيسة قسم دراسات الشرق بكلية الفلسفة في جامعة كولونيا، والدكتور علي كريمي رئيس مركز الدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام، جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، والدكتور عبد اللطيف الحناشي أستاذ تاريخ الفكر السياسي بكلية الآداب 9 ابريل في جامعة منوبة في تونس، والدكتور عبد الوهاب الرامي أستاذ الإعلام في المعهد العالي للإعلام والإتصال في الرباط، والدكتور كاي كينتزل رئيس هيئة الصحافة والإعلام في نقابة فيردي الألمانية، وخبير الاتصال ورئيس قسم الاعلام عن ايسيسكو د.محجوب بن سعيد، وراينر زوليش مدير القسم العربي في بون بمؤسسة دويتشه فيله،وألبرشت ميتزغر كاتب صحافي متخصص في قضايا الإسلام وناشر في هامبورغ، ولؤي المدهون مدير تحرير موقع قنطرة، وسامي شرشيرة الخبير في قضايا الإندماج والعضو في مؤتمر الإسلام في ألمانيا. وأكد منصف السليمي رئيس المؤسسة المغاربية الألمانية للإعلام والثقافة في تصريح صحافي ل«القدس العربي» أن الندوات تهدف من خلالها المؤسسة، إلى المساهمة في الحوار بين صانعي الرأي والإعلام والثقافة في العالمين الإسلامي والغربي، حول إحدى أهم القضايا حساسية بالنسبة للرأي العام لدى الجانبين، و التي طالما شكلت مصدر سوء فهم وتوتر وعنف في بعض الأحيان. وأوضح السليمي أن ألمانيا تقدم نموذجا متميزا للتعامل المتوازن مع مثل هذه القضايا الحساسة. يذكر أن مبادرة «المغاربية الألمانية للإعلام والثقافة» تعمل على تعزيز الحوار بين ألمانيا ومنطقة المغرب العربي وشمال افريقيا ومساعدة الجالية التونسية والمغاربية على الاندماج في ألمانيا وأوروبا.