أقال رئيس الحكومة الحبيب الصيد مصطفى لطيف المدير العام للتلفزة الوطنية. وتلا قرار الإقالة قرار استقالة مديري القناتين الأولى والثانية، تضامنا مع رئيسهما ورفضا لقرار رئيس الحكومة. وعبرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) عن رفضها لقرار رئيس الحكومة لأنه عزل المدير العام للوطنية دون العودة إليها، وهي التي كانت شريكة في تعيينه. وبالنظر للتسيس المبالغ فيه للتلفزة الوطنية وانحيازها سياسيا في فترة إدارة السيد مصطفى لطيف، ذهب كثيرون إلى تأييد قرار رئيس الحكومة، رغم ما قد ينطوي عليه من مخاطر، ورفض قرار الهايكا. ومع رفضي الشديد للتحيز، الذي عبرت عنه التلفزة الوطنية بقناتيها في الأشهر الأخيرة، حتى تكاد تتماهى مع مواقف طرف سياسي معين في البلاد، فإن تدخل رئيس الحكومة بالإقالة يخيفني. فما أقرت الهايكا وسائر الهيئات الدستورية الأخرى إلا لمنع احتكار القرار من قبل الحكومة في التولية والعزل في ميدان خطير هو ميدان الإعلام. كان على الهايكا أن تضغط حتى تضمن حياد المرفق العام الإعلامي كي يكون محايدا وعادلا مع مختلف القوى والمؤسسات. وتقصيرها السابق لا يمنعها من التعبير عن موقف صحيح في الاعتراض على قرار رئيس الحكومة، لأن شبهة التسييس تطال قرار الرجل الأول في القصبة بقوة. دور الهايكا التعديلي يجب أن يكون أكثر وضوحا وحضورا، وخاصة مع المرفق العام الذي يموله التونسيون جميعا، ويجب أن يكون معبرا عنهم كلهم، لا عن فئة منهم دون سواها. ولكن تقصيرها لا يلغي صحة قرارها في المطالبة بحق المؤسسات الدستورية بأن تكون شريكة في قرار العزل والتولية، حتى نبعد مثل هذه القرارات عن التسييس، وحتى نضمن أن لا تتم إعادة الإعلام إلى بيت الطاعة بإجراءات من هذه الحكومة أو تلك.