تونس تجدّد رفضها أن تكون أرض عبور للهجرة غير النظامية    الدورة الخامسة للصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المائية يومي 7 و8 ماي بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية    عاجل | تشديد شروط التجنيس في فرنسا يُقلق التونسيين المقيمين بالخارج    المنتخب التونسي يواجه بوركينا فاسو والمغرب وغينيا وديًا في إطار التحضير لتصفيات المونديال    بطولة روما للتنس للماسترز - انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة المتاهلة من التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو    نصف نهائي دوري الأبطال: موقعة إنتر وبرشلونة الليلة    بطولة انقلترا : فورست الساعي للعب في رابطة أبطال أوروبا يتعادل مع كريستال بالاس    اليوم: تواصل مؤشّرات الأمطار    سيناريو ماي وجوان 2023 سيتكرر..وأمطار غزيرة مرتقبة..#خبر_عاجل    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    خبراء يحذّرون و يدقون ناقوس الخطر: ''فلاتر التجميل'' أدوات قاتلة    لاعب النجم الساحلي يتعرض للعنف الشديد    قليبية: ايقاف المعتدي على النساء بشفرة حلاقة    4.5 مليار دينار إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج إلى موفى أفريل    أورنج تونس تدشّن مركز البيانات الجديد بولاية سوسة لمواكبة التحديات الرقميّة المستقبلية..    سعيد يحسمها: تونس لن تكون معبراً للمهاجرين ويجب تيسير عودتهم الطوعية..    التضخم السنوي ينخفض في تونس    المدير العام للسدود: تحسن غير مسبوق في منسوب المياه ... وبوادر إيجابية لموسم فلاحي واعد في تونس    كيف سيكون الطقس اليوم..؟    بطولة مصر : هدف سيف الدين الجزيري غير كاف للزمالك لتخطي البنك الاهلي    علم النفس: 50 تأكيداً إيجابياً لتقوية ذاكرتك الذهنية كل يوم    عاجل/ يهم الانتدابات: سعيد يسدي هذه التعليمات لرئيسة الحكومة..    تعاون صحي تونسي ياباني: أجهزة طبية لمستشفى الرابطة وتكوين إفريقي بتكنولوجيا متقدمة    اليوم : أمطار مؤقتا رعدية وأحيانا غزيرة بهذه الجهات    عاجل : بريطانيا تلوّح بتقليص التأشيرات لهذه الجنسيات    فرنسا : إسرائيل تنتهك القانون الدولي    السجن والغرامة لرجل الأعمال يوسف الميموني في قضية استيلاء على الملك البحري    السلطات الفرنسية تبحث عن سجين أطلق سراحه عن طريق الخطأ    انفجارات عنيفة تهز مدينة حلب السورية    عاصفة رملية كثيفة تجتاح السعودية والعراق وقطر    صفاقس : عودة متميزة لمهرجان سيدي عباس للحرف والصناعات التقليدية في دورته31    القيروان.. البرد يتسبب في اضرار بمحاصيل الحبوب والاشجار المثمرة    لأول مرة في السينما المصرية/ فيلم يجمع هند صبري بأحمد حلمي    إلزام الناشرين الأجانب بإرجاع كتبهم غير المباعة إجراء قانوني    مهرجان محمد عبد العزيز العقربي للمسرح...دورة العودة والتجديد و«ما يراوش» مسك الختام    هبة يابانية    عاجل/ إعلام إسرائيلي: تم تدمير ميناء الحديدة في اليمن بالكامل    الحماية المدنية تنبّه من الممارسات التي تساهم في اندلاع الحرائق    زغوان: رفع 148 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 22 طنّا من السكر المدعم    بطولة الرابطة الأولى: برنامج الجولة الأخيرة لموسم 2024-2025    انخفاض أسعار البطاطا في نابل بفعل وفرة الإنتاج والتوريد    آلام الرقبة: أسبابها وطرق التخفيف منها    محمد رمضان يشعل جدلا على طائرته    سعر "علّوش العيد" يصل 1800 دينار بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تتمثل في أجهزة التنظير الداخلي.. تونس تتلقى هبة يابانية    الدورة الاولى لتظاهرة 'حروفية الخط العربي' من 09 الى 11 ماي بالقلعة الصغرى    الرّابطة الثانية : برنامج مباريات الدُفعة الثانية من الجّولة 23.    في قضية مخدرات: هذا ما قرره القضاء في حق حارس مرمى فريق رياضي..#خبر_عاجل    قيس سعيّد يُجدّد دعم تونس لفلسطين ويدعو لوحدة الموقف العربي..    عاجل -فلكيا : موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    كل ما تحتاج معرفته عن ''كليماتيزور'' السيارة ونصائح الاستعمال    انطلاق امتحانات ''البكالوريا التجريبية'' اليوم بمشاركة أكثر من 143 ألف تلميذ    حصيلة المشاركة التونسية في البطولة العربية لألعاب القوى بالجزائر: 19 ميدالية....    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد العراق .. تسريبٌ أم نبوءة؟
نشر في الحوار نت يوم 22 - 02 - 2016

بعد سقوط العراق، نشرت مجلة "The Atlantic Monthly" تقريرًا حول مستقبل الشرق الأوسط تحت عنوان "بعد العراق"، مر به القلائل علي عجل، وحكموا عليه بأنه نسخة أو نقلٌ حرفيٌّ لحالةٍ نفسيةٍ لا يرقي إلي شهادةٍ أو وثيقة، كان من الصعب النظر إليه بعين الاعتبار من وجهة نظر عام 2008، في ذلك الوقت، لم يكن يستطيع أحدٌ أن يتصور انهيار حالة التعايش السلميِّ بين أنظمةٍ مصابةٍ كلها بعاهة الديكتاتورية وأساليب القبيلة، ولا أن يتصور شكل الذريعة التي تسمح للقوي الكبري بالتدخل السافر لرج وضعية استقرار أنظمةٍ تعمل في خدمتها علي حساب شعوبها مثل عبيد الأرض ومن ثم العصف بها، أما الآن وقد ظهرت داعش وتحول ما ظنه المحللون خيالاً إلي واقع، فكلنا مجبرون علي الخشوع عند إعادة قراءة ما كتبه "Jeffrey Goldberg" كأننا أمام نبوءة عظيمة، أو أمام .. أخطر تسريب أفلتته عن عمدٍ أجهزة مخابرات كبري!
صار بوسع "جولدبرج" الآن أن يقول:
- أنا كنت أرسم بالكتابة خارطة الشرق الأوسط الجديد لأني لست من هذا الصنف من المحللين الذي يبحث عن موضوع مثل المؤرخ، بل تنبأت أيضًا بحركة الخطوط واتجاهاتها، كنت أكتب ما هو أشد خطرًا من وثائق ويكيليكس، فهذه تسلط الضوء علي أشخاص محددين وأحداث محددة صنعت تاريخاً قد انتهي وبهتت آثاره، أما أنا فسرتُ علي درب "نوستراداموس" وفضحت غيبًا بانتظار مئات الملايين من سكان العالم كأنني كنت أراه:
دول ستختفي تمامًا، ودويلات ستولد قيصريِّاً من رحمها، وسيكون للمذهبية ديارٌ مستقلة، وسيكون للقوميات أيضًا أعلام خاصة وعملات وأوطان يأتي في صدارتها وطن للأكراد علي مساحاتٍ تنتزع من تركيا وسوريا بالإضافة إلي نواته المركزية في العراق، وستضرب النزاعات المسلحة في كل شبر من المحيط إلي الخليج، وستكون اليمن ومصر والشام ودول الخليج كلها عرضة للتآكل الجغرافي والضمور الإقتصادي والتقسيم إن لم يكن التشظي، وستزحف الفوضي علي المغرب العربي من أقصاه إلي أقصاه، وستضيع الحدود الفاصلة تمامًا، وستكون الفيدرالية أحياناً أقل الخيارات قسوة..
من الجدير بالذكر أن "جولدبرج" ذكر في تقريره أن الأكراد لا يحملون للأتراك مشاعر سلبية إلي حد كبير لكنهم يكرهون العرب ويعتقدون أنهم السبب في كل ما حدث لهم من أمور سيئة، لقد انتزع هذا الإعتراف من مرافقه الكردي، وهذا مبرر، فذاكرة حقبة "صدام حسين" عندهم لا تزال مشتعلة، برغم هذا، ومع الأخذ في الإعتبار تعامل "أردوغان" مع المسألة الكوردية بأسلوبٍ لا نلمس فيه إلا حساسية المتعصب لقوميته وخشونته وحدهما، بالإضافة إلي فتور علاقة بلاده بإسرائيل إلي حد لا يسعه حرج اللحظة التاريخية، وبالقدر نفسه، تحالفات "تركيا" المثيرة للشفقة، يمكنني أن أؤكد علي أنها أيضًا، كالمنطقة كلها، ليست علي ما يرام!
هذه هي الملامح الحادة لتنبؤات "جولدبرج"، يبقي أن أؤكد علي أن الانطباعات الأولي التي سيتركها التقرير في القارئ مثيرة لبهجة التشفي لما يبشر به من تحولات كبيرة قد تشق للمقهورين ممرًا للخروج إلي الهواء الطلق وتملأ حواسهم بلذة الانتقام، هذا من جهة، لكنه، مثيرٌ للمخاوف من جهة أخري، لا لشئ سوي أن هذه التنبؤات التي الآن تتحقق في تسلسل مثير، ربما تنصب في الغالب علي المظاهر الخارجية ولا تمس المصدر الحقيقي لرؤية أصحاب المصالح الرأسمالية المتخفية وراء الصيغ والحكومات الوضيعة، ففي غير صالح هؤلاء إبداع شرق أوسط جديد ما لم يكن أرضًا جديدة لمعركة قد تمتد لعقود قادمة، ذلك لأن التغيير الإيجابي لا يتحقق أبدًا من خلال تنمية القبح بل باجتثاث جذوره، وإذا كانت هكذا مكيدتهم فهم لا يخونون تاريخ أجدادهم الذين ارتكبوا قبل عقود مضت مؤامرة "سايكس بيكو"!
ما يعنيني أن الحرية في هذا الأفق لن تكون أبدًا سهلة المنال بالأدوات التقليدية، لأن الأنظمة الديكتاتورية التي سرقت، وما زالت تسرق أعمار عدة أجيال متعاقبة، وولدت كلها من رحم "سايكس بيكو" الأولي، ستكون مرشحة للإستنساخ علي نسق أكثر خسة، كما أن الذريعة الشهيرة: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ستستعيد عافيتها، ولقد لمس "جولدبرج" في تقريره هذا المعني بوضوح عندما ذكر أن أحدهم سأل "كونداليزا رايز" وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت:
- لماذا تخون أمريكا قيمها ودستورها وتقدم الدعم لأنظمة ديكتاتورية مثل نظام مبارك ونظام آل سعود وحتي قبل 50 سنة مضت؟
فأجابت بلا خجل، وبشجاعة سكير:
- نعم، نحن ندعم أنظمة نعلم جيدًا أنها ديكتاتورية، لكن النتيجة أن لدينا 50 سنة من الاستقرار والسلام!
هذه هي الصورة كاملة، وهذا هو الواقع المؤجل الذي من المستحيل كبح تقدمه، وبالتالي، تفويت الفرصة علي المستعمرين الجدد، إلا بانخراط الشعوب في مواجهة القبح، ومواجهة النفس .. أو .. بتبني الأنظمة قيم الديمقراطية، ومنح الشعوب حريتها كاملة، وللذين يظنونه بعيدًا، أقول:
- إن غدًا لناظره قريب!
محمد رفعت الدومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.