هيئة المحامين تنشر القائمة النهائية للمترشحين لعمادة المحامين ومجلس الهيئة    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة النجم الساحلي و مستقبل قابس    عاجل في الملّاسين: إيقاف إمرأة وهي تحرق القطط    عائلة تتهم ''شات جي بي تي'' بتشجيع ابنها على الانتحار    العودة المدرسية والجامعية: قُرى س.و.س تدعو للتبرّع لأكثر من 5268 طالب علم    نابل: صابة الزقوقو تُقدَّر ب30 طنا وأسعار الكيلوغرام بين 55 و65 دينارا    الكاف: العثور على جثة مدير الحي الجامعي ''سيكافينيريا'' في ظروف غامضة    突尼斯对中国游客吸引力显著 直航航线成可持续发展关键    سليانة: تجميع مليون و577 ألف قنطار من الحبوب    إنتقالات: ثنائي النادي الإفريقي يخوض تجربة إحترافية جديدة    بطاقة إيداع بالسجن ضد امرأة انتحلت صفة مرشدة اجتماعية للاحتيال على مواطنين    عاجل/ الكنام: هذه آخر اجال إيداع مطالب تغيير المنظومة العلاجية وطبيب العائلة    كاتب الدّولة المكلّف بالموارد المائية يدعو الى مزيد التّنسيق لاستكمال التّقريرالوطني للمياه لسنة 2024 خلال الشهر القادم    بلدية تونس تحذر أصحاب المحلات والمستغلين للفضاء العام    أبطال أوروبا: "اليويفا" يكشف عن الكرة الرسمية للمنافسة 2025    الجامعة التونسية لكرة السلة تعلن فسخ عقد مدرب منتخب الاكابر مهدي ماري    مونديال الكرة الطائرة تحت 21 عاما (الدور الترتيبي): هزيمة المنتخب التونسي أمام نظيره الكندي 0 - 3    مشاهد مذهلة لمركبة الفضاء "ستارشيب" تهبط في المحيط الهندي    وكالة الطاقة الذرية تعلن عودة مفتشيها إلى إيران    عاجل/ اسرائيل تعلن اغتيال "رجل المعلومات" في حركة حماس    عاجل/ العاصمة: الإطاحة بمفتّش عنه محكوم بالسجن 120 عاما    جولة سياحية للفنانة أحلام للتعريف بالوجهة التونسية في المنطقة العربية    مقام الولي الصالح سيدي مهذب بالصخيرة ... منارة تاريخية تستحق العناية والصيانة والمحافظة عليها من غياهب النسيان.    مفتي الجمهورية يروي سيرة الاحتفاء بالمولد النبوي بأسلوب عصري    اتحاد الشغل يرد على سيناتور أمريكي: لا للتدخل في الشأن التونسي    قليبية: سقوط إمرأة وطفلين من لعبة طائرة بفضاء ترفيهي    الحماية المدنية: 140 تدخلا لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة مستقبل المرسى    المنظمة الدولية للهجرة: عودة طوعية ل268 مهاجراً غينياً من تونس خلال أوت    عاجل: وزارة الصحة توضّح: ترشيد الأدوية لا يعني حرمان المرضى    السيجومي: الإطاحة بمجرم خطير محل 17 منشور تفتيش    رد لاذع من ماكرون على نتنياهو.. لا تستخدم معاداة السامية كأداة سياسية وملتزمون بالاعتراف بفلسطين    مهرجانات قرطاج والحمامات وأوذنة محور اللقاء الإعلامي الاول لعدد من المديرين العامين بوزارة الشؤون الثقافية ومديري المهرجانات    عاجل/ بالفيديو: رئيس الجمهورية في زيارة فجئية إلى حلق الوادي    عاجل/ تأجيل الإعلان عن قائمة المنتخب الوطني إلى هذا الموعد..    عاجل/ غزّة: 10 شهداء بسبب المجاعة خلال ال24 ساعة الأخيرة    الاتحاد الأوروبي يحظر جل الأظافر بعد تحذيرات صحية خطيرة    أمطار رعدية بعد ظهر اليوم بهذه المناطق.. #خبر_عاجل    تونس الأعماق ... سطح القمر بالصمار (تطاوين) .. وجهة لحياة الصخور والطبيعة الخلابة    أمراض قد تسببها لدغات البعوض    عالم يكشف السبب الحقيقي وراء اختفاء السفن في مثلث برمودا    إعلام عبري يتحدث عن تهديدات لتصفية رئيسين عربيين    المهرجان الثقافي بسيدي احمد زروق ..ندوات فكرية،مسابقات ترفيهية، وعروض فنية    تاريخ الخيانات السياسية (59) ..الشطار والعيّارون لصوص وثوار 8    ما بقي من الدورة 66 لمهرجان سوسة الدولي...برمجة قياسية برؤية إصلاحية    ارتفاع ملحوظ في عدد السيّاح الصينيين.. #خبر_عاجل    عاجل: لتفادي الانقطاعات: نصائح عاجلة من الستاغ لترشيد الاستهلاك وقت الذروة    عاجل/ الصحة العالمية تحذّر: هكذا يمكن للحرارة أن تؤدّي الى الوفاة    بعد أشغال ترميمه : المعلم التاريخي جامع بن معزوز بجزيرة جربة يستعيد رونقه وبريقه    سهرة فلكية بمدينة العلوم لمواكبة الخسوف الكلي للقمر    عودة مدرسية: حجز أكثر من 7 آلاف قطعة طباشير و 20 الف قلم شمعي    تنظيم الدورة الثانية للصالون الدولي للسياحة الصحراوية والواحية في ديسمبر المقبل    عاجل/ سريعة الانتشار: خبير يكشف أعراض السلالة الجديدة من فيروس كورونا..    نشرة متابعة/ الحرارة ستصل الى 43 درجة اليوم بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل: إنخفاض أسعار لحوم الدجاج بداية من الأسبوع المقبل    أحلام: ''رجّعوني على تونس...توحشتكم''    تاريخ الخيانات السياسية (57) .. .الخليفة الطائع من القصر إلى الحجر    بعد جراحة دقيقة في ألمانيا... الفنانة أنغام تعود إلى مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد العراق .. تسريبٌ أم نبوءة؟
نشر في الحوار نت يوم 22 - 02 - 2016

بعد سقوط العراق، نشرت مجلة "The Atlantic Monthly" تقريرًا حول مستقبل الشرق الأوسط تحت عنوان "بعد العراق"، مر به القلائل علي عجل، وحكموا عليه بأنه نسخة أو نقلٌ حرفيٌّ لحالةٍ نفسيةٍ لا يرقي إلي شهادةٍ أو وثيقة، كان من الصعب النظر إليه بعين الاعتبار من وجهة نظر عام 2008، في ذلك الوقت، لم يكن يستطيع أحدٌ أن يتصور انهيار حالة التعايش السلميِّ بين أنظمةٍ مصابةٍ كلها بعاهة الديكتاتورية وأساليب القبيلة، ولا أن يتصور شكل الذريعة التي تسمح للقوي الكبري بالتدخل السافر لرج وضعية استقرار أنظمةٍ تعمل في خدمتها علي حساب شعوبها مثل عبيد الأرض ومن ثم العصف بها، أما الآن وقد ظهرت داعش وتحول ما ظنه المحللون خيالاً إلي واقع، فكلنا مجبرون علي الخشوع عند إعادة قراءة ما كتبه "Jeffrey Goldberg" كأننا أمام نبوءة عظيمة، أو أمام .. أخطر تسريب أفلتته عن عمدٍ أجهزة مخابرات كبري!
صار بوسع "جولدبرج" الآن أن يقول:
- أنا كنت أرسم بالكتابة خارطة الشرق الأوسط الجديد لأني لست من هذا الصنف من المحللين الذي يبحث عن موضوع مثل المؤرخ، بل تنبأت أيضًا بحركة الخطوط واتجاهاتها، كنت أكتب ما هو أشد خطرًا من وثائق ويكيليكس، فهذه تسلط الضوء علي أشخاص محددين وأحداث محددة صنعت تاريخاً قد انتهي وبهتت آثاره، أما أنا فسرتُ علي درب "نوستراداموس" وفضحت غيبًا بانتظار مئات الملايين من سكان العالم كأنني كنت أراه:
دول ستختفي تمامًا، ودويلات ستولد قيصريِّاً من رحمها، وسيكون للمذهبية ديارٌ مستقلة، وسيكون للقوميات أيضًا أعلام خاصة وعملات وأوطان يأتي في صدارتها وطن للأكراد علي مساحاتٍ تنتزع من تركيا وسوريا بالإضافة إلي نواته المركزية في العراق، وستضرب النزاعات المسلحة في كل شبر من المحيط إلي الخليج، وستكون اليمن ومصر والشام ودول الخليج كلها عرضة للتآكل الجغرافي والضمور الإقتصادي والتقسيم إن لم يكن التشظي، وستزحف الفوضي علي المغرب العربي من أقصاه إلي أقصاه، وستضيع الحدود الفاصلة تمامًا، وستكون الفيدرالية أحياناً أقل الخيارات قسوة..
من الجدير بالذكر أن "جولدبرج" ذكر في تقريره أن الأكراد لا يحملون للأتراك مشاعر سلبية إلي حد كبير لكنهم يكرهون العرب ويعتقدون أنهم السبب في كل ما حدث لهم من أمور سيئة، لقد انتزع هذا الإعتراف من مرافقه الكردي، وهذا مبرر، فذاكرة حقبة "صدام حسين" عندهم لا تزال مشتعلة، برغم هذا، ومع الأخذ في الإعتبار تعامل "أردوغان" مع المسألة الكوردية بأسلوبٍ لا نلمس فيه إلا حساسية المتعصب لقوميته وخشونته وحدهما، بالإضافة إلي فتور علاقة بلاده بإسرائيل إلي حد لا يسعه حرج اللحظة التاريخية، وبالقدر نفسه، تحالفات "تركيا" المثيرة للشفقة، يمكنني أن أؤكد علي أنها أيضًا، كالمنطقة كلها، ليست علي ما يرام!
هذه هي الملامح الحادة لتنبؤات "جولدبرج"، يبقي أن أؤكد علي أن الانطباعات الأولي التي سيتركها التقرير في القارئ مثيرة لبهجة التشفي لما يبشر به من تحولات كبيرة قد تشق للمقهورين ممرًا للخروج إلي الهواء الطلق وتملأ حواسهم بلذة الانتقام، هذا من جهة، لكنه، مثيرٌ للمخاوف من جهة أخري، لا لشئ سوي أن هذه التنبؤات التي الآن تتحقق في تسلسل مثير، ربما تنصب في الغالب علي المظاهر الخارجية ولا تمس المصدر الحقيقي لرؤية أصحاب المصالح الرأسمالية المتخفية وراء الصيغ والحكومات الوضيعة، ففي غير صالح هؤلاء إبداع شرق أوسط جديد ما لم يكن أرضًا جديدة لمعركة قد تمتد لعقود قادمة، ذلك لأن التغيير الإيجابي لا يتحقق أبدًا من خلال تنمية القبح بل باجتثاث جذوره، وإذا كانت هكذا مكيدتهم فهم لا يخونون تاريخ أجدادهم الذين ارتكبوا قبل عقود مضت مؤامرة "سايكس بيكو"!
ما يعنيني أن الحرية في هذا الأفق لن تكون أبدًا سهلة المنال بالأدوات التقليدية، لأن الأنظمة الديكتاتورية التي سرقت، وما زالت تسرق أعمار عدة أجيال متعاقبة، وولدت كلها من رحم "سايكس بيكو" الأولي، ستكون مرشحة للإستنساخ علي نسق أكثر خسة، كما أن الذريعة الشهيرة: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ستستعيد عافيتها، ولقد لمس "جولدبرج" في تقريره هذا المعني بوضوح عندما ذكر أن أحدهم سأل "كونداليزا رايز" وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت:
- لماذا تخون أمريكا قيمها ودستورها وتقدم الدعم لأنظمة ديكتاتورية مثل نظام مبارك ونظام آل سعود وحتي قبل 50 سنة مضت؟
فأجابت بلا خجل، وبشجاعة سكير:
- نعم، نحن ندعم أنظمة نعلم جيدًا أنها ديكتاتورية، لكن النتيجة أن لدينا 50 سنة من الاستقرار والسلام!
هذه هي الصورة كاملة، وهذا هو الواقع المؤجل الذي من المستحيل كبح تقدمه، وبالتالي، تفويت الفرصة علي المستعمرين الجدد، إلا بانخراط الشعوب في مواجهة القبح، ومواجهة النفس .. أو .. بتبني الأنظمة قيم الديمقراطية، ومنح الشعوب حريتها كاملة، وللذين يظنونه بعيدًا، أقول:
- إن غدًا لناظره قريب!
محمد رفعت الدومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.