اجتماع مجلس الوزراء    في علاقة بملف الشهيد بلعيد ... محاكمة العكرمي واللوز .. إلى أين؟    العفو الجبائي على العقارات المبنيّة    دراسة الترفيع في دعم نقل صادرات زيت الزيتون نحو أمريكا    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية منتهية الصلاحية داخل محل لبيع الحليب ومشتقاته    كشفها الحكم المؤبّد على قاتل طالبة جامعية في رواد ... صفحات فايسبوكية للتشغيل وراء استدراج الضحايا    كان المغرب: المنتخب المصري أول المتأهلين إلى ثمن النهائي    الإدارة العامة للديوانة: 30 ديسمبر 2025 هو آخر أجل لتسوية المطالب الخاصة بالسيارات أو الدراجات النارية (ن.ت)    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق والحرارة تتراجع إلى 3 درجات    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    خطوط جديدة للشركة الجهوية للنقل بصفاقس    صادم/ كهل يحتجز فتاتين ويغتصب احداهما..وهذه التفاصيل..    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة الفلاحة تدعو البحّارة إلى عدم المجازفة والإبحار الى غاية إستقرار الأحوال الجويّة    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    توزر: تنشيط المدينة بكرنفالات احتفالية في افتتاح الدورة 46 من المهرجان الدولي للواحات    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    مدرب تنزانيا: منتخبنا واثق من تحقيق نتيجة إيجابية أمام أوغندا    السعودية.. الكشف عن اسم وصورة رجل الأمن الذي أنقذ معتمرا من الموت    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    عاجل: إلغاء إضراب البنوك المزمع تنفيذه أيام 29 و30 و31 ديسمبر 2025    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    هام/ الشركة التونسية للملاحة تنتدب..#خبر_عاجل    جريمة مزلزلة: أم ترمي رضيعتها من الطابق الرابع..!    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    نجم المتلوي: لاعب الترجي الرياضي يعزز المجموعة .. والمعد البدني يتراجع عن قراره    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    خبير تونسي: هاو علاش لازمك تستعمل الذكاء الإصطناعي    سيدي بوزيد: "رفاهك في توازنك لحياة أفضل" مشروع تحسيسي لفائدة 25 شابا وشابة    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    عاجل: هذا ماقاله سامي الطرابلسي قبل ماتش تونس ونيجيريا بيوم    مارك زوكربيرغ يوزّع سماعات عازلة للحس على الجيران و السبب صادم    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    الرصد الجوّي يُحذّر من أمطار غزيرة بداية من مساء اليوم    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    رئيس غرفة تجار المصوغ: أسعار الذهب مرشّحة للارتفاع إلى 500 دينار للغرام في 2026    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    المغرب ضد مالي في كأس إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرد الصاعق على أنصار الرئيس السابق
نشر في الحوار نت يوم 30 - 05 - 2016

بعد إطّلاعي على تدوينات بعض المحسوبين على الحراك/المؤتمر/المرزوقي وقفت على حجم المغالطات و التجريح. و لقد كان بإمكان الرئيس السابق أن يحضر بنفسه مؤتمر النهضة العاشر و يكذّب كل الشائعات و لكنه لم يفعل بدعوى أنه لا يحب النفاق و هذا كلام عجيب غريب صادر عن المسؤول الأول عن علاقات تونس الخارجية في يوم ما. و للرد على بعض المزاعم فسأحاول استرجاع التاريخ القريب لوضع الأمور في نصابها.
عقب ثورة الحرية و الكرامة عاد الدكتور منصف المرزوقي من المهجر و طموحه السياسي يصل عنان السماء قبل أن يصرّح لوسائل الإعلام على أرض مطار تونس قادما من باريس و من فوق أعناق أتباعه أن مطمحه قصر قرطاج و أنه سيترشح للإنتخابات الرئاسية (لازالت تلك الصورة لم تفارق مخيلتي!). ثم جاءت انتخابات اكتوبر 2011 لتفوز بها النهضة و بفارق عريض و تمدّ يدها بعد ذلك لجميع رفقاء النضال زمن الدكتاتورية من أجل تكوين حكومة وطنية فاستجاب لطلبها حزبا المؤتمر و التكتل لتبدأ بذلك تجربة "الترويكا" في مشهد انتقالي صعب بكل المقاييس. و كان للمرزوقي ما أراد حين وافقت النهضة على توليه رئاسة البلاد و قد كان بإمكانها إسناد ذلك المنصب لأحد أبنائها أو إلى شخصيات اخرى مثل رئيس التكتل (مصطفى بن جعفر) و لكنها في النهاية خيرت المرزوقي لماضيه الحقوقي و وقوفه المبدئي ضد التعذيب. كما أنه كانت للنهضة خيارات اخرى و لم تكن ملزمة بقبول المرزوقي كرئيس و كلنا نتذكر المفاوضات العسيرة و الصراع بين المرزوقي و بن جعفر أيهما يكون رئيسا للبلاد و قد كان موقف النهضة حاسما في تغليب كفة المرزوقي. كذلك النهضة لم تكن ملزمة بالتحالف مع المرزوقي و كان بإمكانها أن تتحالف مع تيار الهاشمي الحامدي مثلا و مستقلين آخرين لتكوين الحكومة و ملء منصب الرئاسة (بنهضاوي إن هي أرادت ذلك في إطار المفاوضات عن الوزارات و غيرها) و لكن النهضة بموقف واع (على عكس إخوان مصر مثلا) اختارت تقسيم السلط لأن همها الأول كان ترسيخ المسار الديمقراطي و ليس الحكم في حد ذاته في تلك الفترة الإنتقالية الصعبة.
و بعد انقلاب مصر و نجاح سفاح سوريا مدعوما من إيران و أتباعها في حسر موجة الربيع العربي تحركت ماكينة الثورة المضادة المسنودة بمال الإمارات العميق لإفشال أول تجربة ديمقراطية في تونس التي تبشر بالخلاص و تخيف الفاسدين و الظلمة في كل أرجاء الوطن العربي تماما مثل ما قذفت الثورة التونسية الرعب في قلوبهم من قبل. عندما فشلت كل المحاولات بما في ذلك الإغتيالات السياسية للإطاحة بالتجربة التونسية بحكم تطورها لأسباب عدة لعل أهمها رفض النهضة الإنفراد بالحكم و نأي الجيش التونسي بنفسه عن السياسة بدأت موجة العصيان المدني و "تبريك" الإقتصاد و تشغيل الماكينة الإعلامية للإجهاض على التجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد. و في كل المحطات التخريبية كان اليسار الإستئصالي متحالفا مع المنظومة القديمة (و حتى مع الشيطان لو لزم الأمر) لإخراج النهضة من الحكم. فانسحب نواب المعارضة من المجلس التأسيسي و ازدادت شراسة الحملة بما في ذلك حلفاء المرحلة (حين رفض التكتل ممثلا في رئيس البرلمان العودة للعمل التشريعي لاستكمال كتابة الدستور و حين انضم المؤتمر ممثلا في رئيس الجمهورية للجوقة متهما النهضة بالتغول و السيطرة على مفاصل الدولة) و أصبحت البلاد تسير بخطى حثيثة نحو الإنقسام و الصدام على غرار الحالة المصرية. أمام هذا الهجوم الكاسح من اليسار و منظومة الحكم القديمة و من حليفي الترويكا مسنودين بالمال من داخل و خارج البلاد كان أمام النهضة خياران: إما مواصلة الطريق إلى الآخر بما يعنيه من فشل في كتابة دستور للبلاد و الدخول في سيناريوهات كارثية و إما تقديم مصلحة البلاد على مصلحة الحزب و التضحية بالسلطة و تقديم التنازلات المؤلمة لإبقاء شمعة التجربة التونسية مضيئة و لو على استحياء وسط عواصف من المؤامرات و شلالات من الفهم السطحي لطبيعة المرحلة. فكان لقاء باريس و تجرُّعِ كأس السمّ في غار الأفعى نفسها لتجنيب البلاد الدّمار في حين كان المؤتمر يأكل نفسه بتفتّته إلى أربع شظايا بأربع زعامات (الدايمي, عبو, العيادي, هميلة) و كان التكتل يلفظ أنفاسه سريريا.
ثم جاءت انتخابات البرلمان الأخيرة التي أظهرت أن النهضة هي الرقم الأصعب و الأقدر عى لجم الثورة المضادة و مشروعها الإستئصالي في حين لم يكن لبقية التيارات الديمقراطية أي نجاح يذكر (باستثناء الجبهة التي تعاطف الناس مع شهيديها هذا إن صح تصنيفها ضمن العائلة الديمقراطية لعقليتها الإقصائية و مبادرتها بالتحالف مع المنظومة السابقة) . و كانت خلطة الشيخ التكتيكية الأخرى في الإنتخابات الرئاسية قد قضت بعدم التورّط في قطع الطّريق على المرزوقي أو فتح الطريق للباجي و لكن إفراز نتائج متقاربة تصبّ في ترسيخ المسار الديمقراطي الهش. و قد أعلنت حركة النهضة حينها أنها تترك حرية الإختيار لقواعدها و هي تعلم علم اليقين أن السواد الأعظم منهم سيصوتون للمرزوقي و لو أرادت عكس ذلك فلن يتخطى المرزوقي حتى الدور الأول. أما الضربة التكتيكية الأهم فكانت قبول المشاركة في الحكومة بحجم رمزي لا يتماشى و نتائج الإنتخابات و لكنه حجم كاف لفرقعة الحزب الفائز و تعطيل مشروع الامارات الإفسادي في البلاد و الأهم من كل هذا المحافظة على المكسب الديمقراطي من خلال تعويد الشارع السياسي على القبول بنتائج الإنتخابات و التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع. ثم جاءت اللكمة السياسية الأخيرة من خلال النجاح الباهر الذي حققته النهضة في مؤتمرها العاشر على جميع الأصعدة و الذي أرجعت من خلاله لأبنائها الإعتزاز بحركتهم و تصالحت معهم بعد أن كان يظن بعضهم أنهم لقمة انتخابية سائغة يسهل استمالتها بشعارات ثورية خارج إطار المرحلة.
هذا النجاح جعل بعض السياسيين يفقدون السيطرة على أعصابهم فمن قائل بأن النهضة في طريقها إلى الزوال إلى متنبِئ بموت الإسلام السياسي مدعيا "كره النفاق" ليلغ هو و ما تبقى من أتباعه في النهضة و يتّهمونها ببيع مبادئ الثورة و ازدواجية الخطاب و هي التي أوصلتهم الى رأس السلطة ثم يمنّون عليها أنّهم أنقذوها من انقلاب عسكري محقق! هذه المغالطات لم تعد تنطلي على أحد!! فإذا كان الرئيس السابق قد أفشل محاولة انقلابية كما يدعي بعض أنصاره فلماذا لا تعطونا تفاصيل العملية ليحال الإنقلابيون على المحاكم أم تريدوننا أن نصدقّكم بعيون مغمضة?! ثمّ لماذا إثارتها الآن بهذا الحجم بعد مؤتمر النهضة وقد سكتّم عليها كل هذا الوقت?! أم أن الإزدواجية في الخطاب حرام زقّوم على النّهضة حلال مباح عليكم أنتم "أصحاب المبادئ"?!! و حتى ان كأن كلّ ما ادْعيتموه صحيحا فلماذا لا تقدّمون إفشال هذا الإنقلاب على أنّه خدمة للبلاد كلّها دون أن تمنوّا ذلك على النهضة دون غيرها (و كأن الرئيس السابق سيقع استقباله بالورود من طرف الإنقلابيين!)
على كلّ نتمنّى لأصدقائنا من الحراك (بعد أن ينجحوا في فض خلافاتهم مع حزب المؤتمر الأم و الحزيبات المتوالدة عنه) أن ينجحوا في لمّ شمل التونسيين على ثورتهم و أن يُنجزوا لنا مؤتمرا ناجحا كمؤتمر النهضة فالبلاد تحتاج إلى أحزاب قوية حتى يترسّخ المسار الديمقراطي (موش متاع سمير بالطيب المحاسبي!) و تصبح كلمة المواطن لها وزن في تحديد مصير البلاد
سامية صادق
امريكا في 28 ماي 2016


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.