ارتفعت معدلات متابعة الشباب العربي عامة والتونسي على وجه الخصوص للمحطات الإذاعية التي تبث عن طريق الإنترنت، ولعل ذلك يعود لاهتمام الفئة الشبابية براديو النت باعتباره وسيلة تفاعلية تفتح مجالا للحوار وحرية الرأي وتجنب كل أشكال الرقابة، إضافة إلى تلاشي تأثير وسائل الإعلام التقليدية، في تونس بعد الثورة. وتتمتع وسائل الإعلام والإخبار الإلكترونية بالمصداقية والسرعة في تناقل المعلومات عن غيرها في الإعلام القديم، إذ أن ثورة الإعلام الرقمي أحرزت ثقة القارئ والمستمع والمشاهد خاصة وأن شبكة النت غيرت مضامين الصناعة الإعلامية. تاريخيا، بدأت فكرة إذاعات الانترنت في أميركا عام 1993 بإذاعة تحمل اسم «انترنت تالك راديو»، لتتبعها في ما بعد إذاعات أخرى عديدة، لكن انتقال هذا التخصص إلى الوطن العربي كان نسبيا نوعا ما. وبدأ الجمهور بدأ ينصرف عن الصحف الورقية والتلفاز الأرضي ولجأ للمجلات والإذاعات الإلكترونية وحتى مواقع التواصل تويتر مثالا كان لها دور هام في بث المعلومات الآنية لحظة بلحظة للمتلقي فلم يعد بحاجة إلى تلك الوسائل القديمة. في المحرس المعتمدية التابعة لولاية صفاقسالتونسية، أنشأ مجموعة من الشباب الهواة وأصحاب الشهائد العليا إذاعة محلية حملت اسم "راديو واب المحرس"، إذ أن شباب المنطقة يأملون دوما في إنجاح أي مشروع أو فكرة تعود بالنفع على مسقط رأسهم المحرس. اجتهدوا فحققوا حلما مازال صغيرا لكنه بدأ يرى النور يوما بعد يوم بفضل تحملهم لشتى الظروف التي واجهتهم، والشباب الأعضاء هم _ فريد رديسي: مدير الراديو _ رفقي بن علي: منشط _ عمر كريم: مصمم غرافيك وفيديو ومراسل مباريات الجمعية الرياضية بالمحرس _ وجدي قربع: مصور _ مرتضى بيبي : منشط وصاحب فكرة الراديو _ شرف الدين لجنف: تقني صوت _ إيهاب صعنون: تقني صوت _ محمد بن حسين : مراسل ميداني ومنشط _ سمير الشيخ : منشط ثانوي _ رمزي بن أحمد: منشط ومعلق رياضي للمباريات الخاصة بجمعية المحرس _ حافظ الميعادي: منشط ثانوي وناقد. يقول عمر كريم أحد المنشطين براديو واب المحرس إن "هدف الإذاعة هو نقل كل الأخبار التي تهم معتمدية المحرس التابعة لولاية صفاقسالتونسية، إضافة إلى الاخبار الوطنية والعالمية"، مشيرا إلى أن طموحه وزملاءه هو بث الإذاعة على ذبذبات الأفم بدلا من الواب لتنتشر أصواتهم وبرامجهم على أوسع نطاق و في كل مكان. وتحاول إذاعة واب المحرس الإلكترونية أن تنوع بقدر كبير في برامجها، بحسب عمر، حيث ستقدم في المستقبل فقرة دينية وأخرى للأطفال وأخرى خاصة بعالم التكنولوجيا وفقرة إضافية تتعلق بعالم الفن والمشاهير، وبرامج أخرى تهتم بالنقد الاجتماعي والسياسي وأخيرا فقرات متنوعة تهتم بالرياضة على وجه الخصوص. ويضيف "رفقي بن علي"، منشط براديو واب المحرس أيضا، أن الإذاعة تعمل حاليا على تقديم 4 برامج منها الفنية والاجتماعية والثقافية والرياضية بحسب رفقي، وفي باقي أوقات اليوم يتم بث أحدث الأغاني العربية والعالمية. وقد كشف زميله "عمر" أن الراديو وقع عدة شراكات مع أغلب الجمعيات بالمحرس ومع البلدية والمعتمدية والجمعية الرياضية بالمحرس لتغطية جميع الأحداث المتعلقة بها بشكل دائم. أما بالنسبة للإعلانات التجارية فتعمد الإذاعة على مساعدة أصحاب المشاريع الصغرى والتعريف بهم دون مقابل. ويرى "عمر كريم" أن تفاعل المتابعين والجمهور ليس في المستوى المطلوب إلى حد الآن، ولا يوجد تشجيع تفاعلي على مواقع التواصل سوى من قبل البعض الذي يساهمون في رفع معنويات العاملين بالراديو. كما ذكر أن أغلب الذين يستمعون للراديو هم من المغتربين. أما بالنسبة للصعوبات والتحديات التي اعترضت المساهمين من أجل إنجاح مشروع الراديو الإلكتروني بالمحرس، فأهمها نقص الموارد البشرية حيث أن أغلب العاملين يدرسون ويعملون في الوقت ذاته، إضافة إلى نقص العنصر النسائي ونقص في الأخبار والمقالات. أما ظروف العمل، فلم تكن الأجواء مريحة للعاملين بسبب شدة الحر خاصة في ظل عدم توفر مكيف هوائي ونقص الصور في ظل عدم وجود كاميرا خاصة بالتصوير الصحفي وحاسوب أو لاب توب خاص بالمنشط، ورغم كل هذا لم تمنعهم الظروف من الاستمرار. وقد كان لراديو واب المحرس دور في أهم الفعاليات التي أقيمت بالمدينة وساهم في إنجاح هذه الفعاليات من خلال الإشهار ل"حملة دفيني" لمساعدة العائلات المعوزة، مثلا، وتنظيم حفل فني ناجح للفنانين التونسيين قاسم كافي وزازا، والمساهمة في تنظيم حفل للممثل الكوميدي جعفر القاسمي. زد على ذلك، تنظيم فعالية تقليدية بعنوان "لمة وهمة" ومعرض مبيعات لجمعية أمل لذوي الاحتياجات الخاصة وتغطية صحفية لفعالية "فن الشارع" بدار الثقافة وحملة "كتابي" لترميم المدارس والمعاهد بالمحرس وخارجها _العيثة وخول غزال والعادي_ وفعالية يوم المسرح وفعالية مواطنون بالخارج وحفل تكريم اللاعب كمال لجنف. كما قدم العاملون بالراديو فيلما كوميديا من إنتاجهم وتصويرهم وإخراجهم للتعريف بمدينة يونقا التاريخية الكائنة بمعتمدية المحرسالتونسية، وتعود يونقا تاريخيا للامبراطورية الرومانية. رابط الفيلم: ( .......)
ويؤكد كل من رفقي بن علي وعمر كريم على أن فكرة إطلاق الراديو تعود لكل من شمس سلامة ومرتضى بيبي الذين ساهما في انطلاقته، لينضم إليهم فيما بعد مجموعة من الشباب الهواة لتقديم الإضافة للراديو. يذكر أن كلا من حمدي فرج وشرف الدين لجنف وفريد الرديسي ومحمد بن زينة من المساهمين أيضا في انطلاقة الراديو. وبالعودة لتصريحات المنشطين "رفقي بن علي" و"عمر كريم"، فنجد أن مشروع "راديو واب المحرس" تطورت بدعم من جمعية وفاء وجمعية يونقة وعلى رأسهم السيد فيصل بن عبدالله. وللتأكيد على تصريحات المنشطين، عدنا لصاحب الفكرة "شمس سلامة" ليحدثنا أكثر عن البدايات قائلا "مقعدان وطاولة وحاسوب بسيط مع مايكروفون صغير لإطلاق شرارة فكرة تأسيس الإذاعة سنة 2013، برفقة صديقي وزميلي في المشروع مرتضى بيبي". ويضيف "شمس" : "عملنا في بيتي أنا ومرتضى لمدة سنة كاملة وساعدنا الكثيرون كحمدي فرج وفريد الرديسي، ليستكمل الشباب العاملين الآن المهمة، بعد ذلك. وبحسب "شمس سلامة" فإن الراديو بدأ بثه في مقر سكناه بمساعدة مرتضى بيبي وحمدي فرج لينتقل فيما بعد إلى المقر الحالي الكائن بعمارة أكواريوم بالمنطقة، حيث أن السيد فيصل بن عبد الله تبرع بالمقر للراديو وساعدهم في شراء أغلب أجهزة البث الإذاعي الإلكتروني بالتعاون مع منعم دربال. و"راديو واب المحرس" يختلف عن "راديو أحباء المحرس"، لكل من علي بيبي وإبراهيم سالم، رغم أنهما ينشطان تقريبا لصالح نفس الجهة ومع ذلك فالبرمجة مختلفة، والأهم من الاختلاف في الأسماء والمسميات هو أن الإذاعتين تخدمان معتمدية المحرسالتونسية وأبناءها أولا وأخيرا. وختاما نذكر أن عددا من المحللين ذهب إلى نظرية كل وسيلة إعلامية تقليدية أو حديثة فهي مهمة، ونستحضر قول أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة الدكتور صفوت العالم "لم يحدث على مر العصور أن انتهت وسيلة إعلامية لظهور وسيلة أحدث منها، فظهور الراديو لم يلغ الصحف، وظهور التلفاز لم يلغ الراديو، وظهور الانترنت لم يلغ كل ما سبق، كل وسيلة ولها دورها ولها جمهورها الخاص".