بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيّد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعل آل بيته الأطهار وأصحابه الأبرار وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. وذكّر فإن الذّكرى تنفع المؤمنين{وما تنفقوا من خير فإنّ الله به عليم} البقرة 237 . نحن في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ... وآخره عتق من النّار . وبهذه المناسبة أذكّر نفسي وإخواني وأخواتي بالإنفاق على المحتاجين من أهل وأقارب وجيران...{لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون ، وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} آل عمران 92 . {وأنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّي لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن من الصالحين} المنافقون 10 {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرّازقين} سبأ 39 . لأنّه كما أخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المؤمن منفعة، إن ماشيته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن شاركته نفعك وكلّ شيء من أمره منفعة رواه أبو نعيم . و ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا رواه مسلم. يا أحبابنا اسمعوا جيدا: السخيّ قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنّة بعيد من النّار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنّة قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل. وأدوأ الداء البخل الترمذي والدّار قطني. ...إنّما الدّنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربّه ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقا وهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان فهو نيّته فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتّقي فيه ربّه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقّا فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو نيّته فوزرهما سواء قطعة من حديث رواه الترمذي. هناك بعض القصص لولا أنها نقلت إلينا نقلا حسنا يكاد الإنسان لا يتصورها بله ولا يصدّقها خاصة في عالما هذا، كل شيء فيه بالحساب: كم قبضت؟ كم ربحت؟ كم خسرت؟ كم صرف؟... ولا حول ولالاقوة إلا بالله ... هذه القصة التي بين أيدينا، يمكن للصحابة الثلاثة رضي الله عنهم أن يعطوا تلك العجوز الكريمة 10 من الشاة 20 أو حتى 30 وهذه تعد لتلك المرأة ثروة عظيمة... لآ أطيل عليكم فأنا عدو التطويل ولكن إخوتي وأخواتي الأفاضل اسمعوا: قال أبو الحسن المدائني: خرج الحسن وعبد الله بن جعفر حجاجا، ففاتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها، فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم . فأناخوا إليها، وليس لها إلاّ شويهة في كسر الخيمة، فقالت: احلبوها وامتذقوا لبنها! ففعلوا ذلك. وقالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا، إلاّ هذه الشاة، فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم شيئا تأكلون! فقام إليها أحدهم فذبحها، وكشطها ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا، ثم أقاموا حتى أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيرا. ثم ارتحلوا، وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة، فغضب الرجل وقال: ويحك! أتذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ثم تقولين: نفر من قريش؟ ثم بعد مدة ألجأتهما الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها وجعلا ينقلان البعر إليها ويبيعانه ويعيشان منه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث غلامه فردها، فقال لها: يا أمة الله! أتعرفينني؟ قالت: لا. قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا. فقالت العجوز: بأبي أنت وأمي! [لست أعرفك! فقال: فإن لم تعرفيني فأنا أعرفك]، فأمر الحسن فاشترى لها من شاء [شاة] الصدقة ألف شاة، وأمر لها بألف دينار! وبعث بها مع غلامه إلى أخيه، فقال: بكم وصلك أخي الحسن؟ فقالت: بألف شاة وألف دينار! فأمر لها بمثل ذلك! ثم بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر. فقال: بكم وصلك الحسن والحسين؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة، فأمر لها عبد الله بألفي دينار وألفي شاة، وقال: لو بدأت بي لأتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف شاة وأربعة آلاف دينار" ... "الله أكبر" . وأختم بهذين الحديثين لأجود خلق الله إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جبريل عليه السلام قال الله جل جلاله {إن هذا دين ارتضيته لنفسي ولن يصلحه إلاّ السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما استطعتم} الدار قطني. والحديث الثاني قال الرسول الأكرم: {تجافوا عن ذنب السخيّ فإن الله آخذ بيده كلما عثر} رواه الطبراني. اللهم اجعلنا من المسلمين المؤمنين المحسنين الأتقياء الشاكرين الأسخياء السّمحاء وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أخوكم عبد الستار بن المختار ونيس أصيل شنني قابس مقيم بألمانيا يوم الخميس 21 رمضان 1430 هجري الموافق ل 10 سبتمبر 2009-09-15