عاجل/ الادارة العامة للحرس الوطني تصدر بلاغ هام وتحذر..    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    قوات الاحتلال الإسرائيلية تقتحم مدينة نابلس..#خبر_عاجل    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    ماكرون: هناك احتمال أن تموت أوروبا    رحلة بحرية على متنها 5500 سائح ترسو بميناء حلق الوادي    مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح    عصام الشابي وجوهر بن مبارك يدخلان في إضراب جوع وحشي    حالة الطقس ليوم الجمعة 26 أفريل 2024    سعيد لماكرون: توافد عدد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء أمر غير طبيعي    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي..    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تكريم فريق مولودية بوسالم للكرة الطائرة بعد بلوغه الدور النهائي لبطولة إفريقيا للأندية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق اعتماد سفير تونس باندونيسيا    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب العربي أمام محبطيه- لي محمد فخرو
نشر في الحوار نت يوم 10 - 10 - 2019

ما إن تتحرك جموع الشباب العربي، فتيانه وفتياته، وتنزل في شوارع مدن هذا القطر العربي أو ذاك، رافعة مطالب معيشية وسياسية وحقوقية واقعية وشرعية، حتى تنبري جهات كثيرة بإثارة الشكوك وتوجيه اللوم وتأليف الاتهامات المتخيلة.
فجأة تفتح أنظمة الحكم الفاسدة عيونها، بعد أن تعايشت عبر سنين مديدة مع تواجد الغنى الفاحش مع الفقر المدقع المذل فى مجتمعاتها، وبعد أن تجاهلت قنبلة ارتفاع نسب البطالة بين الشباب سنة بعد سنة دون أمل فى حل، وبعد أن تنازلت عن مسئولياتها فى توفير خدمات الرعاية الاجتماعية فى حقول التعليم والصحة والسكن والعمل، وبعد أن أنفقت الجزء الأكبر من الميزانيات على أجهزة الأمن والاستخبارات والعساكر والأسلحة والإعلام المنافق وعدد لا يحصى من شركات واجتماعات وحفلات العلاقات العامة الانتهازية.. بعد أن تعايشت مع كل ذلك وتجاهلت آلام وأحزان ويأس أولئك الشباب تفتح متأخرة عيونها المغمضة الناعسة لتنطق بوعود تكوين اللجان وتوجيه البرلمانات الخائبة والنظر فى تحقيق مطالب الشباب، ولكن مع صمت مريب عن معاقبة الفاسدين واسترجاع الثروات المنهوبة وبناء نظام سياسى واقتصادى عادل على أسس تقدمية وديمقراطية.
ولا يستطيع الإنسان أن يفهم كيف أن حكومة وبرلمانا موبوءان بجراثيم الفساد واللامبالاة يستطيعان أن يستجيبا لمطالب حقوقية جذرية كالتى يرفعها الشباب. هنا الشك الكبير فى الوعود.
أما الجهات الاستخباراتية المحلية والخارجية، فإنها تقوم بمهمة تجييش قواها وقوى زبائنها للقيام بحملات تشويه واتهامات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى. وهكذا يجد الشباب المحبطون أنفسهم أمام اتهامات بالعمالة لهذه الجهة أو تلك، وبالطائفية لهذه المرجعية أو تلك، وبالتواطؤ مع منظمات حقوق أو مراكز دراسات دولية. ويا ويل الحراك الشبابى فى حالة ارتكاب بعضهم خطأ أو هفوة. عند ذاك يوصم الحراك برمته كخطر شيطانى على السلم الأهلى والاستقرار المجتمعى والاقتصاد والسياحة، لإثارة الخوف فى صفوف مناصريه من عامة المواطنين.
لكن انتهازية التصدى لحراك شبابى عفوى سلمى، رافع لمطالب شرعية، تصل إلى قمتها عند بعض المستفيدين الفاسدين من فقهاء السلاطين والتخلف. بقدرة قادر ينقلب خطابهم الدينى اليومى إلى خطاب سياسى طائفى بامتياز. جزء من انتهازيتهم يبارك بتملق حراك الشباب وحقهم فى العيش الكريم، ولكن جزءا آخر يرمى إلى إدخال الانقسامات والصراعات فى صفوفهم. هذا الجزء الأخير يذكر جزءا من الشباب بعدم المساس بالمحاصصة الطائفية فى نظام الحكم. ولذا فعليهم ألا يسعوا لإسقاط أو استقالة رأس الحكم الفاسد، إذ إنه ينتمى إلى هذا المذهب أو ذاك، ويعلنون بصوت عال مخدر بأن خروج الرأس الفاسد سيعنى هزيمة لهذا المذهب أو ذاك.
وهكذا يبقى مثل هؤلاء الفقهاء متأرجحين بين فقه متعصب متخلف وبين فكر سياسى طائفى مساند للاستبداد والفساد.
لا حاجة للحديث عن مواقف التفرج واللامبالاة التى تمارسها الكثير من الأحزاب الضعيفة النائمة، إذ ترى نفسها فى الهوامش وخارج وهج حراكات الشباب. ولا حاجة للحديث عن ثرثرة كتاب ومتحدثى وسائل الإعلام المرئية والسمعية، إذ ينشغلون بطرح الأسئلة الساذجة وبادعاء الحيادية الطفولية، بينما تحترق الأرض وتسيل الدماء. ثم إن الحديث عنهما أصبح حديثا معادا ومملا وخاليا من أى فائدة وضربا فى الجسد الميت.
من هنا فإن التعويل على وصول الحراكات الثورية الشبابية، التى تظل تفاجئ الجميع وتبهر العالم وتؤكد أن تاريخ الاذلال الممتد عبر القرون الماضية قد قارب الوصول إلى نهايته.. أن التعويل سيعتمد على جيل شبابى عربى يتمتع بصفات الجرأة، دون خوف، والمخاطرة دون تهور، والقدرة على الإنجاز، حتى ولو بتعثر مؤقت، والاعتماد على تجييش ذاته ومواطنيه بقدراته الذاتية، وبإبداعاته فى استعمال سلاح تكنولوجيا التواصل الاجتماعى ومنجزات عوالم المعرفة الحديثة.
ولذا فليس بمستغرب أن تبقى شعارات مختلف تمظهرات حراكاته الجماهيرية الشبابية فى طول وعرض الوطن العربى ثابتة لا تخرج عن نطاق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعيش الكرامة الإنسانية.
هذا جيل شبابى عربى يراقب ويتعلم مما يجرى فى هونج كونج وباريس ولندن وواشنطن، ومما تطرحه حراكات شباب العالم من شعارات إنسانية كبرى، ويستمعون يوميا إلى ما يطرحه أصحاب الضمائر والقيم فى مجتمعاتهم وفى العالم عبر ألف وسيلة ووسيلة. هم يعيشون فى وهج التمرد الإنسانى، حتى ولو كان لا يزال محدودا، على تاريخ وحاضر البؤس البشرى أمام التحديات القيمية والأخلاقية التى كانت ولا تزال تحاول جر الإنسانية إلى سماوات السمو والوهج الربانى.
لا خوف على شباب العرب، فالمستقبل ينتظرهم ليشملهم بدفئه وروعة تألقاته.

(الشروق المصرية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.