الشركة الجهوية للنقل بنابل تعزز أسطولها بست حافلات عادية جديدة للنقل بين المدن بكلفة تناهز 4 مليون دينار    وزير الخارجية يلتقي عددا من نظرائه خلال مؤتمر روسيا-إفريقيا    وزيرة الصناعة تشرف على اختتام تظاهرة أيام مدنين للاستثمار    مصر.. شقيق رجل أعمال مشهور يحرق نفسه أمام مطعمه الجديد    افتتاح الشباك الموحد لإتمام إجراءات السفر إلى البقاع المقدسة الخاص بحجيج ولاية تونس    في تونس: التهاب المفاصل يستهدف النساء في اليدين والساقين والرجال في العمود الفقري    مدوي/ بمشاركة الأم: اغتصاب طفلة 16سنة والتحرش بشقيقتها على يد زوج والدتهما..    زيت زيتون شملالي تطاوين: الأفضل عالميًا...كيفاش؟    حملة أمنية على الشقق المفروشة للكراء بهذه الجهة..#خبر_عاجل    زغوان: العلاج بالمضادات الحيوية ورقمنة القطاع الصحي في صدارة اهتمامات المؤتمر الطبي ال25 للجمعية العلمية للأطباء والصيادلة بزغوان    بني خلاد...لمواجهة أزمة القوارص.. زراعة البطاطا خيار الفلاحين    تربّصات الأطباء المقيمين:    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن قائمة الحكام الدوليين لسنة 2026    مستقبل سليمان وشبيبة العمران يتعادلان وديا دون أهداف    مع الشروق : الزّيت ثروة وليست طريقة إثراء    غدا: تونس تستقبل شهر رجب    الجولة 19 لبطولة النخبة لكرة اليد: الصراع يشتد بين المكنين وجمال وبني خيار على البلاي اوف    الكأس الممتازة لكرة السلة (أكابر): النادي الافريقي يتوج باللقب    الليلة: أمطار متفرقة بهذه المناطق والحرارة بين 8 و15 درجة    مختصّ يُحذّر التوانسة من السلالة ''K''    صفاقس : "تبع الغرزة" شعار الدورة 11 لمهرجان "الحاجوجة" ... من أجل سليط الضوء على الذاكرة الحرفية وتجذير الهوية الجماعية    وزارة التربية: أكثر من 6 الاف تلميذ يستفيدون من رحلات تربوية خلال عطلة الثلاثي الأول    تطاوين: أمطار هامّة تنعش آمال الفلاحين وتخفّف من حدّة الجفاف بالجهة    عاجل/ تطورات جديدة في قضية رجل الأعمال مروان المبروك..    العدوان الصهيوني على غزة: 6ر1 مليون شخص في القطاع يعانون من انعدام أمن غذائي حاد..    بداية من غرة جانفي: خلاص ''vignette ''الكترونيّا    وليد بن محمد رئيسا جديدا للرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    اقامة كأس الأمم الأفريقية كل أربعة أعوام بدلا من عامين    عاجل: منخفض جوي جديد يبدأ في هذا التاريخ وتأثيره أسبوع كامل    باجة: زيت زيتون "توكابر" يحصد الميدالية الذهبية الممتازة لأفضل زيت زيتون بيولوجي في العالم للمرة العاشرة على التوالي    عاجل/ هكذا سيكون الطقس حتى نهاية ديسمبر وثلوج مرتقبة..    وداعًا وليد العلايلي.. النجم اللبناني يغادرنا عن 65 سنة    صدمة في باكستان: حكم بالسجن على رئيس الوزراء السابق وزوجته    عاجل-مدينة العلوم تقول: الأحد 21 ديسمبر هو غرة رجب المحتملة    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    كان 2025 بالمغرب: شكون يشارك؟    ميزانية بلدية تونس لسنة 2026: نحو 12 مليون دينار مخصّصة لتجسيم المشاريع الجديدة    الإخوان المسلمون في فرنسا: دراسة استقصائية تكشف قاعدة دعم واسعة وتأثيراً متنامياً    اختتام عروض الدورة 11 من قسم أيام قرطاج السينمائية بالسجون    مصر.. تفاصيل القبض على نجم الأهلي والزمالك السابق    البطلة ألما زعرة ترفع علم تونس عالياً بذهبية الملاكمة في لواندا    "فيسبوك" يختبر فرض رسوم على مشاركة الروابط الخارجية عبر منصتها    المرصد: مقتل 5 عناصر من داعش بالضربات الأميركية في سوريا    وزير التجارة يتابع موسم جني الزيتون ومشاغل الفلاحين واصحاب المعاصر وتنفيذ اجراءات تخزين الزيت وترويجه    حجز 5.6 طن من الموز غير صالحة للاستهلاك بسوق الجملة بهذه الجهة..    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    مركبة نفعية كهربائية بمدى 240 كلم وضمان طويل: DFSK EC75 يدخل السوق التونسية بقوة    كاس امم إفريقيا (المغرب 2025):الكرة الرسمية "إيتري" تكنولوجيا متقدمة بلمسة أصيلة    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    انطلقت عروضه في تونس:فيلم"Zootopia 2" يحطم الأرقام القياسية    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    الدورة 14 للمعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية: ارتفاع صادرات الزربية والنسيج بنسبة 50 بالمائة    صفاقس: حجز قطع نقدية أثرية نادرة    عاجل/ هذه الدولة تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة..    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرهاصات
نشر في الحوار نت يوم 26 - 05 - 2020

يتصوّر بعض النّاس أو يرون بقُصور، أنّ الثّورة في تونس هي نتيجة حرق محمّد البوعزيزي - غفر الله له ورحمه - نفسه، أو هي نتيجة مغصٍ هنا وهناك في الأمعاء أحدثه الجوع المسالم، أو نتيجة صفعة عون بلديّة قصّر به أصله وتربيته ومستواه الثّقافي والإنسانيّ، أو نتيجة قيام هذه الجهة أو تلك ضدّ صعاليك النّظام الذين ولغوا في الأعراض.
الثّورة نتيجة ذلك وأكثر من ذلك بكثير. فأسبابها تراكميّة، صبر عليها النّاس عشرات السّنين، وعقّدوها نتيجة انصرافهم عن سماع بعض نخبهم الواقعين تحت المعاناة المسترسلة، نتيجة محاولاتهم ترشيد الحاكم.
لقد أراد النّاس الإساءة إلى الثّورة التّونسيّة بربطها بالبطن. وهو سلوك قديم، جلس حوله عشّاق التحاليل الفضائيّة المضلِّلة، أذيال الأنظمة، المتعيّشين من الغموض والتلبيس والجهل. فكلّ معارضة للحاكم خيانة وكلّ انتفاضة في البلاد جوع أو هي رغبة في التّخمة أو هي كفر بنعمة الحاكم الجليل.
أرادونا أوعية مستهلكة، متنقّلة بين المنتج وبين أكداس القمامة التي عمّت البلاد. كانت أكداس القمامة تقتحم علينا بيوتاتنا وتوصد أبوابنا وتسرّح الخنازير في شوارعنا، مؤكّدة نجاح الأنظمة في القضاء على الذّوق والحسّ والشّعور بالكرامة.
تآلفنا مع الذّباب المتعيّش من الجِيف ومع البعوض المتعيّش من البرك الآسنة.
قبلنا بالسّير والحائط وجرّمنا طوعا محاولة النّظر إلى باطنها. قبلنا عدم النّظر في وجه الحاكم حذر إغضابه والمساءلة.
كنّا كما أرادنا الحاكم وسيلة تثبيت كرسيّة وتزويقه، ووسيلة بناء المطامير تُطمر فيها الثروات وراء الكتب المزخرفة المضلّة، في انتظار ترحيلها إلى حسابات استعصى على الثّورة استقصاء وضبط مقاديرها أو إرجاعها إلى الخزينة.
مقدّمة طويلة قاربت الجوهر، أذكّر من خلالها أنّنا لم نَثُر - كما يسوّق بعض المعوّقين - من أجل توزيع الياسمين، فالياسمين عُرف تونسيّ أصيل، لم يغب يوما عن صفحات أدائنا. ولم نثُر من أجل إشباع بطوننا، فنحن قوم نصوم كثيرا لنصحّ، ونتوقّف طويلا أمام مخاطر البَطن والبِطانة والمُبطَّن.
وإنّما ثرنا لإعادة تأكيد ما مرّ وعدم التنكّر له، فنحن نوزّع الياسمين ونُنعش ضيوفنا به. ونحن نسعى إلى أن يكون الجميع بأحسن حال وفي منعة من لسع الجوع أو البرد أو غيرهما. ولكنّ ثورتنا جاءت مؤكّدة بالأساس وفي المقدّمة على الكرامة والعزّة والحريّة والإنسانيّة. جعلتنا الثّورة كراما أو جعلنا أنفسنا بثورتنا كراما أعزّاء أحرارا كما كنّا دائما في غياب الظلم، وبتنا نهتمّ كثيرا بإنسانيتنا، نرغب في الاهتمام بالمؤمنين منّا وبالإنسانيّة قاطبة.
وهذا التحوّل الحضاري أو هذا السّلوك الحضاريّ المسترجع بالثّورة، هو الذي جعلنا نقدّم منّا من يكون أمينا على المحافظة على المكتسبات الثّوريّة، وهو الذي يجعلنا نحاسب بجرأة كلّ مَن يخلّ بالأمانة.
فرئيس البلاد مطالب بالتصرّف في حدود ما أسّست له الثّورة. فلن يكون الرّئيس مثلا تونسيّا إذا ما تعامل مع مَن يدوس على قيمنا المسترجعة بالثّورة. بل لن يكون كريما إذا ما تعامل مع المُجرمين والمتربّصين بالبلاد أمثال السيسي وبشّار وحكّام السّعوديّة وحكّام الإمارات وحفتر أو وصف الشرعيّ بالمليشيات، ولو كان ذلك باسم ما يسمّى المصلحة الوطنيّة.
فلا بدّ أن تتخلّص المصلحة الوطنيّة من البطن. ولابدّ أن يتخلّص البطن من تقاليده القديمة، مساهمة منه في إرساء الكرامة التي ذكّرت بها الثّورة.
لا بدّ أن ينتبه رئيس البلاد إلى عدم رضا أهله (مرؤوسيه) على محاولات اللئام استهوائه، ولا بدّ أن يدرك أنّ حديث السمّاعة في الخلوة التي لم يتّق فيها ربّه ولم يراع فيها شعبه، لا يمكن - لو احترم نفسه وشعبه وثورة شعبه - أن يجرّئه على استقبال المجرمين في
لقد أثبتت الأحداث تآمر الإمارات والسّعوديّة ومصر (حكّامها) وفرنسا، على تونس. وقد لزم معاملة هؤلاء على أنّهم أعداء، لا يمكن أن تطأ أرجلهم تراب بلادنا، ناهيك عن التودّد لهم أو استدعاؤهم. إنّهم نجس فلا يقربوا بلادنا حتّى يتوبوا ويطهروا. ولن يطهروا إلّا بالإقلاع عن التؤامر ضدّ بلادنا وبالعمل على إفراغ سجونهم وإطلاق الحريّة في بلدانهم واحترام شعوبهم ودساتير شعوبهم، والاعتراف بالذنب عند عرقهم أو تقطيعهم بالماشير، ثمّ بالاعتذار والتعويض لليمن ولليبيا ولنا أيضا.
بعض الكلمات أسوقها، وقد تواتر الحديث عن زيارة قد يؤدّيها ذابح شعبه وبائع أرضه المفرّط في عرضه عميل الصّهاينة السيسي، عليه من الله ما يستحقّ.
قد أكثرت من الدّعاء عليه وعلى بطانته، ولا أدري ما أنا فاعل في المتعامل معه - لا سمح الله - على حساب شعبه وثورة شعبه... والله من وراء القصد.

عبدالحميد العدّاسي، الثلاثاء 26 ماي 2020


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.