ما أجمل تلك اللحظة التي تمكنت فيها من مغادرة تونس !.وما أتعس تلك اللحظة التي وصلت فيها الي أوروبا! كانت لحظة الخروج من تونس يومها إنعتاقا من أيّام السجن الطويلة,وفرارا من أيام حصار أشد طولا. كنت محظوظا إذ اسكن قرب الحدود فلم يكلفني الوصول إلي أرض الروم سوي أحد عشرة ساعة مشيا علي الأقدام في جبال ووهاد شاسعة وسبعة أشهرمراوحة بين دول كثيرة بحثا عن منفذ ولو كجحر الضب يوصلني إلي منفاي الأخير الآمن ومثل أغلب الفارين كان شعاري أكون آمنا أو لا أكون.كنت أطير بالخوف, سعيدا لأني أُغادر في رحلة لا ينتظرني فيها أحد من بوليس أمن الدولة .لقد ذقت معنى اللذة في المرارة. لكن ما أتعس تلك اللحظة التي التي وصلت فيها الي المنفي الإختياري/ الإجباري.إذ هي اللحظة الأولي التي بدأت فيها حساب السنين المنفية من عمري .كان ذلك بالأمس في القرن الماضي,ولا زالت تلك اللحظة تتمدد وتتمطط ولازلت مذهولا عندها كأنما هي لحظة توقف فيها الزمن أوهي غيبوبة إرادية في إنتظار رحلة عودة لم تأت يسألني أولادي اليوم عن تونس ,فأمنّيهم بزيارة في صيف قادم.وكم مرصيف وعاد صيف ووعدي لأولادي لم تشرق شمسه بعد. صرت من فرط يأسي لا أبحث عن عودة لنفسي" آمنة وكريمة " فلا كرامة لعربيّ في وطنه.أنا أبحث ,من فرط حسّي, عن زيارة سعيدة لأولادي حتي أسألهم أنا عن تونس كل عام وأنت وطني ...فمتي يأتى العام الذي يكون فيه أولادي مواطنوك ؟ المنجي المنصوري- بريطانيا 31/12/2009