بدأ انطلاقا من مدينة رام الله التنفيذ الفعلي لقرارات سابقة كانت سرية على صعيد حركة فتح باتجاه تفكيك بنية الحركة التنظيمية في الخارج والاقتصار على المؤسسات الحركية الثلاثة الكبرى في الداخل فقط مع ما يتطلبه ذلك من تعطيل لبعض الآليات التنظيمية الكلاسيكية وعمليات تسريح جماعية لكوادر الحركة في الخارج مع ما يسميه أبناء الحركة بأكبر عملية 'إقعاد' يتعرضون لها عن مهامهم ووظائفهم المعتادة منذ عقود. وبدأ في السياق التنفيذ الفعلي لقرار اتخذته مؤخرا اللجنة المركزية للحركة ويقضي بالموافقة على دفع التعويضات المالية المستحقة للموظفين المحليين العاملين في المؤسسات والسفارات الفلسطينية في الخارج من أبناء الحركة والمسجلين في كشوفاتها. كما اتخذت خلال اليومين الماضيين قرارات إضافية في السياق ستشمل آلالاف من كوادرالحركة في أقاليم الخارج ومن بينها إعداد كشوفات بتحويل من تنطبق عليهم صفة 'متفرغين' من أبناء الحركة بالخارج إلى أملاك جيش التحرير الفلسطيني تمهيدا لإحالات جماعية على التقاعد ويشمل التحويل متفرغين عسكر ومدنيين من أبناء الحركة كانوا مسجلين طوال عقود في كشوفات مؤسسات فلسطينية خارج الوطن. وسيعني هذا القرار عمليا بعد التحويل لكادر الجيش ثم الإحالة على التقاعد بأنّ المشمولين لا يستطيعون 'إشغال' أيّ وظائف أو مهام لاحقا لا على الصعيد الحركي ولا على الصعيد المؤسسي الوظيفي بمعنى أنّهم سيذهبون إلى بيوتهم بعد الحصول على مستحقاتهم المالية وبعد - وهذا الأهم - شطبهم من سجلات الحركة، والقرار سالف الذكر سيشمل المئات حسب مصادر 'القدس العربي' التي اعتبرته مقدمة لأكبر عملية 'تفريغ تنظيمي' وشطب قيود يتعرض لها أبناء الحركة في الخارج الذين لن يستطيعوا بعد هذه الإجراءات إشغال أيّ مهام أو وظائف حركية يعني تسريحهم تنظيميا وبالتالي تفريع أقاليم الحركة الخارجية التي تزيد عن 50 إقليميا في العالم من سجلات العضوية والكادر الحركي. وكخطوة إدارية تنظيمية تنسجم مع هذا التوجه يفترض أن يحضر خلال اليومين المقبلين إلى عمان ثم تونس القيادي البارز في الحركة ومسؤول التعبئة والتنظيم فيها أبو ماهر غنيم بهدف 'تصفية' كل الهياكل الإدارية والتنظيمية المرتبطة بشعبة التعبئة والتنظيم وكذلك تصفية مكتبه ومنزله في العاصمة تونس وهذا الإجراء يعني عمليا أن 'لا تعبئة وتنظيم بعد الآن' خارج فلسطين باسم حركة فتح. وعلى ضوء نفس المشروع تم اتخاذ قرار خاص ومواز بوقف جميع الموازنات المالية لأقاليم الحركة في الخارج وقبل ذلك نقل جميع ملفات وكادر ومكاتب 'الإدارة المالية' للحركة من العاصمة عمان إلى الداخل في رام الله مما يعني عمليا بالتوازي عدم وجود مخصصات مالية بعد الآن باسم أقاليم حركة فتح الخارجية. ويحصل ذلك بالتوازي مع شطب أسماء جميع أبناء الحركة في الخارج العاملين فيما تبقى من مؤسات المنظمة أو جيش التحرير من الذين تقاعدوا أو لم يتقاعدوا أو بصدد التقاعد فيما تعتبر قرارات التحويل للجيش ثم الإحالة على التقاعد بمثابة 'إقعاد' عن المهام والوظائف التنظيمية وسيعني لاحقا عدم قيام أيّ كادر فتحاوي بأي مهام محددة في أطر وهياكل الحركة. وتتسبب هذه الإجراءات بجدل واسع يشمل غالبية أقاليم الحركة الأساسية في الخارج مع توفر أجواء القلق من مخطط لاستثناء فتح الخارج تماما في المرحلة اللاحقة وتفريغها والإبقاء فقط على ثلاث مؤسسات حركية فاعلة هي المجلس الثوري واللجنة المركزية والمجلس الاستشاري الذي ينوي الرئيس محمود عباس تشكله لإرضاء الحردانين من قيادات الحركة. واتخذت هذه الإجراءات الإدارية والمالية في الوقت الذي تم فيه أيضا 'تعطيل' قنوات الأصول والتواصل التنظيمية المعتادة حيث لا تصل أيّ تعميمات داخلية من أيّ نوع منذ أشهر لكادر الحركة في الخارج ويكتفي أبناء الحركة بالاطلاع على مواقف مؤسساتها والمستجدات التنظيمية عبر المواقع الصحافية حصريا بعد توقف إصدار التعميمات الحركية وفقا للتقاليد القديمة، وكذلك البيانات في سياسة تعطل عمليا أطر الاتصال والتواصل التنظيمية مما يعني حسب خبراء الحركة انتهاء وتعطيل 'المركزية الديمقراطية' لحركة فتح، الأمر الذي يغير هوية الحركة بالنتيجة ويعطل برنامجها كحركة تحرر وطني.