عبد الباسط بن عثمان (38 سنة).. كريمة بن نصر (34 سنة).. رنيم بن عثمان (عامان)... ثلاثة أفراد من عائلة واحدة جمعهم الحب والتفاهم وكانوا رفقة الطفلة «ت» (أقل من أربع سنوات) يعيشون حياة سعيدة... ولكن فجأة اختفت هذه العائلة من الوجود وانقلبت السعادة إلى مأساة عندما مات ثلاثة من أفرادها على اسفلت الطريق فجر أحد أيام الأسبوع الفارط بعد أن صدمتهم حافلة «زينة وعزيزة» التابعة للشركة الجهوية للنقل بنابل فجرا بينما كانوا على مقربة من مستشفى الميدة... ذلك الصباح لم يكن عاديا في الميدة بعد أن حصد غول الطرقات ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة... وأحال الرابع (طفلة) إلى المستشفى... الجميع ورغم البرد ورذاذ المطر توجهوا إلى المكان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولكن القدر كان الأسرع فقد فارق الأب والبنت الصغرى الحياة على عين المكان ثم لحقت بهما الأمّ بعد فترة وجيزة بينما كتب للطفلة الكبرى عمر جديد... فاجعة في الميدة...وضعت المأساة أوزارها، وأصبح منزل العائلة المنكوبة قبلة لجحافل المعزين من كل حدب وصوب... الحزن كان باديا على ملامح الجميع... وفي البيت لا تسمع غير «الله يرحمهم كانوا ناس طيبين» في إشارة إلى الأب عبد الباسط والأمّ كريمة... فالجميع نوّهوا بطيبة الزوجين وسيرتهما الحسنة بين أهالي المنطقة وأبلغ دليل هي الجنازة المهيبة للزوجين وابنتهما... «إنها فاجعة حلّت بنا ولكن هذا ما شاءته الاقدار».. هكذا بادر السيد وليد بن نصر (شقيق الزوجة المأسوف عليها) حديثه إلينا ثم واصل قائلا: «لقد غادرت شقيقتي وزوجها وابنتاهما البيت فجرا لإيصال الأخيرتين (الابنتان) إلى منزل أحد الأقارب قبل أن ينطلق كل منهما نحو عمله وفي الطريق سلكوا مسلكا فرعيا وما ان اقتربوا من المعبد وتحديدا على مقربة من المستشفى حتى داهمتهم الحافلة». السائق لم يتفطن للحادث كان الاصطدام قويا... وهنا يقول محدثنا: «لقد كان السائق يقود الحافلة بسرعة رغم أنه يسير داخل مواطن العمران حتى انه غادر المعبد وصدم شقيقتي ومن معها وواصل سيره»، إذ لم يتفطن لوجود هذه العائلة على قارعة الطريق حسبما أفادنا به بعض شهود عيان وواصل سيره وكريمة عالقة بالحافلة ولم يتوقف إلاّ حين أبلغه المارة وجلبوا انتباهه ببعض الإشارات.. كان المشهد فظيعا للغاية.. الدماء منتشرة هنا وهناك.. الأب والابنة الصغرى جثتان هامدتان وبالقرب منهما البنت الكبرى جريحة بعد أن مرّت الحافلة فوقها وعلى بعد عدة أمتار الأمّ تحتضر ثم تفارق الحياة.. كانت مأساة بأتم معنى الكلمة.. حلت السلط الامنية والحماية المدنية على عين المكان.. ونقل أفراد العائلة إلى المستشفى واحتفظ بالسائق على عين المكان. السيد وليد أكد أنّ السرعة هي السبب الرئيسي للحادث الأليم الذي حصد أرواح شقيقته وزوجها وابنتهما الصغرى. شركة النقل تأسف وتوضح وباتصالنا بمصدر من الشركة الجهوية للنقل بنابل عبر عن أسفه وحزنه الشديد لوقوع هذا الحادث وأكد أن الحافلة مستغلة في التنقل الضحوي ولا تتجاوز سرعتها في أقصى الحالات ال80 كلم في الساعة أمّا فيما يخص السائق فأكد محدثنا أن له تجربة تناهز 11 سنة من العمل على مستوى الخط المذكور. محدثنا لم ينف إمكانية أن تكون الحافلة تسير بسرعة تفوق المسموح به داخل مناطق العمران ولكنه في المقابل أشار إلى أنّ السائق قد يكون تضايق جراء قدوم سيارة من الجهة المعاكسة يستعمل سائقها أضواء الطريق (فار). وختم بالقول: «المؤكد أن السائق سيحال لاحقا على مجلس التأديب وستسحب منه رخصة السياقة لفترة زمنية فالشركة دائما تسعى لتطوير كفاءة سواقها من خلال تكوينهم الدوري في مجال السلامة ومن بينهم السائق المشار إليه والذي شارك في جويلية الفارط في دورة تكوينية». يذكر أنّ شركة نقل نابل اتخذت إجراءات للوقوف إلى جانب أقارب العائلة المنكوبة والتخفيف من مصابها.