أزمة المباراة : الأمة التي يوحدها الله لا تفرقها مباراة بقلم/ عبد الناصر سيد أحمد بكالوريوس العلوم السياسية دبلوم الدراسات الإسلامية دراسات عليا في الاقتصاد الإسلامي
من منا في عصرنا هذا لم يشعر بالفخر حين يتذكر إنجازات أمته ؟ من منا لم تغمره السعادة والفرحة والشعور بالفخر والعزة في كل فوز تحققه إحدى الفرق الرياضية ومع كل انتصار رياضي في شتى الألعاب، إنها السعادة المفقودة والانتصارات التي قاربنا على نسيانها في مجالاتها الحقيقية إلا في ذكرياتنا وماضينا ، ولا نبالغ إذ قلنا أن الريادة في المجالات الرياضية تجعلنا نستذكر أوقات العز والفخر مع انتصاراتنا وحين يدوي صوت "وطني حبيبي الوطن الأكبر" وحين يعلو صوت " الله اكبر فوق كيد المعتدي ، الله للمظلوم خير مؤيد ، أنا بالسلاح وبالكفاح سأفتدي ، بلدي ونور الحق يسطع في يدي" وحين نلتقي مع صوت زعيم يقول الله اكبر ... سنقاتل ...سنقاتل ... سنقاتل . فقاتلنا جميعاً وكأننا كنا ننتظر أمر القتال ونحن " خير أجناد الأرض " و" خير أمة أخرجت للناس " ولا يستطيع أي من كان أن ينكر أننا قاتلنا جميعاً ... قاتل العرب عدواً واحداً يغزو أرضنا في سيناء وبورسعيد لأننا كنا نقاتل في جبهة أخرى في وهران والبليدة وقسنطينة كنا نقاتل في الجزائر . وسجلنا الانتصار وتغنينا بعد ما عانينا وطأة الغازي والاحتلال فكانت الوحدة وحدة الشهداء والدماء في ميدان القتال وكان التحرير وسالت دموعنا فرحاً بعدما سالت دماؤنا فداءاً للوطن واختلطت والتراب ولم نكن نميز بين الدماء ولم نكن نميز بين الأجساد فكلها للشهداء وكلها اندمجت بالتراب فداءاً للوطن وحرية لأرضنا المحتلة من الغاصب وتحررت أرضنا أرض الشهداء في وهران والبليدة وقسنطينة والجزائر . وإذا كنا غنينا للانتصار وسجلنا بدمائنا على التراب أمجاداً للأمة يذكرها التاريخ وفي أوقات الفرح كنا معاً ، ولكن بكينا دماً من شهدائنا دفاعاً عن أرضنا وقت الهزيمة " فهنا استشهد أبي ...هنا استشهد أخي ، هنا سالت دموعنا على فراق الأحبة من الشهداء وقهراً من عار الهزيمة وضياع الأرض وانتهاك الحرمات والجرائم والمذابح التي روعت أهلنا ، وصرنا مهزومين لا نقول من الفاعل فهو عدونا المعروف ولن نقول من السبب فهو عدونا المعروف الذي لا يريد لامتنا أن نكون متوحدين أن نكون منتصرين ، هذا العدو الذي أسعدنا في انتصارنا وأبكانا في هزيمتنا . وما أقسى دموع الرجال في أوقات الهزيمة ولا ننسى دموع بومدين وهو يطلب السلاح لمحو الهزيمة وهو يقول لن نقبل بهزيمة مصر . وما أعظم الرجال في أوقات الشدة ، وما أكثر الرجال على جبهات النار حين يطلب الفداء ونطلب الشهادة ويمن الله على الشهداء ويعطينا الانتصار، فهكذا يكون الانتصار وهكذا تكون الريادة فالنصر على الأعداء والعون والمدد للأشقاء. لكن أن تتحول ريادتنا وانتصاراتنا إلى مباراة الفائز والخاسر كلاهما منا ونحن منهم ... فما الفارق ؟ وماذا يستفيد الفائز وماذا يخسر الخاسر ... لا شيء !!!. هذه هي مباراة كرة القدم لا مكسب فيها ولا خسارة سوى أنها رياضة إن تعاملنا معها كرياضة لا كحرب تسخر لها وسائل الإعلام ضد الأشقاء ويتبارى فيها مجموعة من الجاهلين لا يفقهون شيئاً ولا يعقلون لما يقولون اللهم إلا حب الظهور وركوب الموج مهما كان هذا الموج ، ومهما كانت النتائج وبغض النظر عن الأضرار التي تلحق بأمة تقطعت أوصالها وصارت دويلات وطوائف وفرقاً وشيعاً لا رابط بينها سوى ذكريات التاريخ وثوابت يقرها الكل قولا ً وعند العمل يحطمونها ولا يعملون إلا بثوابت الشخصنة والمصالح الفردية ومرت عاصفة القاهرة وأم درمان بسلام ومهما قيل من أكاذيب ومهما حصل من افتراءات فلا نجد جرحى ولا قتلى ولا نجد غير مجموعة أكاذيب من محترفي الكذب ومنتفعي المصالح وفي الأخير فاز من فاز وخسر من خسر .. وهكذا تكون الرياضة إن كانت رياضة أما إذا جاءت على حساب الوطنية والقومية والأمة الواحدة التي يقول عنها الخالق العظيم " إن أمتكم هذه أمة واحدة " فلا تكون رياضة ولكنها تكون مخالفة لكل الأديان فأين مبدأ التسامح وأين الأمة التي وحدها ربها ويفرقها الجاهلون . والآن تبقى مباراة بنجيلا بانجولا مباراة الأزمة من جديد أم تمر العاصفة ... ويبقى ما ينفع الناس في القاهرة والإسكندرية ودمياط وأسيوط وأسوان ووهران وقسنطينة والجزائر وكل المدن العربية في مصر والجزائر وكل المدن العربية التي تحوي الشعب العربي والأمة العربية ، وهو أننا جميعاً شعباً واحداً قطعت أوصاله وقسمت أراضيه وأصبح علمه أعلاماً يتقاتل عليها أبناء العلم الواحد والأمة الواحدة والدولة الواحدة ... دولة العرب . وتظل شعوبنا العربية في حالة أمل وتمني لتحقيق الوحدة العربية فلتوحدنا المباراة في بنجيلا ولا تفرقنا الأكاذيب والمنافع والمصالح الشخصية ولنسمو فوق الصغائر ونعلو فوق كل من يحاول تفريقنا حتى ولو كانت مباراة .... فالأمة التي يوحدها الله لا تفرقها مباراة .