نقل تونس.. صيانة واصلاح 100 حافلة و28 عربة مترو بصفة عاجلة (فيديو)    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    القبض على 24 منفّذ "براكاج" بالأسلحة البيضاء روّعوا أهالي هذه المنطقة    السجن ضد هذه الإعلامية العربية بتهمة "التحريض على الفجور"    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    كرة اليد: الترجي في نهائي بطولة افريقيا للاندية الحائزة على الكؤوس    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    المهدية : غرق مركب صيد على متنه بحّارة...و الحرس يصدر بلاغا    Titre    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد في لقائه بالحشاني.. للصدق والإخلاص للوطن مقعد واحد    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درويش ... ما فعل الله بك ؟ ! بقلم : خالد ناصر الدين
نشر في الحوار نت يوم 22 - 03 - 2010

عندما استدعيت لأحضر أمسية سماها منظموها خطأ " تكريمية " احتفاء بالشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ، وَجَدْتُنِي أقرأ بعض ما كتب عن هذا الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لسنوات طويلة ، لا أخفيكم سرا تغيرت نظرتي لهذا الشاعر بعدما غيرت نظارة الإعجاب والشهرة التي فرضت علينا من طرف وسائل الإعلام والكتب المدرسية ، وبعدما أصبحت أقرأ شعره بالمنظار الرباني والنبوي ، تغيرت نظرتي تماما ، وأدركت فعلا أن الشهرة حجاب يمنعنا من رؤية العيوب وإن كانت ظاهرة للعيان ...
كما توقعت تماما كانت صور الشاعر تملأ فضاء القاعة ، وكانت كل المداخلات تمجيدا وتبجيلا وتلميعا وإطراء على الشاعر الكبير ... وما غاب عن الجلسة التأبينية الإطرائية تلك ، هو العظات والعبر التي يجب استخلاصها من حدث " الموت " أولا ( كفى بالموت واعظا ) ، ثم الحديث عن الجانب المظلم من شخصية هذا الشاعر الذي فهم الحداثة تجريحا للمقدسات ، ومسا بالثوابت ، وتطاولا على الذات الإلهية تارة ، وعلى أسماء الله الحسنى و الأنبياء والملائكة تارات أخر ...
فما حقيقة درويش ؟ وما الخانة التي يجب أن يدرج فيه ، أهو من شعراء ما قبل " إلا " ، أم من شعراء ما بعد " إلا " ؟ ثم لو أتيح لنا أن نتصل به ، كيف سيكون جوابه عن سؤالنا : ما فعل الله بك يا ترى ؟
أولا _ درويش و حرف الاستثناء " إلا " :
يقول الله عز وجل في سورة " الشعراء " : " والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون ما لا يفعلون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " الشعراء : 224 _ 227 ، توقف كثير من النقاد عند هذه الآيات لتحديد موقف الإسلام من الشعر ، ومن بين ما أوحت به هذه الآيات " تصورين اثنين :
_ أحدهما : يقوم على جمالية الكذب ، وهي جمالية تستقي مادتها من التخييل ، فينشأ عن ذلك عالم وهمي ينأى عن عالم الحقيقة والواقع .
_ أما الثاني : فيقوم على جمالية الصدق والمعنى ، لأنه يعيش التجربة ويعبر عنها بصدق وواقعية ، فلا يفرق بين الاسم ومسماه ، ولا يباعد بين الدال ومدلوله . " ( الشعر العربي القديم " رؤية إسلامية " ) / ص : 77
بناء على ذلك يسهل علينا تصنيف درويش الذي ملأ الدنيا بأشعار أطلق من خلالها العنان لخياله وقلمه ، فهام على وجهه ضاربا عرض الحائط كل المقدسات وكل الحرمات ، معجبا بنفسه ، يقف شامخا أمام الكاميرات ومكبرات الأصوات مخاطبا الجماهير العريضة موزعا قوافيه الطنانة الرنانة ، سالبا لب المعجبين الذين لا يملكون إلا أن يصفقوا بحرارة ، ناسين أو متناسين أنهم أمام شاعر شيوعي ، كان منخرطا في الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أسسه اليهود والصهاينة عام 1919 م ، كما أنه حمل في أحد المؤتمرات التي عقدت في فيينا ، في منتصف عام 1985 على كتفه علم حزب " راكاح " الشيوعي الإسرائيلي ، ممثلا لهم ومعبرا عن وحدة القوى التقدمية العربية والصهيونية ، وصرح في عام 1990 مقارنا بين " حماس " والمتطرفين بقوله " اليهود أرحم " ، هذا الشاعر الذي هام في كل الوديان ، عاش طول حياته يقول ما لا يفعل ، كما أنه لم يترك مقدسا إلا جرَّحه وتهجم عليه ، كأنما اقترن النضال عنده ، واقترنت الثورة التي ظل يتغنى بها طوال حياته بالثورة على حرمات الله ، ناسيا أو متناسيا أن الله عز وجل سيسأله ذات يوم عن كل كلمة تلفظ بها ، وكتبها ونشرها ، يقول الله عز وجل : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ( ق / 18 ) ، و عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله ! أخبرني بعملٍ يدخلني الجنه ويباعدني عن النار، قال: { لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت } ثم قال: { ألا أدلك على أبواب الخير ؟: الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل } ثم تلا: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ حتى بلغ يَعْمَلُونَ [السجدة:16،17] ثم قال: { ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ } قلت : بلى يا رسول الله، قال: { رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد } . ثم قال: { ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ } فقلت: بلى يا رسول الله ! فأخذ بلسانه وقال: { كف عليك هذا }، قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: { ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم – أو قال : (على مناخرهم ) - إلا حصائد ألسنتهم ؟!. } ]رواه الترمذي:2616 ، وقال: حديث حسن صحيح. [
ثانيا _ تخيلوا معي درويش في " رسالة الغفران " :
"رسالة الغفران " رحلة أدبية طويلة في عالم الخيال بدايتها على طريق الغفران عند أبي العلاء انطلاقا من الكلمة الطيبة التي تشبه الشجرة الطيبة ذات الأصل الطيب ، والفروع الممتدة نحو الأعلى التي تعطي ثمارا نافعة ، وهي رمز الخير المتوافر في جنات النعيم ، وتنتهي الرحلة إلى الفاجعة بالكلمة الخبيثة التي تؤدي إلى الجحيم. وتقوم رحلة المعري على الكثير من الحوارات الأدبية مع الشعراء والأدباء والناس العاديين الذين سبقوا المعري إلى العالم الآخر، وتزخر بصور أحوال أولئك الراحلين حسبما تخيله المعري، وفيها محاكمات تستمد أحكامها بناء على بينات مما قاله الشعراء السابقون ، وتتخذها حجة تقرير مصيرهم ، فإما إلى النعيم وإما إلى الجحيم باعتبار حصائد ألسنتهم لأن الجزاء من جنس العمل إلا ما ستر الله وغفر. فمن الشعراء الذين غُفِر لهم بسبب أبيات قالوها ودخلوا الجنة زهير بن أبي سلمى والأعشى وعبيد بن الأبرص والنابغة الذبياني ولبيد بن أبي ربيعة وحسان بن ثابت والنابغة الجعدي. ومن شعراء جهنم امرؤ القيس وعنترة بن شداد وبشار بن برد وعمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد والمهلهل والمرقش الأكبر والمرقش الأصغر والشنفرى وتأبط شراً وغيرهم .
لو أتيح لأحدنا أن يتخيل مصير محمود درويش كما فعل أبو العلاء المعري مع الشعراء الذين سبقوه ، كيف سيكون هذا المصير يا ترى ؟ هل سيكون من أهل الجنة الذين غفر الله لهم بسبب بيت شعري معين ، أم أنه سيكون من أهل النار الذين لم يتركوا ما يجعلهم مستحقين للغفران ؟ ، ولو أتيح لنا أن نتصل به لسألناه : ما فعل الله بك يا ترى ؟
ثالثا _ درويش والحداثة : " اقرأ كتابك ، كفى بنفسك اليوم حسيبا " :
كثر الحديث عن درويش فارسا من فرسان الشعر لا يشق له غبار ، ورمزا من رموز الحداثة الشعرية في أزكى وأنبل وأعظم صورها ، وفحلا متلألئا في سماء الإبداع ، وفيما يلي نماذج مما قيل في حقه :
_ وسمته جريدة اليوم في عددها 4762 تاريخ 22/10/1406ه ( وقد كان درويش وما زال واحداً من أعظم الشعراء العرب, إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق ) ا.ه.
_ وخصَّصت جريدة الجزيرة : مجلَّتها الثقافية في عددها رقم 143 تاريخ 6/2/1427ه عن محمود درويش ، وَوَصَفَه رئيس تحريرها ص2 بأنه : ( شاعرٌ عملاق ... وكان هو لا غيره : الشاعر والفنان الكبير الذي اسمه محمود درويش .)
_ وقال مدير التحرير للشؤون الثقافية ومُعدّ المجلة الثقافية : إبراهيم التركي : ( أمَّا لماذا محمود درويش ؟ فلأنه محمود درويش! ولا مكان لمن يسأل الصباح عن موقع الشمس ... محمود درويش : شكراً أن أدركنا زمنك . )
_ وقال غازي القصيبي ص3 من المجلة المذكورة : ( وعندما يُكتبُ تاريخ الشعر في هذه الحقبة سيبرزُ محمود درويش أعلى من كلِّ المقامات, أطول من كلِّ العمالقة ، أبقى من كلِّ الفحول ، سيبقى والريح تحته يكتب كلاماً جميلاً على سفوح الزوابع . )
_ وقال عنه عبد الله الغذامي في المجلة المذكورة ص 5 : (رجلٌ نُجمع على تبجيله .. وصاحب صيت هو الأكبر في ثقافتنا اليوم.)
_ وقال عبد الله الجفري في المجلة المذكورة ص 6 : (الشاعر الكبير محمود درويش ) وقال عن شعره : (ما كُتب هذا الشعر ليُقرأ, وإنما ليُغمس في الدم . )
لا ينبغي أن ننساق وراء هذه الأحكام الجاهزة مهما بدت براقة ، ولنتوقف عند بعض ما قاله درويش مجرحا المقدسات ، ومشككا في الثوابت :
1 _ شعر درويش و مقام الألوهية
_ قوله بأن الله خلق الإنسان عبثا : قال في مقطوعة بعنوان : عن الصمود : " إنا خُلِقْنَا غلطة ، في غفلة من الزمان " / ديوان محمود درويش بيروت / الطبعة الثانية عشر 1987 م ، الله أكبر : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " الذاريات 56 .
_ نسبته الخلق إلى غير الله ، وتسميته غير الله خالقا ، قال : " خريف جديد لامرأة النار : كوني كما خلقتكِ الأساطير والشهوات ، كوني ملائكتي أو خطيئة ساقين حولي للحارس الذي يحبس طمأنينتي . / ويقول في مقطوعة بعنوان : تلك صورتها ص : 554 : " يومك خارج الأيام والموتى ، وخارج ذكريات الله والفرح البديل " / " يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم ، قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون ، ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب ، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون " التوبة : 65 .
_ نسبته الزوجة والولد إلى الله تعالى : قال في ديوانه ص 265 تحت عنوان : آه عبد الله : " إن هذا اللحن لغم في الأساطير التي نعبدها ، قال عبد الله : جسمي كلمات ودوي ، هكذا الدنيا ، وأنت الآن يا جلاد أقوى ولد الله ، وكان شرطي . " / وقال في ديوانه ورد أقل ص : 81 قصيدة بعنوان : " إلهي لماذا تخليت عني " على لسان امرأة يقول فيها : " إلهي إلهي ، لماذا تخليت عني ، لماذا تزوجت مريم ؟ لماذا وعدت الجنود بكرمي الوحيد لماذا ؟ أنا الأرملة ... أطلقتني ؟ أم ذهبت لتشفي سواي ، عدوي من المقصلة ، أمن حق من هي مثلي أن تطلب الله زوجا وأن تسأله إلهي إلهي ... لماذا تخليت عني ، لماذا تزوجتني يا إلهي ، لماذا ... لماذا تزوجت مريم ؟. / الله أكبر : " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ، لقد جئتم شيئا إدا ، تكاد السماوات يتفطرن منه ، وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ، أن دعوا للرحمن ولدا ، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " مريم : 88 _ 95 .
_ جحد حق العبودية لله تعالى والسخرية بالعبادة ومظاهرها : حيث تحدث في مقطوعة بعنوان " أبي " عن أبيه رمز القديم ورمز الجيل المؤمن بالله ، ويتهكم به وبصلاته وعبادته فيقول : " غض طرفا عن القمر ، وانحنى يحضن التراب ، وصلى ، لسماء بلا مطر ، ونهاني عن السفر ! ... وأبي قال مرة حين صلى على حجر : غض طرفا عن القمر ، واحذر البحر ، والسفر ! يوم كان الإله يجلد عبده ، قلت : يا ناس ! نكفر ، فروى لي أبي ، وطأطأ زنده : في حوار مع العذاب ، كان أيوب يشكر خالق الدود ، والسحاب ، خلق الجرح لي أنا لا لميت ، ولا صنم " " ديوان محمود درويش " ص : 144 _ 145 .
2 _ شعر درويش و مقام النبوة :
لقد جعل درويش من قصة " الصلب والصليب " التي برأ القرآن الكريم المسيح عليه السلام منها ، أساس التضحية في ملحمة الجهاد الفلسطيني ، وتتردد هذه الملامح في قصائد كثيرة :
_ استعمال الرموز والمعاني النصرانية : يقول في مقطوعة بعنوان : أغنية حب على الطيب ، ص : 172 _ 174 " أحبك كوني صليبي ، وكوني ، كنا شئت ، برج حمام ... أحبك كوني صليبي وما شئت كوني " / ويجعل للصليب أوصافا فاعلة هائلة ، ويعلق عليه كثيرا من الآمال ، فيقول في ديوانه ص : 228 _ 229 في مقطوعة بعنوان " إلى ضائعة " : " سأحمل كل ما في الأرض من حزن ، صليبا يكبر الشهداء ، عليه وتصغر الدنيا ، ويسقي دمع عينيك ، رمال قصائد الأطفال والشعراء . "
_ توجهه بالعبادة للصليب : قال في ديوانه ص : 240 في مقطوعة بعنوان " رد فعل " : " فإذا احترقت على صليب عبادتي ، أصبحت قديسا بزي مقاتل ."
_ شكره للصليب : قال في مقطوعة بعنوان " قاع المدينة " : شكرا صليب مدينتي شكرا ، لقد علمتنا لون القرنفل والبطولة ، يا جسرنا الممتد من فرح الطفولة ، يا صليب إلى الكهولة ، الآن نكتشف المدينة فيك ، آه ، يا مدينتنا الجميلة " ديوان محمود درويش ص 257 / ويقول في ص 270 في وصف فكره ومن أين خرج في مقطوعة بعنوان " كتابة بالفحم المحترق " : " ولكنني خارج من مسامير هذا الصليب لأبحث عن مصدر آخر للبروق ، وشكل جديد لوجه الحبيب "
_ قوله بصلب عيسى عليه السلام : قال في ديوانه ص 349 في مقطوعة بعنوان " يوميات جرح فلسطيني " : " ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب ، ظل طفلا ضائع الجرح ، جبان " .
3 _ سخريته بالقرآن الكريم : قال في ديوانه ص 480 في مقطوعة بعنوان " الخروج من ساحل المتوسط " : " أنا الحجر الذي مسته زلزلة ، رأيت الأنبياء يؤجرون صليبهم ، واستأجرتني آية الكرسي دهرا ، ثم صرت بطاقة للتهنئات تغير الشهداء والدنيا " / ويقول في ص 448 في مقطوعة بعنوان " سرحان يشرب القهوة في الكفاتيريا " : " وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة ، دم كالمياه وليس تجففه غير سورة عمّ وقبعة الشرطي ، وخادمه الأسيوي ، وكان يقيس الزمان بأغلاله . "
4 _ درويش و سخريته بالإيمان بالقضاء والقدر : قال في مقطوعة بعنوان " قال المغني " : " قال للريح في ضجر : دمريني ما دمت أنت حياتي مثلما يدعي القدر " ديوان درويش ص 86 / ويقول في ص 275 في مقطوعة بعنوان " ريتا أحبيني " : " الحب ممنوع ، هنا الشرطي والقدر العتيق تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك للعيون السود "
5 _ درويش والصلاة : تدنيسه للركن الثاني من أركان الإسلام : قال في مقطوعة بعنوان " الحديقة النائمة " : " نظرت إلى عسل يختفي خلف جفنين ، صليت من أجل ساقين معجزتين " ديوان درويش ص 640 .
6 _ درويش والدعاء : سخريته بدعاء الله تعالى : قال في مقطوعة بعنوان " رسالة من المنفى " : " سمعت في المذياع قال الجميع : كلنا بخير ، لا أحد حزين ، فكيف حال والدي ؟ ألم يزل كعهده ، يحب ذكر الله ، والأبناء ، والتراب ، والزيتون ؟ ... وكيف حال جدتي ألم تزل كعهدها تقعد عند الباب ؟ تدعو لنا بالخير ، والشباب ، والثواب ! " ديوان محمود درويش ص 36 _ 37 .
أخيرا أقول لكل المعجبين حتى الثمالة بشعر محمود درويش ، لا تكتفوا بترديد ما يقال هنا وهناك وهنالك ، فكما أن القرب حجاب ، فإن الشهرة أيضا حجاب وأي حجاب ... ف " إنما الشعر كلام مؤلف فما وافق الحق منه فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه " كما قال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه ...
" ها أنتم جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ، أم من يكون عليهم وكيلا " النساء 109


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.