أعلنت أحزاب رئيسية في المعارضة السودانية مقاطعتها الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، متهمة الحكومة السودانية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بارتكاب مخالفات واسعة وعمليات تزوير لضمان الفوز بنتائج الإنتخابات. في بيان تلته القيادية في حزب الأمة السوداني المعارض مريم الصادق المهدي في مؤتمر صحفي الأمس الخميس 1/4/2010 بأم درمان، جاء فيه أن " قوى الإجماع الوطني قررت رفض ومقاطعة الانتخابات بكل مستوياتها". وأمهل البيان الحكومة السودانية وحزب المؤتمر الوطني حتى شهر نوفمبر القادم لاجراء الانتخابات شريطة الاستجابة للمطالب التي قدمتها إلى المفوضية العليا للانتخابات . وجاء هذا البيان بعد اجتماع عقد في دار حزب الأمة، وضم أحزاب المعارضة الرئيسية في مقدمتها حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة - الإصلاح والتجديد والحزب الشيوعي السوداني . ويأتي إعلان مقاطعة هذه الأحزاب بسبب مخاوفها من تزوير النتائج والوضع الأمني في دارفور، بعد يوم واحد بعد يوم واحد من إعلان الحركة الشعبية لتحرير السودان –شريك المؤتمر الوطني في الحكم- انسحابها من السباق الرئاسي.
البشير بلا منافس قوي ومن شأن هذا القرار أن يترك حزب المؤتمر الوطني ومرشحه الرئيس عمر البشير منفردا في خوض الإنتخابات الرئاسية إلى جانب حزب المؤتمر الشعبي وحزب التحالف الوطني . وقد أكد حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي أنه سيواصل المشاركة في الإنتخابات، وهو نفس الموقف الذي أعلنه حزب التحالف الوطني الديمقراطي بدوره أن لن يقاطع الإنتخابات حسب تصريحات رئيسه ومرشحه للرئاسة عبد العزيز خالد. ونقلت وكالة رويترز أمس الخميس عن محمد زكي رئيس مكتب الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، قوله إن خمسة مستقلين فقط إضافة إلى مرشحي بعض الأحزاب الصغيرة هم الذين لا يزالون يواصلون السباق الانتخابي في مواجهة مرشح حزب المؤتمر الوطني الرئيس عمر البشير . وأضاف زكي أن المنسحبين قد يتراجعون عن قرارهم إذا وافقت الحكومة على الاستجابة لمطالبهم بتأجيل الانتخابات ومعالجة الخروقات التي يقولون إنها شابت الإعداد للاقتراع . ومن جهته وفي تصريح لقناة الجزيرة الأمس الخميس رفض القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إسماعيل الحاج موسى اتهامات المنسحبين من الانتخابات لحزبه وللحكومة، وقال إنها اتهامات "غير مدعمة ببينات ". وأضاف موسى أن ما يعرف بأحزاب مؤتمر جوبا كانت تهيئ لهذا الانسحاب منذ البداية، وأنها "افتعلت عدة أزمات من قبل ". واعتبر أن مفوضية الانتخابات مستقلة في عملها، وأن قرار تأجيل الانتخابات لا تستطيع الحكومة أن تتخذه، كما أنه "محدد في القانون بأسباب قاهرة مثل حدوث ما يهدد الأمن"، و"محدد أيضا بأجل لا يتعدى 60 يوما ".
تحركات أمريكية ونقلت وكالة رويترز عن مساعدين للمبعوث الأمريكي إلي السودان سكوت غريشن أنه توجه إلى الخرطوم بعد سماع أنباء انسحاب عرمان وأجرى على مدار يوم الأمس الخميس محادثات عاجلة مع الحكومة وزعماء المعارضة . وقال بي.جي. كرولي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية للصحفيين في واشنطن "نشعر بالقلق بشان مصداقية الانتخابات. نريد أن نراها شاملة وتنافسية بقدر الامكان. سكوت هناك ليحاول المساعدة فيما نفعله هنا... استعدادا للانتخابات القادمة ." وقد التقى غريشن بشكل منفصل كلا من قيادات حزب الأمة والشيخ حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي ومحمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الإتحادي الديمقراطي في محادثات ماراثونية حول الانتخابات ومشاركة مناطق دارفور فيها . وقال زعيم حزب الأمة للتجديد والإصلاح مبارك الفاضل بعد لقاء غريشن إن "الأميركيين يسعون لحماية المسلسل (الانتخابي)". وأضاف أن غريشن طلب من أحزاب المعارضة أن تقدم له لائحة باعتراضاتها وانتقاداتها لموضوع الإعداد للانتخابات، ووعد بدراستها مع الحكومة السودانية والهيئات المسؤولة عن الانتخابات .
عرمان: لا صفقات وأثار قرار انسحاب مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان تساؤلات حول وجود صفقة مع حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس عمر البشير ويهيمن على الشمال لضمان اجراء استفتاء في يناير كانون الثاني 2011 على استقلال الجنوب بموجب اتفاق السلام . وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد هدد في خطاب له بإلغاء الاستفتاء المقرر إجراؤه في جنوب السودان عام 2011 إذا قاطعت الحركة الشعبية الانتخابات .
ومن جهته نفى ياسر عرمان وجود أي صفقات قائلا أنه ليس هناك جدوى من المشاركة في انتخابات إبريل وأن حزب المؤتمر الوطني تلاعب بها بالفعل كي يفوز البشير، حسب وكالة رويترز. وأوضح عرمان أن الحركة الشعبية ستقاطع الانتخابات البرلمانية في ولايات الشمال على أن تخوضها في الولاياتالجنوبية فقط، مشيرا في الوقت نفسه إلى استحالة إجراء انتخابات حرة ونزيهة في دارفور التي تشهد نزاعا مسلحا منذ عام 2003، ومؤكدا أن انسحابه جاء بناء على طلب من الدارفوريين في معسكرات النزوح . وياسر عرمان البالغ من العمر 49 عاما هو شخصية شمالية مسلمة ذات توجه علماني، تدرج في الحركة الشعبية حتى أصبح نائبا للامين العام ومسؤولا عن قطاع الشمال فيها، وقد اختارته الحركة الشعبية مرشحا لها في الانتخابات الرئاسية .