تضاربت الأنباء بشأن صحة التكهنات بوصول السحابة الرمادية إلى أجواء البلدان العربية وتأثيراتها المحتملة، بينما التقى وزراء النقل الأوروبيين في محادثات طارئة عبر مؤتمر بالفيديو لبحث أزمة السفر الجوي الناجمة عن سحابة الرماد البركاني في أيسلندا. ويدخل اليوم الأثنين 19-04-2010 حظر الرحلات الجوية في الدول الأوروبية يومه الخامس، والذي أدى إلى تعطيل سفر نحو سبعة ملايين شخص في أرجاء العالم، وشل الحركة في أكثر من 300 مطار في أوروبا. وتتسارع المساعي الرامية إلى إيجاد سبل بديلة لإيصال الركاب العالقين بسبب توقف الرحلات الجوية إلى بلادهم، وقد أعيد فتح المجال الجوي الإسباني بعد إغلاقه فترة وجيزة وألمحت إسبانيا إلى إمكانية استخدام مطاراتها كمنصة دخول إلى أوروبا. خسائر فادحة..ورحلات تجريبية وسبّبت سحب الرماد المنبعثة من بركان أيسلندا- فضلاً عن الضرر البيئي - أضراراً كبيرة في قطاع الطيران الذي تأثر مباشرة بتحمّل نفقات الركاب العالقين في المطارات، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية لتلك الظاهرة الطبيعية على قطاعي السياحة والأعمال. وبينما بدأت سحب رماد البركان الأيسلندي التي تسوقها الرياح عبر القارة الأوروبية بالانحسار، ظل المسافرون عالقين في مختلف المطارات الأوروبية. وقد خرق هذا الإقفال بضع رحلات تجريبية قامت بها بعض شركات الطيران الأوروبية، فأعلنت شركة طيران 'إير فرانس' أنها أجرت بسلام تجربة رحلة جوية في أجواء فرنسا لأول مرة منذ إغلاق الأجواء الأوروبية. وحلقت الطائرة من مطار شارل ديغول إلى تولوز في جنوبفرنسا. وأجرت الشركة تجربة أخرى في جنوب غرب البلاد، أعقبتها ثلاث تجارب أخرى، ليصل المجموع إلى خمس تجارب أمس. وتضغط شركات الطيران الأوروبية على الجهات المسؤولة لإعادة فتح الأجواء في أرجاء أوروبا، مشيرة إلى أن الرماد تضاءل بصورة كافية لجعل التحليق آمناً. وبدا مطار فرانكفورت، الذي يُعدّ المطار الرئيسي في ألمانيا، شبه خالٍ من المسافرين، ووضعت شركات الطيران خارج مكاتبها لافتات تعلن إلغاء رحلات الطيران، وتنصح المسافرين بالسعي إلى إعادة حجز رحلاتهم. أما المسافرون العالقون في صالة المغادرة، فقد تم تزويدهم بأسرة للنوم. خسائر عربية كذلك، أعلنت شركتا طيران الإمارات والاتحاد الإماراتيتان أمس، أن أكثر من ثمانية آلاف راكب ترانزيت عالقون في دبيوأبوظبي بسبب إلغاء الرحلات إلى أوروبا نتيجة لغيمة الرماد التي انطلقت من البركان الأيسلندي. وصرّح متحدث باسم شركة طيران الإمارات التابعة لحكومة دبي والتي تُعدّ أكبر شركة طيران في المنطقة أن الشركة 'تؤمن المسكن إضافة إلى ثلاث وجبات يومياً لحوالي ستة آلاف راكب ترانزيت'. وذكرت طيران الإمارات أن خسائرها جراء إلغاء الرحلات بلغت حتى الآن 50 مليون دولار، وهي تخسر بمعدل عشرة ملايين دولار يومياً بسبب هذه الأزمة. وتبلغ كلفة تأمين المسكن والمأكل للركاب العالقين حوالي مليون دولار يومياً بحسب المتحدث باسم الشركة. وقال رئيس الشركة تيم كلاركس في البيان نفسه: 'لم أشهد أي شيء كهذا طوال حياتي المهنية، وكلما طال الوضع تأخر التعافي في قطاع الطيران". وقال المتحدث في اتصال مع وكالة فرانس برس إن شركة طيران الاتحاد تؤمن المسكن لهؤلاء الركاب في حوالي 1500 غرفة ضمن 12 فندقا في أبو ظبي دون الكشف عن كلفة هذه العملية بالنسبة للشركة. من جانبها أكدت الخطوط الجوية القطرية تكفلها بإقامة المسافرين العالقين في الدوحة كاشفة عن إلغاء عشرات الرحلات إلى أوروبا، كما ذكرت شركة طيران الإمارات أنها ألغت كل رحلاتها أمس الأحد 18-04-2010 إلى أوروبا باستثناء موسكو وأثينا ولارنكا (قبرص) ومالطا واسطنبول، في حين أعلن طيران الاتحاد إلغاء كل الرحلات إلى بريطانيا وأيرلندا وباقي دول أوروبا وروسيا. من جهة أخرى، أعلنت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أنها بصدد تشكيل مجموعة لتقييم الأثر الاقتصادي للرماد البركاني، وقالت إنه ينبغي تنسيق أي خطوات ستتخذ في دول الاتحاد. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو في بيان باسمه :" إن غيمة الرماد البركاني خلقت وضعاً غير مسبوق، لقد طلبت من مفوض شؤون النقل في الاتحاد الأوروبي سيم كالاس تنسيق استجابة المفوضية وإجراء تقييم شامل لأثر الوضع الناشئ عن غيمة الرماد البركاني على الاقتصاد ولاسيما في قطاع النقل الجوي. من المهم أن يجري تنسيق كل الإجراءات قيد البحث على المستوى الأوروبي". السحابة تقترب ويواصل الغبار البركاني القادم من أيسلندا، أمس، انتقاله باتجاه جنوبفرنسا وسيصل إلى جبال البيرينيه والبحر المتوسط، حسب هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية . وقال المهندس في الهيئة ميشال دالوز إن :“حزمة الغبار ستصل إلى حدود منطقة المتوسط (جنوب) والبيرينيه (جنوب غرب)” . وأشار إلى أن البركان ما زال يقذف حممه وشمال البلاد لن ينتهي من السحابة بانتقالها إلى الجنوب . ورأى أن “الغمامة البركانية يمكن أن تبقى فوق أوروبا، السحابة كانت صباح السبت تتمركز فوق الجزر البريطانية والدول الاسكندينافية وأوروبا الوسطى وغرب روسيا، ويمكن أن تبلغ ارتفاع 11 كلم لكنها تتمركز على ارتفاع ستة كيلومترات أي الارتفاع الذي تحلق فيه الطائرات تحديدا" . وكانت سحب الدخان البركانية المنبعثة من بركان أيسلندا قد وصلت أمس الأحد، إلى تركيا، وأعلنت سلطات الملاحة الجوية التركية إقفال المجال الجوي في ثلاث محافظات شمال البلاد هي زونغولداك وسينوب وسمسون، وسط مخاوف وقلق من احتمال وصول السحابة إلى منطقة الشرق الأوسط .