تفاعلا مع مقال الحداثوية بين الصيرورة والايديولوجيا أشكر في البداية الاخ الفاضل عبد الباقي خليفة على سلسلته المفيدة والتي نحتاجها اليوم لفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين الغرب وفهم كيفية التعامل مع هؤلاء وما يمكن الاستفادة منه وما يمكن تركه في تفاعلنا مع الآخر ... قال روجيه جارودي :ان معركة عصرنا هي ضد اسطورة التقدم والنمو على المنوال الغربي , فهي اسطورة انتحارية وهي ايضا معركة ضد الايديولوجية التي تتسم بالفصل بين العلم والتكنولوجيا من جهة والحكمة من جهة أخرى .هذه الايديولوجية تتسم بانها تؤكد فردانية متطرفة تبتر الانسان عن ابعاده الانسانية , وفي نهاية الامر خلقت قبرا يكفي لدفن العالم . ادرك الكثير من مفكري الغرب الجانب المظلم والقاتم والقاتل ايضا , للحداثة الغربية , من بينهم العديد من علماء الاجتماع ... للاسف مازال وبين ظهرانينا ومن بني جلدتنا من ينادي بغباء وجهل وحقد أحيانا بدفن هويتنا واحلال ما يسمونه حداثة منفصلة عن قيمنا ومرجعيتنا , حداثة ترى العالم مادة استعمالية يوظفها لصالحه ( تعبير للدكتور عبد الوهاب المسيري ) العالم مادة استعمالية لتزويده بالمواد الخام والعمالة الرخيصة وسوقا للسلع والبضائع الفائضة عن حاجته ليقتل كل محاولة للتصنيع المحلي والاستغناء عما هو آت من وراء البحار ...يرى الدكتور عبد الوهاب المسيري ان الحداثة التي يريد الغرب ان نتبناها هي ''حضارة برائحة البارود ''وهذا عنوان لمقالة له ( رحمه الله) يرى في هذا المقال ان مصلحينا ومفكرينا المنادين بالاصلاح على المنوال الغربي ( الاصلاح المنفصل والمجرد من القيمة والمرجعية الاسلامية ..اصلاح لا يراعي الخصوصية ) لم يربطوا بين الحداثة الغربية والامبريالية الغربية . ''رأوا الانوار والإنشاءات والبنايات ...لكنهم تناسوا المدافع التي تدك بلادنا دكا '' نقل الدكتور في هذه المقالة عن أحد كتاب التاريخ , انه قيل لاحد الجزائريين ان القوات الفرنسية انما جاءت لنشر الحضارة الغربية الحديثة في الجزائر فجاء رد الشيخ موجزا ومعبرا في نفس الوقت , اذ قال :'' ولم أحضروا كل هذا البارود ؟؟؟ أدرك الشيخ أن المساران لا يمكن لهما الالتقاء : نشر للحداثة ومعها في نفس الوقت السلاح والبارود ... تعميم فكرة '' الانسانية الواحدة '' , ذات الاتجاه الواحد المهيمن على كل تمايز حضاري , هذا ما يعنيه الغرب بالحداثة ... بدل''الانسانية المشتركة ''التي ينادي بها الاسلام . عبر عن هذه الفكرة الدكتور عبد الوهاب المسيري عند حديثه عن أن قتل الهوية يعني قتل الابداع لدى الامم قال الدكتور رحمه الله :الانسانية المشتركة تذهب الى أن كل البشر داخلهم امكانيات لا تتحقق الا داخل الزمان والمكان وهي في تحققها تكتسب قسمات وهوية محددة . فالامكانية الانسانية الكامنة حينما تتحقق في الزمان والمكان الصيني ' فانها تثمر الانسان الصيني والانسانية الصينية , وان تحققت في الزمان والمكان الغربين أثمرت الانسان الغربي والانسانية الغربية . أثمرت الانسان الغربي والانسانية الغربية ولن تثمر ابدا الانسان العربي المسلم ...وان أنتجت شيئا فلن يكون الا مشوها غير قابل للتجدد والنمو والتطورولا قابل للحياة ...لنا الامكانيات الخاصة ومع المشترك الانساني بامكاننا ان نثمر الانسان المسلم المواكب لعصره في كل مجالات الخير ... كما اثبتت بعض الدراسات ان تعميم النموذج الغربي مستحيل , اذا نظرنا الى ان العالم الغربي الذي يمثل عدد سكانه عشرين بالمائة من سكان العالم , اذ انه يستهلك أكثر من ثمانين بالمائة من موارد الكون ..اذا لو عممنا هذا النموذج على النمط الغربي فانه ( هذا بحسب احدى الدراسات العلمية )فان العالم سيحتاج الى ست كرات أرضية ليتمكن من الإيفاء بكل حاجيات كل سكان العالم , وللإلقاء بنفاياته وفضلاته يلزمه كرتين أرضيتين ... في أمان الله مريم حمدي
مقال الحداثوية بين الصيروة والايديولوجيا http://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=6496