1- بمنطق الدّيمقراطية السويسرية أو الهولندية التي إعتبرها الأخ منير نموذجا فإنّ قيادة الحركة ورغم أنّها منتخبة ومخوّلة بحكم ذلك لتتّخذ ماتشاء من قرارات ملزمة لأتباعها فإن هذا التوكيل لا يعني أنّها تملك "شيك علي بياض" لتتخذ قرارات غير شرعية أو بلغة القانون "غير دستورية " أدخلت الحركة وأتباعها في منزلق خطير وسبّبت كارثة أكلت الأخضر واليابس فهناك إطار عامّ كان يجب علي قيادة الحركة أن تلتزم به عند إتخاذ أي قرار ولا تحيد عنه مهما كانت الظروف هذا الإطار يحكمه البيان التأسيسي والقانون الأساسي الذين يشكّلان "دستور" الحركة ومبادئ عامّة أخري كثيرة مثل فقه الموازنات والأولويات ويلزم ذلك القيادة بأن تمتنع عن إتخاذ أي قرار- مهما كانت الظروف - يتعارض مع هذه المرجعيات " الدستورية " التي تشكّل أعلي هرم السلّم الترتيبي للقوانين المسيّرة للحركة وبالرّجوع الي البيان التأسيسي فإنّ هناك بند أساسي واضح لا لبس فيه ينصّ علي : " رفض العنف كأداة للتغيير وتركيز الصراع على أسس شورية تكون هي أسلوب الحسم في مجالات الفكر والثقافة والسياسة" وكان قرار الصدام والمواجهة العنيفة يتطلّب تغيير هذا البند الأساسي ولا يتمّ ذلك إلاّ بإجراء "إستفتاءعام " وموافقة ما لا يقل عن ثلثي أتباع الحركة وهذا لم يحدث وبالتالي فإنّ جرّ قيادة الحركة أتباعها إلي الصدام سنة 1991 سواء كانت هي المبادرة بفعل ذلك أو كانت عبارة عن ردّة فعل أمر غير مشروع وغير مبرّر بكل المقاييس وقد حاول الأخ منير إنكار اي مسوؤلة للحركة في ما حدث ولا أعرف هل أنّه اصبح ملكيّا أكثر من الملك؟؟ وماذا يسمّي خطط الحركة المسمّات "خطط الإستعصاء " و" فرض الحرّيات " وما إلي ذلك والتي ورد ذكرها فيما سمّي بمراجعات الحركة والتي نورد منها المقتطفات التالية : " كان انتقال موقف السلطة ( )عاملا رئيسا في تصلّب موقف الحركة ونزوعها الى العمل السرّي والتخطيط ل " استجماع شروط الإستعصاء" وهي خطّة دفاعية قصد منها أن تستعصي الحركة على الإستئصال، بتوفير أسباب المناعة الداخليّة والتحصين الخارجي حتّى لا تقصمها الضربة " "ولكن أمام اتساع الأحداث وتفاعلها ( ) أخذت الخطّة طابعا ايجابيا هجوميّا واستبدل شعار الأستعصاء بشعار جديد هو "استجماع الشروط من أجل فرض الحريات" باعتبار أن الحريّة لم يعد بالإمكان طلبها بل بات من الضروري فرضها وافتكاكها عبر كلّ وسائل النضال المدني والتعبئة الجماهريّة." "بلغ النتاقض بين الطرفين نقطة اللاعودة، وأخذت الاستراتيجيات المتقابلة طابع الصدام والتنافي بدل الوفاق والتصالح، وارتفعت درجة الإستقطاب بين مشروع السلطة وعنوانه "الإستئصال" ومشروع الحركة وعنوانه " فرض الحريات" من أجل تغيير موازين القوى لصالح المجتمع وكسر شوكة الدولة المتغوّلة. " 2-كان حريّا بقيادة تحترم نفسها وتحترم أتباعها وتحترم مؤسّسات الحركة أن تبادر مباشرة بعد حدوث الكارثة وإدخالها الحركة وأتباعها في نفق مظلم أن تبادر الي الإستقالة الجماعية لكل القيادات التي كانت في موقع المسؤولية وتملك سلطة التخطيط أو إتخاذ القرار أو الموافقة عليه وتضع نفسها تحت تصرّف لجنة مستقلّة ونزيهة للتقييم وتقصّي الحقائق ثمّ المسائلة والمحاسبة التي تتوج بعزل كل من كان مسؤولا عن حدوث تلك الكارثة من أي مناصب قيادية وإلزامهم بالإمتناع عن الإدلاء بأي تصريحات او مقابلات بإسم الحركة ولكنّ شئ من ذلك لم يحدث 3- قام الأخ منير بتأويل مشوّه لأوجه المقارنة التي ذكرتها بين ما آل إليه حال النهضة بعد ثلاثة عقود من تأسيسها وبين ما أل إليه حال منظّمة التحرير الفلسطينية من ضعف وتقزّم وتخلّي عن برنامج شامل وواعد والأخ منير يتحمّل وحده مسوؤلية ذلك التأويل والتشويه 4- بخصوص تعطيل سنّة التداول علي المسؤولية داخل الحركة و"تأبيد القيادة " فلا أعرف ماذا يسمّي الأخ منير مثلا تقلّد الرئيس الحالي للحركة الشيخ راشد لهذا المنصب لمدّة 35 سنة متواصلة (بإستثناء فترات قصيرة تخلّلت ذلك المسار لظروف قاهرة كان مجموعها 5 سنوات تقلّد فيها آخرون هذا المنصب ) فإذا ما أضفنا إليها الدورتين اللّتين ذكرهما الأخ منير تصير 45 سنة ؟؟؟ وربّما بعد ذلك تكون الشرعية التاريخية والحاجات الإستراتجية (كما بشّر بذلك الأخ سيّد فرجاني ) وغياب أي شخصية كارزماتية أسباب مقنعة ليتواصل هذا المسار الي ما لا نهاية 5- بالنسبة للتجاوزات والأمراض التي نخرت جسم الحركة ومازالت تنخره فهي لا تعدّ ولا تحصي وأعتقد أن فتح باب المحاسبة الشاملة هو وحده الكفيل بالكشف عن تلك التجاوزات ومحاسبة مرتكبيها وأعطي مثال واحد فقط هو شهادة الأخ فتحي العابد من أيطاليا المنشورة علي كثير من مواقع النات بعنوان " من يوقف تسلّط قيادة حركة النهضة في إيطاليا " ويمكن الرجوع الي هذة الشهادة ........... 6- بالإرتكاز علي قيم الدّيمقراطية التّي أكّد عليها الأخ منير فإنّ شرعية قيادة الحركة طيلة العشرين سنة الفارطة كانت محل شكوك نظرا لهروب هذة القيادة من المحاسبة والمساءلة عن خيارها الكارثي الذي أدخل الحركة في نفق مظلم وبدّدت آمال أتباعها في بناء مشروع إصلاحي بالتدرّج وتذرّعها بذرائع واهية لتجنّب حدوث ذلك فمرّة تتذرّع بأنّ جزأ من القيادة كان في السجن وهو ما كان سيقود اي تقييم حقيقي أو مساءلة الي طريق مسدود وهاهى الآن كل قيادات الحركة وأتباعها خارج السجن ولم نسمع اي حديث عن أي مساءلة أو محاسبة ؟؟ ومرّة أخري تتذرّع بأن الظروف الإستثنائية التي تمرّ بها الحركة تحول دون حدوث ايّ مساءلة ولا نعرف الي متي ستتواصل هذه الظروف الإستثنائية ؟؟؟ كما أن كل هذه الهياكل الموجودة بالخارج والمسمّات "مؤسسات الحركة وقيادتها "هي منبثقة عن قاعدة إنتخابية بالخارج فقط لايتجاوز عددها 500 شخص علي أقصي تقدير إذا إستثنينا منها عدد المستقيلين علنا أوبطريقة صامتة وإذا قدّرنا أتباع الحركة في تونس بعدد لا يقلّ عن 25000 شخص فإن كل مؤسّسات الحركة وقيادتها بالخارج منبثقة عن قاعدة إنتخابية لا تتجاوز 2% وأي إنتخابات شرعية في العالم يجب أن لا تنزل نسبة المشاركة فيها عن 51% ,علي أن تأخذ مع ذلك أي قيادة تفوز بالاغلبية النسبية مطالب المعارضة بعين الإعتبار فما بالك إذا كانت هذة القيادة منبثقة عن نسبة ضئيلة لا تتجوز 1,5% من قاعدتها الإنتخابية ويصرّ الأخ منير علي أن أي إعتراض علي نهج المكابرة والهروب الي الأمام الذي إنتهجته هذه القيادة منذ 1991 والي غاية اليوم دون أن تحقّق اي نتيجة تذكر غير مزيدا من المعانات لضحايا نكبة العشريتين "تفلّت "عن المؤسّسات ؟؟ 7-بالنسبة لحالة الاستقالة العامة التي تسود الحركة منذ 1991 وتضاعفها في السنوات الأخيرة لتتوّج بإستقالة عدد كبير من القيادات من" الحجم الثقيل " فأن الأخ منير قد أشار الي إستقالة عدد من القيادات لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة وهو يقصد الإستقالة المكتوبة العلنية ويتجاهل أو يتناسي حالة الإستقالة العامّة الصامتة والتي عبّر عنّها البعض بالقول إنّه" لا يقوم بأي نشاط في الحركة رغم أنّه لا زال منتميا لها !!" ولا أعرف أين يمكن أن يصنّف أسماء مئات أتباع الحركة الممضين علي بيانات الأخ لزهر عبعاب ؟؟ ولا أعرف أين يمكن أن يصنّف أسماء لائحة طويلة من القيادات البارزة ونذكرمنها علي سبيل الذكر لا الحصر السادة : الشيخ عبد الفتاح مورو –بن عيسي الدمني – الفاضل البلدي – صالح كركر- عمر النمري – الهاشمي الحامدي – لزهر عبعاب – محمّد النوري –د.عبد المجيد النجّار –عبد المجيد الميلي – حبيب المكني –عبد الحميد حمدي –د خالد الطراولي – د.سليم من حميدان – نور الدّين ختروشي –مرسل الكسيبي –عبد السلام بوشدّاخ –محمّد العماري –مصطفي الونيسي –خميس الماجري ,,,,, والقائمة تطول ؟؟؟ 8-بالنسبة للتعامل مع السلطة لم أذكر لا مربّعات بيض ولا مربعات سود وما إعتبره الأخ منير "قشور" أعتبره أنا إجراءات إيجابية كان يمكن أن يبني عليها لتمتين العلاقة مع السلطة وبقية مكوّنات الطيف السياسي دفعا لحالة الإحتقان والتوجّس ولكنّ قيادة الحركة هي التي إغترّت بالوضع في الجزائر رغم أن ّ الجبهة الإسلامية لا تلتقي مع حركة النهضة في الكثير من الأشياء إن لم نقل في كل شئ حتّي أن اعدادا من التيّارات التشدّدة داخل الجبهة دعتبر أتباع النهضة التونسية " مارقين عن الدّين " كما أن ّ السلطة في تونس مثل أي سلطة دولة عالم ثالث لها إيجابيات ولها سلبيات وموقفي من التعامل مع هذا الوضع لخّصه الدكتور عبد المجيد االنجّار أخيرا بعد عودته الي أرض الوطن بقوله : أرى أنه ينبغي تقييم الوضع تقييما موضوعيا فتسجل الإنجازات والإيجابيات التي لا تخطئها العين في مجالات مختلفة ليقع البناء عليها، كما تسجل أيضا النواقص والسلبيات في المجالات المختلفة ليقع التعاون على معالجتها والتصدي لها بالأساليب الناجعة، أما المنهج الذي لا يرى في تونس إلا المربعات السوداء، وذلك الذي لا يرى فيها إلا المربعات البيضاء فهو كما أراه منهج مغلوط لا ينفع شيئا وأضاف الدكتور النّجار "لقد عدت إلى تونس برؤية أن نطوي صفحة الماضي ونلتفت إلى المستقبل بمنهج الحوار والمصالحة والوفاق بين جميع الفرقاء من المكونات السياسية وعلى رأسها السلطة الحاكمة من أجل أن يتعاون الجميع لمواجهة التحديات المطروحة على البلاد، لأن مسار المشاكسات والمصادمات تبين أنه لا يجدي، والذي تتحقق به المصلحة الوطنية هو الحوار بين جميع الأطراف لحل المشاكل العالقة والتعاون على خدمة القضايا الوطنية" كما أنّني أري أنّه لا يمكن أن يدّعي البطولة من تمتّرس خلف البحار في عواصم أوروبا الحصينة لندن وباريس وبون وكوبنهاغن وغيرها يمتهن حرفة سب ولعن وتهديد ووعيد السلطة صباحا مساءا ليدفع فاتورة تنفيس غرائزه ضحايا نكبة العشريتين مزيدا من المعانات والتضييق ولا أعتقد أنّه من المروءة أن يجلس البعض خلف حواسيبهم يحبّرون نثرا وشعرا ما يعتبرونه "جهادا " ومقارعة للسلطة " وهم يحتسون أفخم أنوع الشاي والقهوة ويأكلون كلّ يوم ما لذّ وطاب من مختلف أنوع الفواكه واللّحوم ويفترشون أفخم الأرائك لتمطر سحب " جهادهم " مزيدا من المعانات لإخوانهم المسحوقين أصلا داخل البلاد 9- كان حريّا بمن كان في موقع المسؤولية إبّان المواجهة و الصدام أن يكون أحرص النّاس علي التعجيل بطيّ صفحة الماضي وإعادة إدماج وتطبيع أوضاع الآلاف من أتباع الحركة والمتعاطفيين معها وأسرهم من الذين لم يكن لهم لا ناقة ولا جمل في ما حصل ولكنّ قيادة الحركة سعت علي العكس من ذلك إلي الإتفاف على التوجّه العام لأغلب أتباع الحركة في الداخل والخارج بتعجيل فك حالة الإشتباك والتخلّي عن نهج الممانعة والمكابرة التي لم ينتج عنه بعد أكثر من عقدين من الزمن اي شئ بل علي العكس من ذلك سعت قيادة الحركة الي تقزيم كل المبادرات والجهود المخلصة الفردية والجماعية سواء بالتشكيك في جدواها و الحطّ من قيمتها أو الإصرار علي انه لا طائل من ورائها أو إثارة الشكوك حول صدقية وإخلاص أصحابها أو تصعيد نبرة السب والقدح والتهديد والوعيد للسلطة لإجهاض اي نتائج مرجوة من مثل تلك المبادرات وعلي سبيل المثال أجهضت قيادة الحركة سنة 1998 مبادرة د الهاشمي الحامدي (علي تواضعها )- التي تمّ بموجبها تسوية العديد من الملفّات بطريقة سلسة –لتقبل بعد 12 سنة ممّا تعتبره "جهاد"و"مقارعة للسلطة "و "فرض للحرّيات "بما هو أقل من ذلك بكثير حيث عجّل تهاطل المئات من أتباعها في الخارج علي التمثيليات القنصلية التونسية لتسوية أوضاعهم بطريقة فردية دون العودة إليها عجّل ذلك بقبول قيادة الحركة "مرغمة" هذا الخيار الذي كان في عرفها قبل 12 سنة خيانة وجريمة تستوجب أقل شئ محاصرة ومقاطعة كل من إتخذ هذا الخيار 10- أعتقد أن الكرة مازالت في ملعب الحركة حتّي تتخذ ما يلزم من إجراءات عملية للتهدئة وتتلخّص هذه الإجراءات في : الكف عن حملات التشهير والشتم والتهديد والوعيد التي لا طائل من وراءها –إلزام رئيس الحركة وقيادتها و أتباعها بخط إعلامي متزن يتجنّب التصعيد والنقد الهدّام والمنطق الإستفزازي – إعتراف صريح وواضح لا لبس فيه من قيادة الحركة عن مسؤوليتها عن القرار الكارثي للمواجهة وتعهّدها بكل وضوح بعدم الإنجرار مرّة اخري لمثل تلك الخطط والتوجّهات – إفساح الفرصة لمن هم أهل للحوار لتصدّر عمليّة المصالحة والإنفراج –إدراك انّ الحركة في وضع ضعيف والتخلّي عن المطالب الخيالية والتفكير فقط في رفع معانات النّاس وتطبيع أوضاعهم 11- أعتقد أن اي حديث عن تعافي الجسم في الداخل يعتبر جريمة بحق عشرات الآلاف ممّن سحقتهم الأزمة في الدّاخل وتحريض غير مباشر (ولو عن غير قصد) حتّي يتمّ تضيّق الخناق عليهم وتضاعف معاناتهم وهذه " العافية " لن تكون إلاّ "نارا" تضاعف جراح هؤلاء الابرياء وكان الأولي السعي الجادّ لإعادة العافية لهؤلاء الأبرياء وترميم أوضاعهم وليس تركهم في مثل تلك الأوضاع لترميم اليافطات والعنوان والكيانات فالأولي هذا الإنسان الذي كرمه الله من فوق سبع سماوات وسخّر له الأرض والبحر وجعله مستخلفا في هذا الكون.