سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بمنطقة الهوام    عاجل/ مداهمة مكاتب قناة الجزيرة في القدس ومصادرة معدّاتها..    منوبة: الاحتفاظ بمجموعة حاولت تحويل وجهة شخص واغتصابه باستعمال العنف    الرابطة المحترفة الأولى مرحلة التتويج: الملعب التونسي يحقق فوزه الأول    بايرن ميونيخ يفقد خدمات غيريرو عن موقعة ريال مدريد للإصابة    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    صفاقس إحباط 22 عملية إجتياز للحدود البحرية خلسة والقبض على 10 منظّمين.    مرحبا قُدوم دينا في بيت الصديق ابراهيم وحرمه نرجس    وزير الشّؤون الدّينية يختتم الملتقى التّكويني لمؤطّري الحجيج    معهد الصحافة وعلوم الأخبار: المعتصمون يقررون تعليق مقاطعة الدروس ومواصلة الاعتصام    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    مهدّدة بالانزلاق الأرضي... وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تستعد لتشخيص وضعية هضبة سيدي بوسعيد    إنتاج الغلال الصيفية ذات النّوى يبلغ 245 ألف طن    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    تستور: الإحتفاظ بعنصر إجرامي مفتش عنه من أجل " سرقة مواشي والإعتداء بالعنف الشديد ومحاولة القتل".    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الأحد 5 ماي 2024    محكمة الاستئناف بالمنستير توضّح بخصوص عدم الاستجابة لطلب القاضي أنس الحمايدي    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    رسميا "ناجي جلّول " مرشّح حزب الإئتلاف الوطني للإنتخابات الرئاسية    أريانة: الكشف عن وفاق إجرامي وحجز كمية من الهيروين وسلاح ناري أثري    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    كأس تونس لكرة اليد... «كلاسيكو» من نار بين «ليتوال» والترجي    سهرة تنتهي بجريمة قتل شنيعة في المنزه التاسع..    الإدارة الجهوية للتجارة بولاية تونس ترفع 3097 مخالفة خلال 4 أشهر    تفاصيل الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرّقاعي الوطني لسنة 2024    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة وحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    هذه مواعيدها...حملة استثناىية لتلقيح الكلاب و القطط في أريانة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب شرقي البيرو    جندوبة: إنطلاق عملية التنظيف الآلي واليدوي لشواطىء طبرقة    طقس اليوم الأحد...أجواء ربيعية    جامعة الثانوي تدعو الى وقفة احتجاجية    نتائج الدورة 28 لجوائز الكومار الادبي    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    الرابطة المحترفة الثانية : نتائج مباريات الدفعة الأولى للجولة الحادية والعشرين..    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    انتخابات الجامعة:إسقاط قائمتي التلمساني و بن تقية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيب على تعقيب الأخ منصف سليمي
نشر في الحوار نت يوم 24 - 06 - 2010

1 يبدو أن الأخ منصف أصبح مُعجبا بالديمقراطية التونسية أكثر من إعجابه بالديمقراطية السوسرية أو الهولندية الأمر الذي جعله يخلط بين مفهومي "العنف" بما هو استعمال القوة الجسدية أو غيرها من الوسائل المادية بشكل متعمد قصد إلحاق الضرر المادي أو المعنوي بالآخرين ، وإكراههم على الإمتثال والخضوع ، وبين العصيان أو " الإستعصاء المدني " الذي يعني تعمد المواطنين في دولة من الدول مخالفة قرارات أو أوامر أو قوانين غير دستورية وغير إنسانية صادرة عن حكومة ديكتاتورية أو قوة استعمارية عن طريق الإنتفاضات الشعبية ، والإضرابات ، وتوزيع المناشير التوعوية ، والمسيرات الشعبية وغيرها من الأساليب السلمية من أجل تغيير السلطة الديكتاتورية أو إجبارها على التراجع عما صدر عنها من إجراءات أو قرارات جائرة ضدهم .
فما أمرت به قيادة حركة النهضة في بداية التسعينات بعد تغول الدولة وإقدامها على تدمير الحركة واستئصالها من المجتمع هو عصيان مدني ومقاومة شعبية من أجل افتكاك حقوق المواطنة الأساسية التي ضمنتها كل دساتير الدول الديمقراطية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان من سلطة ديكتاتورية قاهرة ومعتدية ، وهذا "الإستعصاء المدني " لا يتناقض مع بند القانون الأساسي للحركة الذي ذكره الأخ منصف .
وفيما يتعلق بالحق الشرعي والقانوني في مقاومة الحكومات المستبدة أذكر للأخ منصف هذا النص لجون لوك وهو أحد أهم الفلاسفة المنظرين للديمقراطية الغربية الحديثة يقول فيه : " تنحصر سلطة الجمهورية والسلطة التشريعية بما يفرضه الخير العام للمجتمع. فهي سلطة لا تملك من غايات سوى المحافظة على أتباعها، ولن تملك البتة حق القضاء على عناصرها وتحويلهم إلى العبودية أو إفقارهم عمداً.... حيث ينتهي القانون يبدأ الطغيان ، ما إن يتم اختراق القانون لحساب الآخرين. فكل شخص تناط به السلطة ويتخطى ما يجيزه له القانون ويستغل القوة التي يتمتع بها ليفرض على أتباعه ما لا يسمح به القانون يكف عن كونه القاضي ويتصرف من دون أي سلطان: وهنا نستطيع أن نقاوم إرادته كما نقاوم أي شخص يدوس بالقوة حق الآخر. وهذا ما يحصل مع القضاة التابعين. فإذا ما حصل أحدهم على حق القبض عليّ في الشارع، أستطيع أن أقاومه كما أقاوم اللص أو السارق الذي يحاول الدخول عنوة إلى منزلي" ( المعاهدة الثانية للحجم 1690 )
فعندما تأمر قيادة الحركة أنصارها بالعصيان المدني لكسب حقوقهم المدنية فليست بحاجة إلى تغيير القانون الأساسي ولا إلى إستفتاء عام لأن هذا الأمر لا يتعارض مع روح الأهداف والمطالب العامة التي تأسست الحركة من أجل تحقيقها .
2 قيادة الحركة في تقديري تستحق الشكر والثناء لا " الإستقالة " و " إجبارها على الصمت " كما رغب الأخ منصف وذلك لسببين إثنين :
السبب الأول هو أن هذه القيادة لم تستسلم لإرادة الإستئصال والظلم ومنطق القوة والغطرسة والهمجية الذي انتهجته سلطة بوليسية جسدُها مافيا استغلالية ودماغُها يسار استئصالي كما استسلمت منظمة التحرير الفلسطينية للإرادة الصهيونية .
السبب الثاني هو أن هذه القيادة قد راجعت بكل شجاعة ومسؤولية الأخطاء التي قامت بها في إدارة المعركة واتخذت منذ السنة الأولى للمواجهة قرارا نهائيا بعدم الرد العنيف على همجية السلطة ، وأمرت أبناءها بالصبر على الأذى المادي والمعنوي الذي مارسته هذه الأخيرة عليهم ، ودعتهم الى مقاومة ذلك بكل الوسائل السلمية الممكنة ، بما في ذلك التعاون مع كل أحرار الوطن والعالم ، الأمر الذي كشف بعد عقدين من الزمن الطابع السلمي لخيارات الحركة في سياستها النضالية ، كما كشف بجلاء الوجه الهمجي العنيف للسلطة البوليسية في تونس لكل أحرار العالم ، وهذه خيارات تُحسب لصالح قيادة الحركة لا عليها .
3 تشبيه الأخ منصف لحركة النهضة بمنظمة التحرير الفلسطينية لا يستقيم من وجهين :
الوجه الأول هو أن منظمة التحرير الفلسطينية استسلمت للإرادة الصهيونية ، وحركة النهضة لم تستسلم لإرادة المافيا البوليسية في تونس .
الوجه الثاني هو أن أغلب قادة منظمة التحرير الفلسطينية لا يمكن بأي شكل من الأشكال تشبيههم بقادة حركة النهضة ورموزها الماسكين على الجمر .
4 فيما يتعلق بالرئاسات الأبدية " غير المتقطعة " للحزب وللدولة مدى الحياة ولما يتعلق ب " الشرعية التاريخية " و " الحاجات الإستراتجية " كان من الأفضل للأخ منصف أن يعطينا مثلا جيدا لتوضيح هذا الأمر من تاريخ تونس المعاصر قبل الإستقلال وبعده ليتجلى الأمر للقارء بأكثر وضوح وبأقل عناء ( بورقيبة وبن علي ).
بالنسبة لحركة النهضة تداول على رئاستها عدة أشخاص، وفي هذه الحركة عديد الطاقات القادرة على التسيير الجيد ولكن بطش السلطة وجبروتها هو الذي منع هذه الطاقات من حضور مؤتمرات الحركة والترشح لرئاستها ، ولكي يتحقق هذا الأمر على أرض الواقع أطلب من الأخ منصف مراسلة السلطات التونسية ويطلب منها إخراج الشيخ صادق شورو من السجن كما يطلب منها السماح للحركة بعقد مؤتمرها في تونس لا في لندن أو باريس أو أمستردام ليتمكن قادتها المقتدرين من الترشح لرئاستها وسيتضح للأخ منصف بعد ذلك من هو الطرف الذي يحرم أبناء تونس من ممارسة حقوقهم المدنية ، ومن هو الطرف الذي لا يريد المصالحة والخير للبلاد.
5 بالنسبة للمثل الذي أورده الأخ منصف للبرهنة على وجود " تجاوزات وأمراض نخرت جسم الحركة " يكفي أن يجد القارئ عبارات مثل " لا أحد قاد العمل الحركي التونسي في إيطاليا إلى اليوم له شهادة رغم انني لا أومن بهذا " و " لا أعتقد أن هناك شخص واحد ممن يقودون حركة النهضة في إيطاليا اليوم يمتلك وعي ونظرة ثاقبة " و " ذر تلعب " في مقال الاخ فتحي العابد لكي يفهم بقية الحكاية .
6 لست أدري إن كان الأخ منصف يجهل أو يتجاهل أن مراقبة سير عمل قيادة الحركة يقع على عاتق مجلس الشورى وفي المؤتمر العام ، وكنت أتمنى لو انعقد أحد مؤتمرات الحركة في أمستردام لكي يتأكد الأخ منصف أن محاسبة القيادة تتم باستمرار منذ تأسيسها إلى يومنا هذا .
ستبقى قيادة الحركة في المهجر قيادة شرعية وإن قل عدد مُنتخبيها إلى أن يفتك أبناؤها في الداخل حقهم المدني والقانوني في الإنتظام السياسي وعقد مُؤتمر حركتهم في تونس وانتخاب القيادة التي يرونها جديرة بذلك . وإذا أراد الأخ منصف أن يرى قيادة للحركة مُنتخبة من نسبة مشاركة لأبنائها تفوق ال 51 بالمائة عليه أن يراسل السلطات التونسية ويطلب منها تمكين أبناء الحركة من ممارسة حقهم في الإنتظام السياسي وفي عقد المؤتمرات والمشاركة فيها ، فقيادة الحركة قد تقدمت عدة مرات بمطالب قانونية للسماح لها بالإنتظام السياسي المدني وكان الرد في كل مرة كما يعلم الأخ منصف ذلك جيدا على طريقة الديمقراطية التونسية قتلا وسجنا وتشريدا للآلاف من أتباع الحركة ومناصريها .
نعم هناك داخل الحركة نسبة قليلة جدا من " المنفلتين تنظيميا " يريدون فرض وجهة نظرهم فيما يتعلق بمسار الحركة وتوجهاتها العامة دون الإلتزام بما تقرره الأطر المؤسساتية داخلها، وعندما تغلبهم شهوتهم في التفرد بالرأي وعدم الإلتزام بما تقرره إرادة الأغلبية داخل الحركة ، تراهم يخرجون علينا من حين لآخر بمواقف وأحكام وممارسات ما أنزل الله بها من سلطان .
7 لكي يُقنع الأخ منصف نفسه لا غيره ، وليرى الحركة "ميتة "و "منفجرة" و "مقتولة" ، خرج علينا بمصطلح جديد سماه "الإستقالة الصامتة " ولتأكيد أوهامه وأمانيه استشهد الأخ منصف بما قاله أحد الإخوة بأنه " لا يقوم بأي نشاط في الحركة رغم أنّه لا زال منتميا لها !!". هناك العديد من أبناء الحركة من لهم التزامات ونشاطات أخرى في جمعيات مدنية محلية أو دولية ومنهم من يزاول الدراسة أوالتدريس بالجامعات ، حيث لا يجد مثل هؤلاء الوقت الكافي للنشاط داخل الحركة رغم استمرار قناعاتهم برؤيتها الفكرية والسياسية والدكتور عبد المجيد النجار من هؤلاء .
وللتدليل على الإستقالات العامة لقيادات الحركة في الفترة الأخيرة ذكر الأخ منصف عدة أسماء قال أنها من "الحجم الثقيل" وإذا استثنينا منها بعض الأسماء التي استقالت في بداية التسعينات لا نجد في البقية على ما أعلم غير قيادي واحد هو الأخ محمد النوري الذي لم يُقدم استقالته من الحركة إلى حد الآن . كما أنني لم أسمع يوما أن السيد لزهر العبعاب هو من " القيادات البارزة " داخل الحركة . وأعتقد أن الأخ منصف كان يهدف من وراء كل هذه المغالطات غير المقبولة لا موضوعيا ولا أخلاقيا إلى تضليل القارئ وتزوير الحقائق وإشباع أمانيه في أن يرى الحركة ميتة محنطة في متحف التاريخ .
8 قال الأخ منصف أنه " بالنسبة للتعامل مع السلطة لم أذكر لا مربّعات بيض ولا مربعات سود " والسؤال هنا : هل من الموضوعية النقدية الهادفة للتقويم والإصلاح أن يُصور الأخ منصف حركة النهضة وهي الضحية حركة كلها شرا وسوادا لا خير فيها ، ويسكت مُتعمدا كما قال عن الطرف المُعتدي ويُبيض مربعاته السود التي تراها بجلاء كل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية ؟
يبدو أن الأخ منصف كان يأخذ معه في كل مرة أراد فيها الكتابة سطلا من الدهن الأسود يُسود به المربعات البيض للحركة وآخر من الدهن الأبيض يُبيض به المربعات السود للسلطة البوليسية في تونس ، حتى لا يرى من الحركة إلا سوادها ولا من السلطة إلا بياضها .
لماذا يُبرر الأخ منصف جبروت السلطة وهمجيتها قائلا أنها " سلطة دولة عالم ثالث لها إيجابيات ولها سلبيات " ويُحمل حركة النهضة وحدها كل ما جرى ويجري الى حد الآن من كوارث في البلاد ؟
أعتقد أنها موضوعية الديمقراطية التونسية التي أصبح الأخ منصف من المُنبهرين بها ومن المدافعين عنها . ويُصر الأخ منصف بعد كل ذلك على القول بأنه مازال يتحرك في إطار نقدي وأخلاقي رصين .
بالنسبة لأكل الطيبات من الرزق يبدو أن الأخ منصف قد استكثر على إخوانه نعم ساقها الله إليهم قائلا " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون "(الأعراف 32 ) . ولو أُعطي الأخ منصف السلطة في المهجر لقطع على إخوانه هذه الطيبات التي هم أولى خلق الله بها كما قطعت سلطة المافيا البوليسية هذه الطيبات على إخواننا في الداخل .
أما اعتبار الأخ منصف تحبير الشعر والنثر ليس جهادا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتبر كلمة الحق هي أفضل الجهاد حين قال " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " وفي رواية أخرى " كلمة حق لإمام جائر ". وليس لدى أبناء حركة النهضة الذين اختاروا النهج السلمي لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية سوى كلمة الحق الطيبة سواء كانت " نثرا " أو " شعرا ".
9 يُناقض الأخ منصف نفسه عندما يرفض من ناحية وجود بعض المُنفلتين تنظيميا ويقول من ناحية أخرى " تهاطل المئات من أتباعها ( حركة النهضة ) في الخارج على التمثيليات القنصلية التونسية لتسوية أوضاعهم بطريقة فردية دون العودة إليها ".
حركة النهضة هي حركة سياسية ، ومشكلتها في البلاد هي مشكلة سياسية ، وأي مبادرة للمصالحة الوطنية لا تأخذ في الإعتبار هذه الحقيقة وتمكين أبناء النهضة من حقهم في الإنتظام السياسي مثلهم مثل غيرهم من شركائهم في الوطن هي مبادرة ناقصة أو مشبوهة ، لأن أبناء النهضة قد ضحوا بأرواحهم وأموالهم وأسرهم من أجل تمكينهم من حق الإنتظام السياسي الذي ضمنته القوانين والأعراف الإنسانية وليسوا مواطنين من درجة ثالثة يستجدون عطية من عطايا السلطة . فأبناء النهضة يريدون مبادرات جادة ومسؤولة لكي يتفاعلوا معها إيجابيا .
10 اتهمني الأخ منصف بأنني أصبحت " ملكيّا أكثر من الملك " وهو يعلم جيدا أنني مجرد عبد من عباد الله مرمي الى حد اليوم في مبيت للاجئين في سويسرا ، ويبدو واضحا من خلال إصراره على إصدار أوامر ترضي أمانيه الخاصة لا غير ، من مثل "إلزام رئيس الحركة وقيادتها و أتباعها " و " تجنّب التصعيد " و " اعتراف صريح وواضح لا لبس فيه من قيادة الحركة عن مسؤوليتها عن القرار الكارثي للمواجهة وتعهّدها بكل وضوح بعدم الإنجرار مرّة أخري لمثل تلك الخطط والتوجّهات " و " التخلّي عن المطالب الخيالية " وهي أوامر يُصدرها الأخ منصف بدون الرجوع إلى مؤسسات الحركة تفوق حتى أوامر السلطة البوليسية في تونس نفسها ، الأمر الذي يسمح لنا بالقول أن الأخ منصف قد أصبح في مكتبه ووراء حاسوبه رئيسا أكثر من السيد الرئيس .
11 وإن كان من أولويات قيادة الحركة العمل على رفع معانات أبنائها في الداخل والسعي إلى تخفيفها انطلاقا من ثوابت نضالية وبما هو متوفر من إمكانيات ، فإنها في نفس الوقت لن تتخلّي عن مطالبها السياسية المشروعة شرعا وعقلا دفع أبناؤها أثمانا غالية من أجل بلوغها . فحركة النهضة هي حركة تغييرية شعبية جادة، ستواصل بإذن الله تحمل مسؤولياتها في السعى إلى تغيير "واقع علاقات الاستبداد والإذعان والقهر القائمة في البلاد بالوسائل السلمية " الممكنة لتمكين كل أبنائها وأبناء الشعب التونسي من التمتع بحقوقهم الأساسية للمواطنة ، وما حصل في الماضي أو سيحصل مستقبلا لأبنائها من ضرر مادي أو معنوي في سبيل تفعيل حقوق المواطن التونسي ورعاية كرامة هي ضريبة طبيعية يدفعها كل حر يرفض الظلم ويقاوم الباطل منذ بداية الخليقة إلى نهايتها . ومن أراد أن يوقف الظلم والإستبداد بالسجود إليه أو التغطية عن عوراته فهو إما حالم أو جاهل أو متآمر .
أريد في خاتمة هذا التعقيب أن أُذكر الأخ منصف بالأشياء التالية :
ألا نجرٌم في كل الأحوال المُخطئ بغير قصد ، كما لا نُبرئ المُتعدي عمدا وقصدا على الحقوق المشروعة لخلق الله بل نقاومه .
أن نُفعٌل المعروف عن طريق معروف مثله أو أحسن منه ، وألا ننهى عن المنكر بمنكر أشنع منه ، فالخيٌر هو من يستعمل الوسائل النظيفة لتحقيق الغايات النظيفة ، فالغاية عندنا لا تبرر الوسيلة .
الحركات السياسية لا يُفنيها شيء أكثر من تملقها للمستبدين ، وحركات التحرر لا يُبيدها طاعون أكثر من التآمر مع المستعمرين .
" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "
حسبنا الله ونعم الوكيل .

منير السايبي سويسرا 24 / 06 / 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.