بسبب انتشار الحشرة القرمزية: تراجع صابة الهندي الأملس بنسبة 40 بالمائة    بطولة العالم لألعاب القوى طوكيو 2025: العداءة التونسية مروى بوزياني تحتل المرتبة الرابعة    الحرارة هكذا ستكون الليلة    بعد تتويجه في فينيسيا.. 'صوت هند رجب' يختم مهرجان القاهرة السينمائي    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    الاستاذ عمر السعداوي المترشح لخطة رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ل" الشروق اون لاين ".. " ساعمل من أجل هياكل فاعلة تحفظ كرامة و تطور الممارسة اليومية للمهنة"    بن عروس: إدماج حوالي 300 طفل في برنامج "روضتنا في حومتنا" و33 طفلا من ذوي اضطرابات طيف التوحد في مؤسسات رياض الاطفال    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    عاجل/ الأخيرة ضمن الأسطول: السفينة "أنس الشريف" تُبحر باتّجاه غزّة    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    تحذير صارم: أكثر من 30 مصاب بالاختناق جراء تلوث المنطقة الصناعية في قابس...شفما؟    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    تعرف على الفواكه التي تعزز صحة القلب    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جريدة الزمن التونسي    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    قابس: تخرج الدفعة الأولى من المهندسين بالمعهد العالي للاعلامية والملتيميديا    صدمة في القلعة الكبرى: لدغة ''وشواشة'' تُدخل شابًا قسم الكلى    وفاة "العراف سحتوت" تثير جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    المقرونة: أصلها عربي و لا إيطالي؟ اكتشف الحكاية    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    عاجل: الإدارة الوطنية للتحكيم تجمّد حسام بولعراس مرة أخرى...علاش؟    عاجل..انقطاع الإنترنت والاتصالات وتحذير من توقف الخدمة الصحية في غزة..    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    عاجل: طلبة بكالوريا 2025 ادخلوا على تطبيق ''مساري'' لتأكيد التسجيل الجامعي..وهذا رابط التطبيقة    الإحتلال يقصف مستشفى الرنتيسي للأطفال بغزة    أسباب غير متوقعة وراء نقص حالات الزواج عند التونسيين    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    جريدة الزمن التونسي    لمدة 48 ساعة فقط.. جيش الاحتلال يعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا    مولود ثقافي جديد .. «صالون الطاهر شريعة للثقافة والفنون» ملتقى المثقفين والمبدعين    مشاركة تونسية لافتة في الدورة 13 من المهرجان الثقافي الدولي للمالوف بقسنطينة    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الذاكرة الوطنية تونس
نشر في الحوار نت يوم 01 - 07 - 2010


بورقيبة.. المسعدي والإصلاح التربوي
اقترن أول اصلاح تربوي شامل بعد الاستقلال باسم محمود المسعدي كاتب الدولة للتربية القومية والشباب والرياضة. وقد دخلت تلك الاصلاحات حيز التطبيق في مفتتح السنة الدراسية 1958/1959. المسعدي الذي قضى على رأس وزارة التربية أطول فترة في تاريخ الوزارة (أكثر من 10 سنوات دون انقطاع) طبع المنظومة التعليمية في بداياتها.
أنصار التعريب الشامل يعيبون عليه أنه أجهض مشروع سلفه الأمين الشابي أول من تولى حقيبة التربية في حكومة الاستقلال، إلا أن المسعدي كان يعتبر أن اصلاح 1958 أعطى اللغة العربية مكانتها بالدرجة الاولى، وما الفرنسية إلا لغة حية على النشء أن يحذقها مع لغة حية ثانية، تفتحا على سائر الحضارات والثقافات.
تمهيدا لتلك الاصلاحات خصص الزعيم الحبيب بورقيبة بيانه الأسبوعي يوم 25 جوان 1958 لشرح اهداف الاصلاح، واستهل بيانه بابراز مكانة المدرسة الصادقية «أنتم تعلمون قيمة المدرسة الصادقية وتأثيرها في النهضة التونسية الحديثة لأنها وإن شاركتها مدارس أخرى في ذلك، فهي الحجر الأساسي في الثقافة القومية العصرية ولأنها ترتبط بي شخصيا وبكثير من زملائي ارتباطا متينا...».
التعليم الزيتوني
ثم استعرض اتجاهات المشروع الاصلاحي مبينا أنه يهدف الى غايتين، الأولى «تلافي الضرر والخلل اللذين كانا موجودين في برنامج التعليم من عهد الحماية، فقد كان يوجد نوعان من التعليم، الأول التعليم الزيتوني وهو التعليم القديم الذي كان موجودا منذ قرون، وهو إن أدى رسالة الاشعاع والنور وضارع الأزهر وجامعة فاس وجامعة بغداد، فقد قعد عن مجاراة الزمن وظلت الصبغة الدينية التي يصطبغ بها وسيلة لإبقاء ما كان على ما كان، ودخل طلبته في صراع مرير من أجل اصلاح البرامج وتغيير الأمكنة والأسلوب، وعمد الاستعمار الى اجراء اصلاحات تمويهية، ولم يعمد الى الاصلاح الحقيقي، بل حرك المؤامرات لتأليب الطلبة على الشيوخ واستخدام المصالح الخاصة للقضاء على المصالح الحقيقية المتماشية مع مقتضيات العصر».
مزية التعليم الزيتوني
وأضاف «وإني لا أنكر ما للتعليم الزيتوني من الفضل في مقاومة الاستعمار والصمود أمام تيار الفرنسة هنا وفي الجزائر رغم أساليبه العتيقة، كما كان الديوان الشرعي الذي كنا نتشبث به فرارا من المحاكم الفرنسية، ولكن هذه المزايا تقتضي أن تبقى الحالة على ما كانت عليه الى ما لا نهاية له لأن دور الدفاع السلبي قد انتهى. واليوم وقد زال الخطر يجب أن يكيف التعليم بما يمكننا من ملاحقة ركب الحضارة وتدارك ما فاتنا من مراحل ونحن عازمون على ذلك مهما كانت التكاليف، والاعتراف بالواقع مدعاة لتهيئة الأسباب لتغييره.
التعليم الاستعماري
والنوع الثاني من أنواع التعليم الذي خلقه عقد الاستعمار أقامه الفرنسيون على أنه تعليم عصري، وقد أقبل عليه الناس لما أحيط به من وسائل الترغيب، كإعفاء حامل الشهادة الابتدائية من الخدمة العسكرية، ولكنه في الواقع تعليم في منتهى الخطورة لأنه كان يرمي الى فرنسة العقول باخضاع التلميذ التونسي الى نفس البرامج والقوانين التي يخضع لها التلميذ الفرنسي اذ يتلقى التعليم بلغة مهده ويدرس جغرافيا وتاريخ بلاده، بحيث يمتلئ عقل التونسي بتاريخ فرنسا وسير زعمائها ووقائعها من عهد «الغولوا» الى تاريخ «ريشليو» وما يتبع ذلك من جزئيات وتفاصيل حتى أسماء الأودية والأنهار والحوادث البسيطة، فلا يكاد يخرج عن المحيط الفرنسي. وقد كانت النتيجة ما أدركتموه وما عاشته من اعراض بعض المواطنين عما هو قومي، لا من التعليم فحسب، بل حتى من التمازج مع اخوانهم في الوطن والجنس، وذلك شأن الذين كانوا يملؤون مقاعد كازينو «اللوران» مما تولدت عنه نفسية مريضة تطعن في مقوماته الذاتية وتعتز بالفرنسيين وترتمي في أحضانهم.
ملامح الاصلاح
والاتجاه الثاني الذي ترمي اليه الحكومة من اصلاح التعليم هو العمل على توسيع نطاق الاستفادة من التعليم وتكوين الأسباب اللازمة ليمكن قبول كل الأطفال الذين هم في سن الدراسة في المدارس الحكومية، وليكون البرنامج شاملا جامعا عاما لكل التونسيين، لا طائفية فيه ولا انتساب لنزعة معينة، مطبوعا بالطابع القومي ومجهزا بما من شأنه ان يدعم القومية التونسية المتكونة من الثقافة العربية والدين الاسلامي والاحساس القومي، ويكون ذلك حدا ادنى يشترك فيه النشء التونسي ويعمّ في العهد الجديد جميع المواطنين كتونسيين، فيشمل التعليم الابتدائي تعلّم الاخلاق والدين واللغة وجغرافية البلاد التونسية والحساب.
وفي التعليم الثانوي يقع التخصص طبق حاجيات الامة مع مراعاة الميول الخاصة لان العصر يحتاج بالدرجة الاولى الى التعليم الفني، ومن الواجب مراعاة تلك الحاجيات، وقد مضى عهد القتال بالسيوف والاعتماد على الشجاعة واصبح السلاح فنّا والحرب علما.
التعريب
وأريد ان ألاحظ لكم ان التعليم بالمدارس الثانوية سيكون متجها الى التعريب واستعمال اللغة العربية حيث تكون لغة التدريس لجميع المواد، الاّ اذا اقتضت الضرورة والظروف وذلك لاجل مؤقت، استعمال اللغة الفرنسية للاستفادة من الامكانيات التي بأيدينا، ريثما تعدّ المدارس التكوينية، الاطارات الضرورية للتعليم باللغة العربية في جميع المواد..»
المسعدي
عشية انطلاق السنة الدراسية في مفتتح اكتوبر 1958 عقد محمود المسعدي كاتب الدولة للتربية القومية والشباب والرياضة ندوة صحفية جاء فيها بالخصوص ان 500 ألف طفل محرومون من التعليم الابتدائي وان عدد التلاميذ في الثانوي لا يزيد عن 12 الف وانه من اجل استيعاب اكثر ما يمكن من الاطفال في المدارس تقرر التنقيص في سنوات التعليم في المرحلة الابتدائية بالاقتصار على 6 سنوات بدل 7 سنوات وكذلك بالنسبة للتعليم الثانوي من 7 الى 6 سنوات والحد من ساعات التعليم اسبوعيا لتكون 15 ساعة بالنسبة للسنتين الاوليين في الابتدائي و25 ساعة بالنسبة الى الاربع سنوات الباقية وبذلك يحصل الاقتصاد في قاعات التدريس لتستوعب كل قاعة قسمين بالنسبة للسنتين الاوليين يوميا والاقتصاد في المعلمين الذين يؤدون 30 ساعة اسبوعيا فيكون في استطاعة المعلم الواحد تدريس قسمين بالنسبة للسنتين الاوليين وقسم بالنسبة الى السنوات الاربع الباقية مع اضافة 5 ساعات من وقته أسبوعيا لقسم آخر.
وتقرر ان يشتمل التعليم الثانوي على الاعدادي والثانوي، ويشتمل الاعدادي على شعبة عامة لتخريج صغار الموظفين والكتبة وشعبة تجارية لتخريج الكتبة التجاريين والراقنين وصغار المحاسبين وشعبة فنية لتخريج العمال الصناعيين.
اما الثانوي فتقرر ان يشمل شعبة ثقافية عامة وشعبة اقتصادية وشعبة فنية بحتة.
اللغة العربية
واضاف المسعدي «هذا وقد اعتبرنا الواقع القومي، فمن الناحية اللغوية أرجعنا للغة العربية وظيفتها الطبيعية كأداة اساسية للتثقيف في التعليم الابتدائي ولا تضاف اللغة الاجنبية الا في السنة الثالثة.
اما في الثانوي فعماده العربية وتعتبر الفرنسية لغة اجنبية اولى تدرس بتوسع.
هذا، مع تحوير في برامج التاريخ والجغرافيا والعلوم. فبالنسبة للتاريخ، كان التلميذ التونسي يجهل تاريخ بلاده والعالم العربي والاسلامي وكذلك بالنسبة للجغرافيا، فأعطينا هذه المواد حظها اللائق بها. وجعلنا في التعليم الثانوي مكانة مرموقة للغات الحية وهو ما فرض ابقاء اللغة الفرنسية مع اضافة لغة حية ثانية لتكون لابنائنا اداة اتصال بغيرهم من الشعوب والتيارات الثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.