أمّا بعد، الخبر المؤلم هو ذاك الّذي نقلته قناة الجزيرة في قطر حول قيام قوات أمريكيّة يوم 29 جوان 2010 باقتحام مسجد في كابل وتدنيس القرآن الكريم واعتقال إمام المسجد وقد قال شاهد عيان في نفس التّغطية الإخباريّة ما مفاده أنّ الجنود الأمريكان قاموا ببعثرة كتب القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة وهاجموا المصلّين بكلابهم وطردوهم من المسجد وضربوهم...
هنالك سؤال مباشر يطرح نفسه:
في شقّه الأوّل:
أيّ "تغيير للقلوب والعقول" تريده قوّات أمريكيّة في أفغانستان وغيرها من البلدان... عندما تقوم بتدنيس القرآن وتستبيح المساجد وحرمات العباد والمقدّسات من ناحية وتجعل وقوع هذه الانتهاكات الخطيرة جرائما متكرّرة من ناحية أخرى؟
في شقّه الثّاني:
كيف وصل بنا الأمر إلى هذا الحدّ؟ إهدار كرامة أمّة الإسلام حيث يحصل تجرؤ خطير للغاية على الذّات الإلهية وعلى كتابه القرآن الكريم وهو معجزة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم خاتم الأنبياء والمرسلين وهو دستور المسلمين يبقى شاهدا على من كذّبوا بدين الله وبأنبيائه وكتبهم... الله حافظ كتابه من التحريف أو الزيادة أو النقصان أو غيرها من الخبائث أيّا كان مصدرها: من الإنس أو الجنّ أو الشيطان الرّجيم نعوذ بالله منه كما قال الله عزّ وجلّ: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)". صدق الله مولانا العظيم - سورة الحجر.
الإسلام دين الرّحمة والشّفقة الإنسانيّة يتجلّى ذلك حتى في القتال كما يبيّن ذلك الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث بَعثًا قال لهم: (سيروا على اسم الله، سيروا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ولا شيخًا فانيًا ولا راهبًا في صومعته)، فنبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم كان دافعه تأدية أمانة ربّه عزّ وجلّ وهي تبليغ رسالته ألا وهي نشر دين الله: الإسلام، قال الله تعالى: "وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106)". صدق الله مولانا العظيم - سورة الإسراء.
فنبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم لم يعتد ولم يحتلّ ولم يُرهب ولم يأمر المسلمين بذلك وهذا يعني في الوقت نفسه بأنّ لمن يعتدي على المسلمين فإنّ لله في كتابه العزيز القرآن الكريم وفي سنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم التّوضيحات اللازمة للرّدّ على العدوان وإلا يصبح المسلم خنوعا مستسلما مفرطا في حقوقه.
وما ذاك العدوان الهمجي ليوم 29.06.2010 على المسجد إلا حلقة أخرى جديدة من "مسلسل" العدوان الّذي يمسّ حرمات مقدّسات أمّتنا المسلمة، أمّة محمّد بن عبد الله النّبيّ الأمّي الذي اصطفاه الله دون غيره من البشر ليخصه برسالته إلى الكون بأسره صلّى الله عليه وسلم تسليما كثيرا. في واقع الأمر، بتنا نشهد تكرار حصول تلك الجريمة الدّنيئة بعد ما حصل في مساجد في فلسطين من قبل المستوطنين اليهود المتطرّفين بالأساس، ونذكر كذلك ما حصل في سجني قوانتنامو" و"أبو غريب" وغيرها في العراق وفي أفغانستان وباكستان من قبل قوات أمريكيّة... وطبيعتها عموما:
وغيرها من الأعمال غير الأخلاقية وغير القانونية لكتاب الله الشريف والمقدّس والكتاب الوحيد الّذي لا يدلّس (برفع الياء)، وحي من الله الّذي لا إله غيره، الّذي منّ على خلقه بنعمة الخلق فتجرّأ بعضهم على عظمته جلّ في علاه فأقدموا على تلك الأعمال التي يرفضها الدّين والعقل والطبيعة البشرية ومن ثمّ القوانين والأعراف كما المواثيق الدّولية.
في حقّ المساجد و هي بيوت الله:
- جنود محتلّون يدنّسون أرض المساجد الطّاهرة بأرجلهم وأحذيتهم والأدهى والأمرّ هي كلابهم التي تصحبهم...، كلاب داخل مجسد وبدون أيّة مبالغة، هل من فضاعة أكبر من هذه؟
المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف اللّذين يعمل الصهاينة على محاولة "تهويدهما" ولكنّهما مسلمين ولن يصبحا غير ذلك، يشهدان حفريّات وطرد للسكان الفلسطينيين أيّ الأصليين بالمكان وغيرها من الاعتداءات التي باءت واضحة وضوح الشّمس للعالم بأسره.
قال الله تعالى: "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)". صدق الله مولانا العظيم - سورة النّمل
نحن جميعنا مطالبون بأن نقدّم إلى الله إجابة حول ما قمنا به من واجب في سبيل حماية مقدساتنا والدّفاع عن حرمتها من التدنيس والعدوان والتخريب حتّى يحقّ علينا فعلا أن نكون خليفة الله في الأرض وحتى ينعم الله علينا بالدّخول إلى الجنّة ويقبل إلينا الله عزّ وجلّ وهو ضاحك إلينا وراض عنّا ونشرب شربة هنيئة من يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من حوض الكوثر لن نظمأ بعدها أبدا؟.