بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    عاصفة مطريّة تؤثر على هذه الدول اعتباراً من هذه الليلة ويوم غد السبت    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مازلنا نجهل كثيرا من شخصية محمد صلى الله عليه وسلم (18)
نشر في الحوار نت يوم 07 - 08 - 2010


مشاهد من خلق الصادق الأمين.
مازلنا نجهل كثيرا من شخصية محمد صلى الله عليه وسلم.
((( 18 ))).
أخرج الشيخان البخاري ومسلم عليهما الرحمة والرضوان في صحيحيهما عن حميد إبن عبد الرحمان عن أبي هريرة أنه قال : „ أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت. قال : وما شأنك؟ قال : وقعت على إمرأتي في رمضان. قال : فهل تجد ما تعتق به رقبة؟ قال :لا. قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال :لا. قال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. قال: إجلس. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعذق فيه تمر فقال له : تصدق به. فقال الرجل: يا رسول الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه. ثم قال : فأطعمه إياهم”.
بارك الله لكم أجمعين في شهركم وصومكم.
أبتهل هذه الفرصة السانحة لأزف إلى الإخوة والأخوات أينما كانوا في هذا المنبر: الحوار.نت بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم أطيب الكلام وأحر السلام سائلا المولى الكريم ولي النعمة العظمى سبحانه أن يبارك لهم في شهر القرآن والصيام وأن يكلل عبادتهم بالظفر بليلة هي خير من ألف شهر عسى أن تنعتق فيها رقابنا العاصية من نار جهنم وأن يقيض سبحانه للأمة أمة من الناس منها يجاهدون في سبيله ولا يخافون فيه سبحانه لومة لائم تحريرا للأرض المحتلة بفلسطين و للبلاد التي يعربد فيها الطغاة والمجرمون من الحكام العرب إستبدادا ودعوة إلى الإسلام بالتي هي أحكم وأحسن وأبصر عسى أن يهدي سبحانه قلوبا أجدبها الجهل وأقحطتها المادية. إنه سميع مجيب. آمين آمين آمين.
تلك أمنية من أمنياتي ورب الكعبة.
من أماني عندما يصفو الفؤاد وتنقشع عنه شوائب الغفلة أن يتعرف الناس والمسلمون منهم لا يختلفون في ذلك عنهم بل هم أولى به وأجدر إلى محمد عليه الصلاة والسلام. ليس على الطريقة التقليدية التي تغرقنا في نسبه وحسبه بل يغرقنا بعضهم بما لم يرد إبتداعا في الدين فيقدم لنا محمدا عليه الصلاة والسلام بطلا رياضيا في كمال الأجسام أو بما يقترب من عارضي الأزياء اليوم وذلك من خلال الإغراق والإبتداع والإفراط في وصف جسمه وهل يريد منا الشيطان وأولياؤه فينا ومن غيرهم سوى ذلك أي التقوقع حول بنيته الجسمية أما ما مدحه به ربه سبحانه وما قاله هو عن نفسه وحدثنا به صحابته عنه من كمالات نفسية وعقلية وروحية وترجمات حية لتعاليم القرآن الكريم ومحكماته في كل حقل من حقول الحياة .. ذلك لم يعد يعنينا اليوم لنلتقي موضوعيا دون وعي وبئس وعي مغتال مع العالمانيين الذين لا ينكرون ذلك في رسالة الإسلام ولكنهم يكفرون بالبعض الآخر من الكتاب أي : أن يكون حاكم السياسة وحاكم الإقتصاد وحاكم الإجتماع وحاكم الثقافة وحاكم الفكر وحاكم الفن وحاكم العلاقات الخارجية في الحرب والسلم.. وهل يريد منا أولئك غير ذاك!!!
أساس أمنيتي تلك هو أنه كلما تعرف بشر فوق الأرض إليه صلى الله عليه وسلم إنسانا كاملا ونبيا معصوما ومبعوثا رحمة للعالمين .. لا يلبث أن يفيئ إلى الإسلام إن آجلا أو عاجلا ودعك من الذين جحدوا بذلك وإستيقنت أنفسهم الحق وهم كثير .. دعك منهم لأن الصادق المخلص منهم آيب إلى الحق يوما.
أكاد أقول أني لا أجد طريقا أيسر إلى الإسلام من طريق التعرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام ولكن دعني أهمس في أذنك : هل تجد اليوم في محيطك والدنيا كلها بثورة الإعلام الهادر محيطك من يبشر الناس من مسلمين وغير مسلمين برحمة محمد عليه الصلاة والسلام وصفحه وحلمه وكرمه وجوده وكمالات نفسه وروحه وعقله؟ أكثرنا إنما يقدم الإسلام في صورة تجريدات فلسفية إغريقية ميتة منزوعة الحياة ويدع التي هي أيسر وأدنى وأقرب.
مشكلة في الدعوة حقيقية.
تلك مشكلة كتبت عنها ولن أزال ألمس أثرها يوما بعد يوم وكثير منا يتعامل معها على طريقة أغنية لكل مستمع أي يتحول الداعي فنانا يطرب الجمهور بما يريدون. بعضنا يفعل ذلك عن جهل لفن الدعوة وأسسها وبعضنا يتقرب إلى الناس بذلك بمثل ما يتقرب غيرهم إلى أولي البطش من الحكام ولكم صدق القائل بأن التزلف إلى الناس ليس بأقل إثما من التزلف إلى الحكام. تلك المشكلة هي أن كثيرا من الناس اليوم يريدون من الداعي أن يحرم عليهم أكثر الذي يخوضون فيه أو يسأل عنه من حياتهم اليومية بمثل ما يريدون منه أن يتساهل معهم فيما يعرضهم للسجن والتشريد والمراقبة. أي يريدون سماع كلمات حرام ومكروه وغيرهما ولكن دون إلتزام بل تلبية لشهوة دفينة لم أدرك أصلها والله فإذا كان الحديث عن قضايا الأمة التي بها تتقدم وتنهض وتتحرر وتكون خير أمة يريدون منه المرور عليها مرور الكرام. بكلمة واحدة : من آمن منا بيسر الإسلام ورحمة نبيه عليه الصلاة والسلام فإنه أسير نظام : أغنية لكل مستمع ولا يجهر بما يؤمن به من ذلك حرصا على عدم مواجهة الناس به وهو يظن أن ذلك لا يندرج ضمن كتم شهادة الله سبحانه. ومن لم يؤمن منا بذلك أو يرى اليسر طارئا والرحمة محدودة وهما رقمان أبيضان صغيران في جلد ثور ضخم أسود.. فهو حبيب الناس وهو المطرب صاحب أغنية لكل مستمع وهو آمن من بطشهم بل من بطش الحاكم كذلك لأنه لا يتعرض لقضايا الأمة المعاصرة. بعض الدعاة إذا واظب الناس عليهم يلفى المرء نفسه يعلم كل شيء عن حياة القبر ولكنه لا يعلم عن حياة ما قبل القبر شيئا ولذلك يسعى الحاكم إلى ضم هؤلاء وفتح الأبواب الموصدة أمامهم لأن خطابه الذي لا يلامس عذاب الدنيا يلتقي مع سياسته التخديرية التي يصرف بها الناس عن عرشه. أليست تلك مشكلة حقيقية في الدعوة؟
أمثلة حية مما نجهله عن محمد عليه الصلاة والسلام.
1 الحديث آنف الذكر. هو حديث متفق عليه والمتفق عليه عندي هو قرآن إلا درجة واحدة في صحته أما دلالته فلا يختلف فيها عن القرآن الكريم. المشكلة هي أن الذين لم يألفوا رحمة المبعوث رحمة للعالمين فيستكثرونها على أنفسهم وعلى الناس من حولهم يعمدون إلى تأويلات فجة بمثل ما ترى الباطنيين يؤولون المحكمات تأويلا شنيعا تأباه اللغة والفطرة. التأويل الفاسد هو فاسد سواء صدر عن الباطنيين أو عن الظاهريين إذ العبرة بالفساد وليس بالمفسد. قرأت في بعض الكتب التي تشرح هذا الحديث ما يلي : „ يحب أن يراعى أن إذن النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الصحابي بالتصدق على أهل بيته خصوصية خصه بها”. ولو تتبعت مثل تلك الخصوصيات التي يتأولها أولئك ثم جمعتها لرأيت عجبا. ذاك العجب ليس هو سوى أن ثلث الدين إنما جاء لمحمد عليه الصلاة والسلام وحده. أين أسس العقيدة الإسلامية إذن من إطلاق وعموم للخطاب الإسلامي؟ جمدها الإنحطاط وإغتالها العقل البالي بمثل ما إغتال الأمويون أمر الأمة إنقلابا ضد الشورى ثم ضد المرأة وعادت الجاهلية العربية من الباب الخلفي بعد إنقضاء القرون الذهبية الثلاثة الأولى التي أخبر عنها عليه الصلاة والسلام وذلك هو ما يبرر تجديد الدين وليس التدين إجتهادا و جهادا جنبا إلى جنب فلا إجتهاد بلا جهاد ولا جهاد بلا إجتهاد إذ لا روح بلا بدن ولا بدن بلا روح.
2 القول بأن ذاك رخصة منه عليه الصلاة والسلام ورحمة وسعة وإجتهاد نبوي سديد يؤيده الوحي الصحيح الثابت الصادق.. هو القول الصحيح هنا دون تمحل ولجوء إلى التخصيص ليتحول الدين خصوصيات وكيلا بألف ألف مكيال. لك أن تقول بغير ذاك أو إلى جانبه إن شئت رغم أن القول الأول أقوى عندي .. لك أن تقول أنه تصرف بمقتضى الإمامة فهو النبي الإمام في آن واحد فلما مات إنقضت النبوة وبقيت الإمامة. ذلك كذلك أولى من تخصيص الدين. القول فيها كذلك بأنه عليه الصلاة والسلام يراعي الحاجات والضرورات و ينزل كل حكم في محله المناسب .. ذاك كذلك قول سديد رشيد يعفيك من اللجوء إلى تخصيص الدين وتحويله إلى كنيسة يتصرف فيها القس بما لا تدركه العقول..
3 ذلك هو مظهر من مظاهر رحمة المبعوث رحمة للعالمين ولكن مأساتي ورب الكعبة هي أننا تنكبنا ذلك تنكبا عجيبا بأثر من إنحطاط سالف و تغريب خالف إلا قليلا. تصرفه عليه الصلاة والسلام مع هذا الرجل هو عين الرحمة واللطف ورعاية الحاجة والضرورة وهو مشهد يلتقطه الداعية والإمام والمفتي والقاضي وكل من يوقع عنه بتعبير إبن القيم في كل زمان ومكان وحال وعرف مناسب للحالة ذاتها قياسا عقليا منطقيا مفهوما يناسب الفطرة والرحمة والدعوة. أملي كل أملي ورب الكعبة هو أن يعود كثير من المفتين فينا ومن في حكمهم من الوعاظ والخطباء والأئمة أطباء العقل ليحتقنوا بحقنة تطعيمية تحميهم ضد أوبئة فتاكة إسمها : تقمص صفة رجل دين لا يعرف من الدنيا كلها إلا الحلال والحرام أي شرطيا يقضي ويعاقب وليس موجها مرشدا يخفق قلبه رحمة بالناس. حاجة أكثر المفتين فينا إلى أولئك الأطباء وتلك الحقن أكثر من حاجة أبنائنا إلى حقن ضد الشلل والسل لأن شلل العقل وسل النفس أولى بالوقاية أو بالعلاج.
4 إجمع إليك هذه النصوص المتعلقة بالصيام لتدرك من هو محمد عليه الصلاة والسلام.
أ “ ليس من البر الصوم في السفر” ( متفق عليه).
ب “ ذهب المفطرون اليوم بالأجر” ( متفق عليه).
ج “ كان يكون علي الصيام من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان” ( عائشة عليها الرضوان متفق عليه). إجتهد بعض الفقهاء فرضا لفدية لمن قضى بعد شعبان ولكنه إجتهاد إستحبابي ترغيبي وحضا على الخير ولا دليل عليه من الإسلام أصلا وما إدعى واحد منهم غير ذلك فلما آل الأمر إلينا فرضنا ذلك على الناس فرضا بإسم الحيطة غيرة على دين لم يكتمل وخوفا عليه من الضياع وعلى الناس من الفسوق!!!!!!!!!
د “ من ذرعه القيئ وهو صائم فلا قضاء عليه ومن إستقاء عمدا فليقض” ( أحمد وأبو داود). إجتهد بعض الفقهاء فرضا لقضاء يوم لمن إستقاء عمدا فرجع بعض ما قاءه إلى جوفه ولم يكن ذلك منهم إلا إستحبابا وجبرا ولم يدع واحد منهم أن ذلك من الشريعة فلما آل الأمر إلينا فرضنا ذلك عليهم بعد ما صمت العقول عن فقه غذاء خرج من البطن إلى الفم ثم عاد إليها أنى له أن يغذي صاحبه بل هو عالة عليه. ولكنها جرثومة التحريم كما قال بحق الشيخ الكلباني أحد أئمة الحرم المكي الشريف.
ه “ كان يقبل وهو صائم “ ( الأم الكريمة عائشة متفق عليه).
و “ من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه”. ( متفق عليه). ورغم ذلك إجتهد بعض الفقهاء لفرض قضاء يوم بدل ذلك ولكنهم فعلوا ذلك تحريضا على الخير ولم يدع واحد منهم أن ذلك مشروعا بالوحي الكريم الصحيح. فلما آل الأمر إلينا أصبح في عرفنا ذلك معلوما من ( الجهل ) بالضرورة. أصل ذلك أننا نستكثر رحمة الرحمان بنا ونستكثر رحمة محمد عليه الصلاة والسلام بنا. ما هو دواء بشر يتصدق عليه ربه ورسول ربه بصدقة فيمتنع عنها خوفا على دينه!!! هل تجد في الدنيا أحمق من هذا؟؟؟
ز “ لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخرو السحور”. ( متفق عليه). أنظر إلى جانبك لتفى أن المؤذن يؤذن لصلاة المغرب ثم يفطر ثم أنظر مرة أخرى لتلفى أن المصلي يتجاوز ذلك ويزيد عليه بإبتداع خمس دقائق أو أكثر حيطة لدينه فلا يفطر حتى بعد فطر المؤذن الذي لا يفطر هو بدوره إلا بعد إكمال آذانه!! أي خير هذا الذي جلبه إلينا الصادق المصدوق ونحن نأباه!!! أما نكبة الإحتياطات الفارغة في السحور فحدث ولا حرج. حتى إن أكثر الإمساكيات في أروبا اليوم تخرج على الناس بوقتين : وقت للإمساك وآخر للفجر وبعضها وقت للمغرب ووقت للإفطار.. أي جهل هذا وأي حمق هذا وأي تنكب لسنة محمد عليه الصلاة والسلام. أليس هو القائل : „ من رغب عن سنتي فليس مني”. لو إتسعت هذه الموعظة المرتجلة لنصوص أخرى كثيرة سيما من تطبيقات الصحابة لهذا الحديث لرأيت والله العظيم عجبا عجابا لا تنفك بعده أن تقول : نحن أتقى من الصحابة أو أن تقول الأخرى : لا شأن لنا بهم في أكثر الدين ولكنها نسبة الدعي!!!
ح “ ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما إفترضته عليه..“ ( البخاري). مما عرفت من نكبات في حياتنا الدينية حرص بعضنا على النافلة وتضييعه للفريضة أي خلاف إتجاه هذا الحديث الصحيح مائة بالمائة. عندما قال الفقهاء بأنه لا تقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة فإنهم لم يقولوا ذلك من فراغ أو إجتهاد ظني مدخول وإنما تأسسا على نصوص ثابتة صحيحة منها هذا الحديث. ألا تعلم أن صحيح البخاري دون غيره حديقة غناء فواحة أحاطها صاحبها عليه الرحمة والرضوان بحرس شديد وعسس عتيد فلم ينفذ إليها أبدا قط زهرا مزورا أو وردة لونها لون الحديث وريحها ريح الكذب عنه أو الفهاهة؟ أبصر حولك لتلفى من الناس من يحرص على التراويح أكثر من حرصه على صلاة الجماعة في الصلاة المكتوبة من مثل الفجر والعشاء الآخرة. كم يضيع هذا المسكين من أجور وحسنات كجبال تهامة وهو لا يدري؟ أليس هو مثل بائع الأقمشة الصوفية الثخينة في الخرطوم في مثل هذه الأيام الفائضة سعيرا؟ لا يجني ذاك إلا بما يجني هذا. من مصائبنا أننا نعقل الدنيا ونسوسها بالفهم والفقه والمقصد والعلة والقياس والمصلحة والحسنى و فتح ذرائع الخير والإقتباس أما الدين فإنما نسوسه بالتقليد الأعمى.
ط مثال حي لما لا يريد الناس سماعه وبذا يفر منه الدعاة : „ تفتح أبواب الجنة يومي الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا”. ( مسلم). أليس فقهنا المعاصر أولى بمبحث جديد إسمه : مبطلات الصلاة ومبطلات الصيام ولكن على غير الطريقة التقليدية. ما هي مبطلات الصلاة التي يتحاشى ذكرها الأئمة؟ “ ثلاث لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون وأخوان متصارمان وإمرأة باتت وزوجها عنها ساخط “. كيف لك أن تفر من قوله لا ترفع صلاتهم؟ أنى لنا أن نؤولها تأويلا باطنيا لنسعد بتفرقنا وإنشقاقنا؟ هل تجد كتابا واحدا في الفقه يعرج على ذلك أو يذكر به مجرد تذكير؟ طبعا لا. لم؟ لأنه حدث في أم عهدنا الإسلامي الأول إنقلاب أموي شنيع ضد أعلى قيمة إسلامية وهي قيمة الشورى. نحن اليوم نتحاشى ذلك لأننا نخاف أن نسأل عن هذا الإمام الذي أم قوما وهو له كارهون هل هو إمام الدين أم إمام السياسة!!! ألا ترى أن السؤال قبيح أعرج؟ أنى لسؤال أعرج قبيح أن يلفى له جوابا سليما صحيحا؟ ألم تقل العرب : أنى يستقيم الظل والعود أعوج؟ إذا قلنا هو إمام الصلاة رضي عنا إمام السياسة وإذا قلنا هو إمام السياسة فتح السجن لنا فاه فاغرا أو النفي والتشريد داخل البلاد أو خارجها وإذا لذنا بالفرار من الجواب عاملنا الناس معاملة من فقد مبرر وجوده فالسخرية منه هي سيدة الموقف. وما هي مبطلات الصيام التي نفر منها؟ هي ذاتها أي مبطل سماه محمد عليه الصلاة والسلام ( الحالقة). أي تحلق الدين بمثل ما يحلق الموسى الشعر. ليس هناك من معنى آخر لهذا الحديث الصحيح سوى أنه يستوي صومك مع فطرك إذا كنت على خصومة مع أي مسلم إلا محاربا للإسلام أو معاقبا بمثل عقوبة المخلفين عن تبوك حيث لا تبادل للسلام بينكما فإن بدأته قبل صومك وإن رددت عليه سلامه ولو بمثله قبل صومك أما دون ذلك فلا حرج عليك أن تأكل وتشرب وتنزوي على أنثاك بمثل ما يفعل المفطرون. دلوني على تأويل آخر لأفيء إليه توا.
ي “ ثم إعتكف أزواجه من بعده “ ( متفق عليه). مثال آخر لما لا نريد التذكير به ولا يريد الناس سماعه. عد إلى تمحلات المتمحلين لتلفى عجبا يندى له الجبين إن كان في الهامة جبين يندى. من قائل أنه خاص بهن ومن قائل أنهن إعتكفن لأنهن لا يحضن ولا ينفسن ومن قائل أن أذن لهن بذلك في حياته.. ومن قائل ومن قائل ومن قائل .. إلا قولا واحدا حرمه عليهم البخاري وذلك عندما أخرج الحديث في صحيحه ثم ثنى عليه مسلم.. قول واحد محرم عليهم هو أن الحديث ضعيف أو حسن أو غير ذلك. النتيجة هي : لا تعتكف المرأة وإن إعتكفت بمحرم وبإذن زوج ومسجد لا يغشاه الرجال و لصيق بدارها ولا يجوز لها في الإعتكاف كذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا.. أي : لا تعتكف المرأة بإختصار رخيص جبان إنقلابا على إرث النبوة بمثل ما إنقلب الأمويون. إنقلبوا هم على السياسة في الدين وإنقلبنا نحن على الدين في السياسة وبئس الإنقلابان ولو كانت في أيدينا سياسة لإنقلبنا بمثل ما إنقلبوا ولكن إنقلبنا على ما نستطيع الإنقلاب عليه.
خلاصة الموعظة.
كلمة واحدة لا ثاني لها هي أمل من آمالي والله : تعرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام من القرآن الكريم أولا ثم من البخاري ومسلم ثانيا ثم من السنن الأربعة والموطإ والمسند ثالثا ثم من غيرها من كتب الحديث سيما صحيحي : إبن حبان وإبن خزيمة رابعا ثم من غيرها من الكتب السبعة عشر ثم من كتب السيرة وشمائله بصفة عامة من مثل رائعة القاضي عياض وغيرها مما لا يحصى. التعرف إليه لا يتطلب كثرة بقدر ما يتطلب منك أنت نباهة وعقلا وفهما وفقها وسؤالا وتوقفا وتأملا و تدبرا. ليس الفقيه بكثرة العرض ولكن الفقيه بدقة الفهم وإذكر دوما قالة ذهبية للإمام علي عليه الرضوان : „ ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه؟ قالوا بلى. قال : الفقيه كل الفقيه من لا يوئس الناس من رحمة الله ولا يؤمنهم من مكره”.
تعرف إليه ثم عرف الناس به. إبدأ بالمسلمين لأن كثيرا منهم يجهل عنه أكثر مما يعلم.إذا كنت صاحب علم في اللغات فلا تضن على نفسك بخير إسمه : ترجمة حياته حديثا وصفة وسيرة إلى لغات الدنيا إذ ليس هناك لغة إسمها لغة إسلامية أو لغة الإسلام ولكن كل لغة يتحدثها مسلم أو لهجة يرطن بها غير عربي هي لغة إسلامية ولهجة إسلامية.
تعرف إليه وليكن ذلك مشروع كفل من حياتك. تعرف إليه ليتجدد إيمانك ويرسخ يقينك وتفقه الحياة ثم تفقه الدين ثم تكون داعية ناجحا يعرف الدين ويعرف الحياة أما من يعرف الدين كله ويجهل ربع الحياة فقد جهل الدين كله وربع الحياة وبمثله من يعرف الحياة كلها ويجهل ربع الدين فقد جهل الحياة كلها والدين كله.
تقبل الله صيامكم وقيامكم وصلاتكم وإنفاقكم ودعاءكم وصالح عملكم.
والله تعالى أعلم.
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.