تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مازلنا نجهل كثيرا من شخصية محمد صلى الله عليه وسلم (18)
نشر في الحوار نت يوم 07 - 08 - 2010


مشاهد من خلق الصادق الأمين.
مازلنا نجهل كثيرا من شخصية محمد صلى الله عليه وسلم.
((( 18 ))).
أخرج الشيخان البخاري ومسلم عليهما الرحمة والرضوان في صحيحيهما عن حميد إبن عبد الرحمان عن أبي هريرة أنه قال : „ أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت. قال : وما شأنك؟ قال : وقعت على إمرأتي في رمضان. قال : فهل تجد ما تعتق به رقبة؟ قال :لا. قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال :لا. قال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. قال: إجلس. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعذق فيه تمر فقال له : تصدق به. فقال الرجل: يا رسول الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه. ثم قال : فأطعمه إياهم”.
بارك الله لكم أجمعين في شهركم وصومكم.
أبتهل هذه الفرصة السانحة لأزف إلى الإخوة والأخوات أينما كانوا في هذا المنبر: الحوار.نت بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم أطيب الكلام وأحر السلام سائلا المولى الكريم ولي النعمة العظمى سبحانه أن يبارك لهم في شهر القرآن والصيام وأن يكلل عبادتهم بالظفر بليلة هي خير من ألف شهر عسى أن تنعتق فيها رقابنا العاصية من نار جهنم وأن يقيض سبحانه للأمة أمة من الناس منها يجاهدون في سبيله ولا يخافون فيه سبحانه لومة لائم تحريرا للأرض المحتلة بفلسطين و للبلاد التي يعربد فيها الطغاة والمجرمون من الحكام العرب إستبدادا ودعوة إلى الإسلام بالتي هي أحكم وأحسن وأبصر عسى أن يهدي سبحانه قلوبا أجدبها الجهل وأقحطتها المادية. إنه سميع مجيب. آمين آمين آمين.
تلك أمنية من أمنياتي ورب الكعبة.
من أماني عندما يصفو الفؤاد وتنقشع عنه شوائب الغفلة أن يتعرف الناس والمسلمون منهم لا يختلفون في ذلك عنهم بل هم أولى به وأجدر إلى محمد عليه الصلاة والسلام. ليس على الطريقة التقليدية التي تغرقنا في نسبه وحسبه بل يغرقنا بعضهم بما لم يرد إبتداعا في الدين فيقدم لنا محمدا عليه الصلاة والسلام بطلا رياضيا في كمال الأجسام أو بما يقترب من عارضي الأزياء اليوم وذلك من خلال الإغراق والإبتداع والإفراط في وصف جسمه وهل يريد منا الشيطان وأولياؤه فينا ومن غيرهم سوى ذلك أي التقوقع حول بنيته الجسمية أما ما مدحه به ربه سبحانه وما قاله هو عن نفسه وحدثنا به صحابته عنه من كمالات نفسية وعقلية وروحية وترجمات حية لتعاليم القرآن الكريم ومحكماته في كل حقل من حقول الحياة .. ذلك لم يعد يعنينا اليوم لنلتقي موضوعيا دون وعي وبئس وعي مغتال مع العالمانيين الذين لا ينكرون ذلك في رسالة الإسلام ولكنهم يكفرون بالبعض الآخر من الكتاب أي : أن يكون حاكم السياسة وحاكم الإقتصاد وحاكم الإجتماع وحاكم الثقافة وحاكم الفكر وحاكم الفن وحاكم العلاقات الخارجية في الحرب والسلم.. وهل يريد منا أولئك غير ذاك!!!
أساس أمنيتي تلك هو أنه كلما تعرف بشر فوق الأرض إليه صلى الله عليه وسلم إنسانا كاملا ونبيا معصوما ومبعوثا رحمة للعالمين .. لا يلبث أن يفيئ إلى الإسلام إن آجلا أو عاجلا ودعك من الذين جحدوا بذلك وإستيقنت أنفسهم الحق وهم كثير .. دعك منهم لأن الصادق المخلص منهم آيب إلى الحق يوما.
أكاد أقول أني لا أجد طريقا أيسر إلى الإسلام من طريق التعرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام ولكن دعني أهمس في أذنك : هل تجد اليوم في محيطك والدنيا كلها بثورة الإعلام الهادر محيطك من يبشر الناس من مسلمين وغير مسلمين برحمة محمد عليه الصلاة والسلام وصفحه وحلمه وكرمه وجوده وكمالات نفسه وروحه وعقله؟ أكثرنا إنما يقدم الإسلام في صورة تجريدات فلسفية إغريقية ميتة منزوعة الحياة ويدع التي هي أيسر وأدنى وأقرب.
مشكلة في الدعوة حقيقية.
تلك مشكلة كتبت عنها ولن أزال ألمس أثرها يوما بعد يوم وكثير منا يتعامل معها على طريقة أغنية لكل مستمع أي يتحول الداعي فنانا يطرب الجمهور بما يريدون. بعضنا يفعل ذلك عن جهل لفن الدعوة وأسسها وبعضنا يتقرب إلى الناس بذلك بمثل ما يتقرب غيرهم إلى أولي البطش من الحكام ولكم صدق القائل بأن التزلف إلى الناس ليس بأقل إثما من التزلف إلى الحكام. تلك المشكلة هي أن كثيرا من الناس اليوم يريدون من الداعي أن يحرم عليهم أكثر الذي يخوضون فيه أو يسأل عنه من حياتهم اليومية بمثل ما يريدون منه أن يتساهل معهم فيما يعرضهم للسجن والتشريد والمراقبة. أي يريدون سماع كلمات حرام ومكروه وغيرهما ولكن دون إلتزام بل تلبية لشهوة دفينة لم أدرك أصلها والله فإذا كان الحديث عن قضايا الأمة التي بها تتقدم وتنهض وتتحرر وتكون خير أمة يريدون منه المرور عليها مرور الكرام. بكلمة واحدة : من آمن منا بيسر الإسلام ورحمة نبيه عليه الصلاة والسلام فإنه أسير نظام : أغنية لكل مستمع ولا يجهر بما يؤمن به من ذلك حرصا على عدم مواجهة الناس به وهو يظن أن ذلك لا يندرج ضمن كتم شهادة الله سبحانه. ومن لم يؤمن منا بذلك أو يرى اليسر طارئا والرحمة محدودة وهما رقمان أبيضان صغيران في جلد ثور ضخم أسود.. فهو حبيب الناس وهو المطرب صاحب أغنية لكل مستمع وهو آمن من بطشهم بل من بطش الحاكم كذلك لأنه لا يتعرض لقضايا الأمة المعاصرة. بعض الدعاة إذا واظب الناس عليهم يلفى المرء نفسه يعلم كل شيء عن حياة القبر ولكنه لا يعلم عن حياة ما قبل القبر شيئا ولذلك يسعى الحاكم إلى ضم هؤلاء وفتح الأبواب الموصدة أمامهم لأن خطابه الذي لا يلامس عذاب الدنيا يلتقي مع سياسته التخديرية التي يصرف بها الناس عن عرشه. أليست تلك مشكلة حقيقية في الدعوة؟
أمثلة حية مما نجهله عن محمد عليه الصلاة والسلام.
1 الحديث آنف الذكر. هو حديث متفق عليه والمتفق عليه عندي هو قرآن إلا درجة واحدة في صحته أما دلالته فلا يختلف فيها عن القرآن الكريم. المشكلة هي أن الذين لم يألفوا رحمة المبعوث رحمة للعالمين فيستكثرونها على أنفسهم وعلى الناس من حولهم يعمدون إلى تأويلات فجة بمثل ما ترى الباطنيين يؤولون المحكمات تأويلا شنيعا تأباه اللغة والفطرة. التأويل الفاسد هو فاسد سواء صدر عن الباطنيين أو عن الظاهريين إذ العبرة بالفساد وليس بالمفسد. قرأت في بعض الكتب التي تشرح هذا الحديث ما يلي : „ يحب أن يراعى أن إذن النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الصحابي بالتصدق على أهل بيته خصوصية خصه بها”. ولو تتبعت مثل تلك الخصوصيات التي يتأولها أولئك ثم جمعتها لرأيت عجبا. ذاك العجب ليس هو سوى أن ثلث الدين إنما جاء لمحمد عليه الصلاة والسلام وحده. أين أسس العقيدة الإسلامية إذن من إطلاق وعموم للخطاب الإسلامي؟ جمدها الإنحطاط وإغتالها العقل البالي بمثل ما إغتال الأمويون أمر الأمة إنقلابا ضد الشورى ثم ضد المرأة وعادت الجاهلية العربية من الباب الخلفي بعد إنقضاء القرون الذهبية الثلاثة الأولى التي أخبر عنها عليه الصلاة والسلام وذلك هو ما يبرر تجديد الدين وليس التدين إجتهادا و جهادا جنبا إلى جنب فلا إجتهاد بلا جهاد ولا جهاد بلا إجتهاد إذ لا روح بلا بدن ولا بدن بلا روح.
2 القول بأن ذاك رخصة منه عليه الصلاة والسلام ورحمة وسعة وإجتهاد نبوي سديد يؤيده الوحي الصحيح الثابت الصادق.. هو القول الصحيح هنا دون تمحل ولجوء إلى التخصيص ليتحول الدين خصوصيات وكيلا بألف ألف مكيال. لك أن تقول بغير ذاك أو إلى جانبه إن شئت رغم أن القول الأول أقوى عندي .. لك أن تقول أنه تصرف بمقتضى الإمامة فهو النبي الإمام في آن واحد فلما مات إنقضت النبوة وبقيت الإمامة. ذلك كذلك أولى من تخصيص الدين. القول فيها كذلك بأنه عليه الصلاة والسلام يراعي الحاجات والضرورات و ينزل كل حكم في محله المناسب .. ذاك كذلك قول سديد رشيد يعفيك من اللجوء إلى تخصيص الدين وتحويله إلى كنيسة يتصرف فيها القس بما لا تدركه العقول..
3 ذلك هو مظهر من مظاهر رحمة المبعوث رحمة للعالمين ولكن مأساتي ورب الكعبة هي أننا تنكبنا ذلك تنكبا عجيبا بأثر من إنحطاط سالف و تغريب خالف إلا قليلا. تصرفه عليه الصلاة والسلام مع هذا الرجل هو عين الرحمة واللطف ورعاية الحاجة والضرورة وهو مشهد يلتقطه الداعية والإمام والمفتي والقاضي وكل من يوقع عنه بتعبير إبن القيم في كل زمان ومكان وحال وعرف مناسب للحالة ذاتها قياسا عقليا منطقيا مفهوما يناسب الفطرة والرحمة والدعوة. أملي كل أملي ورب الكعبة هو أن يعود كثير من المفتين فينا ومن في حكمهم من الوعاظ والخطباء والأئمة أطباء العقل ليحتقنوا بحقنة تطعيمية تحميهم ضد أوبئة فتاكة إسمها : تقمص صفة رجل دين لا يعرف من الدنيا كلها إلا الحلال والحرام أي شرطيا يقضي ويعاقب وليس موجها مرشدا يخفق قلبه رحمة بالناس. حاجة أكثر المفتين فينا إلى أولئك الأطباء وتلك الحقن أكثر من حاجة أبنائنا إلى حقن ضد الشلل والسل لأن شلل العقل وسل النفس أولى بالوقاية أو بالعلاج.
4 إجمع إليك هذه النصوص المتعلقة بالصيام لتدرك من هو محمد عليه الصلاة والسلام.
أ “ ليس من البر الصوم في السفر” ( متفق عليه).
ب “ ذهب المفطرون اليوم بالأجر” ( متفق عليه).
ج “ كان يكون علي الصيام من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان” ( عائشة عليها الرضوان متفق عليه). إجتهد بعض الفقهاء فرضا لفدية لمن قضى بعد شعبان ولكنه إجتهاد إستحبابي ترغيبي وحضا على الخير ولا دليل عليه من الإسلام أصلا وما إدعى واحد منهم غير ذلك فلما آل الأمر إلينا فرضنا ذلك على الناس فرضا بإسم الحيطة غيرة على دين لم يكتمل وخوفا عليه من الضياع وعلى الناس من الفسوق!!!!!!!!!
د “ من ذرعه القيئ وهو صائم فلا قضاء عليه ومن إستقاء عمدا فليقض” ( أحمد وأبو داود). إجتهد بعض الفقهاء فرضا لقضاء يوم لمن إستقاء عمدا فرجع بعض ما قاءه إلى جوفه ولم يكن ذلك منهم إلا إستحبابا وجبرا ولم يدع واحد منهم أن ذلك من الشريعة فلما آل الأمر إلينا فرضنا ذلك عليهم بعد ما صمت العقول عن فقه غذاء خرج من البطن إلى الفم ثم عاد إليها أنى له أن يغذي صاحبه بل هو عالة عليه. ولكنها جرثومة التحريم كما قال بحق الشيخ الكلباني أحد أئمة الحرم المكي الشريف.
ه “ كان يقبل وهو صائم “ ( الأم الكريمة عائشة متفق عليه).
و “ من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه”. ( متفق عليه). ورغم ذلك إجتهد بعض الفقهاء لفرض قضاء يوم بدل ذلك ولكنهم فعلوا ذلك تحريضا على الخير ولم يدع واحد منهم أن ذلك مشروعا بالوحي الكريم الصحيح. فلما آل الأمر إلينا أصبح في عرفنا ذلك معلوما من ( الجهل ) بالضرورة. أصل ذلك أننا نستكثر رحمة الرحمان بنا ونستكثر رحمة محمد عليه الصلاة والسلام بنا. ما هو دواء بشر يتصدق عليه ربه ورسول ربه بصدقة فيمتنع عنها خوفا على دينه!!! هل تجد في الدنيا أحمق من هذا؟؟؟
ز “ لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخرو السحور”. ( متفق عليه). أنظر إلى جانبك لتفى أن المؤذن يؤذن لصلاة المغرب ثم يفطر ثم أنظر مرة أخرى لتلفى أن المصلي يتجاوز ذلك ويزيد عليه بإبتداع خمس دقائق أو أكثر حيطة لدينه فلا يفطر حتى بعد فطر المؤذن الذي لا يفطر هو بدوره إلا بعد إكمال آذانه!! أي خير هذا الذي جلبه إلينا الصادق المصدوق ونحن نأباه!!! أما نكبة الإحتياطات الفارغة في السحور فحدث ولا حرج. حتى إن أكثر الإمساكيات في أروبا اليوم تخرج على الناس بوقتين : وقت للإمساك وآخر للفجر وبعضها وقت للمغرب ووقت للإفطار.. أي جهل هذا وأي حمق هذا وأي تنكب لسنة محمد عليه الصلاة والسلام. أليس هو القائل : „ من رغب عن سنتي فليس مني”. لو إتسعت هذه الموعظة المرتجلة لنصوص أخرى كثيرة سيما من تطبيقات الصحابة لهذا الحديث لرأيت والله العظيم عجبا عجابا لا تنفك بعده أن تقول : نحن أتقى من الصحابة أو أن تقول الأخرى : لا شأن لنا بهم في أكثر الدين ولكنها نسبة الدعي!!!
ح “ ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما إفترضته عليه..“ ( البخاري). مما عرفت من نكبات في حياتنا الدينية حرص بعضنا على النافلة وتضييعه للفريضة أي خلاف إتجاه هذا الحديث الصحيح مائة بالمائة. عندما قال الفقهاء بأنه لا تقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة فإنهم لم يقولوا ذلك من فراغ أو إجتهاد ظني مدخول وإنما تأسسا على نصوص ثابتة صحيحة منها هذا الحديث. ألا تعلم أن صحيح البخاري دون غيره حديقة غناء فواحة أحاطها صاحبها عليه الرحمة والرضوان بحرس شديد وعسس عتيد فلم ينفذ إليها أبدا قط زهرا مزورا أو وردة لونها لون الحديث وريحها ريح الكذب عنه أو الفهاهة؟ أبصر حولك لتلفى من الناس من يحرص على التراويح أكثر من حرصه على صلاة الجماعة في الصلاة المكتوبة من مثل الفجر والعشاء الآخرة. كم يضيع هذا المسكين من أجور وحسنات كجبال تهامة وهو لا يدري؟ أليس هو مثل بائع الأقمشة الصوفية الثخينة في الخرطوم في مثل هذه الأيام الفائضة سعيرا؟ لا يجني ذاك إلا بما يجني هذا. من مصائبنا أننا نعقل الدنيا ونسوسها بالفهم والفقه والمقصد والعلة والقياس والمصلحة والحسنى و فتح ذرائع الخير والإقتباس أما الدين فإنما نسوسه بالتقليد الأعمى.
ط مثال حي لما لا يريد الناس سماعه وبذا يفر منه الدعاة : „ تفتح أبواب الجنة يومي الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا”. ( مسلم). أليس فقهنا المعاصر أولى بمبحث جديد إسمه : مبطلات الصلاة ومبطلات الصيام ولكن على غير الطريقة التقليدية. ما هي مبطلات الصلاة التي يتحاشى ذكرها الأئمة؟ “ ثلاث لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون وأخوان متصارمان وإمرأة باتت وزوجها عنها ساخط “. كيف لك أن تفر من قوله لا ترفع صلاتهم؟ أنى لنا أن نؤولها تأويلا باطنيا لنسعد بتفرقنا وإنشقاقنا؟ هل تجد كتابا واحدا في الفقه يعرج على ذلك أو يذكر به مجرد تذكير؟ طبعا لا. لم؟ لأنه حدث في أم عهدنا الإسلامي الأول إنقلاب أموي شنيع ضد أعلى قيمة إسلامية وهي قيمة الشورى. نحن اليوم نتحاشى ذلك لأننا نخاف أن نسأل عن هذا الإمام الذي أم قوما وهو له كارهون هل هو إمام الدين أم إمام السياسة!!! ألا ترى أن السؤال قبيح أعرج؟ أنى لسؤال أعرج قبيح أن يلفى له جوابا سليما صحيحا؟ ألم تقل العرب : أنى يستقيم الظل والعود أعوج؟ إذا قلنا هو إمام الصلاة رضي عنا إمام السياسة وإذا قلنا هو إمام السياسة فتح السجن لنا فاه فاغرا أو النفي والتشريد داخل البلاد أو خارجها وإذا لذنا بالفرار من الجواب عاملنا الناس معاملة من فقد مبرر وجوده فالسخرية منه هي سيدة الموقف. وما هي مبطلات الصيام التي نفر منها؟ هي ذاتها أي مبطل سماه محمد عليه الصلاة والسلام ( الحالقة). أي تحلق الدين بمثل ما يحلق الموسى الشعر. ليس هناك من معنى آخر لهذا الحديث الصحيح سوى أنه يستوي صومك مع فطرك إذا كنت على خصومة مع أي مسلم إلا محاربا للإسلام أو معاقبا بمثل عقوبة المخلفين عن تبوك حيث لا تبادل للسلام بينكما فإن بدأته قبل صومك وإن رددت عليه سلامه ولو بمثله قبل صومك أما دون ذلك فلا حرج عليك أن تأكل وتشرب وتنزوي على أنثاك بمثل ما يفعل المفطرون. دلوني على تأويل آخر لأفيء إليه توا.
ي “ ثم إعتكف أزواجه من بعده “ ( متفق عليه). مثال آخر لما لا نريد التذكير به ولا يريد الناس سماعه. عد إلى تمحلات المتمحلين لتلفى عجبا يندى له الجبين إن كان في الهامة جبين يندى. من قائل أنه خاص بهن ومن قائل أنهن إعتكفن لأنهن لا يحضن ولا ينفسن ومن قائل أن أذن لهن بذلك في حياته.. ومن قائل ومن قائل ومن قائل .. إلا قولا واحدا حرمه عليهم البخاري وذلك عندما أخرج الحديث في صحيحه ثم ثنى عليه مسلم.. قول واحد محرم عليهم هو أن الحديث ضعيف أو حسن أو غير ذلك. النتيجة هي : لا تعتكف المرأة وإن إعتكفت بمحرم وبإذن زوج ومسجد لا يغشاه الرجال و لصيق بدارها ولا يجوز لها في الإعتكاف كذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا.. أي : لا تعتكف المرأة بإختصار رخيص جبان إنقلابا على إرث النبوة بمثل ما إنقلب الأمويون. إنقلبوا هم على السياسة في الدين وإنقلبنا نحن على الدين في السياسة وبئس الإنقلابان ولو كانت في أيدينا سياسة لإنقلبنا بمثل ما إنقلبوا ولكن إنقلبنا على ما نستطيع الإنقلاب عليه.
خلاصة الموعظة.
كلمة واحدة لا ثاني لها هي أمل من آمالي والله : تعرف إلى محمد عليه الصلاة والسلام من القرآن الكريم أولا ثم من البخاري ومسلم ثانيا ثم من السنن الأربعة والموطإ والمسند ثالثا ثم من غيرها من كتب الحديث سيما صحيحي : إبن حبان وإبن خزيمة رابعا ثم من غيرها من الكتب السبعة عشر ثم من كتب السيرة وشمائله بصفة عامة من مثل رائعة القاضي عياض وغيرها مما لا يحصى. التعرف إليه لا يتطلب كثرة بقدر ما يتطلب منك أنت نباهة وعقلا وفهما وفقها وسؤالا وتوقفا وتأملا و تدبرا. ليس الفقيه بكثرة العرض ولكن الفقيه بدقة الفهم وإذكر دوما قالة ذهبية للإمام علي عليه الرضوان : „ ألا أنبئكم بالفقيه كل الفقيه؟ قالوا بلى. قال : الفقيه كل الفقيه من لا يوئس الناس من رحمة الله ولا يؤمنهم من مكره”.
تعرف إليه ثم عرف الناس به. إبدأ بالمسلمين لأن كثيرا منهم يجهل عنه أكثر مما يعلم.إذا كنت صاحب علم في اللغات فلا تضن على نفسك بخير إسمه : ترجمة حياته حديثا وصفة وسيرة إلى لغات الدنيا إذ ليس هناك لغة إسمها لغة إسلامية أو لغة الإسلام ولكن كل لغة يتحدثها مسلم أو لهجة يرطن بها غير عربي هي لغة إسلامية ولهجة إسلامية.
تعرف إليه وليكن ذلك مشروع كفل من حياتك. تعرف إليه ليتجدد إيمانك ويرسخ يقينك وتفقه الحياة ثم تفقه الدين ثم تكون داعية ناجحا يعرف الدين ويعرف الحياة أما من يعرف الدين كله ويجهل ربع الحياة فقد جهل الدين كله وربع الحياة وبمثله من يعرف الحياة كلها ويجهل ربع الدين فقد جهل الحياة كلها والدين كله.
تقبل الله صيامكم وقيامكم وصلاتكم وإنفاقكم ودعاءكم وصالح عملكم.
والله تعالى أعلم.
الهادي بريك ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.