أطلقت السلطات الموريتانية سراح 35 سجينا سلفيا في إطار عفو من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بمناسبة عيد الفطر المبارك. وقال مدير مكتب الجزيرة في نواكشوط محمد بابا ولد أشفغ إن 15 من المفرج عنهم كانت قد صدرت بحقهم أحكام بالسجن النافذ، أما العشرون الباقون فلم يحاكموا بعد. ومن أبرز المفرج عنهم عبد الله ولد سيديا الذي كان أعلن تبرؤه من العنف مع آخرين أثناء حوار جرى مع السجناء السلفيين قبل ثمانية أشهر في نواكشوط، وكان حكم عليه بالسجن ست سنوات بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة. وطالب وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير المفرج عنهم بالابتعاد عن الغلو والتطرف، وبالعودة إلى رشدهم والتحلي بقيم العفو والتسامح التي كرسها رئيس الجمهورية بعفوه عنهم، وبالاستفادة من الحوارات والدروس التي قدمها لهم العلماء الأجلاء في الفترة الماضية.
فرح وآمال وقد سادت أجواء من الفرحة العارمة بين صفوف المعتقلين وذويهم، وشهدت الساحة الواقعة قبالة السجن المدني حالات من الإغماء وفقدان الوعي لعدد من أمهات وأخوات المفرج عنهم بعد إعلان نبأ الإفراج. وقال السجين المطلق سراحه عبد الله ولد سيديا للجزيرة نت إن خطوة العفو عن هذه المجموعة كانت شجاعة، وتمثل حلا لهذا الملف العالق منذ فترة، وتعتبر بداية إصلاح وخير لموريتانيا. أما زميله محمد المصطفى ولد عبد القادر فنوه في تصريح للجزيرة نت بأهمية الخطوة، لكنه طالب "بتعميمها على بقية المعتقلين، لأنهم يعانون أقسى المعاناة داخل هذا السجن، ولأن أغلبهم مظلومون ومتهمون بقضايا لا صلة لهم بها". تباين وفيما كان إطلاق سراح هذه المجموعة يتواصل كان العشرات من أهالي السجناء -سواء المفرج عنهم، أو الذين تم الاحتفاظ بهم- يتجمهرون أمام السجن المدني، وسط حالة من تباين المشاعر ما بين مرحب وشاكر، وساخط رافض لما يصفها بازدواجية السلطات في التعاطي مع الملف. وبينما شكرت فاطمة بنت محمد الأمين -شقيقة محمد سالم المجلسي المفرج عنه- السلطات الحاكمة على هذه الخطوة، واعتبرتها بادرة تستحق الشكر والثناء، وتفتح الأمل لبقية المعتقلين، قالت مريم أخت المعتقل محمد محمود ولد السبتي للجزيرة نت وهي تبكى وتصرخ إنه لا معنى للإفراج عن سجناء اتهم بعضهم بالقتل وحمل السلاح على موريتانيا، في وقت يجري فيه التحفظ على آخرين لا ذنب لهم، ويجري اعتقالهم وتعذيبهم ظلما وعدوانا. وجاء الإفراج عن هذه المجموعة بعد دعوات متكررة من قبل علماء وسياسيين وقادة رأي، خصوصا بعد الحوار الذي قاده عدد من العلماء مع هؤلاء المعتقلين ووصفت نتائجه حينها بالإيجابية، لكن السلطات اتهمت بعد ذلك بتجاهل هذه "النتائج الإيجابية"، وبعدم ترتيب أي شيء عليها، خصوصا بعد صدور الأحكام التي وصفت بالقاسية على أبرز عناصر المجموعة المستجيبة للحوار. كما يأتي هذا الإجراء في وقت يواصل فيه تنظيم القاعدة هجماته على أهداف رسمية وأجنبية في موريتانيا، كان آخرها هجوم انتحاري على ثكنة موريتانية قبل أسبوعين.