...سيف مسلط على رقابنا ... السودان نموذجا تعتبر قضية الاقليات في عالمنا الاسلامي ورقة ثمينة يعلق الغرب وكل من لا تروق له وحدة المسلمين واستقرارهم آمالا كبيرة من خلال استعمالها كموطئ قدام له وثغرات ينفذ من خلالها لتحقيق مطامحه وأهدافه وتمرير خططه, مستعملا شريحة من أبناء البلد المستهدف وذلك لإضفاء الشرعية على برامجه... و من باب ظاهره حق وباطنه باطل وظلم وزيف , باب أسمه التدخل الانساني , ينفذ هؤلاء بسلاسة الى مراكز القرار والتنفيذ... تعتبر هذه الورقة أو هذه السياسة من الاساليب القديمة الحديثة وهي لم تتغير على مر الزمن من حيث المرامي والاهداف ...المتغير فقط هو الاساليب والوسائل وذلك بحسب الزمان والمكان ومتطلبات المرحلة ...استعمل الغرب الصليبي هذه الوسيلة عبر محاولته استمالة بعض الاقليات الدينية المسيحية واليهودية على وجه التحديد استعملها نابليون على سبيل المثال لا الحصر في القرن الثامن عشر عندما حاصر سنة 1799مدينة عكة , حيث نادى ومن أسوارها يهود العالم الى الوقوف مع فرنسا في حملتها على مصر والشرق ومقابل ذلك يعيد لهم ما يسمونه زورا وبهتانا ''ملك بني اسرائيل , يعني أرض فلسطين والقدس ... رغم أن أساليب الغرب تلك , و سياسة فرق تسد , لم تلق نجاحات كبرى , حيث قسّم ارث الدولة العثمانية عن طريق قوة السلاح واستعمار المنطقة الذي أفرز اتفاقية سايكس بيكو , التي قسمت أقاليم الدولة العثمانية الى دويلات خاضعة للنفوذ البريطاني والفرنسي ... الا أنه ظل يعتبرها من السياسات التي لا يمكن الاستغناء عنها في منطقة ذات تنوع عرقي وطائفي و مذهبي وديني ...وها هو الغرب اليوم يستعمل من جديد سلاح الاقليات وسياسة فرق تسد , بل أن جل اهتمامه لتفتيت عالمنا الاسلامي موجه الى اللعب على هذه الورقة الثمينة عبر تغذية الاحقاد وزرع الفتن والكوارث واطالة أعمار النزاعات ليسهل له تمرير مشاريعه ...وما قضية دارفور وجنوب السودان الا مثالا من جملة أمثلة أخرى العراق مثلا واللعب على ورقة الطائفية المذهبية والعرقية يعول عليها الغرب لتمزيق دولة عربية كبرى وهي السودان وخنق أخرى ومحاصرتها وهي دولة الكنانة مصر ... سيكون السودان قريبا على موعد مع حرب أهلية بنكهة جديدة لا مفر منها , حرب نسج الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني بالتحديد خيوطها بحكمة ودهاء وحقد ....حرب بين أبناء الجنوب ذاتهم بعرقياتهم وطوائفهم المختلفة من أجل السلطة بتعقيداتها وتفرعاتها وما تفرزه من مشاكل مختلفة .... ثم حرب بين الشمال والجنوب , من أهم تجلياتها وإفرازاتها التهجير والتهجير المتبادل... ومهما سعى صناع القرار لدى الطرفين لضبط النفس واحتواء الازمة عبر تفاهمات داخلية يكون اللاعب الاساسي فيها والمحرك لها هو المصالح المتبادلة , بين الساسة وليس مصلحة الشعوب المغلوبة على أمرها ... فأن شعوب كلا الطرفين لا يمكن ضبطها بصورة كلية خاصة وأن الغرب زرع بذور الحقد المتبادل منذ سنين , أضف الى ذلك أن معضلة الثروات وعلى رأسها النفط مازال لم يبت فيها بصورة واضحة وجلية ...ستطل علينا تلك الحرب برأسها آجلا ام عاجلا ....ولعلها ستكون حروبا ونزاعات بين شرق وغرب وجنوب وشمال ...مما قد يقود الى التعجيل بتفتيت السودان الى اربع دويلات , شرق وغرب وشمال وجنوب ...لا سمح الله ...الأرضية مهيأة , للأسف ... من يقف وراء مخطط التقسيم ؟ من المسئول عن تفاقم الأوضاع الراهنة بالسودان ؟؟؟ لقد فتح الصراع حول السلطة في السودان منذ التسعينات الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية , تدخلات مهدت لما نشاهده اليوم من مآسي أولها وعلى رأسها مخطط التقسيم , تقسيم أكبر قطر عربي افريقي من حيث المساحة والتنوع العرقي والجغرافي , تفتيته الى دويلات : دولة في الجنوب , جنوب مسيحي مدعوم من الغرب , دعما عسكريا بالخصوص . جنوب يكون قاعدة او ممرا للاستحواذ على أفريقيا بثرواتها وكنوزها الثمينة , ممرا لوضع اليد على الشريط النفطي الممتد من قرن افريقيا مرورا بنجيريا ووصولا الى غينيا الاستوائية التي تتربع على بحر من الذهب الاسود ذو الجودة العالية والثمن البخس ...ثم دولة في دارفور غربا وأخرى ثالثة في جبال النوبا شرقا والرابعة في الشمال,عربية مسلمة وهي التي ستكون الاقل موارد وثروات ... لقد بدأ التدخل الامريكي والاجنبي عموما في الشأن السوداني مبكرا , منذ أوائل التسعينات كما قلت . وبحجة حل مشكلة الجنوب بسط السيد الامريكي يده على مؤسسات القرار داخل السودان , كان ذلك منذ عهد ''ريجن ''الى اليوم ...وكان للحكومة السودانية الدور البارز في تأبيد الازمة وتدويلها كان أول أخطائها عندما قامت وبالتحديد في مؤتمر حوار الاديان سنة 1994بالغاء القوانين التي تخص مسالة التبشير والتنصير والذي كان ضد بناء الكنائس . الغاء ذلك فتح الشهية أمام المسيحيين وحركات التبشير للعمل بأريحية في البلاد ...بنيت عقب ذلك الكنائس في الجنوب وفي الشمال وحتى العاصمة الخرطوم لم تكن بمنأى عن ذلك المخطط ...بل أوصت لجنة الكونجرس الامريكي أظنه سنة 1993 بضرورة تحرير جنوب السودان من ''الاستعمار العربي الاسلامي ''... بل أصبحت مشكلة غرب السودان عبر قضية دارفور من الكوارث التي صنعها الغرب من أجل نفس الاهداف التي يسعى لتحقيقها من فصل السودان عن جنوبه ...ففي سنة 2003 صرح الارهابي شارون في كلمة ألقاها أمام الحكومة انه حان الوقت للتدخل في غرب السودان يقصد منطقة دارفور بنفس الآلية التي نتدخل بها في جنوبه (اقرار صريح بتدخل الكيان الصهيوني في جنوب السودان ). وها هي اليوم تنجح دولة الكيان الغاصب لاسرائيل في تجنيد عناصر من دارفور ممن هم من أصول أفريقية وممن ينتمون خاصة لحركة العدل والمساواة ليكونوا خدما لتمرير مشاريعها الحاقدة والمدمرة لوحدة الشعب السوداني ...هذا أولا . أما ثانيا , فهو خنق العالم الاسلامي وعلى رأسه مصر , عبر زرع كيانات موالية لأعداء الامة وراعية لمشاريعها ومخططاتها : خنق الامة اقتصاديا عبر حرمانها مما يسميه خبراء الاقتصاد ''سلة الغذاء العربية '' ثم حرمان مصر أو استهداف مياهها , مياه النيل العظيم , التي تعد عصب الاقتصاد المصري .... تضطلع دولة الكيان الصهيوني بهذا الدور على أحسن وجه , اذ تخطط لإقامة مشاريع كبرى وسدود على حوض النيل في كل من الكنغو الديموقراطية ورواندا وهي دولة من دول المنبع ...إضافة الى ذلك فانها تساهم في تقوية شوكة دول حوض النيل و وذلك بدعمها عسكريا وتسليحها ...من أجل خنق مصر وجعلها رهن الاشارة للقبول بكل الصفقات والتسويات وأن تكون الحارس الامين للكيان الصهيوني ومخططاته في المنطقة ... الحصيلة تفتيت للسودان , شمال وجنوب , أصبح هذا مجرد مسألة وقت (استفتاء 2011) يليها بعد ذلك ,أن استمرت الامة وعلى رأسها الشعوب في سباتها العميق , دولة في غرب السودان وأخرى في شرقه ....ثم تجويع المصريين وتجفيف عروقهم بتجفيف منابع النيل , ليظلوا في سباق مع الزمن من أجل هدف واحد لا غير ألا وهو توفير لقمة العيش وبذلك يدجن أكبر شعب عربي مسلم ويفتح المجال أمام عربدة ''''اسرائيل '''''... في أمان الله مريم حمدي