شهد المجلس التأسيسي منذ بداية عمله تغيرا في خريطة كتله النيابية, كتل حلت وأخرى تشكلت وأخرى في طريقها للتشكل... ففيما اتحد بعضها تنافر البعض الآخر لترسم جميعها وجها سياسيا مخالفا لما انطلق به المجلس قبل عام جعلت البعض يطلق عليها اسم "فسيفساء نيابية", و بدأت ملامح بعضها تتوضح فيما مازال البعض الأخر في طور ترتيب منزله الداخلي. العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية انحلت اليا بعد انشقاق نوابها وكونوا لاحقا كتلة المستقلون الأحرار مع نواب آخرون, فيما اختار الآخرون البقاء مستقلين...كتلة الوفاء للثورة التي يرأسها عبد الرؤوف العيادي تشكلت بدورها بعد انشقاقه عن حزب المؤتمر من اجل الجمهورية, أضف إلى ذلك اعتزام تشكيل كتلتي نداء تونس والجبهة الشعبية. وعن الفسيفساء النيابية الجديدة اختلفت القراءات من قبل المختصين والعارفين بالمجال, بين من يرى أن ذلك من شانه أن يقلب الموازين لصالح الدولة المدنية الحداثية والمتطورة والأكثر قدرة على أبعاد شبح الديكتاتورية تحت الغطاء الديني وبين من يعتبر أن المجلس الوطني التأسيسي أصبح عرضة للاستغلال السياسي. أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد اعتبر من جهته أن التشكل المستمر للمشهد السياسي داخل المجلس, وتشكيل كتل جديدة وحل أخرى... من شأنه أن يساهم وان يزيد في فقدان ثقة التونسيين في النواب. في المقابل يرى عدد آخر من النواب أن انضمامهم إلى حزب دون آخر وانسحابهم عن آخر لا يشكل أي عائق أمام رسم ملامح واضحة للمشهد السياسي, بل على العكس, فان ذلك من شأنه أن يدعم الاستحقاق الانتخابي القادم خصوصا وان انسحابهم كان بسبب "خلل ما" في مسار العمل الحزبي. وبين الرأي والرأي الآخر تبقى ممارسة السلطة وتنفيذها أمر صعب وتبقى في النهاية المسألة الانتخابية مسألة مهمة فهي التي ستحدد وضوح الخارطة السياسية, أضف إلى ذلك أنّه "لا مانع قانونيا من أن يشكل حزب ما كتلة داخل المجلس التأسيسي وإن لم يشارك في الانتخابات، وإنّ ما يضبط تشكيل الكتل هو النظام الداخلي للمجلس والقواعد المتعلقة بالحدّ الأدنى من النواب لتكوين كتلة" حسب ما أكده أستاذ القانون الدستوري شفيق صرصار.