مثلت سنة 2014 على المستوى الاقتصادي سنة صعبة وكانت ابرز سماتها الاصلاح الاقتصادي واتخاد اجراءات وتدابير ''مؤلمة'' كلفت المواطن البسيط تضحيات جساما اضطر لتقديمها من خلال الزيادة في الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية مقابل غياب الزيادات في الأجور. ولم يكتمل شهر جانفي حتى بدأت حكومة جمعة مهامها ووجدت أمامها تركة ثقيلة خلفتها حكومتا الترويكا وهو ما دفع بوزراء جمعة لاعلانها سنة تقشف بامتياز وكان الرفع في سعر المحروقات أول اجراء قامت به لتتبعه زيادات أخرى شملت مختلف المنتوجات. كما ركزت حكومة مهدي جمعة على تحسين صورة تونس في الداخل والخارج ولدى المنظمات المالية العالمية من خلال اعتماد الدبلوماسية الاقتصادية التي مكنت في جانب كبير منها من إعطاء دفع جديد للتعاون المبني على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وهو ما جلب بعض الاستثمارات. كما مثل مؤتمر ''استثمر في تونس'' دفعا قويا للدورة الاقتصادية في تونس حيث بينت اغلب الوفود الدبلوماسية المشاركة انها لن تدخر جهدا في مساندة الانتقال الديمقراطي في تونس. كل هذه الاصلاحات لا يمكن ان تحجب عن المتابعين حقيقة الوضع الاقتصادي الصعب الذي لا زالت ترزح تحته تونس ومن أبرز تمظهرات الأزمة ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع مؤشرات الأسعار عند الاستهلاك الأسري علاوة على تدهور التوازنات المالية وتفاقم العجز التجاري بسبب تنامي الواردات مقابل تراجع التصدير. كما أن تردي سعر صرف الدينار ووصوله إلى حافة الهاوية في بعض الفترات كان له عدة انعكاسات على الوضع الاقتصادي وخاصة على مستوى التوريد حيث تواصل ارتفاع قيمة الواردات التونسية من السلع والخدمات وهو ما انعكس بصفة مباشرة على المقدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية للمؤسسات. وختمت الحكومة ولايتها باعداد قانون المالية لسنة 2015 أوصت فيه بالخصوص على ضرورة مواصلة الاصلاحات الاقتصادية لمدة لا تقل عن الثلاث سنوات للخروج من النفق. المنظمة الشغيلة لم تكن راضية عن أداء حكومة جمعة طيلة سنة 2014 واعتبرت أن نتائج سياساتها الاقتصادية التعسفية التي أقصت الجانب الاجتماعي ظهرت وبانت في أواخر ولايتها مع ضعف المقدرة الشرائية وغلاء الاسعار اضف لذلك أن حكومة جمعة رفضت رفضا قاطعا المفاوضات الاجتماعية والزيادة في الاسعار وخيرت ارجاء الأمر للحكومة الشرعية القادمة. الاقتصاد في العالم قبل بداية العام، توقع صندوق النقد الدولي أن يمثل 2014 "مرحلة انتقالية" تشهد مزيد من القوة للاقتصادات المتقدمة بينما يزداد ضعف الاقتصادات الناشئة. وبرز الاقتصاد الأمريكي باعتباره واحدا من أقوى الاقتصادات في العالم في عام 2014، حيث شهد انتعاشا في قطاع الإسكان، وصناعة السيارات، وارتفاع الصادرات، و الاعتماد على التقنيات المتحولة وشهد الدولار ارتفاعا في قيمته بنسبة 8٪ ، بالإضافة إلى العديد من العوامل الهيكلية مثل تمتعه بدعم أسواق رأس المال الأمريكية، ومن المتوقع أن يصبح الدولار أقوى في 2015 مما قد يؤثر سلبا على الصادرات و أرباح الشركات. في مقابل ذلك شهدت الاقتصادات الناشئة أو بمعنى آخر أعضاء مجموعة بريكس للاقتصادات الصاعدة مثل الصين والبرازيل وروسيا تباطؤا في النمو. وفي الوقت الذي استمرت فيه دول غنية أخرى في أداء اقتصادي مخيب للآمال، واصل الاتحاد الأوروبي في النمو لكنه فشل في اكتساب مزيد من الزخم. وهناك حاليا مخاوف من أن تتأثر ألمانيا بالتوعك الاقتصادي في منطقة اليورو فقد عانت الدولة التي تمثل محطة طاقة قارة أوروبا من تراجع في الأنشطة الاقتصادية في الربع الثاني من 2014. وتحمل التوقعات المتعلقة بالاقتصاد العالمي في طياتها تحذيرات من المخاطر التي قد تجلبها الأحداث المرتبطة بالجغرافيا السياسية "الجيوبوليتك". وأثبت هذا العام صحة تلك المخاوف فقد جاءت الأزمة الأوكرانية بتأثيراتها على أوكرانيا بسبب اضطراب الأوضاع من ناحية وعلى روسيا بسبب فرض العقوبات الدولية من ناحية آخرى. لكن كان هناك أزمة أخرى من هذا النوع لكنها لم تحدث التأثير المتوقع على الاقتصاد العالمي وهي تصاعد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط. فبالرغم من تفاقم الأزمة في سوريا والعراق فإن ذلك لم يسفر عن ارتفاع أسعار النفط كما حدث في أزمات سابقة في المنطقة كما حدث أبان الأزمة الليبية على سبيل المثال. حدث اقتصادي آخر كان له دوره في سنة 2014 وهو الهبوط الواضح لسعر النفط ليصل غلى ما دون 60 دولار في أواخر العام وقد كان لهذا الهبوط رابحون وخاسرون فأما الرابحون فهي الدول المستهلكة مثل الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو واليابان والصين. أما الخاسرون فهي الدول المنتجة وعلى رأسها دول الخليج وفنزويلا وروسيا. وكانت الأزمة في روسيا مضاعفة إذ ترافق رجوع اسعار النفط فرض مع فرض عقوبات اقتصادية بسبب الأزمة الأوكرانية وهو ما تسبب في انخفاض العملة الروسية الروبل وهو ما حدا بروسيا غلى التوجه للأسواق الشرقية علها تنقذ اقتصادها المنهك.