فاطمة المسدي تنفي توجيه مراسلة لرئيس الجمهورية في شكل وشاية بزميلها أحمد السعيداني    تحت شعار «إهدي تونسي» 50 حرفيّا يؤثّثون أروقة معرض هدايا آخر السنة    عاجل: الجزائر: هزة أرضية بقوة 3.9 درجات بولاية المدية    الفنيون يتحدّثون ل «الشروق» عن فوز المنتخب .. بداية واعدة.. الامتياز للمجبري والسّخيري والقادم أصعب    أمل حمام سوسة .. بن عمارة أمام تحدّ كبير    قيرواني .. نعم    تورّط شبكات دولية للإتجار بالبشر .. القبض على منظمي عمليات «الحرقة»    مع الشروق : فصل آخر من الحصار الأخلاقي    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    "طوفان الأقصى" يفجر أزمة جديدة في إسرائيل    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    أستاذ قانون: العاملون في القطاع الخاصّ يمكن لهم التسجيل في منصّة انتداب من طالت بطالتهم    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    عاجل : وفاة الفنان والمخرج الفلسطيني محمد بكري    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    تمديد أجل تقديم وثائق جراية الأيتام المسندة للبنت العزباء فاقدة المورد    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    قفصة: إصدار 3 قرارات هدم لبنانيات آيلة للسقوط بالمدينه العتيقة    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    مرصد حقوق الطفل: 90 بالمائة من الأطفال في تونس يستعملون الأنترنات    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    ندوة علمية بعنوان "التغيرات المناخية وتأثيرها على الغطاء النباتي والحيواني" يوم 27 ديسمبر الجاري على هامش المهرجان الدولي للصحراء    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع أسعار النفط يثير أكبر عملية تحول للثروة في التاريخ
نشر في باب نات يوم 12 - 11 - 2007

ادى ارتفاع اسعار النفط الى اثارة اكبر عملية تحول للثروة في التاريخ. فالدول المستهلكة للنفط تدفع ما يتراوح بين 4 الى 5 مليارات دولار يوميا اكثر للنفط الخام بالمقارنة بخمس سنوات مضت، وهو ما يعني حصول شركات النفط والدول المنتجة على تريليوني دولار هذا العام فقط.
وعواقب مثل هذا التحول في الثروة واضحة كل الوضوح في انتشار الغضب بين الصينيين في محطات البنزين، وثقة زائدة في الكرملين، اسلحة جديدة في تشاد ومجمعات بتروكيماوية جديدة في السعودية، حملات في كوريا الجنوبية لتقليل قيادة السيارات وزيادة مبيعات سيارات تويوتا الهجين، عبء مالي في السنغال وازدهار في البرازيل. وقد ثارت مظاهرات بورما الاخيرة بسبب قرار الحكومة رفع اسعار النفط.
وفي الولايات المتحدة، ادت زيادة فاتورة النفط المستورد الى خفض معدلات الادخار، واضاف ان التضخم زاد من سوء العجز التجاري، واضعف الدولار وجعل الامر اكثر صعوبة على مصرف الاحتياط المركزي تحقيق التوازن بين الاهداف المتنافسة لمحاربة التضخم والحفاظ على معدلات النمو.
وقد منحت اسعار النفط المرتفعة دعما قويا لولاية الاسكا الغنية بالنفط، التي رفعت نصيب كل رجل وامرأة وطفل في عائدات النفط الى 1654 دولارا سنويا بزيادة قدرها 547 عن العام السابق. وفي ولايات اخرى، ادى ارتفاع اسعار النفط الى مزيد من الحوافز لتنفيذ مشاريع طاقة غير نفطية كانت تبدو في يوم من الايام مكلفة للغاية وتؤثر على ارباح الشركات المستهلكة للطاقة مثل شركات الطيران والشركات الكيماوية. وحتى شركة كيلوغ اشارت الى ارتفاع تكلفة الطاقة كعامل مؤثر على ارباحها في الربع الثالث من العام الحالي.
ومع اقتراب اسعار النفط من مائة دولار للبرميل الواحد، لا توجد نهاية لعملية اعادة توزيع اكثر من واحد في المائة من اجمالي الانتاج الداخلي العالمي. وكانت الصدمات النفطية المبكرة قد ادت الى نقلة عملاقة في الثروة واجمالي ما يعرف باسم الدولار النفطي. ولكنها تلاشت وجرى تعديل الاقتصاديات.
اما الارتفاع الحالي في اسعار النفط فقد تم عبر اربع سنوات ويعتقد العديد انه يمثل نقطة جديدة حتى لو انخفضت الاسعار بطريقة ما في الأشهر المقبلة.
وقال كينيث روفوف وهو استاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد والاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي «لم يحدث مثل هذا الشيء من قبل بطريقة منتظمة كما شاهدنا في العامين السابقين. ان اسعار النفط لا ترتفع ارتفاعا مفاجئا بل هي تتزايد».
والفوائد التي تصل الى 700 مليار دولار سنويا تتدفق على الدول المنتجة للنفط.
واثنان من تلك الدول هما ايران وفنزويلا يمكنهما تحدي ادارة بوش لسبب عائدات النفط الضخمة. فقد استخدمت فنزويلا ثروتها من النفط لنشر رعايتها في جنوب اميركا اللاتينية، والبحث عن النفوذ حتى مع دول حليفة منذ امد بعيد مع الولايات المتحدة. بينما كان من الممكن ان تكون ايران اقل تأثرا بالعقوبات الهادفة للضغط عليها للتخلي «عن برنامجها النووي او فتح تسهيلاتها النووية امام التفتيش».
وتستخدم السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، ثروتها النفطية المتجددة لبناء اربع مدن جديدة. ومثل تلك المشاريع تهدف الى تحسين صورة البلاد وتطوير اقتصاد غير نفطي وخلق وظائف كافية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
وواحد من مدن الملك عبد الله الاقتصادية، هو مشروع هائل يقع على الساحل الغربي للبلاد. وطبقا لإعمار وهي واحدة من الشركات العقارية في دبي، فإن تكلفة المدينة ستصل الى 27 مليار دولار، وستقام على مساحة اكثر ثلاث مرات من مانهاتن. وقال مقاول يعمل هناك، انه طريق تحفه اشجار النخيل يمتد لأميال عبر الصحراء وينتهي على ساحل البحر الاحمر. ويقود عمال البناء الحفارات ويحفرون الاساسات لمصانع الطاقة وتحلية المياه والميناء. وسيشمل المشروع في النهاية منطقة صناعية وجزيرة مالية وجامعة ومنطقة سكنية، ومن المتوقع ان يستوعب مليوني شخص. وبالرغم من تلك المشاريع العملاقة فإن السعودية تحقق فائضا في الميزانية. وقد دفعت معظم ديونها الخارجية التي جمعتها في التسعينات وتضيف المزيد الى احتياطي النقد الاجنبي. اما روسيا ثاني اكبر دولة مصدرة للنفط، فقد اظهرت تأثير عملية التحول النفطية في المجال السياسي بالاضافة الى المجال الاقتصادي. وعندما وصل فلاديمير بوتين للسلطة في عام 2000، كان ذلك اقل من عامين بعد انهيار الروبل وعدم تمكن روسيا من دفع ديونها الدولية، وشعر صانعو القرار السياسي في البلاد بالقلق من ان عام 2003 يمكن ان يتسبب في كارثة مالية اخرى. وكان من المتوقع ان تصل مدفوعات الديون الخارجية في تلك السنة الى 17 مليار دولار.
وفي الكرملين، ومع اقتراب نهاية مدة بوتين الثانية والاخيرة كرئيس للدولة، يبدو مثل هذا المبلغ تافها. فاحتياطي روسيا من الذهب والعملات الاجنبية زاد بأكثر من قيمة ديونها منذ شهر يوليو (تموز). وساعد ارتفاع اسعار النفط روسيا على زيادة ميزانيتها النفطية عشر مرات منذ عام 1999 بينما دفعت ديونها الخارجية وشكلت ثالث اكبر احتياطي في العالم من الذهب والعملات الاجنبية يصل حجمه الى 425 مليار دولار.
قال فلاديمير ميلوف رئيس معهد سياسات الطاقة في موسكو ونائب وزير الطاقة سابقا: «الحكومة أقوى بكثير وأكثر ثقة بنفسها. وهي تؤمن أنها قادرة على التكيف مع الأزمة الاقتصادية الداخلية».
وقامت الحكومة بتجميع مبلغ 150 مليار دولار في حساب اسمه «صندوق تحقيق الاستقرار» وقال ميلوف إن «هذه الاستقلالية المالية ساهمت في قيام روسيا بممارسات أقوى على الصعيد الدولي. وهناك توجه قوي ضمن جزء من النخبة لإظهار أننا تجاوزنا أزمة الخنوع للآخرين». والنتيجة: تحاول روسيا اليوم استرجاع الجمهوريات السوفياتية السابقة كي تكون ضمن مجال نفوذها. فروسيا اليوم متحررة من الحاجة للتودد إلى الشركات الأجنبية سعيا لكسب عطفها عليها، لذلك فهي تستطيع أن تقاوم التوسع الأميركي خصوصا من خلال توسيع الناتو ونظام الصواريخ الأميركي في أوروبا الشرقية، وطرح مقاربة مستقلة بما يخص قضايا خلافية مثل برنامج إيران النووي.
كذلك قاد توفر الدولارات بغزارة من خلال بيع النفط إلى توسع الاستهلاك المحلي ويمكن تجليه من خلال انتشار مجمعات التسوق والأسواق المفتوحة ل 24 ساعة في اليوم، مع بروز أعداد كبيرة من مباني المكاتب والشقق السكنية والسيارات الأجنبية التي أصبحت سائدة لا في موسكو وسان بطرسبرغ بل في المدن الاقليمية الصغيرة. وتضاعف معدل الدخل خلال فترة حكم بوتين وانخفضت نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر بنسبة النصف.
لكن الكثير من الاقتصاديين اعتبروا مخزونات النفط الاحتياطية أقرب للسم لأنها تمكن الدول الغنية بالنفط أن تتجنب الخطوات التي يمر بها الاقتصاد لتحقيق تنوع في منتجاته ولتحقيق توزيع عادل للثروة. فلروسيا على سبيل المثال تضخم متصاعد مع تصاعد للمنتجات المستوردة وغياب استثمارات جديدة في الصناعات التي تغني الازدهار الاقتصادي.
المشاكل في روسيا أسوأ من الموجودة في نيجيريا التي تقاتل ضد تمرد أوقف استخراج النقط من دلتا نهر النيجر. بينما راحت الحكومة تنفق ما تبقى لها من دخل النفط على الرغم من الفساد قوض فعالية البرنامج. كذلك فإن الحكومة قطعت دعم الأسعار بالنسبة للغاز ورفعت الاسعار عدة مرات تحت اسم تحسين الصحة والتعليم والبنى التحتية.
وقالت ربة البيت حليمة داهيرو، 36 سنة، خلال انتظارها لحافلة بالقرب من محطة غاز خاصة بتكساكو في كانو العاصمة التجارية لنيجريا: «ثروتنا النفطية لعنة علينا بدلا من أن تكون بركة على بلدنا. أنت تذهب إلى الفراش وتستيقظ في الصباح التالي لتسمع أن الحكومة قد زادت سعر البترول، وتتقبل ذلك. الشيء المعقول الوحيد الذي يمكن القيام به هو التكيف للواقع الجديد لأنه ليس هناك ما يجعل الحكومة تستمع إلى شكاوى الجمهور».
تكسب البلدان التي دخلت سوق الانتاج النفطي للتو أرباحا مثل السودان وتشاد جنبا إلى جنب مع شركات النفط بما فيها بتروناس الماليزية وتوتال الفرنسية. وتعرف الخرطوم عاصمة السودان ازدهارا اقتصاديا حيث راحت ناطحات السحاب تبرز في الأفق مع فنادق بخمسة نجوم على الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سعيا للضغط على البلد من أجل إيقاف الهجمات ضد سكان دارفور.
واستخدمت حكومة تشاد بعضا من وارداتها النفطية لشراء أسلحة بدلا من تطوير اقتصاد البلد. وفي شرق تشاد لا يوجد بالكاد أي محطات غاز والناس يشترون الغاز لدراجاتهم البخارية أكثر من سياراتهم من أكشاك على الرصيف تبيعها في زجاجات.
وفي الصين زادت الحكومة هناك من الأسعار المحلية للنفط يوم 31 اكتوبر (تشرين الاول) السابق بمعدل 10% مع وجود نقص في التجهيزات ويمكن رؤية الطوابير الطويلة للمستهلكين عبر شتى أنحاء البلد.
بل أن نقص وقود الديزل ضرب حتى المدن الصينية الأكثر غنى مثل بكين وشنغهاي وهذه كانت في السابق تتمتع بوفرة في الوقود. وفي نينغبو المدينة الواقعة جنوب شنغهاي كانت مدة الانتظار أمام محطات الغاز تزيد عن ثلاث ساعات خلال هذا الأسبوع وتمتد الطوابير إلى أكثر من 200 ياردة.
وانتشرت شائعات تقول إن محطات الغاز أو الحكومة تخزّن الوقود توقعا لارتفاع جديد في أسعاره وهذا ما دفع وكالة أنباء الصين الجديدة إلى التحذير من أن أي شخص ينشر شائعات من هذا النوع سيتعرض «لعقوبات صارمة». وقال سائق التاكسي، لي ليوجن، 37 سنة، إنه غاضب جدا لعدم قدرته شراء الوقود إذ اضطر إلى مجادلة العاملين في محطة غاز واتصل بالشرطة. وقال: «لم أحصل حتى الآن على الديزل».
ومنذ التخلي عن السياسات الاقتصادية الماوية التقليدية بدأ قادة الصين مرحلة اقتصادية جديدة قائمة على اساس ارتفاع الطلب. وطبقا لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة، تستهلك الصين نسبة 9 بالمائة من انتاج النفط العالمي، مقارنة بنسبة 6.4 بالمائة قبل خمس سنوات. ونتيجة لذلك وصل الاستهلاك خلال هذا العقد الى معدل سنوي بلغ 8.7 بالمائة، على الرغم من ارتفاع الأسعار والمخاوف بشأن الآثار المترتبة على البيئة بفعل استخدام الوقود. الاستهلاك في جنوب افريقيا ايضا تحدى ارتفاع الأسعار في وقت باتت فيه مجموعات كبيرة من الفقراء السود سابقا جزءا من الطبقة الوسطى والطبقات العليا في الوقت الراهن. اصبحت السيارات مؤشرا على الوضع الاجتماعي وارتفع نتيجة لذلك استهلاك الديزل ليصل الى نسبة 39 بالمائة خلال العقد الذي تلى انتهاء نظام التمييز العنصري عام 1994. وارتفعت مبيعات السيارات الجديدة العام الماضي بنسبة تزيد ب15.7 بالمائة على نسبة الزيادة التي سجلت عام 2005. وتستورد اليابان حاليا نسبة اعلى ب16 بالمائة من نسبة النفط الذي كانت تستورده عام 1973، على الرغم من ان قيمة اقتصادها نمت بمعدل اكثر من الضعف. واستثمرت اليابان مليارات الدولارات في تحويل أنظمة توليد الطاقة الكهربائية المعتمدة على الوقود الى اخرى تعمل بالغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية او الوقود البديل. كما ان اليابان تملك نسبة 48 بالمائة من المولدات التي تعمل بالطاقة الشمسية في العالم، مقارنة بنسبة 15 بالمائة فقط في الولايات المتحدة، كما ان تستخدم مصابيح الفلوريسينت في اليابان بنسبة 80 بالمائة، مقارنة بنسبة 6 بالمائة في الولايات المتحدة. رغم ذلك، تشهد اسعار المواد الصناعية والمواد الخام والأغذية ارتفاعا في الاسعار بفعل ارتفاع اسعار النفط، علما بأن اسعار الأغذية تعتمد على المخصبات والنقل. وبسبب ارتفاع أسعار القمح، ستضطر شركة «نيسين فود بروداكتس»، اكبر الشركات العالمية لإنتاج المعجنات، لرفع الاسعار بنسب تتراوح بين 7 الى 11 بالمائة اعتبارا من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو اول ارتفاع منذ 17 عاما. الكاسب الأول في اليابان شركة تويوتا، ذلك ان ارتفاع اسعار الديزل قد ساعدت الى ارتفاع اسهم سيارات تويوتا موديل بريوس، التي تعمل بنظام الوقود المزدوج فضلا عن موديلات تويوتا الاخرى التي تعمل بالوقود غير التقليدي، مثل كامري وكورولا. وعلى الرغم من كسادها في اليابان، فإن المبيعات لا تزال قوية في اميركا الشمالية واوروبا وآسيا والأسواق الاخرى الناشئة. وفي اكتوبر الماضي، وصلت مبيعات موديل بريوس الى 13158 سيارة، بزيادة قدرها 51 بالمائة مقارنة بنسبة المبيعات التي سجلت في اكتوبر العام الماضي. وتجاوزت مبيعات سيارات تويوتا التي تعمل بنظام الوقود المزدوج في مايو (ايار) الماضي مليون سيارة في العالم.
ووصل متوسط سعر الديزل في بريطانيا الى 2.01 دولار للتر الواحد، وذلك لأول مرة خلال هذا الاسبوع بسبب الارتفاع القياسي لأسعار النفط. وقال كريس سكريبويسكي، رئيس تحرير «بتروليام ريفيو» التي يصدرها معهد أبحاث الطاقة في لندن، ان سعر الديزل وصل الى هذا المستوى في بريطانيا دون ان يكون هناك اهتمام إعلامي بهذا الأمر مؤكدا ان اسعار الوقود وصلت الى مستوى قياسي. وأضاف سكريبويسكي قائلا ان الأمر في بريطانيا يختلف عن الولايات المتحدة، فالمستهلكون في بريطانيا سلموا ببساطة بارتفاع اسعار الوقود. وأضاف سكريبويسكي قائلا ان اصحاب السيارات تضرروا في الوقت الذي تحقق فيه الحكومة عائدا من ارتفاع الاسعار، ذلك ان 80 بالمائة من تكلفة الوقود عبارة عن ضرائب لأن بريطانيا تنتج تقريبا كل استهلاكها من النفط، وأصبح اقتصادها بالتالي محميا من آثار ارتفاع اسعار النفط. إلا ان انتاج النفط في بحر الشمال في تراجع مستمر. ومقارنة ب2.6 مليون برميل يوميا عام 1999، ويتراوح معدل الانتاج حاليا بين 1.4 مليون 1.6 مليون برميل في اليوم، في الوقت الذي يبلغ فيه الاستهلاك المحلي حوالي 1.7 مليون برميل في اليوم. وكان رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، الذي تولى رئاسة الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي، قد جعل من الاستقلال في ناحية الطاقة واحدة من اولوياته. ويقول محللون ان الدول الاوروبية التي تشتري النفط بالدولار تجد الأسعار اخف وطأة في ظل تراجع قوة الدولار في الوقت الراهن، فقد وصلت قيمة الدولار الى أدنى مستوى لها لأول مرة منذ سنوات مقابل اليورو والجنيه الاسترليني. حاولت الارجنتين الإبقاء على اسعار الوقود للمستهلكين في أقل مستويات ممكنة. فقد اعتمد الرئيس نستور كيرشنر خلال السنوات السابقة على شركات النفط بصورة رئيسية في الإبقاء على الاسعار في مستوى اقل، بل انه ناشد المستهلكين على مقاطعة شركة شل عندما رفعت الاسعار. وتبنت الشركات الموردة، خوفا من إثارة غضب الحكومة، سياسة قامت على أساس الزيادة التدريجية للأسعار بتطبيق زيادات صغيرة. ومع ازدياد ضغوط السوق، وقع كيرشنر سلسلة من الاتفاقيات مع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، وأنشأ الرئيسان في هذا العام مشروعا باسم « بتروسوراميركا»، وهو مشروع مشترك مخصص لترقية التعاون بين البلدين في مجال الطاقة وتأمين احتياجات الطاقة للارجنتين.
وفي البرازيل، وهي اكبر اقتصاد في المنطقة، ترتب على ارتفاع اسعار النفط اثر سياسي مختلف. فالعام الماضي اصحبت البرازيل من الدول المصدرة للنفط بفضل ازدياد العمل في مجال استكشاف النفط واستخدام الايثانول على نطاق واسع كوقود في مجال النقل. إلا ان ثروة النفط الجديدة تتبدد بطريقة اكثر سهولة وسرعة من الطريقة التي اكتسبت بها. فقد خفضت من معدل ائتمان كازاخستان بعد ان خسرت مصارفها مليارات الدولارات في تقديم قروض عقارية دون ضمانات.
ستيفن موفسون
Washington Post


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.