تشهد الساحة السياسية في الجزائر موجة من التحرّكات التي تقودها قوى المعارضة السياسية. حيث قرّر جزء منها بقيادة "جبهة القوى الاشتراكية"، أكبر وأقدم أحزاب المعارضة، عقد ندوة " الوفاق والاجماع الوطني "في 24 فيفري الحالي فيما يستعدّ بالتوازي الشق الثاني من المعارضة المنضوي تحت "تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي" للخروج إلى الشارع في التاريخ نفسه، للاحتجاج على حالة الجمود السياسي وضد استغلال الغاز الصخري في منطقة الصحراء والجنوب، ولدعم الاعتصام المتواصل لسكان مدينة عين صالح في ولاية تمنراست جنوبي الجزائر، منذ أكثر من شهر. ومن المنتظر أن تشارك عدة أحزاب وشخصيات من السلطة والمعارضة في ندوة " الوفاق والاجماع الوطني " لطرح مشروع للتوافق بين الفرقاء السياسيين يمكّن من تجاوز التحديات الراهنة المحيطة بالبلاد. بينما رفضتها قوى المعارضة المنضوية تحت "تنسيقية التغيير والانتقال الديمقراطي"، التي تشبّثت بمبادرتها السياسية التي أعلنتها في شهر جويلية 2014، والمتضمنة مطالبة بإقرار مسار انتقال ديمقراطي وحكومة وحدة وطنية وانتخابات رئاسية مسبقة، تشرف عليها هيئة مستقلة. ويبدو أنّ السلطة الحاكمة هي الأكثر استفادة من هذا الاختلاف بين شقي المعارضة فيما لازالت مصادر غربية متابعة للشأن الجزائري متخوّفة من اندلاع أحداث ربيع جزائري شبيهة بثورات الربيع العربي التي طالت تونس و مصر و ليبيا بمنطقة المغرب العربي. وتخشى الدوائر الغربية حسب تقارير أجنبية حالياً من تحوّل منطقة عين صالح في ولاية تمنراست جنوبي الجزائر، إلى سيدي بوزيد أخرى، تمتد شرارتها إلى جميع أنحاء الجنوب الجزائري وصولاً إلى الشمال والشرق. كما أنّ الصراعات الشخصية بين رموز النظام الجزائري المتمثلة في صراع الجنرال هامل، الشخص الأكثر قرباً وثقة لدى بوتفليقة ووزير الداخلية الطيب بلعيز من شأنه أن يؤزّم الأوضاع بالجنوب الجزائري اضافة الى مصاعب انخفاض الموارد المالية للنظام وظروف الرئيس الصحية المرتبطة بتقدمه في السن، عاملاً جديداً إلى عوامل ضعف النظام. ويتساءل متابعو أخبار الجزائر عن الاجتماع المقرر أن تستضيفه الجزائر لوزراء الداخلية العرب بعد أسابيع قليلة، وهل سيكون فرصة لأولئك الوزراء للاستفادة من نجاح الجزائر في احتواء الانتفاضات قبل وقوعها، أم سيكون فرصة لهم للتعلم من أخطاء قد يرتكبها نظيرهم الجزائري في مواجهته للاضطرابات المحتملة.