أثار الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي زوبعة جديدة بتناوله موضوع الجزائر والإسلام في فرنسا، مما أثار غضب الجزائر وليست المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى الجزائر، بما يوحي أن ساركوزي يعد العدة لحملة انتخابية تقوم على مواضيع مثيرة للجدل تدغدغ مشاعر الوعاء الانتخابي لليمين المتطرف. ونقلت مجلة «لوبوان» الفرنسية أن ساركوزي كان قد ألقى خطابا في لقاء ضمه بشباب مقاولين تطرق فيه إلى رؤيته للوضع في فرنسا، ولعلاقاتها الخارجية، بوصفه رئيسا لحزب الجمهوريين، والمرشح للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا سنة 2017، بعد أن كان قد خسر الانتخابات الرئاسية سنة 2012، وفشل في الفوز بولاية رئاسية ثانية، وقال في خطابه إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي عرف مرحلة «القرون الوسطى» بعد أن عرف عصر النهضة، في إشارة إلى التطرف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية، كما عاد للحديث عن العلاقات الفرنسية الجزائرية داعيا إلى مراجعة اتفاقيات إيفيان التي أدت إلى استقلال الجزائر وانفصالها عن فرنسا، بعد حرب تحرير سقط فيها مليون ونصف مليون شهيد. وتحدث أيضا عن سكان ما يسمى بالضواحي في فرنسا، والتي يعتبر المقيمون بها في أغلبيتهم من المهاجرين المغاربة، وأغلبية هؤلاء هم جزائريون، مشددا على أن يجب أن لا يواصل هؤلاء منطق تأنيب الضمير الذي يمارسونه مع فرنسا، علما أن سكان الضواحي كانوا ولا يزالون يشكلون صداعا في رأس كل الحكومات المتعاقبة، بالنظر إلى التهميش الذي يعانون منه. وتأتي هذه التصريحات لتؤكد مرة أخرى، أنه في حالة عودة ساركوزي إلى الرئاسة في فرنسا، فإن العلاقات الفرنسية الجزائرية ستدخل مرحلة توتر جديدة، علما أن العلاقات بين البلدين خلال فترة رئاسته الأولى كانت شديدة التوتر، ووصلت حد إلغاء زيارة كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سيقوم بها إلى باريس، وكذا وصلت إلى حد رفض استقبال وزير خارجيته السابق برنارد كوشنير الذي أصبح غير مرغوب فيه في الجزائر، بسبب تصريحاته التي فجرت أزمة بين البلدين، لما قال إن العلاقات الفرنسية الجزائرية لن تتحسن إلا برحيل جيل الثورة عن السلطة في الجزائر. من جهة أخرى حاول ساركوزي عندما كان رئيسا لفرنسا أن يراجع اتفاقيات الهجرة بين البلدين والتي تعود إلى سنة 1968، بدعوى أنها تمنح امتيازات للجزائريين فيما يتعلق بالإقامة في فرنسا، لكن السلطات الجزائرية كانت قد رفضت الطلبات المتكررة للرئيس ساركوزي ولوزراء خارجيته وداخليته الذين زاروا الجزائر خلال فترة رئاسته، مؤكدة أن تعديل الاتفاقيات باتجاه تقليص الامتيازات الممنوحة للجزائريين أمر مرفوض. هذه الزوبعة الجديدة التي أثارها ساركوزي تأتي بعد أسابيع قليلة من تلك التي أثارها في تونس، عندما قال إن موقع هذه الأخيرة بين ليبيا والجزائر لا يخدم استقرارها، وهو تصريح فجر ردود فعل غاضبة لدى السلطة والأحزاب السياسية، التي ردت على الرئيس الفرنسي السابق، الذي اضطر في وقت لاحق لتبرير أقواله، والتأكيد على أنه لم يكن في نيته الإساءة إلى الجزائر وفق ما أوردته "القدس العربي".