أنس الصبري: عضو باحث بالمركز الأوروبي لدراسات محاربة الإرهاب والاستخبارات بألمانيا انتقلت الأزمة بين قطر ودول عربية وخليجية، لتمس لب القضية العربية وهو الملف الفلسطيني، حيث وجدت قيادات حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" نفسها مشردة بين مختلف الدول، بعد الحملة التي تشنها اطراف عربية و غربية ضد الحركة تبصنيفها ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، و هو الامر الدي وضع الجزائر على كف عفريت بتضارب التصريحات الفلسطينية و العربية، و تواجد قيادات من حماس في الجزائر. افرزت الازمة الخليجية انعكاسات سلبية بدأت ملامحها تتوسع لتمس عديد البلدان العربية، خاصة بعد تصنيف الدول المقاطعة لقطر، حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، ضمن التنظيمات الإرهابية، و طلبها من الدوحة طرد قيادات الحركة ضمن المطالب و الشروط الواجب على قطر الاستجابة لها مقابل إعادة العلاقات و رفع الحصار، و اخرها تصريحات السفير السعودي بالجزائر، التي اعتبرتها عدة اطراف مستفزة للشعب الجزائري، بعد اتهامه حماس بالإرهاب، الامر الذي دفع بالدوحة الى الانقلاب على الحركة و طرد قياداتها بشكل ناعم، بعيدا عن الأنظار، او على الأقل تخفيض تمثيلهم و تواجدهم في البلاد. وفي هذا السياق، انتقلت عديد القيادات الفلسطينية من حماس الى الجزائر، اعتبرتها اطراف انها رد جزائري على تصريحات سفير السعودية، بينما اشارت أخرى الى انها زيارات تندرج في اطار بحث سبل قبول تواجد حماس في الجزائر، و كشف مصدر ديبلوماسي جزائري أن المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري، المتواجد في الجزائر منذ أيام، قدم طلبا رسميا لإقامة عدد من إطارات حركة حماس في الجزائر، و قد وعدت السلطات بدراسة الطلب والنظر فيه، مبرزا ان عدد من القيادات تتواجد بشكل سري في الجزائر في انتظار وصول اخرين وفق ما صرح به سامي أبو زهري ل"الجريدة"، و قال انه يرتقب وصول إطارات رفيعة من حماس الى الجزائر في الساعات القادمة. وقال الناطق الرسمي لحركة حماس الفلسطينية سامي ابو زهري، في تصريحات خص بها "الجريدة"، ان للجزائر دور هام في مساندة القضية الفلسطينية، ودعا الحكومة الجزائرية الى تفعيل دورها لاستكمال مشاريع تنموية موجهة في إطار إعمار دولة فلسطين، مشددا ان مناصرة الجزائر للقضية الفلسطينية موقف معهود يستمد مرجعيته من الشعار الجزائري الازلي " الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". و ابرز أبو زهري، بخصوص تواجده بالجزائر، ان زيارته تترجم تواصلا مستمرا بين الشعبين الجزائري و الفلسطيني، موضحا انها مقدمة لزيارات مرتقبة لإطارات من حركة حماس، و شدد بخصوص التصنيفات الاخيرة التي طالت الحركة، وصنفتها ضمن تنظيمات إرهابية، على ان حماس ترتبط بقضية أكبر من أي تصنيف. من جانبها، انتقدت حركة مجتمع السلم الجزائرية المحسوبة على الاخوان، الأنظمة العربية و وصفتها بالعميلة المحرضة على المقاومة الفلسطينية، مؤكدة أن تحريض هذه الأنظمة شكل بيئة خصبة للعدوان الإسرائيلي على مدينة القدسالمحتلة، و أوضحت في بيان، ان السفير السعودي بالجزائر أصيب بالخيبة عندما صادف ردة فعل منددة وغاضبة في الجزائر من كل الأطراف والقوى والهيئات الجزائرية ضد تصريحاته تجاه المقاومة الفلسطينية، و قالت ان السفير أدرك أنه أخطأ في المكان الذي أطلق منه التصريح، فالجزائر هي بلد المليون شهيد، وكل من هم في مواقع المسؤولية والمنظمات المدنية والمجتمعية هم أبناء شهداء ومجاهدين، وهم من يمثلوا زعامة الدولة الجزائرية، مبرزة ان الجزائر التي كافحت الاستعمار الفرنسي كما شأن الفلسطينيون الذين يحاربون الاحتلال الإسرائيلي، لا يمكن ألا أن يكونوا يدا بيد الى جانب المقاومة الفلسطينية. وحذرت الحركة من تحريض وسائل إعلامية ضد الجزائر وكل جهة وطنية وفية لوقوفها إلى جانب المقاومة الفلسطينية، مؤكدة أن بعض وسائل الاعلام التابعة لهذه الأنظمة تعمل على التحريض ضد الجزائر ويسعون لإثارة الفتن والقلاقل داخل المجتمع الجزائري لتمسكه بالقضية الفلسطينية، وذكرت أن ما يفعله الاحتلال بالقدس غير مستغرب في ظل امتلاكه لمشروع توسعي احتلالي هدفه تدمير الأقصى، بل المؤلم هو عمالة الأنظمة التي تدين المقاومة وتساند الاحتلال وتوفر بيئة للعدوان على القدس، في وقت تقمع فيه شعوبها وتمنعها من التعبير عن قناعاتها، وتصمت عما يجري في الأقصى، و أعلنت ان هناك قوى ودول تشتغل مع الاحتلال الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على مقاومتها وشعب فلسطين، وستسجل أسماؤهم في سجلات العار وسيخلد التاريخ أفعالهم إلى جوار القتلة والخونة والعملاء، منبهة إلى خطورة دور بعض الأنظمة العربية في تصفية القضية الفلسطينية من خلال الجلوس على طاولة واحدة مع الاحتلال، فيما بات يعرف بالحلول الإقليمية.